قال موقع “اندبندنت عربية” إن السوق الموازية الليبية تتغذى على حال من عدم اليقين في شأن ما ستؤول إليه أزمة المصرف المركزي، في وقت واصل الدولار الأميركي تغوله متجاوزاً ثمانية دنانير بفعل المضاربات، مما يخلف بدوره موجة تضخمية موجعة لأبناء الطبقة المتوسطة في البلاد.

أضاف في تقرير، أن التشاؤم يغلف قناعات طيف واسع من الاقتصاديين الليبيين، ممن رأوا أن الأزمة التي تخلقت قبل أسابيع بإقالة المجلس الرئاسي، محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وتعيين قائم بالأعمال، لا تبدو اليوم أمام حل قريب، باتفاق ممثلي مجلسي النواب و”الأعلى للدولة” حول لجنة موقتة لإدارة “المركزي” تمهد الطريق لتعيين محافظ جديد ومجلس إدارة للمؤسسة النقدية في البلاد.

وأشار الموقع إلى أنه إلى جانب المخاوف التي عبر عنها اقتصاديون في شأن إطالة أمد الاضطراب الحالي، وخلافاته المتجذرة عند طرفي الاتفاق، يخلص تقييم حديث لأحد المكاتب الاستشارية المتخصصة إلى أن الأسوأ لم يأت بعد، وأن تبعات الأزمة الراهنة لم تصل بعد إلى البلاد على نحو ملموس، إذ لا يزال لدى المصرف المركزي بإدارته الحالية القدرة على الوصول إلى نظام الدفع الداخلي وأموال الدينار الليبي، الأمر الذي يسمح بدفع الرواتب وغيرها من النفقات المحلية.
لكن الأخطر هو فقدان مؤسسة النقد الليبية، القدرة على الوصول إلى الاحتياطات الأجنبية التي تشكل أهمية بالغة لاستيراد المواد الغذائية الأساسية والأدوية التي يعتمد عليها غالب الليبيين.

وبحسب “اندبندنت عربية”، فإنه أمام مساعي الحل في البلاد، عبر مفاوضات بين ممثلي مجلسي النواب و”الأعلى للدولة”، تبدو التوقعات بعبور الأزمة متواضعة، في ظل خلاف متجذر لدى طرفي التفاوض حول الشخصية التي ستقود المؤسسة النقدية في البلاد، وفي ظل عناد كل من المجلسين “النواب” و”الرئاسي”، والخلافات حول قيادة المجلس الأعلى للدولة بين خالد المشري ومحمد تكالة.

وفي لقاء متلفز، حذر رئيس مجلس النواب من أن سعر الصرف سيتجاوز قريباً 10 دنانير مقابل الدولار الأميركي، مضيفاً أن الأزمة ستؤثر في مشاريع التنمية وأن الأمر سيستغرق وقتاً حتى تستعيد ليبيا ثقة المؤسسات المالية الدولية بعد حل الأزمة.

وعكس محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير نبرة عقيلة صالح المنزعجة حينما حذر هو الآخر من أن بلاده قد تواجه حالة اقتصادية مزرية من شأنها أن تجبرها على إبرام صفقة مقايضة النفط بالغذاء، كما حدث مع العراق في تسعينيات القرن الماضي.

وبحسب قول الصديق الكبير، فإن مصرف ليبيا المركزي لا يزال معزولاً عن النظام المالي العالمي، ولا يملك سوى الوصول إلى نظام المدفوعات الداخلي للبلاد، في حين لا يستطيع الوصول إلى أصوله الأجنبية، وهي الادعاءات التي رفضتها قيادة المصرف الحالية، مؤكدة التزامها بـ”الشفافية”.

وتضيف المذكرة البحثية لمكتب “ليبيا ديسك” الاستشاري وهو مركز بحثي متخصص في مراقبة الشأن الليبي، “بصورة عامة، فإن ما تواجهه ليبيا هو من ناحية قيادة سابقة لمصرف ليبيا المركزي تسعى إلى دق ناقوس الخطر من أجل خلق مزيد من الشعور بالإلحاح لاستعادة مكانتها، في حين تقلل القيادة الحالية من أهمية الوضع على أمل إبقاء الأسواق تحت السيطرة واكتساب الصدقية… من الأمثلة على ذلك قضية الدين العام، ففي حين قال الصديق الكبير مراراً وتكراراً، إن ديون ليبيا أصبحت حرجة، أكد مصرف ليبيا المركزي بقيادة عبدالفتاح عبدالغفار أن البلاد لديها موارد كافية لحل أزمة الدين العام، واتهم الكبير بإخفاء هذه المعلومات عن الجمهور كوسيلة للضغط على حكومة الوحدة الوطنية، وهناك حرب كلامية تدور حالياً بين المجموعتين اللتين تطالبان بالمصرف المركزي، وكلاهما يلوي الحقائق لتحقيق مصالحه الخاصة”.

