عربي21:
2024-09-23@17:16:11 GMT

الحرب دون تسميتها: عن تصعيد الاحتلال عدوانه على لبنان

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

مع الاستهدافات "الإسرائيلية" المتكررة في الأيام الأخيرة ضد حزب الله ورد الأخير بتوسيع مدى صواريخه في شمال فلسطين المحتلة، تكون المواجهة بين الجانبين فيما يسميه الاحتلال "الجبهة الشمالية" قد دخلت في مرحلة جديدة مختلفة تماما، ورفعت احتمال الحرب الموسعة بشكل غير مسبوق.

كان حزب الله قد انخرط في معركة طوفان الأقصى ضمن ما أسماه "جبهة الإسناد" في اليوم التالي مباشرة للمعركة، التي شكلت مفاجأة له كما الجميع.

بسبب هذه المفاجأة وبالتالي عدم الاستعداد المسبق لحرب من هذا النوع، ولتقييمه بأنها ستكون حربا طويلة وليست مواجهة تصعيد مؤقتة، ولظروفه الداخلية المعروفة في لبنان، فقد حافظ الحزب على مدى الأشهر السابقة على مستوى من الاشتباك تصاعد بشكل مستمر ومضطرد، ولكن دون الوصول لحالة الحرب الشاملة.

أفادت التقارير التي صدرت لاحقا بأن جيش الاحتلال فكّر في الأيام الأولى من الحرب في شن هجوم استباقي كبير ضد حزب الله، لكن القيادة السياسية أجّلت الأمر في حينه من باب إعطاء الأولوية للعدوان على قطاع غزة. كان ذلك مجرد تأجيل بخصوص التوقيت مع تأكيد المبدأ، أي ضرورة توجيه ضربة كبيرة لحزب الله، ذلك أن دولة الاحتلال رأت بما تواجهه معركة وجودية حقيقية ستؤثر على مستقبل وجودها وقوتها وهيبتها في المنطقة، وأنه لا بد من نفي أي احتمال لتكرار سيناريو السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من غزة أو من جنوب لبنان؛ حيث يتواجد حزب الله الأكثر عددا وعدة وتسليحا وتدريبا وقدرات.

عدم موافقة الإدارة الأمريكية على توسيع الحرب باتجاه لبنان، بما يعنيه ذلك من احتمال نشوب حرب إقليمية موسعة (تشمل إيران والولايات المتحدة نفسها؟)، من أهم أسباب تأخيره حتى اللحظة، بيد أنه من المهم الإشارة إلى أن الرفض الأمريكي ليس مبدئيا وإنما سياقي، أي أن واشنطن لا ترفض الحرب لبنان بالمطلق وإنما لا تريدها الآن
تشير تقديرات العديد من الخبراء إلى أن عدم موافقة الإدارة الأمريكية على توسيع الحرب باتجاه لبنان، بما يعنيه ذلك من احتمال نشوب حرب إقليمية موسعة (تشمل إيران والولايات المتحدة نفسها؟)، من أهم أسباب تأخيره حتى اللحظة، بيد أنه من المهم الإشارة إلى أن الرفض الأمريكي ليس مبدئيا وإنما سياقي، أي أن واشنطن لا ترفض الحرب لبنان بالمطلق وإنما لا تريدها الآن.

فالولايات المتحدة متوافقة مع دولة الاحتلال على أهداف الحرب القائمة، بل صرّح مسؤولوها بأن عملية الطوفان لم تكن ضربة للاحتلال وحده، وإنما للمشاريع الأمريكية في المنطقة من مسار التطبيع وإدماج "إسرائيل" في المنطقة والتخفف من التواجد العسكري فيها وغير ذلك. لكنها لم تُرِدْ في الشهور الأولى للحرب توسيعها نحو لبنان "الآن"؛ والمقصود بـ "الآن" قبل الانتهاء من العمليات العسكرية الكبيرة في غزة، وفي ظل انخراط حزب الله وتحفزه بما يقلل من مساحات المباغتة، وقبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفي ظل سخونة التطورات في الحرب الروسية- الأوكرانية.

