التجاني السيسي في حوار مع (المحرر): واهم من يعتقد ان الحرب ستنتهي بفصل دارفور
حوار: المحرر

استنكر رئيس قوى الحراك الوطني التجاني السيسي الحديث الدائر عن فصل دارفور، واعتبر كل من يعتقد ان الحرب ستنتهي بفصلها “واهم”.

وشدد في حوار مع (المحرر) بالقول “إذا تهاونت القوى الوطنية مع هذا الطرح الساذج” سيشكل دارفور المدخل لإنفاذ المخطط الأجنبي بإعادة تقسيم السودان، مؤكدا ان أهل دارفور ضد هذا المخطط، وشدد بان قوات الدعم السريع لا تملك قرار فصلها.

ورأى السيسي بانه بعد فشل مفاوضات جنيف لابد ان تدرك الحكومة ان مسرح العمليات أصبح من شقين (عسكري ودبلوماسي).

وقال لابد ان يكون هناك حراكا خارجيا ونشاطا دبلوماسيا كثيفا في الفترة القادمة لحشد دعم خارجي لمواجهة المواقف المناهضة للموقف الوطني، فإلى مضابط الحوار:

دكتور التجاني السيسي مختفي من الساحة السياسية؟

انا لم اختفي من الدوائر السياسية والإعلامية، بل مشكل حضور بصورة دائمة سواء كان ذلك في الوسائط او اللقاءات السياسية وكانت اخرها في بورتسودان قبل نهاية الشهر المنصرم عقدنا فيها لقاءات مع قوى سياسية ومجتمعية وتنسيقيات قبلية ثم غادرت لظرف طارئ.

ولكنك لم تكن حضورا في لقاء المبعوث الأمريكي؟

قيادات الحراك حاضرة في المشهد واخرها في لقاء المبعوث الامريكي بالقاهرة.

تتفق معي بان هناك ضعف مريع في المكون السياسي الذي يعبر عن تطلعات الشعب السوداني وداعم للجيش، مقابل نشاط “تقدم” المسنود من المجتمع الدولي؟

المقارنة بين حراك “تقدم” وحراك الكتل السياسية الاخرى غير واردة. وصدقت في قولك ان نشاط تقدم مسنود خارجيا وبالتالي حراكه ظل بالخارج محصورا بالخارج بينما ظلت القوى السياسية حاضرة في الخارج وفي نفس الوقت تقوم بدورها في داخل السودان وتواجه الازمة بكل ثبات وتقدم الاسناد الى القوات المسلحة وتقف بجانبها وسطرت مواقف بطولية في جبهات القتال وبالدعم السياسي رغم الظروف التي تمر بها.

ولكن توجه لكم انتقادات لضعف ادائكم؟

القوى السياسية ومنذ اندلاع الحرب بادرت بتنظيم لقاءات عدة تمخضت عن التوافق حول اعلان اسمرا ثم اعلان بورتسودان ثم جوبا ثم مشروع الميثاق. اعتقد وفي ظل الظروف الراهنة الحركة السياسية ظلت تواكب الاحداث وداعمة للقوات المسلحة وستظل كذلك الى ان يتم دحر التمرد.

هل الطموحات الشخصية وراء ضعف الأداء السياسي؟

صحيح هنالك بعض الاشكالات عند البعض ولكنها لا تتعدى الطموحات الشخصية وهذه ربما هي بعض افرازات الاستقطابات التي لازمت الحركة السياسية خلال الاعوام الماضية.

هل لديكم خلافات مع القيادة السياسية للبلاد؟

ليست لنا خلافات سياسية مع القيادة السياسية في البلاد ربما كانت لدينا وجهات نظر حول بعض قضايا الراهن ولكن مناقشة هذه القضايا تتم في لقاءات مع المعنيين بالأمر خاصة وان التواصل متاح واعتقد ان هذا الظرف الدقيق الذي يواجه الوطن يتطلب منا التعامل بطريقة ايجابية مع بعضنا البعض ومناقشة الملاحظات والاختلافات ان وجدت دون الحوجة لإثارتها في الوسائط واجهزة الاعلام.

سبق وان تم التفاوض معكم لتشكيل حكومة مدنية هل تم التراجع من القيادة العسكرية، ام فرضتم شروط لتشكيلها، ام هناك خلافات فيما بينكم كأحزاب؟

اعتقد انه هنالك توافق عام ، عسكريين ومدنيين على ضرورة التحول للحكم المدني الديمقراطي في السودان.

وهنا لا بد لنا ان نكرر ما ظللنا نردده من وقت الى آخر ان بلادنا منذ استقلالها في عام 1956واجهت الكثير من التحديات والازمات وذلك نسبة لفشل الانظمة الحاكمة على التوافق حول مشروع وطني يقود الى دستور دائم ويحسم قضايا الهوية، نظام وشكل الحكم وهي التحديات التي عصفت بأمن البلاد واستقراره.

لذلك من الضرورة بمكان مخاطبة هذه التحديات التي نشير اليها بجذور الازمة السودانية اثناء الفترة الانتقالية.

ما هو الرأي الذي توافقتم عليه؟

رأينا الذي توافقنا حوله ككتل سياسية هو انه نسبة للتحديات التي ستواجه الفترة الانتقالية بعد انهاء التمرد ومنها قضايا استتباب الامن والسلم هنالك ضرورة لان تكون القوات المسلحة جزءا منها خاصة في مجلس السيادة وان تنتهي الفترة التأسيسية الانتقالية بانتخابات حرة ونزيهة.

ما هي أبرز نتائج لقائكم مع المبعوث الأمريكي وهل بالفعل فشل اللقاء كما يدور في الوسائط المختلفة؟

انا لم احضر اللقاء لأنني خارج مصر ولكن تقييمي ان اللقاء كان ممتازا نقل فيه المشاركون آرائهم بصورة قاطعة حول الوضع الراهن في البلاد خاصة فيما يلي الموقف من مفاوضات جنيف ومخرجات منبر جدة حيث عبر المشاركون عن اهمية استصحاب اتفاق جدة الذي يدعو لخروج الدعم السريع من منازل المواطنين والاعيان المدنية. بالإضافة الى قضايا اخرى ومنها الاغاثة التي ينبغي ان تشمل كل السودان.

هل طرحتم عليه كافة شواغلكم؟

لقد كانت القوى السياسية واضحة في طرح القضايا الوطنية بما فيها دور الجهات الخارجية التي تدعم المليشيا بالسلاح والعتاد لارتكاب المزيد من الانتهاكات. كان من نتائج اللقاء ان المبعوث وعد بالتواصل مع الكتل السياسية وذلك في سبيل البحث عن حل لازمة البلاد.

ما رده على استفساراتكم؟

اعتقد ان المبعوث الامريكي أدرك ان هنالك قوى سياسية اخرى في السودان يهمها امر البلاد وتحرص على انهاء الأزمة والتحول للحكم المدني الديمقراطي. وفي رده على استفسارات المشاركين أكد على حرص الولايات المتحدة لحل الازمة السودانية. كما اشار الى ان الولايات المتحدة تجري تحقيقا حول نقل اسلحة امريكية عبر مطار (ام جرس) الى مليشيات الدعم السريع. كما أكد على ضرورة وقف إطلاق النار والحوار الشامل لإنهاء الازمة.

ماذا بعد فشل مفاوضات جنيف؟

بعد فشل مفاوضات جنيف لا بد من ان تدرك الحكومة ان مسرح العمليات أصبح من شقين، شق ميداني عسكري وشق دبلوماسي.

ما هو المطلوب من الحكومة؟

من الضرورة ان يكون هنالك حراكا خارجيا ونشاطا دبلوماسيا كثيفا في الفترة القادمة لحشد الدعم الخارجي ولمواجهة المواقف المناهضة للموقف الوطني. بالإضافة الى ذلك من الضرورة الاستفادة من هامش المناورة المتاح خاصة في علاقاتنا مع بعض الدول مع ضرورة التعاطي مع المبادرات الهادفة الى انهاء الحرب وتواصل الحوار مع الولايات المتحدة.

قضية دارفور بعد صد الهجوم على الفاشر هل إصرار الدعم السريع استمرار الهجوم على الفاشر دليل رغبتها في اعلان حكومة وفصل دارفور؟

القضية ليست فصل دارفور ولكن هنالك اجندة لإعادة تقسيم السودان الى اربعة دول وهذه اجندة قديمة ظلت حاضرة عبر مسيرة البلاد التي شهدت ازمات في اطرافها.

ولكن هناك من يعتقد ان الامر سينتهي بفصل دارفور؟

من يعتقد ان الازمة ستنتهي بفصل دارفور فهو واهم.

ولكن هناك مؤشرات واضحة؟

اذا تهاونت القوى الوطنية مع هذا الطرح الساذج سيشكل دارفور المدخل لإنفاذ المخطط الاجنبي بإعادة تقسيم البلاد. ولكن حقيقة الامر ان اهل دارفور ضد هذ المخطط وسيقف الجميع سدا منيعا لإجهاضه. ابناء دارفور اليوم أكثر تمسكا بوطنهم السودان وهم يقدمون التضحيات في فاشر السلطان وقبلها في غرب دارفور، وسط دارفور وجنوب دارفور. الدعم السريع لا يملك قرار فصل دارفور.

من يملك القرار وهي تسيطر حاليا على معظم ولايات دارفور؟

القرار هو قرار اهل دارفور الذين حتى الان ظلوا متمسكين بالأجندة الوطنية الضامنة لوحدة البلاد ارضا وشعبا.

المحرر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع مفاوضات جنیف من یعتقد ان

إقرأ أيضاً:

انقسام وشيك للسودان المنهك

زوايا
حمّور زيادة

مع بداية الشهر الثالث والعشرين للحرب في السودان، انقسمت القوى السياسية، وحلّت تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) نفسَها لتتحوّل الى جسميْن برؤيتين مختلفتين. الجانب الذي يضم أغلبية القوى المدنية، والتي كانت جزءاً من تحالف قوى الحرية والتغيير، أعلن برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تكوين جسم جديد يسعى إلى محاولة وقف الحرب. بينما انحاز الجانب الذي يضم أغلبية الحركات المسلحة، ومعها بعض الذين هاجروا إليها بعد انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول (2021)، لتكوين حكومة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وهكذا تمضي المجموعة الثانية بسرعة في طريق تقسيم السودان بشكل رسمي، بإحداث وضع حكومتين. ورغم الخسارة الوشيكة لهذه المجموعة العاصمة الخرطوم، التي يمكن أن يعلن الجيش استعادتها في أي لحظة في الأسابيع المقبلة، إلا أنها توجه أنظارها كما يبدو نحو مدينة الفاشر. المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام ونصف العام، وتواجه استنزافاً شبه يومي، يوشك أن يتحوّل إلى مذبحة تحت أنظار العالم أجمع.

المدينة التي تشهد وقفة القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة، الخصم القديم والرئيسي لقوات الدعم السريع، تضم مئات آلاف من النازحين، وتقف عقبة أمام إعلان الحكومة الموازية. ورغم المناشدات الدولية والعقوبات، تمضي قوات الدعم السريع في استهداف المدينة، منذرةً بإبادة تواجهها أعراق دارفورية، في استكمالٍ لحرب الإبادة التي دعمها نظام عمر البشير السابق وجنرالات الجيش الحاكمون.

يبدو العالم كما لو ترك الفاشر لمصيرها. تقرّر عن نفسها وعن آخر شكل لوحدة سياسية هشة خرّقتها ثقوب الرصاص. فامتناع المدينة عن قوات الدعم السريع ربما يعيق قليلاً إعلان الحكومة الموازية. وهو ما يبقي السودان، اسمياً فقط، تحت سلطة عسكرية واحدة تحكم من العاصمة البديلة. بينما تُظهر التقارير الإعلامية كيف تحوّلت العاصمة القديمة إلى ركام. استطاعت حربٌ لم تكمل العامين بعد تدمير المدينة التي عاشت حوالي 200 عام، وتوشك أن تدمّر وحدة البلد المنهك بالحروب الأهلية أكثر من نصف قرن.

