وأعلنت واشنطن الأسبوع الماضي عن إرسال نحو 3 آلاف جندي إلى القاعدة الأمريكية في مملكة البحرين، حَيثُ يقع مقر الأسطول الخامس، وهو انتشار غير بريء، ويحمل الكثير من الدلالات والرسائل، سواء لليمن أَو للدول المناهضة للإمبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وأمام هذه التطورات يبرز تساؤل هام: لماذا ترسل الولايات المتحدة الأمريكية هذه القوات في هذا التوقيت بالتحديد؟ ومن تستهدف؟ وكيف ستتعامل معها صنعاء لا سِـيَّـما إذَا تجاوز القوات الأمريكية الخطوط الحمراء؟

بحسب بيان للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، يوم الاثنين، الماضي 7 أغسطُس 2023م، فَــإنَّ دخول هذه القوات إلى البحر الأحمر، جاء على متن البوارج (USS Bataan)، وَ(USS Carter Hall)، والهدف من ذلك هو تعزيز القدرة البحرية للأسطول الخامس، مدعياً أن هذه القوات ستضيف مرونةً كبيرةً للأسطول؛ لمنع ما سماه “أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للمنطقة”.

ويبرّر المسؤولون في واشنطن بأنها تأتي تحت مزاعم حماية خطوط الشحن في مضيق هرمز من التهديدات الإيرانية ومنع قيام القوات الإيرانية من استهداف الناقلات في مضيق هرمز، ويعزز هذا الطرح قيامُ أمريكا بنشر قوات عسكرية على متن ناقلات نفط تجارية تمر عبر الخليج في إطار منع إيران من احتجاز السفن.

كل التبريرات السابقة لا يمكن أن تنطليَ على أحد، لا سِـيَّـما وأن واشنطن تتحَرّك سياسيًّا ودبلوماسياً وعسكريًّا لإثارة الفتن والفوضى في منطقتنا العربية، كما هو الحال في سورية ولبنان واليمن، كما أن اقتراب هذه القوات من مضيق باب المندب، ونشر قوات في قواعد عسكرية داخل الأراضي اليمنية المحتلّة يجعل القيادة السياسية والثورية والعسكرية في حالة استنفار قصوى؛ لأَنَّ هذا التحَرّك لا يمكن أن يكون عفوياً، وقد يحمل وراءه الكثيرَ من الأهداف التي ستنعكسُ سلباً على اليمن وأمنه واستقراره.

لقد جاء التحَرّك الأمريكي في البحر الأحمر، بعد إعلان القوات العسكرية اليمنية عن نجاح تجارِبَ صاروخية للقوات البحرية، التي أجريت على عدد من الصواريخ البحرية والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة، وتلويحات رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء المشير الركن مهدي المشاط باستهداف الجزر اليمنية المحتلّة، حَيثُ أكّـد الرئيس بأن “عدونا متغطرس متكبر لا يعرف إلا لغة القوة وسنعمل كُـلّ ما نستطيع لردع العدوان”.

يدرك الأمريكيون أن هذه التصريحات التي تأتي من قبل القيادة السياسية والعسكرية اليمنية لا تأتي من فراغ، وأن الاستهداف قادم لا محالة، وخَاصَّة إذَا استمر العدوان الأمريكي السعوديّ بالمماطلة وعدم الجنوح للسلام، وتنفيذ الاستحقاقات الإنسانية التي يطالب بها الشعب اليمني وعلى رأسها دفع الرواتب، وفتح المطارات والموانئ، غير أن العدوان وبدلاً عن المبادرة لتنفيذ هذه المطالب، يواصل التحدي إلى أبعد مدى، وما إرسال هذه القوات إلا جزء من هذه المناورة وهذه التحديات، كما أنها رسالة مزدوجة لأكثرَ من دولة في محور المقاومة وليس اليمن فقط.

