الولايات المتحدة – بدأت الحرب العراقية الإيرانية الدموية الرهيبة في 22 سبتمبر عام 1980 واستمرت ثماني سنوات مخلفة وراءها مليون ونصف المليون قتيل وخسائر مادية تقدر بترليون دولار.

الخبير الأمريكي في مركز سياسات الشرق الأوسط بروس ريدل كان وصف هذه الحرب في مقالة بعنوان “دروس من حرب أمريكا الأولى مع إيران”، قائلا إن “الحرب الإيرانية العراقية كانت مدمرة.

كانت واحدة من أكبر وأطول الحروب التقليدية بين الدول منذ انتهاء الحرب الكورية في عام 1953 فقد نصف مليون شخص، وربما أصيب مليون آخر.  تجاوزت التكلفة الاقتصادية للحرب تريليون دولار ومع ذلك، كانت خطوط المعركة في نهاية الحرب بالضبط تقريبا حيث كانت في بداية العمليات العسكرية. كانت أيضا الحرب الوحيدة في العصر الحديث التي استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع.

بروس ريدل يلفت إلى أن هذه الحرب بالنسبة للجيل الإيراني الذي يقود بلاده في الوقت الحالي، “كانت الحدث الحاسم في حياتهم وقوة رئيسة في تشكيل نظرتهم للعالم. ويمكن إرجاع معاداتهم لأميركا وشكوكهم العميقة حيال الغرب بشكل مباشر إلى فهمهم للحرب الإيرانية العراقية. وبالتالي، يتوجب علينا أن نتوقع أن تجعل الحرب القادمة إيران أكثر تطرفا وأكثر تصميما على الحصول على القنبلة”.

الخبير الأمريكي في الشؤون الدولية ينبه ساسة بلاده إلى أن الدرس الآخر المستفاد من الحرب الأولى (يقصد الصدام العسكري مع إيران في نهاية الحرب العراقية الإيرانية) أن إيران لن تخيفها الولايات المتحدة بسهولة. بحلول عام 1987، دمرت الحرب إيران، ودمرت العديد من مدنها، وانخفضت صادراتها النفطية إلى الحد الأدنى، وتحطم اقتصادها. لكن إيران لم تتردد في محاربة البحرية الأميركية في الخليج واستخدام وسائل غير متكافئة للرد في لبنان وأماكن أخرى. وحتى مع إغراق القوات البحرية الأميركية لمعظم سفنها، استمرت إيران في القتال واستمر الشعب الإيراني في الاحتشاد خلف آية الله الخميني”.

ريدل يرى في هذا الموضوع الذي نشر في عام 2013 أن إيران “خاضت حربا ذكية، متجنبة التصعيد السريع والخطير للغاية. وكما لاحظ الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، فإن السلوك الإيراني عقلاني وليس انتحاريا. لن تتخذ إيران خطوات تعرض بقاء الثورة للخطر، بل ستسعى إلى استغلال نقاط الضعف الأميركية.. إضافة إلى نقاط ضعف إسرائيل”.

الخبير رصد في هذا السياق أن “إيران وسعت ساحة المعركة في الحرب الإيرانية العراقية إلى بلدان أخرى حيث يمكنها استغلال نقاط الضعف الأمنية. وينبغي لنا أن نتوقع نفس الشيء في حرب مستقبلية”.

إيران لن تتراجع بسهولة:

الدرس التالي الذي يستخلصه الخبير الأمريكي يتمثل في أن “إنهاء حرب مستقبلية سوف يشكل تحديا. ففي عام 1988، لم تطلب إيران وقف إطلاق النار إلا بعد أن عانت من هزيمة كارثية على الأرض في مواجهة القوات العراقية، وبعد أن هدد صدام حسين بإطلاق صواريخ سكود المسلحة برؤوس حربية كيميائية على المدن الإيرانية. كان الإيرانيون يخشون أن يواجهوا (هيروشيما) ثانية إذا لم يقبلوا الهدنة… بالنسبة للخميني، كان قبول الهدنة أشبه بـ(تجرع السم). لا توجد حربان متماثلتان، ولكن التاريخ يشير إلى أن إيران لن تتراجع بسهولة”.

تحذير للولايات المتحدة من نصائح إسرائيل:

الدرس المستفاد التالي الذي خرج به هذا الخبير من الحرب العراقية الإيرانية يقول: “إن الدرس الأخير الذي تعلمناه من هذه التجربة هو ضرورة التدقيق الدائم في نصائح الحلفاء. ومن عجيب المفارقات أن إسرائيل، الشريك الأقرب للولايات المتحدة في المنطقة، مارست ضغوطا شديدة ومتكررة في ثمانينيات القرن العشرين على واشنطن لحملها على تغيير موقفها وعرض المساعدة على إيران. فقد كان زعماء إسرائيل وجنرالاتها وجواسيسها مهووسين بالتهديد العراقي في ثمانينيات القرن العشرين، تماما كما هم منشغلون بالتهديد الإيراني اليوم، وكانوا يتوقون إلى استعادة العلاقة الحميمة التي كانت تربطهم بالشاه في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين”.

الخبير في الشؤون الخارجية سكاب قائلا: “إن النظر إلى الوراء.. في عام 1988 يكشف لنا الكثير ويتكشف لنا الكثير. فقد حققت أمريكا أهدافها المباشرة في الحرب الأولى، فقد أوقفت تقدم إيران إلى العراق، ودافعت عن ناقلات النفط في الخليج، واحتوت الحرب من الانتشار إلى شبه الجزيرة العربية. لم يتمكن الخميني من غزو البصرة وبغداد والزحف نحو القدس كما كان يحلم. ولكن اليوم أصبحت إيران القوة الأجنبية المهيمنة في بغداد، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى حرب أخرى خاضتها أمريكا”.

ما يصفها الخبير بالحرب الأمريكية الأولى مع إيران، يرى أنها “ساعدت في جعل إيران دولة أكثر تطرفا. حرب ثانية قد تفعل الشيء نفسه. وبالتالي، فإن حربا أخرى مع إيران لوقف برنامجها النووي قد تثبت في نهاية المطاف أنها الحافز الذي يدفع إيران إلى الحصول على ترسانة أسلحة نووية خطيرة. وبدلا من وقف الانتشار، يمكن أن يحرض عليه أكثر”.

الخبير ينصح واشنطن داعيا إياها إلى التمعن في دروس حرب الخليج الأولى، مشيرا إلى أن “التاريخ بلا شك لا يكرر نفسه، ولكنه يتشابه في بعض الأحيان. ولابد من التمعن في دروس الحروب القديمة بعناية قبل خوض حروب جديدة. فقد نسي العديد من الأميركيين دروس حربنا غير المعلنة في ثمانينيات القرن العشرين. وخضنا العديد من الحروب الأخرى منذ ذلك الحين، في العراق (مرتين)، وفي أفغانستان، وفي ليبيا. ورغم أنه قد يكون من السهل على واشنطن أن تنسى هذه الدروس، فإن أي إيراني لن ينسها”.

الحرب المقبلة سيكون صعب إنهاؤها:

الخلاصة النهائية التي يصل إليها هذا الخبير تقول إن الحرب العراقية الإيرانية “على الرغم من انتهائها في عام 1988، إلا أنها أدت إلى العديد من الهزات الارتدادية التي امتدت في جميع أنحاء المنطقة بما في ذلك الغزو العراقي للكويت في عام 1990، وتحرير الكويت بعد عام، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. كانت الحرب الأمريكية الدموية… هي النهاية في مسيرة الحماقة هذه. زرعت بذور مأساة متعددة الأجيال في الحرب الإيرانية العراقية سيعيش العالم مع عواقبها لعقود، إن لم يكن لفترة أطول”.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الحرب العراقیة الإیرانیة الإیرانیة العراقیة القرن العشرین العدید من مع إیران فی عام إلى أن

إقرأ أيضاً:

ذمار تحيي ذكرى الصرخة السنوية بفعاليات جماهيرية تؤكد استمرار المشروع القرآني في مواجهة الطغيان

يمانيون../
نظم قطاع الأشغال ومكتب الشباب والرياضة بمحافظة ذمار، إلى جانب أبناء القطاع الشمالي بالمدينة، اليوم الاثنين، فعالية خطابية إحياءً للذكرى السنوية للصرخة تحت شعار “الشعار.. سلاح وموقف”، بمشاركة واسعة وحضور رسمي وشعبي.

وفي الفعالية، التي حضرها وكيل المحافظة محمد عبدالرزاق، أكد وكيل المحافظة محمود الجبين أن شعار الصرخة يمثل امتداداً لمشروع قرآني أصيل رسم للشعب اليمني طريق التحرر من هيمنة قوى الاستكبار العالمي، موضحاً أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، بإطلاقه لهذا الشعار، سعى إلى كسر حاجز الخوف والصمت ومواجهة أعداء الإسلام بسلاح الموقف والكلمة.

وأشار الجبين إلى أن الشعار برز بشكل جلي في المواقف المشرفة التي يسطرها الشعب اليمني اليوم في دعم وإسناد القضية الفلسطينية، معتبراً أن الشهيد القائد قد تنبّه مبكراً لخطورة المشروع الأمريكي الساعي لإخضاع الأمة ونهب مقدراتها.

من جانبه، أكد مسؤول قطاع الأشغال المهندس معاذ الشوكاني أن شعار الصرخة كان نقطة التحول الكبرى التي نقلت الأمة من حالة اللاموقف إلى موقف عملي وثابت في وجه الهيمنة والاستكبار، مستعرضاً واقع الأمة حينها، عندما كان الصمت والخنوع هو السائد أمام المؤامرات الأمريكية والصهيونية.

بدوره، استعرض مدير مكتب الشباب والرياضة علي العوش بدايات انطلاق المسيرة القرآنية، مشيداً بثبات الرعيل الأول من رواد المسيرة الذين واجهوا التحديات والصعوبات بشجاعة، مما أثمر اليوم عن مسيرة قوية وثابتة تسير وفق منهج الله وثقافة القرآن وأعلام الهدى.

وفي ذات السياق، نظّمت فروع المؤسسة العامة للاتصالات، والهيئة العامة للبريد، والوحدة التنفيذية لمشاريع الاتصالات بالمحافظة، فعالية خطابية إحياءً لذكرى الصرخة تحت شعار “الشعار وجه بوصلة العداء إلى الأعداء الحقيقيين”.

وخلال الفعالية، شدد وكيل المحافظة محمد عبدالرزاق على أهمية إحياء هذه الذكرى بما تحمله من معانٍ عظيمة في مواجهة الطغاة والمستكبرين، مشيراً إلى أن شعار الصرخة، الذي أطلقه الشهيد القائد، كان بمثابة بداية حركة جهادية عظيمة هزّت عروش الطغيان وأسقطت كثيراً من المؤامرات.

كما أكد الثقافي محمد رزق أن الشعار لم يعد حكراً على اليمنيين، بل أصبح شعاراً عالمياً يتبناه أحرار العالم في مواجهة قوى الطغيان والهيمنة.

من جانبه، لفت الثقافي محمد لقمان إلى أهمية تعزيز الصمود والوعي الشعبي في مواجهة المشاريع العدوانية ومؤامرات الأعداء، مشيداً بالدور العظيم للشعار في تجذير روح البراءة من أعداء الله، وهو ما يتجسد اليوم عملياً في دعم الشعب اليمني الواسع للمقاومة الفلسطينية وموقفه الصلب في مواجهة العدوان الأمريكي والصهيوني.

مقالات مشابهة

  • ذمار تحيي ذكرى الصرخة السنوية بفعاليات جماهيرية تؤكد استمرار المشروع القرآني في مواجهة الطغيان
  • رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية في العراق خلال عاميين
  • أحمد موسى: مبارك رفض طلبًا أمريكيًا لإقامة قاعدة عسكرية في الأقصر
  • إحياء ذكرى الصرخة في الصافية بالأمانة: “الشعار سلاح وموقف”
  • الجمارك الإيرانية: حاويات ميناء رجائي المتضررة كانت محمّلة بمواد كيميائية
  • عاجل| الجمارك الإيرانية: الحاويات المتضررة بميناء رجائي كانت تحتوي على مواد كيمياوية
  • عقيد أمريكي: زيلينسكي سيوقّع السلام مع روسيا قريبًا
  • سفيرة الأناقة والتراث.. الدار العراقية للأزياء رحلة عبر التاريخ وهوية وطن
  • التجارة: المساعدات العراقية من القمح للسوريين تعكس بداية لعلاقة استراتيجية جديدة
  • مسؤول أمريكي كبير: المحادثات النووية مع إيران في مسقط كانت إيجابية وبناءة