لكن حتى الآن لم تتحمل ليبيا وطأة الأزمة الاقتصادية التي أطلقها قرار المجلس الرئاسي الشهر الماضي، فلا يزال مصرف ليبيا المركزي الحالي يتمتع بالقدرة على الوصول إلى نظام الدفع الداخلي، الأمر الذي يسمح له بدفع الرواتب وغيرها من النفقات المحلية، ومع ذلك، فإنه لا يتمتع عملياً بالقدرة على الوصول إلى احتياطاته من العملات الأجنبية التي تشكل أهمية بالغة لاستيراد المواد الغذائية الأساسية والأدوية التي يعتمد عليها غالب الليبيين، كما يشير المركز البحثي.

لكن المركز يعاود محذراً من أنه في الوقت الحالي، أصبح استيراد النفط ممكناً من خلال عدد من السبل، إذ لا يزال الوقود مستورداً بفضل مقايضة النفط الخام عبر الصادرات من شرق ليبيا، ويجري سداد ثمن المنتجات الأخرى من قبل المصرف الليبي الخارجي، الذي لم تتغير قيادته، بالتالي يسمح له بالوصول إلى النظام المالي العالمي، لكن مع ذلك، يخوض المصرف الليبي الخارجي سباقاً صعباً، إذ من المؤكد أن أمواله ستنضب فلا يمكنه حالياً تلقي أي عملة أجنبية من البنك المركزي الليبي، في ظل الحصار النفطي الذي يحد بشدة من قدرته على الوصول إلى العملات الأجنبية المكتسبة من بيع النفط الخام.

وبحسب “اندبندنت عربية”، يمثل هذا الأمر قنبلة موقوتة، فإذا لم تجد ليبيا طرقاً بديلة لتأمين وارداتها الأساسية، فمن المؤكد أن الأسعار سترتفع بصورة كبيرة، مما سيخلق أزمة اجتماعية واقتصادية، بحسب المركز، موضحاً أن هناك بصيص أمل طفيف في أن يتمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى حل، وهو ما يرتبط في المقام الأول بالتقارب المتزايد بين مصر وتركيا، إذ إن لدى كل من القاهرة وأنقرة مصلحة في رؤية ليبيا مستقرة، ويمكنهما معاً استخدام إطار تعاونهما الجديد للضغط على حلفائهما الليبيين لتحقيق تقدم.

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: مصرف لیبیا المرکزی اندبندنت عربیة على الوصول إلى الصدیق الکبیر فی البلاد لا یزال

إقرأ أيضاً:

مهنة “محرمة” في عهد الأسد تزدهر في سوريا الجديدة

#سواليف

لم يجد محمود حرجا في وضع كلمة ” #صراف ” على واجهة محل الدخان الذي يعتاش منه، إلى جانب رزم عديدة من النقود ومن مختلف #العملات.

وإمعانا في التسويق لمهنته الجديدة، “الكسيبة” كما يقول، لا يضير محمود أن يهتف بأعلى صوته بكلمة “صراف”، فيسمعها الناس في حي المزة المكتظ بالسكان، ويجد في المارة، وخصوصا المغتربين من زائري البلاد بعد سقوط النظام، من يشتري أو يبيع منه حسب حاجته.

لم تقتصر #مهنة_الصرافة على محمود، بل تعدته إلى رجال آخرين يمتهنون الكثير من الأعمال، بما فيها البيع على البسطات وفي محلات الخضرة. يمارسون المهنة بما يملكونه من رصيد مالي، حتى لو كان محدودا، فزبون واحد قد يغني عن بيع الدخان على مدى اليوم. وتقلبات الصرف تبقى رصيد هؤلاء في تراكم الربح.

