بما أن العراق ما يزال يتعامل بقوانين مجلس قيادة الثورة السابق، وقد عجزت الحكومات المتعاقبة طيلة 18 عاماً الماضية عن إصدار قانون للنفط والغاز، نتيجة تفاقم الخلافات السياسية حول اقتسام الثروة، فقد تعهدت حكومة محمد شياع السوداني منذ تشكيلها في أكتوبر الماضي، بإعداد هذا القانون وإحالته إلى مجلس النواب تمهيداً لإصداره خلال 6 أشهر.
لكن حكومة السوداني الآن، في الشهر العاشر من حكمها، لم تتمكن من إنجاز هذا القانون، وهي تواجه خلافات سياسية تتعلق بتفسير المواد الدستورية التي تخص عمليات الإنتاج وتسويقه وإدارة العائدات، وكذلك العقود التي يجب اعتمادها مع الشركات الأجنبية. وقد أطلقت حواراً فنياً وسياسياً، يشارك فيه قادةٌ من الكتل السياسية ووزراء الخارجية والنفط والصناعة ومسؤولون من إقليم كردستان وعدد من خبراء النفط والغاز. مع التأكيد على التزامها بإصداره، كونه ضمن المنهاج الوزاري الذي صوت عليه مجلس النواب، لضمان «التوزيع العادل للثروة النفطية»، ويعتبر السوداني أنه «يمثل عامل قوة ووحدة للعراق، والعراقيون اليوم بأمس الحاجة لتشريعه، للاستفادة من ثرواتهم الطبيعية».
وفي ضوء تطور الحوار، تتفاءل مصادر حكومية بإكمال هذا الإنجاز «التاريخي»، وإحالة مسودة القانون إلى البرلمان لقراءته ثم التصويت عليه. لكن مصادر سياسية ونفطية تشكك في هذا التفاؤل، وتتوقع استمرار الخلاف بين الكتل والأحزاب، بما يؤدي إلى تمديد مشاورات الحوار حتى العام المقبل. ولعل أبرز العوائق تكمن في الاختلاف حول تفسير بعض المواد الدستورية، ففي حين تنص المادة 111 من الدستور على أن النفط والغاز ملك لجميع أفراد الشعب العراقي في جميع الأقاليم والمحافظات، يلاحظ أن المادة 112 تفرّق بين الحقول الحالية واللاحقة، بما يعني عدم أحقية الحكومة المركزية بالمشاركة في إدارة كل الحقول التي اكتشفت بعد إقرار الدستور.
وانطلاقاً من أن العراق بلد فيدرالي وليس كونفيدرالياً، وثروته ملك للشعب، تبقى المشكلة في تحقيق «التوزيع العادل للثروة». ومن هنا تواجه حكومة بغداد تحديات «الفيديرالية النفطية»، لا سيما مع دخول الكتل السياسية «ساحة المنافسة»، وتوسيع صلاحيات المناطق، لتمكينها من تحقيق التنمية المستدامة والقضاء تدريجياً على الفقر الذي يعاني منه سكانها. وهذا مع العلم أن هذا التطور قد يدفع المحافظات غير المنتجة للمطالبة باستخراج النفط من مناطقها، في إطار تحقيق الإنماء المتوازن، الأمر الذي يُفقد الصناعةَ النفطيةَ الوطنيةَ تماسكَها ووحدتَها.
وإذا كان إقليم كردستان ينتج أقل من 500 ألف برميل يومياً، فإن محافظة البصرة تنتج 3 ملايين برميل يومياً، وذلك من أصل 4.2 مليون برميل يومياً هي مجموع الإنتاج العراقي. لكن يظهر الفرق الكبير بين حصة كل منهما في الموازنة الاتحادية، ففي حين تبلغ حصة الإقليم 13 تريليون دينار لا تتجاوز حصة البصرة 1.1 تريليون دينار. ويحذر نواب محافظة البصرة من الغبن والاستخفاف بحقوقها المشروعة، لدورها التاريخي والاستراتيجي والمستقبلي في حياة العراق والعراقيين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
عدالة توزيع الميراث والمتاجرة بالمرأة
بعض العاملين لصالح الدعاية الصهيونية ضد الإسلام عقيدة وشريعة لا يريدون أن يفهموا أو يتعلموا حقائق الدين الإسلامي بل يتمسكون ببعض الشبهات وينطلقون لمهاجمة الإسلام على انهم حققوا نصرا وهو وهم لا أساس له في الواقع.