انقسام القوى السياسية التي اتحدت تحت شعار محاولة وقف الحرب يبدو منطقياً، بعدما تجاوزت الحرب خانة المخاوف، فكل ما تحذّر منه القوى السياسية حدث. وعربة الحرب المندفعة داست على حلم التحوّل الديمقراطي، وأصبح البلد المناضل منذ العام 1958 للخروج من نار الحكم العسكري مندفعاً لمنح السلطة للجيش مقابل الأمان في جانبٍ منه، ومهرولاً لتقسيم البلاد بحكومة محمية ببندقية متهمة بارتكاب جرائم الحرب والتطهير العرقي في جانب آخر.

صادرت البندقية العملية السياسية. وحدثت جرائم الاستهداف العرقي. وزادت قوة المليشيات القديمة والجديدة التي حلّت مكان مليشيا "الدعم السريع" في التحالف مع الجيش. ونظّم قادة الجيش والحركة الإسلامية أكبر عملية غسيل سمعة ليتحول من اعتُبروا سنواتٍ "أعداء الشعب وطغاته" إلى منقذيه وأبطاله.

في الوقت نفسه، يمضي الجيش السوداني في تأكيد احتكاره السلطة المستقبلية، فقائده الذي أعلن، السبت، أن "القوى المساندة للجيش لن تختطف السلطة بعد الحرب"، عاد ليؤكّد، الخميس، أن "الجيش لن يتخلى عن الذين حملوا السلاح وقاتلوا بجانبه، وأنهم سيكونون جزءاً من الترتيبات السياسية المقبلة". تُخبر هذه التصريحات بأن السلطة للجيش، وهو من يحدّد من يشارك معه فيها، وهو من يطمئن القلقين على حصّتهم. يحدُث هذا مع تنامٍ غير مسبوق لتيار شمولي يؤيد بلا تحفظ استمرار الحكم العسكري ظنا أنه جالب الأمان والمظهر الأخير لوحدة السودان.

ما بدأ باشتباكات مسلحة في قلب الخرطوم قبل حوالي عامين تحوّل اليوم إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، وحرب تهدّد تماسك البلاد. ولم تنجح القوى السياسية في وقف الحرب، إنما كانت ضحيتها الأولى. تاركة البلاد تواجه مصيرها المحتوم بين بنادق المتقاتلين.

قسّمت الحرب الأهلية الأطول في تاريخ القارّة الأفريقية (1955 – 2005)، السودان إلى بلدين، شمال وجنوب. وتبدو الحرب الأهلية الحالية ماضية إلى تقسيم جديد، شرق وغرب. وهو تقسيم قد لا يصمد سياسياً وقتاً طويلاً، لكن أثره المباشر سيكون مدمّراً على البلاد التي لم يبق فيها ما يُدمّر.

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • دعوات أممية لوقف تدفق الأسلحة وإنهاء الحرب في السودان
  • محمود عباس يرد على ترامب: واهم من يعتقد أن بإمكانه فرض صفقة قرن جديدة
  • عباس: واهم من يعتقد بفرض صفقة قرن جديدة
  • أبومازن: واهم من يعتقد أن بإمكانه تهجير شعبنا الفلسطيني والاستيلاء على أرضه
  • السودان: جيشنا لا يملك أسلحة كيميائية ولا صحة لاتهامه باستخدامها
  • الرئيس الفلسطيني: واهم من يعتقد أن بإمكانه فرض صفقة قرن جديدة أو تهجير شعبنا والاستيلاء على أرضه
  • الرئيس عباس: واهم من يعتقد أن بإمكانه فرض صفقة قرن جديدة أو تهجير شعبنا
  • انقسام وشيك للسودان المنهك
  • وزير الخارجية السوداني: جيشنا لا يملك أسلحة كيميائية ولا صحة لاتهامه باستخدامها
  • الدعم السريع تضرم النيران بأكبر مخيم للنازحين ودعوات أفريقية لوقف القتال بالسودان