مقالات ذات صلة “ما خفي أعظم” يكشف الليلة مشاهد نادرة للقسام في طوفان الأقصى 2025/01/24

يؤكد محمود أن هذه المهنة حديثة العهد في سوريا، وكانت تمارس سابقا على نطاق ضيق جدا، وضمن الحاشية القريبة من الحكومة أو الشخصيات النافذة في النظام، التي كانت ترفع سعر الصرف وتخفضه بناء على مقتضى مصلحتها. ومن كان يمسك متلبسا وهو يصرف الدولار أو اليورو في السوق السوداء، أو ينم عليه من أحد أفراد “حويصة النظام”، كان ينال عقابا شديدا يتراوح بين السجن لسنوات عديدة أو الخضوع لتسوية تجبره على دفع أرقام فلكية، لأن هذه التهمة كانت ترتبط تلقائيا بضرب اقتصاد البلاد وفق الرواية الرسمية في حينه.

في سباق مع الزمن

من جانبه، يؤكد غسان، وهو صراف آخر، لموقعنا أن الحكومة الحالية، وبسبب سياستها الاقتصادية المبنية على الاقتصاد الحر، وإدراكا منها لحاجة أغلب أبناء الشعب السوري إلى العمل، لا تدقق في مسألة الصرافة. فهي تعلم أن الكثيرين عادوا إلى البلاد ومعهم عملات أجنبية، والمصارف السورية لا تملك في الوقت الحالي من السيولة ما يكفي لتلبية احتياجاتهم، فتترك الأمر لمن يرغب في امتهان هذا العمل.

ولا يستبعد غسان أن تبادر الحكومة إلى ضبط عملية الصرافة لاحقا بأسلوب قانوني ناعم، دون أن تبطش بالصيارفة كما كان يفعل النظام السابق. ولهذا فإنه يبدو في عجلة من أمره، خاصة بغية توفير أكبر قدر من الأرباح قبل أن تسن قوانين جديدة تحد من عمله ونشاطه.

حسن، أحد العاملين في مصرف إسلامي سوري، أشار إلى أن الحكومة الحالية ترغب في جمع العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، من السوق. لذلك فإنها قامت بإعطاء مرابح للمواطنين في سعر صرف الدولار تفوق ما يدفعه الصيارفة في السوق السوداء.

ويضيف حسن بأن الأمر في البداية جذب عددا كبيرا من السوريين، وخاصة المغتربين منهم المتواجدين حاليا في البلاد، طمعا في ألا يصيبهم الغبن في عملية التصريف. لكن قلة السيولة في المصارف الحكومية أدت إلى تقنين عملية السحب، وصولا إلى عدم توفرها لأيام عديدة في الأسبوع الواحد. بعد ربط عملية السحب بالإيداع بالدولار أو بقية العملات الأجنبية، دفع ذلك الكثيرين للعودة مرة أخرى للتصريف في السوق السوداء المنتشرة بكثرة في سوريا. مشيرا إلى أن في الأمر خسارة نسبية بسبب السعر المنخفض عن المصارف، لكن الدفع فوري وغير قابل للتقسيط.

ويأمل حسن أن تساهم عملية عودة النشاط الاقتصادي في البلاد، وفق سياسة الانفتاح المدروسة، في توفر السيولة بالشكل المطلوب الذي يخدم المواطن والدولة على السواء.

مقالات مشابهة

  • عبد الكبير: تعيين “تيتيه” مبعوثة لليبيا أول مؤشرات المرحلة المقبلة للنظام الدولي
  • البنك المركزي يؤكد على “دعم” الشركات الأمريكية المستثمرة في العراق
  • البيوضي: نجاح “تيتيه” في ليبيا مرهون بالدعم الدولي
  • العبدلي: “تيتيه” ستكمل مسيرة “خوري” في ليبيا
  • تحرير مصفاة الجيلي ضربة موجعة لعصابات الشر وكلاب صيدها داخل وخارج البلاد
  • “المركزي الروسي” يخفض سعر صرف العملات الرئيسية مقابل الروبل
  • بايزيد :”الأنصار ساهموا في فوزنا الكبير أمام سوسطارة “
  • أبو خزام: “حنا تيتيه” تمثل حلا وسطا بصراع الأطراف الدولية على ليبيا
  • مهنة “محرمة” في عهد الأسد تزدهر في سوريا الجديدة
  • “المركزي الروسي” يخفض سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسية