هل يرغم التصعيد الإسرائيلي حزب الله على التراجع؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
مع تزايد حدة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، شهد الأسبوع الماضي تخريباً في اتصالات الحزب، أسفر عن مقتل 14 من عناصره و23 مدنياً، بالإضافة إلى إصابة 4000 شخص، كما تم اغتيال أحد قادة الحزب البارزين في معقله ببيروت.
هل تنجح إسرائيل في دفع حزب الله نحو الأهداف الإستراتيجية
وكتب مارك أوربان في صحيفة التايمز البريطانية، أن المتحاربين عادوا إلى خطاب الحرب الشاملة، لكن ليس للمرة الأولى منذ نحو عام من تبادل الصواريخ والقذائف، حيث يسعى كل طرف إلى تجنب وقوع ذلك فعلياً.
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تحدث الخميس، عن "تجاوز إسرائيل لجميع الخطوط الحمراء"، من خلال تحويل أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بالحزب، إلى عبوات ناسفة.
وفي الوقت نفسه، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، عن تحويل مركز العمليات من غزة إلى الشمال.
هل يوافق "حزب الله" على صفقة؟ولكن ما يعرفه الطرفان هو أنه في حين تتخبط حكومة بنيامين نتانياهو في حربها ضد حماس، وتعجز عن إيجاد وسيلة لإنهاء هذه الحرب واستعادة ما تبقى من الرهائن الإسرائيليين، فإن الهجمات المتصاعدة ضد حزب الله لها على الأقل هدف محدد بوضوح.
If audacity alone could nudge a sworn enemy towards Netanyahu’s strategic ends, he would be well on the way. The reality is much tougher https://t.co/znys0480UC
— The Times and The Sunday Times (@thetimes) September 22, 2024ومن خلال زيادة مستوى الألم، تحاول إسرائيل الوصول إلى نقطة يوافق فيها حزب الله على صفقة جانبية تحقق الهدوء، وتسمح لعشرات الآلاف من المدنيين النازحين على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم، وتخفيف الضغوط الاقتصادية.
وبتحريض من إيران، التي تريد مواصلة الضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة، يطلق حزب الله النار على شمال إسرائيل منذ وقوع هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وترد إسرائيل بالمثل.
وقال أبراهام شالوم، الذي كان رئيساً سابقاً لجهاز الأمن العام الإسرائيلي الشين بيت، إن الحروب السرية التي شنتها وكالات الاستخبارات في بلاده لعقود من الزمن كانت تتألف من "لا استراتيجية، بل تكتيكات فقط".
ومن وجهة نظره، فإن العمليات المذهلة التي تقوم بها هذه الوكالات، مثل تفجيرات أجهزة البيجر، من شأنها ببساطة شراء الوقت لإسرائيل، في حين تترك الأسئلة الأساسية حول السلام على المدى الطويل بلا إجابة.
الأهداف الاستراتيجيةزالسؤال حول العملية الاستخباراتية غير العادية التي جرت الأسبوع الماضي - والتي لا تزال غير معترف بها رسمياً - التي شنها الموساد والقوات الإسرائيلية، هو ما إذا كانت ستنجح في دفع حزب الله نحو الأهداف الإستراتيجية التي ترغب بها إسرائيل.
واعترف نصر الله بأن الأيام الماضية كانت "ثقيلة جداً علينا ودامية".
وعلى رغم أن حزب الله، الذي يستمد الدعم الطائفة الشيعية في لبنان، ينشط في السياسة والبرامج الاجتماعية، فإن قوته تستمد من ترسانته الهائلة من الصواريخ، فضلاً عن كتائبه المتمرسة في القتال والتي تضم قوات من ذوي الخبرة.
Israel, having superior firepower, is growing frustrated by Hezbollah’s avoidance of open battles. Hezbollah is employing the Fabian strategy, while Israel’s resources for a direct confrontation are steadily being depleted. https://t.co/g7mVxp7tMT
— Ghassan Dahhan (@GhassanDahhan) September 20, 2024ويمكن أن يؤدي الهجوم واسع النطاق إلى سقوط آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة، العديد منها مجهز بأنظمة توجيه دقيقة، على البنية التحتية الوطنية لإسرائيل، بدءاً من المطارات إلى مصافي النفط ومحطات الطاقة. وحتى الآن، كما أكد حزب الله في رسائله، اقتصر نشاطه بشكل رئيسي على الأهداف العسكرية.
واعتبر معظم المراقبين الهجوم الذي وقع في يوليو (تموز) على بلدة مجدل شمس الدرزية، والذي أسفر عن مقتل 12 شاباً في مرتفعات الجولان المحتلة، خطأً فادحاً، مما دفع الحزب لنفي مسؤوليته عنه.