نتعرض اليوم لقضية أُثيرت من المشرق إلى المغرب تداولها ناشطون وناشطات تغيرت الأسماء لكن لم تتغير الأهداف والمستفيد؛ لماذا لا يكون نصيب المرأة كنصيب الرجل؟
فلسفه الميراث في الشريعة الإسلامية لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة كما يؤكد ذلك المفكر الإسلامي د. محمد عمارة رحمه الله بل تعتمد على امرين اثنين:
1 – درجه القرابة .
؛2 -موقع الجيل الوارث؛ إذا كان صغيرا في السن يستقبل الحياة كان نصيبه أكبر؛ الابن يرث أكثر من الأب؛ والبنت ترث أكثر من الأب والأم حتى ولو كانت رضيعة؛ فلو مات عن رضيعة وأم وأب للبنت النصف وللأم والأب كل واحد منهما السدس.
حالة للذكر مثل حظ الأنثيين التي أُثير الجدل حولها لا تتجاوز أربع مسائل وتكون في حالة: – 1 -اتفقت درجة القرابة.
2 -اتفاق موقع الجيل الوراث من المتوفي.
ولذلك قال تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)) حيث يرث فيها الذكر ضعف الأنثى؛ إذا اجتمع الأولاد مع البنات والأخوة مع الأخوات؛ لان المرأة لا تتحمل أي شيء من الأعباء المالية التي يتحملها الذكور بالإنفاق.
فالآية ليست عامة بل خاصة إذا تحقق الشرطان السابقان قال تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم)) ولم يقل يوصيكم الله في الوارثين؛ بالإضافة إلى أن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة ولا يجب عليها الإنفاق إلا إن تطوعت.
الأنظمة الحديثة لم تعترف للمرأة بالذمة المالية إلا في السنوات المتأخرة ولم تُشرّع قوانين للميراث بل الاعتماد على الوصية كحق للرجل وللمرأة معا.
وإذا قارنا ولا مجال للمقارنة بين الشريعة الإسلامية والديانات الأخرى اليهودية والمسيحية والهندوسية وغيرها سنجد الاتي:
اليهودية :لا ميراث للمرأة مُطلقا مع وجود الرجال ؛واذا ورثت فيجب عليها الزواج من أسرتها التي آل اليها الميراث لأمن غيرها ؛وفرضت للذكر البكر مثل حظ الذكرين لا- الأنثيين لأنه في نظرهم القائد الروحي للعائلة ويتحمل المسئولية المادية والروحية(اذا كان لرجل امرأتان احدهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين -المحبوبة والمكروهة-؛ فان كان الابن البكر للمكروهة ؛فيوم يقسم لبنيه ما كان له ؛لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر؛ بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته ؛له حق البكورية ) -سفر التثنية-. ومع ذلك فلم يقل أو يتهم أحد منهم اليهودية بظلم المرأة لكن الإسلام في نظر من يدعون الثقافة والفكر ظلم المرأة حينما جعل لها نصف ميراث الرجل في أربع حالات فقط.
إما في الديانة المسيحية لم يحدد الإنجيل قواعد ميراث واضحة وإنما الأولاد يرثون دون البنات وعدم توريث الأنثى حتى لا ينتقل ميراث سبط لسبط آخر؛ ولا ترث المرأة إلا عند عدم وجود ذكور؛ وهناك دعوات من المراجع الدينية إلى الأخذ بنظام الميراث وفقا لكل بلد هذا فيما يخص النصوص الدينية؛ إما جانب التنظيم القانوني فهناك اجتهادات لبعض القانونيين المسيحين للأخذ بنظم الشريعة الإسلامية في تحديد قواعد الميراث.
إما بقية الديانات الأخرى فمازال العُرف الجاهلي الذي يعتبر المرأة متاعا يورث ولا تستقل بذمتها المالية.
لقد أثاروا الشبهات والأقاويل مشنعين على قول الحق سبحانه وتعالى ((للذكر مثل حظ الأنثيين)) ولم يستطيعوا انتقاد-للذكر مثل حظ الذكرين-لأنها شريعة اليهود؛ ولا حرمان المرأة من الميراث في المسيحية إذا وجد ذكور، لكن الإسلام جعل ميراثها وفقا للحالات الآتية:
1 -ترث نصف ميراث الرجل في أربع حالات.