ولذلك، ورغم التحفظ الأمريكي المعلن على توسيع الحرب باتجاه الحزب، إلا أن ذلك لم يؤثر على الدعم والتسليح والتواجد الأمريكي في المنطقة، بل والإعلان عن الاستعداد "للدفاع عن إسرائيل" في حال نشوب حرب إقليمية. كما أن سلسلة الاعتداءات "الإسرائيلية" على لبنان، التقنية منها واغتيال شخصيات مطلوبة أمريكيا، تشير إلى يد أمريكية حاضرة في التخطيط وربما التنفيذ.

الآن، مع تراجع وتيرة العمليات العسكرية للاحتلال في غزة، وبعد هجمات كبيرة على شمال الضفة الغربية، يمارس الاحتلال على حزب لله ضغطا أقصى ضمن سياسة حافة الهاوية، لدفعه إما إلى إيقاف جبهة الإسناد والتراجع إلى ما وراء الليطاني (لاتفاق أو بدونه)، وإما لمواجهة عملية تصعيد غير مسبوقة. وفي هذا الإطار يمكن فهم تفجير أجهزة "البيجر" ثم الأجهزة الأخرى ثم اغتيال عدة قيادات في مقدمتها أحد أكبر قيادات الحزب، إبراهيم عقيل.

مع تراجع وتيرة العمليات العسكرية للاحتلال في غزة، وبعد هجمات كبيرة على شمال الضفة الغربية، يمارس الاحتلال على حزب لله ضغطا أقصى ضمن سياسة حافة الهاوية، لدفعه إما إلى إيقاف جبهة الإسناد والتراجع إلى ما وراء الليطاني (لاتفاق أو بدونه)، وإما لمواجهة عملية تصعيد غير مسبوقة
في جبهة حزب الله ثمة تأكيد متكرر على أن جبهة الإسناد لن تتوقف إلا بتوقف العدوان على غزة، وجاء الرد (جزء منه على الأقل) على استهداف الضاحية واغتيال القيادات بتوسيع مدى صواريخ الحزب في شمال فلسطين المحتلة لتصل إلى عمق 60 كلم، وبما شمل مطار وقاعدة رامات ديفيد ومرفأ حيفا. يعني ذلك أن ضغط الاحتلال لوقف الجبهة ذهب هباء، وأن الاغتيالات لم تردع حزب الله، وأن ما أعلنه الاحتلال عن استهداف مئات منصات الصواريخ لم ينجح في منع إطلاقها نحو شمال فلسطين المحتلة.

في المقابل، ما زال نتنياهو يتحدث عن ضرورة إفهام حزب الله الرسالة "التي يبدو أنه لم يفهمها بعد"، مهددا بالمزيد، إضافة لبقاء إعادة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال ضمن أهداف الحرب كإلزام مستمر لحكومة الاحتلال. فإذا ما أضيف كل ذلك لرفض الاحتلال التوصل لاتفاق ينهي العدوان على غزة، يمكن القول إن التصعيد بات حتميا بل هو مسار قد بدأ وإن لم يطلق عليه حتى الآن مسمى "الحرب"، وباتت احتمالات الحرب الموسعة ضد لبنان أكبر من أي وقت مضى على طول السنة الفائتة.

ومما يؤكد ذلك حديث نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي أشار إلى استمرار جبهة الإسناد بل وتوسعها (مما سيزيد النزوح في الشمال)، مؤكدا على دخول "مرحلة جديدة عنوانها الحساب المفتوح". ورغم أن الحزب قد يحتاج بعض الوقت للتعامل مع دلالات ونتائج الاستهدافات الأخيرة وعلاجها، أمنيا وعسكريا وإداريا، إلا أن التصعيد عنوان المرحلة الحالية/ القادمة. 

