التحديات الاقتصادية تنذر بفشل حكومة فرنسا الجديدة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثار تشكيل الرئيس إيمانويل ماكرون الحكومة الجديدة ردود فعل غاضبة على الفور من مختلف الأطياف السياسية في فرنسا، ما يزيد من احتمالية انهيار سريع قد يعمق الغموض المحيط بالاقتصاد الفرنسي الذي يواجه ضغوطاً متزايدة.
وتمثل حكومة رئيس الوزراء الجديد ميشيل بارنييه، التي عُينت مساء السبت، تحولاً نحو اليمين، ما أوجد "تركيبة غير متجانسة" من المحافظين والوسطيين الذين "لم يكن التعاون بينهم سلساً دائماً"، إذ تفتقد المجموعتان للقدرة الكافية لإحباط تصويت بحجب الثقة قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة.
وتعهد تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري، الذي استُبعد من حكومة بارنييه رغم امتلاكه أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية البرلمان، بإسقاط الحكومة "في أقرب فرصة ممكنة".
ومع ذلك، يفتقر التحالف إلى الأصوات اللازمة لإسقاط الحكومة دون دعم حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، ما يجعل زعيمته مارين لوبان صاحبة التأثير الحاسم فعلياً على مصير الإدارة الجديدة، حسبما ذكرت الوكالة.
وقال حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي يعد أكبر حزب في البرلمان، أن الحكومة الجديدة "لا مستقبل لها" وتمثل عودة إلى "الماكرونية".
واعتبرت لوبان في منشور على "إكس"، السبت أن "الفرنسيين، الذين أظهروا مرتين في الانتخابات الأخيرة رغبتهم في الانفصال عن سبع سنوات من الإهمال والفشل في فترة حكم ماكرون، يجدون أنفسهم هذا المساء أمام حكومة مُعدلة، بعيدة كل البعد عن رغبتهم في التغيير".
وجاءت حكومة بارنييه بعد أكثر من شهرين من المفاوضات والمشاورات التي أعقبت محاولة ماكرون تحقيق الاستقرار في البرلمان بإجراء انتخابات مبكرة. لكن هذه الانتخابات جاءت بنتائج عكس المنتظر، إذ انقسمت الجمعية الوطنية إلى ثلاث كتل متعارضة بشدة، ما حال دون قدرتها على الحكم بمفردها.
مما لا شك فيه أن قرار ماكرون حل مجلس النواب، والجمود الذي نتج عنه، أضعف ثقة المستثمرين، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في فرنسا مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. وعبر المستثمرون عن قلقهم بشأن تأثير هذا الاضطراب على الأوضاع المالية العامة.
وازدادت الأمور سوءاً بعد تفاقم الوضع المالي للبلاد بشكل أكبر خلال فترة حكومة تصريف الأعمال. وتتمثل أولوية إدارة بارنييه في إعداد مشروع قانون موازنة عام 2025 خلال الأسابيع المقبلة، لمعالجة العجز المتفاقم.
ولكن من المرجح أن تفوت الحكومة الموعد النهائي لتقديم مشروع القانون إلى البرلمان في الأول من أكتوبر المقبل وتتزايد الضغوط مع فرض الاتحاد الأوروبي إجراءً خاصاً على فرنسا، يهدف إلى فرض انضباط مالي أكثر صرامة في الدول التي تعاني ديوناً وعجزاً مفرطين.
ويصل عجز ميزانية فرنسا، إلى 6% من الناتج الاقتصادي خلال العام الجاري، في ظل عدم وجود إجراءات جديدة للحد من الإنفاق أو زيادة الضرائب، حسبما ذكرت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية، يوم الجمعة الماضي، نقلاً عن توقعات جديدة من وزارة المالية.
وتنص قواعد الاتحاد الأوروبي على أن الحد الأقصى للعجز يجب ألا يتجاوز 3% من الناتج القومي.
أكدت وسائل إعلام فرنسية، أن الوضع الحالي جعل تعيين وزير المالية جزءاً أساسياً من "اللغز السياسي" الذي يواجه بارنييه وماكرون، إذ رفض عدد من السياسيين البارزين، منهم زعيم حزب "الجمهوريين" اليميني في الجمعية الوطنية لوران فوكييه، قبول هذا المنصب.