 

 استنفارٌ وجاهزيةٌ قتالية:

بالنسبة لصنعاء فَــإنَّه لا خطوطَ حمراء لديها أمام انتهاك السيادة الوطنية، والاستمرار بالعبث بمعاناة الشعب اليمني، وعدم الجدية في الدخول في مرحلة سلام حقيقية؛ ولهذا نجد التعامل المسؤول من قبل القيادة العسكرية تجاه هذه القوات التي دخلت المناطق الخطرة، وإعلان الاستنفار والجاهزية القتالية، وإطلاق التحذيرات للقوات الأمريكية من مغبَّة التمادي والدخول إلى المصير المجهول، كما قال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي.

كُـلُّ الاحتمالاتِ هنا واردة، فقد تلجأ واشنطن “للمناورة” فقط، واستعراض هيبتها أمام الشعب اليمني؛ بهَدفِ الموافقة على السلام الأمريكي؛ الذي يعني في القاموس اليمني “الاستسلام” والخضوع لما يمليه تحالف العدوان على اليمن، أَو أن القوات الأمريكية قد تقدم على ارتكاب حماقة في المياه الإقليمية اليمنية؛ فيأتيها الرد من قبل قوات صنعاء، لندخل إلى المعركة الأطول والأكثر كلفة في التاريخ البشري، كما قال نائب وزير الخارجية حسين العزي.

وبرأي الخبراء العسكريين اليمنيين، فَــإنَّ اقتراب القوات البحرية الأمريكية من الممرات الملاحية الدولية ومضيق باب المندب، ومحاولة الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية هو خطر وقلق ليس لليمن فحسب، وإنما للمنطقة برمتها؛ لأَنَّ المعركة لن تكون في إطار البر والجو، كما كان في الماضي خلال 8 سنوات من عمر العدوان على اليمن، وإنما ستمتد إلى البحر، وإلى المنطقة الأكثر حساسيةً للعالم؛ وهي مضيق باب المندب.

وخلال السنوات الثماني الماضية، استطاعت صنعاء أن توصل رسالة للعالم، بأنها لا تشكِّلُ خطراً أَو تهديداً حقيقيًّا على الملاحة في البحر الأحمر، وإلا لكانت استهدفت مضيق باب المندب من الأيّام أَو الأشهر الأولى، لكنها وعلى الرغم من جراحها الغائرة ومحنته الكبيرة جراء الحصار الخانق طيلة السنوات الماضية فضلت عدم إطلاق النار تجاه هذه الممر الهام للعالم، بل أثبتت حرصَها على حماية البيئة البحرية من خلال إنقاذ سفينة صافر، من الغرق أكثر من مرة.

والآن تتضحُ الصورةُ للجميع، الولايات المتحدة الأمريكية هي مصدرُ القلق الأول والخطر الأبرز على الملاحة البحرية في البحر الأحمر، من خلال استقدام القوات، وإرسال البوارج الحربية، واحتلال الجزر والموانئ اليمنية، والبقاء عنوةً في القواعد اليمنية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي والسعوديّ في جنوب اليمن مثل قاعدة العند الجوية، وكذلك الانتشار في جزيرة ميون القريبة جِـدًّا من مضيق باب المندب، لكن صنعاء لن تظل مكتوفة الأيدي، وقاموسها يخلو من عبارات الخضوع والاستسلام، حتى وإن كان العدوّ الماثل أمامها هو أمريكا وحلفاء أمريكا.

يبقى التذكير هنا بما قاله السيد القائد عبد الملك الحوثي –يحفظه الله- في اليوم الوطني للصمود بمناسبة مرور 8 سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم: “قادمون في العام التاسع بقدرات بحرية تطال كُـلّ هدف في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وكافة الجزر” و”قادمون بإنتاجنا الحربي وأسلحتنا الحربي التي تغرق الأعداء”.

المسيرة

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر هذه القوات

إقرأ أيضاً:

خليل الحية: نبحث في كافة الأبواب والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان

غزة - صفا

قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقائم بأعمال رئيس الحركة في قطاع غزة، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية، "نحن اليوم نبحث في كافة الأبواب والمسارات والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان، ونحن لا نخشى من هذا المطالب، بل نؤكد أننا كشعب فلسطيني، نريد وبكل وضوح وقف العدوان. 

وأوضح "الحية"، في كلمة مسجلة بثتها قناة الأقصى الفضائية، يوم الأربعاء، أن الفكرة المطروحة اليوم هي تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وهو اقتراح قدمه إخوتنا المصريون، ونحن تعاملنا معه بشكل مسؤول ومتجاوب، نحن موافقون على هذا المقترح، ولكن مع شرط أساسي أن تدير هذه اللجنة غزة بشكل محلي كامل، بحيث تدير كل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية هناك.

وأضاف "قمنا في هذا الصدد بعقد اجتماعات متعددة مع الإخوة في حركة فتح وقيادات فلسطينية أخرى في القاهرة، وكانت اللقاءات مثمرة، قطعنا خطوات كبيرة نحو التوافق والانسجام بين جميع الأطراف المعنية، فكرة اللجنة كانت مقبولة من الجميع، ورعاية مصرية مستمرة لدعم هذه المبادرة".

وتابع: "كما أكدت القمة العربية والإسلامية الأخيرة دعمها الكامل لهذه اللجنة، وأكدت اعتمادها تحت مسمى "لجنة الإسناد المجتمعي"، وباركت الجهود المبذولة في هذا المجال. نحن، إن شاء الله، ماضون في تفعيل هذه اللجنة، لأننا نعتقد أنها ستكون خطوة مهمة في إدارة شؤون غزة بشكل محلي، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع".

وبين "الحية"، أن اللجنة ستكون من مجموعة من المهنيين الفلسطينيين من قطاع غزة، القادرين على العمل في كافة المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والشرطة، والأمن، والدفاع المدني، والبلديات، وكل الأعمال التي تساهم في إدارة القطاع بشكل فعال، كما ستكون مسؤولة عن كافة الأعمال الحكومية والعامة.

وأكمل "نحن نعمل على تفعيل هذه اللجنة بشكل فوري، بدءًا من الآن، ليس فقط عندما يتوقف العدوان، بل من خلال المتاح حاليًا لنكون جاهزين لإدارة كافة الأمور الحياتية بشكل محلي".

ونوه إلى أن اللجنة يجب أن تكون على علاقة وثيقة مع الحكومة في الضفة الغربية، بحيث تنسق أعمالها وإدارتها بشكل كامل، غزة ليست معزولة، فهي جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني، وندعو إلى تنسيق مستمر بين القطاع والضفة، لحماية مصلحة شعبنا الفلسطيني وحمايته من أي انقسامات أو تهديدات.

واستطرد "أعتقد أن هذه اللجنة هي المجال الذي يجب الحديث عنه في الوقت الحالي، إذا تم الاتفاق عليها بشكل رسمي، فإنني أعتقد أنها ستساهم بشكل كبير في وقف العدوان الإسرائيلي، أو على الأقل تسريع عملية وقفه، نحن في حماس مستعدون للعمل على ذلك، وقد عرضنا في أكثر من مرة مقترحات لتسهيل عمل اللجنة في غزة".

وأردف "على سبيل المثال، عرضنا على الإخوة في مصر والسلطة الفلسطينية أن نتفق على فتح معبر رفح، فتح المعبر سيعيد الحياة إلى غزة، ويسهل حركة السفر، ويتيح نقل الجرحى والمرضى، ويساهم في دخول المساعدات الإنسانية والاقتصادية، نحن نسعى لتخفيف معاناة شعبنا بكل الوسائل المتاحة".