وتتساءل الصحيفة: هل سيؤدي الهجوم الإسرائيلي الأسبوع الماضي على حزب الله إلى إطلاق العنان لترسانته الكاملة ضد إسرائيل؟ يعتقد المسؤولون الإسرائيليون، الذين تحدثت إليهم الصحيفة، أن حزب الله لن يقدم على هذا الخيار، لأنه تلقى هذه الأسلحة المتقدمة من طهران لغرض محدد: ردع أي هجوم إسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني.
ويرون أنه إذا استنفد حزب الله قوته، فستكون قوة الردع الإيرانية قد انتهت، مما يعرض البرنامج النووي الإيراني للهجوم. وبالتالي، فإن حزب الله يواجه معضلة محفوفة بالمخاطر بشأن ما يجب القيام به بعد ذلك. لقد تعرض للإذلال، ويتوقع الكثيرون منه رد فعل، لكن بينما ترغب إيران في استمرار الضغوط على شمال إسرائيل، تسعى أيضاً لحماية الترسانة التي قدمتها لحلفائها اللبنانيين.
وبذلك، تلخص حسابات إسرائيل في النقاط التالية: حزب الله، المحصور بين الراعي الإيراني الذي يمنع الحزب من استخدام أسلحته الأكثر تدميراً، وبين الجمهور اللبناني الذي يخشى من اندلاع حرب أكبر، قد يضطر إلى وقف قصف شمال إسرائيل.
فهل هناك فرصة لنجاح الضغوط الإسرائيلية؟ تقول الصحيفة: "لم يحدث ذلك حتى الآن".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حسن نصر الله أجهزة البيجر يوآف غالانت غزة نتانياهو حزب الله تفجيرات البيجر في لبنان إسرائيل غزة وإسرائيل حزب الله حسن نصرالله نتانياهو يوآف غالانت لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
لم يكن المسعف الفلسطيني رفعت رضوان يعلم، حين ارتدى بزته الطبية وحمل حقيبته الإسعافية فجرًا، أن هذه المهمة ستكون الأخيرة في حياته، برفقة زملائه، لإنقاذ عددٍ من المواطنين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي في حيّ تلّ السلطان، غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر يوم 23 مارس/آذار الماضي.
فعند الساعة 05:20 صباحًا، تحرك فريقٌ مشترك من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وإحدى الوكالات الأممية، استجابةً لنداءات استغاثة أطلقها جرحى فلسطينيون كانوا محاصرين.
انطلقوا بنية إنسانية خالصة، لا يحملون سوى الضمادات وقلوبٍ مخلصة، لكنهم -دون أن يعلموا- كانوا الهدفَ القادم لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن ما بدأ كمهمة إنقاذ انتهى بمجزرة دامية، فبعد وقت قصير من انطلاق الفريق انقطع الاتصال به، وبعد ساعات أعلنت قوات الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة.
المسعف رفعت رضوان كان يوثق تفاصيل المهمة بهاتفه النقال دون أن يدرك أنه سيوثق أيضًا الجريمة النكراء التي هزت العالم، تلك كانت اللحظات الأخيرة في حياة مجموعة من المسعفين الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد.
الهاتف الذي كان بحوزة رفعت رضوان عُثر عليه مع جثمانه، موثقًا المشاهد الأخيرة التي تكشف أبعاد المجزرة، وكان رفعت في سيارة الإسعاف الثالثة ضمن قافلة ضمت سيارة إطفاء انطلقت للبحث عن سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني فقدت الاتصال بقاعدتها، وضُعت علامات واضحة على جميع المركبات في القافلة، مع وميض أضواء الطوارئ.
إعلانوفي عملية البحث، رصد الطاقم السيارة المفقودة على جانب الطريق. قال أحد المسعفين في الفيديو الذي وثقه رفعت: "إنهم مبعثرون على الأرض! انظروا، انظروا!" نزل رفعت مع مسعفين آخرين من سيارتهم للاطمئنان على زملائهم الذين سقطوا، ولكن حين يتحول المنقذ إلى هدف، انطلق صوت الرصاص من رشاشات وبنادق جنود الاحتلال الذين نفذوا المجزرة بحق المسعفين.