وفي نهاية المطاف، اختار رئيس الوزراء أنطوان أرماند، البالغ من العمر 33 عاماً، والذي يمتلك خبرة سياسية محدودة ويتولى منصبه إلى جانب وزير الميزانية لوران سان مارتن، البالغ من العمر 39 عاماً، والذي يرأس شركة "بيزنس فرانس" التي تعمل على تعزيز نمو الصادرات والاستثمار الأجنبي.
ويواجه الفريق المالي الجديد، تحدياً يتمثل في التعامل مع انقسام "شبه مستعصٍ" بشأن السياسة المالية، حتى داخل الأحزاب المكونة للحكومة الجديدة.
ويتعهد الوسطيون في صفوف ماكرون بالتمسك بمبدأ عدم زيادة الضرائب، معتبرين أن ذلك هو "حجر الزاوية" في السياسات المؤيدة للأعمال التي جذبت الاستثمارات إلى فرنسا في السنوات الأخيرة. لكن رئيس الوزراء بارنييه، أعرب عن سعيه لتحقيق مزيد من العدالة الضريبية.
بينما قال أرماند في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، إنه في ظل الوضع المالي الحالي، فإنه "لن يكون استبعاد بعض الضرائب الاستثنائية والمستهدفة أمراً مسؤولاً لكن هذا لا يجعلها عقيدة، ولا يحل مشكلتنا. يجب علينا تقليص الإنفاق العام وجعله أكثر كفاءة".
وقال نائب رئيس حزب "التجمع الوطني"، سيباستيان تشينو، في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنفو"، الأحد، إن قرار حزبه دعم مشروع قانون بحجب الثقة يتوقف على الميزانية ونهج بارنييه.
وأضاف: "لقد قلنا إننا لن ننتقد حكومة بارنييه على الفور ولكن بالنظر إلى ملامح هذه الحكومة، لم يحقق بارنييه أي إنجاز إيجابي".
ومن المقرر أن يتحدث بارنييه أمام البرلمان في 1 أكتوبر المقبل، وتكون هذه أول فرصة لأي حزب للدعوة إلى تصويت بحجب الثقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون الحكومة الجديدة
إقرأ أيضاً:
فرنسا تسعى لدور جديد.. لماذا يزور ماكرون لبنان؟
أشعلت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان جدلا متجددا حول طبيعة دور باريس، وفق ما أوردت شبكة سكاي نيوز.
تعني زيارة ماكرون إلى لبنان بعد انتخاب جوزيف عون رئيسا للبنان اهتماما دوليا واضحا بإعادة هيكلة السلطة اللبنانية.
ويسعى ماكرون " لتثبيت وجوده في المشهد السياسي من خلال دعم العملية السياسية، لكنه يواجه تحديات داخلية تتمثل في تعنت بعض الأطراف اللبنانية وصعوبة الوصول إلى توافق شامل".
لم تنجح فرنسا، رغم جهودها، خلال ولاية ماكرون السابقة في تحقيق تغيير جوهري في الوضع السياسي اللبناني، ورغم تعيين مبعوثين فرنسيين لمحاولة دفع عجلة الإصلاح، فإن ما تحقق كان محدودا ويخضع لتأثيرات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي أعادت تشكيل الأولويات السياسية.
لكن تلعب فرنسا دورا حاسما في ضمان استمرار الهدنة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
ومع ذلك، فإن هذا الدور لا يخلو من التوترات، فإسرائيل، ترى في الحضور الفرنسي قيدا على حريتها في التعامل مع لبنان، حيث تفضل الدور الأمربكي الأكثر توافقا مع مصالحها.
وكانت إسرائيل تسعى دائما لإبقاء لبنان في موقع ضعف سياسي وأمني، وتعتبر التدخل الفرنسي مصدر قلق خاصة إذا أدى إلى تقوية الدولة اللبنانية على حساب المصالح الإسرائيلية، وهنا تظهر فرنسا كقوة أوروبية تحاول الموازنة بين دعم لبنان وحماية المصالح الإقليمية الأوسع.