وتابع "نحن كذلك مستعدون للاتفاق على إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، بحيث نعمل معًا على تكليف جهاز الشرطة بتأمين القطاع وتوفير الاستقرار. نحن جاهزون للتنسيق مع الإخوة في السلطة الفلسطينية ومصر لتفعيل هذا الاقتراح بما يضمن الأمن والاستقرار في غزة".

وأوضح "الحية " أن الاحتلال يسعى إلى فصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة في محاولة لتهجير السكان وتجويعهم بهدف كسر إرادتهم.

وأشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وجنرالاته يستعرضون في المناطق المدمرة بالشمال، استعدادًا لتنفيذ خطط مستقبلية تتنافى مع القيم الإنسانية.

وأضاف "أن الأوضاع في جنوب القطاع ليست أفضل حالًا، حيث أصبحت رفح شبه خالية من السكان تحت سيطرة الاحتلال الكاملة".

وذكر أن أي فلسطيني يقترب من شمال رفح يُقتل فورًا، بينما تم تدمير أكثر من 500 متر على الحدود المصرية بعمق رفح.

وأشار إلى أن الاحتلال وسّع عملياته في المناطق الوسطى، مستهدفًا مناطق واسعة مثل النصيرات ونتساريم، في حين أنشأ "شريطًا أمنيًا" شرق القطاع، دمر خلاله أكثر من كيلومتر من المساكن على طول الحدود الشرقية.

وحذر الحية من أن هذه الخطط تهدف إلى تقليص المساحة المخصصة للسكان الفلسطينيين، ودفعهم إما إلى التهجير أو الاستسلام، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمارس عمليات تجويع ممنهجة، حيث يدعي كذبًا إدخال 250 شاحنة مساعدات يوميًا، في حين أن العدد الفعلي أقل بكثير.

وبين القيادي في حركة حماس، أن الاحتلال الإسرائيلي يحمي اللصوص وقطاع الطرق في قطاع غزة، مؤكداً أن "عمليات سرقة المساعدات تجري بمباركته".

وأشار "الحية"، إلى أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة شحيحة واللصوص يسيطرون على جزء كبير منها، "تحت مرأى ومسمع من قوات الاحتلال، الذي يحميهم في كثير من الأحيان"، مبينا أن هنالك جهودا كبيرة لحماية المساعدات.

وقال إن لصوص المساعدات والشاحنات أمام خيارين فقط، "إما أن يواجهوا شعبهم بقوة السلاح والعزل من المجتمع أو يكفوا عن الأمر"، وأضاف "نشد على أيدي الجهات الأمنية والشعبية التي ضربت اللصوص بيد من حديد".

وطالب "الحية"، التجار في القطاع أن يكفوا عن شراء البضائع المسروقة؛ "لأنه يساهم في رفع أسعارها على المواطن".

مقالات مشابهة

  • شاهد| بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف قاعدة “نيفاتيم” الجوية التابعة للعدو الإسرائيلي في منطقة النقب (إنفوجرافيك)
  • القوات المسلحة اليمنية تستهدف قاعدة جوية إسرائيلية .. عاجل
  • ليست مسرحية.. نشطاء يعلقون على استهداف الحوثيين سفينة تركية
  • معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
  • اليونسكو والفكر التنويري: تراث البشرية في دائرة الخطر
  • تصعيد الخطر النووي|أول رد من بولندا حول مخاوف روسيا من قاعدة الصواريخ الأمريكية لديها
  • روسيا:القاعدة الصاروخية الأمريكية في بولندا ستزيد مستوى الخطر النووي
  • مجددًا .. أمريكا تمهد للاعتراف بـ”هزيمتها” أمام القوات المسلحة اليمنية
  • خليل الحية: نبحث في كافة الأبواب والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان
  • مراسل سانا: أصوات الانفجارات التي سمعت في مدينة تدمر ناجمة عن عدوان إسرائيلي استهدف أبنية سكنية والمدينة الصناعية فيها