2 -ترث مثل الرجل في سبع حالات.
3 -ترث أكثر من الرجل في عشر حالات.
4 -ترث ولا يرث الرجل في أكثر من ثلاثين حاله.
إن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يقوم على بعد رباني وكل الذين ينتقدونها يقولون بغير علم ولا فقه ولا فهم إلا تنفيذا لتوجيهات اليهود والنصارى والملحدين الذين لا يؤمنون بالله.
وإذا استعرضنا بعض المقاصد والأهداف التي شرعها الإسلام فيما يخص نظام الميراث نجد أنها مقاصد عظيمة لن نستقصيها كلها بل سنشير إلى بعض منها كما يلي:
1 -ان الإسلام بيّن قوانين الميراث تفصيلا في آيات القرآن الكريم وبالتالي فمجال الاجتهاد فيها محدودة؛ في حوار بين –روبرت كرين (فاروق عبد الحق) بعد إسلامه –مستشار الرئيس الأمريكي دار حوار بينه وبين أحد أساتذة القانون يهودي؛ سأله حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي؟ أجاب، أكثر من ثمانية مجلدات، إذا جئتك بقانون للمواريث لا يتعدى عشرة سطور كي تعرف أن الإسلام هو الدين الحق فعرض عليه آيات المواريث في القرآن الكريم وكان ذلك سببا في إسلامه بعد أن كان يهوديا.
2 -يهدف نظام الميراث في الشريعة الإسلامية إلى إيجاد روابط بين الأسرة الواحدة وبين الأسر الأخرى من خلال الاشتراك في الحقوق والواجبات مما يعزز الترابط الأسري والمجتمعي وهو ما يقلق الأنظمة الاستعمارية التي تريد تفتيت الروابط بين مكونات المجتمع والأسرة الواحدة.
3 -نظام الميراث يؤدي إلى إعادة توزيع الثروات ومحاربة الاكتناز للمال وبالتالي إعادة خلق حراك اقتصادي للثروة في دورة الاقتصاد من جديد ولا يراكم الثروات.
4 -يهدف نظام الميراث إلى الانتفاع بالثروة من اجل تحقيق الصالح العام والخاص من خلال نظام الأوقاف العامة والخاصة في كافة المشروعات.
5 -يراعي نظام الميراث حتى من ليس لهم نصيب في الميراث من خلال الهبة والوصية.
6 -حمى نظام الميراث حقوق الأقارب وحافظ على تنمية دوافع العمل والكسب فلا يستحق الميراث إلا بعد الموت؛ وحمى المورث من الطمع والجشع فلا ميراث لقاتل مورثه.
7 -ان التمييز بين الورثة قائم على أسس موضوعية لا دخل لها بالذكورة والأنوثة بل على درجة القرابة وموقع الجيل الوارث.
8 -ان الميراث حق لكل وارث توفر سببه سواء كان غنيا أو فقيرا وهي مرتبة من الأقوى إلى الأقل وفقا لعلاقة القرابة هي: الفروض والعصبات والرحم.
هذه بعض الأهداف التي يمكن الإشارة اليها من نظام الميراث في الشريعة الإسلامية ربانية المصدر وهي صالحة لكل زمان ومكان؛ شريعة لا تحابي أحداً على حساب أحد بل تحقق مصالح الأسرة والمجتمع والدولة. إما الانحراف الذي وقعت فيه الأديان الأخرى فهو ناتج عن التحريف والتبديل الذي وقعت فيه قال تعالى ((فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)) البقرة 79.
أما الذين يدعون للمساواة في الميراث بين الذكر والأنثى فهم يتكلمون بغير علم: أن أحسنا الظن بهم، أو سعيا لكسب ود المرأة لأنها أكثر فئات المجتمع؛ وبخلاف ذلك فانهم يتحدثون بطلبات اليهود والنصارى والملحدين الذين يريدون أن يتطاولوا على شريعة الإسلام عميت قلوبهم وأبصارهم عن الحق وتحولوا إلى أبواق تردد ما يملى عليها بغير وعي ولا بصيرة.