لقد تحدث نتنياهو في بداية الحرب عن تغيير الشرق الأوسط، ثم كرر كلامه هذا قبل أيام قليلة، ويبدو عازما على ذلك ضمن منطق الحرب الوجودية التي يخوضها الاحتلال. لكن الذي يغيب فيما يبدو عن نتنياهو ومن معه وخلفه أن الشرق الأوسط قد تغير بالفعل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وأن تفاعلات ذلك ما زالت قائمة وبعضها الآخر قادم.

x.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية حزب الله تصعيد لبنان لبنان إسرائيل امريكا حزب الله تصعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جبهة الإسناد فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

تقرير لـWashington Post: الحرب بين لبنان وإسرائيل أصبحت حتمية الآن

ذكرت صحيفة "The Washington Post" الأميركية أنه "وعلى مدى أشهر، استخدم المسؤولون الأميركيون مراراً وتكراراً العبارة عينها، وهي أنهم لا يريدون أن يروا حرباً أوسع نطاقاً تنفجر عبر الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان. وأشار كل من قادة "حزب الله" وإيران إلى أنهم هم أيضاً ليس لديهم رغبة كبيرة في صراع شامل.وفي إسرائيل، كان كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين يتجادلون حول ما يجب فعله إزاء التهديد الذي يشكله حزب الله. إن ضبط النفس الذي طغى على الفترة الماضية ربما بدأ يتلاشى. فقد أدت سلسلة الانفجارات القاتلة التي شهدها لبنان هذا الأسبوع إلى ظهور واقع جديد. فقد استشهد ما لا يقل عن 37 عنصراً من "حزب الله" وأصيب نحو ثلاثة آلاف آخرين عندما انفجرت أجهزة "البيجر"واللاسلكي وأجهزة أخرى في وقت واحد يومي الثلاثاء والأربعاء في مختلف أنحاء البلاد".
وبحسب الصحيفة، "لم يعلن المسؤولون الإسرائيليون مسؤوليتهم عن الهجمات علناً، لكنهم أكدوا في لقاءات خاصة تورطهم فيها مع محاوريهم في واشنطن. وتثير الضربة تساؤلات عميقة حول مستقبل الحرب السيبرانية، وضعف سلاسل توريد التكنولوجيا، والأخلاقيات وراء مثل هذه العمليات. واتهم العديد من خبراء القانون الدولي، بما في ذلك لجنة تابعة للأمم المتحدة، إسرائيل بانتهاك القانون الدولي وتنفيذ شكل من أشكال الإرهاب، بغض النظر عن كونها محاولة لإضعاف "حزب الله". أما بالنسبة للأخير، فقد كانت العملية كارثية".
وتابعت الصحيفة، "لقد اشتعلت حرب منخفضة المستوى بين حزب الله وإسرائيل لعدة أشهر منذ السابع من تشرين الأول، عندما شنت "حركة حماس" هجومها القاتل على جنوب إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع الحرب المدمرة المستمرة في غزة. وردًا على القصف الإسرائيلي المدمر للفلسطينيين، أطلق حزب الله صواريخه على شمال إسرائيل، مما أجبر عشرات الآلاف من الإسرائيليين على الفرار من منازلهم. واستمرت الغارات الجوية الإسرائيلية ونيران صواريخ حزب الله بشكل شبه مستمر. وفي الأيام الأخيرة، جعلت القيادة الإسرائيلية عودة سكانها النازحين إلى مجتمعاتهم في الشمال هدفًا معلنًا للحرب. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الأربعاء إن الحرب ضد حزب الله دخلت "مرحلة جديدة" وإن إسرائيل ستركز المزيد من جهودها ضد الحزب. وقال غالانت لأفراد من القوات الجوية الإسرائيلية في قاعدة جوية: "مركز الثقل يتحرك شمالاً. نحن نحول القوات والموارد والطاقة نحو الشمال"."
وأضافت الصحيفة، "بحلول اليوم التالي، ضربت عشرات الغارات الجوية الإسرائيلية أهدافاً مزعومة لحزب الله في جنوب لبنان. وفي الوقت نفسه، ألقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خطاباً وصف فيه الهجمات السرية بالمتفجرات بأنها "عمل حربي" من جانب إسرائيل و"اعتداء كبير على لبنان وأمنه وسيادته، وجريمة حرب". ونظر الدبلوماسيون إلى الأمر بذهول. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في القاهرة يوم الأربعاء، متحدثًا إلى جانب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: "إن هذا العمل التصعيدي الخطير سيقود المنطقة إلى ما حذرنا منه، وهو حرب شاملة ستحول المنطقة إلى أرض محروقة"."
وبحسب الصحيفة، "رغم أن هجمات أجهزة "البيجر" تمثل انتصاراً تكتيكياً دراماتيكياً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فليس من الواضح ما هي الأهداف الاستراتيجية التي تحققها. فحزب الله يعاني من حالة من الاضطراب والفوضى، ولكن ربما تكون إسرائيل قد نفذت الهجوم لأن الحزب كان على وشك اكتشاف أن تكنولوجيته قد تعرضت للخطر. وقال مسؤول إسرائيلي سابق رفيع المستوى مطلع على العملية: "إن التوقيت لا يعكس تحركاً استراتيجياً من جانب إسرائيل. لقد كان التوقيت مصادفة بسبب أشياء ربما حدثت على الأرض والتي كانت لتسمح بكشف هذه القدرة"."
ورأت الصحيفة أن "هذا من شأنه أن يقيد المنطقة في سلسلة تصعيدية حتمية. وقال مسؤول أمني مقيم في الشرق الأوسط، وتحدث أيضاً بشرط عدم الكشف عن هويته: "حتى لو كانوا يحاولون إرسال رسالة، فلماذا الآن؟ سيكون هناك رد فعل من حزب الله. لماذا تفعل هذا إذا كنت مهتماً حقاً بمنع حرب أوسع نطاقاً؟".وكان بعض صناع القرار الإسرائيليين والغربيين يأملون في فصل الصراع مع حماس عن التوترات مع حزب الله، لكن مسار الأحداث الحالي يجعل ذلك أكثر صعوبة. وقال فراس مقصد، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط: "إسرائيل على استعداد لشن المزيد من العنف على حزب الله على أمل إجباره على وقف إطلاق النار عبر الحدود. ومع ذلك، لا يمكن لحزب الله أن يستسلم دون تقويض "وحدة الجبهات" التي أعلنها هو وإيران بعد السابع من تشرين الأول. وبالتالي، أصبح توسيع نطاق الحرب أمرًا لا مفر منه"."
وبحسب الصحيفة، "بالنسبة لإسرائيل، فإن الكثير من المداولات حول ما يجب القيام به يتوقف على حسابات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن الحفاظ على السلطة. لقد استرضى نتنياهو ائتلافه اليميني المتطرف خلال مراحل مختلفة من الحرب، على الرغم من أن بعض المحللين يشيرون إلى أنه ربما كان يفضل خفض التصعيد على طول الحدود الشمالية في مرحلة ما. وقالت غاييل تالشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية: "إن الأمر لا يتعلق بما يريده نتنياهو، بل يتعلق بمن يملك النفوذ لجر نتنياهو إلى فعل ما يريده. ويريد أنصاره الأكثر تطرفاً أن يكون لإسرائيل احتلال عسكري لقطاع غزة ومنطقة أمنية في الجزء الجنوبي من لبنان"."
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ناطق أنصار الله يدين بشدة تمادي كيان العدو الصهيوني في عدوانه على لبنان
  • الاحتلال يوسع عدوانه ويقصف بيروت.. وغموض بشأن عملية بريّة
  • اليونيفيل تحذر من “عواقب بعيدة المدى ومدمرة” لأي تصعيد إضافي بين الاحتلال وحزب الله
  • تصعيد مفتوح ونار الشمال تُسقط عودة المستوطنين.. ميقاتي: القرار 1701 اولا
  • الاحتلال يصعد عدوانه ويشن اكثر من 50 غارة على لبنان
  • تصعيد واسع بين الاحتلال وحزب الله.. وخسائر كبيرة منذ 7 أكتوبر (شاهد)
  • تصعيد واسع بين الاحتلال وحزب الله.. وخسائر كبيرة منذ 8 أكتوبر (شاهد)
  • خبير: نتنياهو يستمر في تصعيد الحرب على غزة (فيديو)
  • تقرير لـWashington Post: الحرب بين لبنان وإسرائيل أصبحت حتمية الآن