أصيب رفعت، وفي لحظاته الأخيرة صلى ودعا الله مرارًا وتكرارًا ليغفر له وطلب المسامحة من والدته لاختياره طريق الإسعاف الذي وضعه في طريق الأذى. توقفت بعدها صلواته مع توقف نبض حياته، وبعد العثور على جثامين الضحايا، تبين أن قوات الاحتلال قتلت 8 من عمال الهلال الأحمر الفلسطيني في تلك الليلة، إضافة إلى 6 من العاملين في الدفاع المدني الفلسطيني كانوا في المهمة نفسها. وتم القبض على مسعف تاسع يُدعى أسعد النصاصرة.
هؤلاء المسعفون لم يكونوا مجرد أرقام، بل كانوا أشخاصًا لهم حياة وعائلات وأحلام، ولكل منهم صفات مميزة أحبها من حوله، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الجانب الإنساني لهؤلاء الشهداء من خلال شهادات معارفهم وزملائهم الذين عاشروهم وأحبوهم. المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي رافق الشهداء خلال سنوات خدمتهم، تحدث للجزيرة نت عن حياتهم وعملهم الإنساني ضمن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مشيرًا إلى 16 شهرًا من حرب الإبادة المستمرة على غزة.
رفعت رضوان: الحفيد الطيب الذي وثق الجريمة بهاتفهفرفعت، ابن الـ24، كان روحًا لطيفة. "لقد حرص على مساعدة أي امرأة مسنة يصادفها"، يقول أبو الكاس. "كان يسعى للحصول على دعواتهن الصادقة عندما يقدم لهن المساعدة، ثم يودعهن برقة تجعلك تعتقد أنها جدته".
بوجهه الجاد ونظارته، كان حضور أشرف، ذو الـ32 عامًا، مطمئنًا لزملائه، بدأ التطوع عام 2021 ومنذ ذلك الحين كان يحرص على تقديم وجبات الإفطار لزملائه في رمضان، سواء بإعدادها بمركز الهلال الأحمر أو بجلب الطعام من منزله.
عُرف عز الدين (51 عامًا) بهدوء النفس المطمئنة وروح الدعابة، وكان شعاره: "سنعود إن كُتب لنا، وإن لم نعد فهي أقدارنا".
إعلانويقول أبو كاس إن عزالدين كان أبا جميلا.. وأخا عزيزا.. هدوء النفس المطمئنة.. كان يمازح الجميع.. وكان شعاره.. سنعود إن كتب لنا.. وإن لم نعد فهي أقدارنا..
قبل أن ينتقل إلى مركز إسعاف رفح بعد أن كان يعمل في مركز إسعاف خانيونس.. يقوم خلال الليل بعمل ساعة راحة لكل طاقم.. ويطمئن أن جميعها قد تناول العشاء.. حتى كان يكتب أسماء العاملين خوفا من أن ينسى أحدهم.
كان محمد (36 عامًا) شغوفًا بمساعدة الناس، ويُعرف بقدرته على إيجاد الحلول للنازحين، رغم التحديات.
أب لطفل يبلغ 15 عامًا، مكث في المقر أيامًا متتالية، يتفانى في عمله، ابنه هو النور الذي يضيء له الطريق.
ويروي عنه أبو كاس إحدى القصص بالقول ذات يوم ماطر.. كانت هناك سيدة طاعنة في السن تريد قطع الطريق، ولا تستطيع.. حديث الشركاء قد دار بين محمد ومصطفى.. هل نحن شركاء بالطبع.. مهما كانت المهمة؟ بالتأكيد.. قم ننقذ تلك السيدة وننقلها للجانب الآخر من الطريق.. وبالفعل يضعون لها كرسيا ومن ثم يجلسونها.. ويحملونها إلى الجانب الآخر من الطريق.. وسط ابتسامات جميلة وهم يزفون العجوز وكأنها عروس.. وتقوم هي بالزغاريد والدعاء لهم..
قال أبو كاس أحب رائد الذي كان بلغ من العمر، 25 عاما ، وكان يحب التقاط الصور، سخيفة، جادة، غير رسمية، وكان رائد أعرب عن أمله في أن يرى العالم صوره يوما ما وأن يتمكن من نقل معاناة شعبه من خلال عمله.
بدأ التطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2018، عندما كان عمره 18 عاما، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.
قتلت إسرائيل 214 متظاهرا، بينهم 46 طفلا، خلال هذه المظاهرات، وأصابت 36 ألفا و100، بينهم نحو 8,800 طفل.
إعلانرائد هو الأصغر من بين 5 أشقاء، ولم يتزوج بعد، على الرغم من أن عائلته كانت تأمل في أن يتزوج بعد الحرب. لكن هذا لم يحدث، ويروي والد رائد انتظارا مروعا لمدة 9 أيام لمعرفة ما حدث لطفله الأصغر، ويكافح من أجل كبح اليقين بأنه قد أعدم مع زملائه.
رغم إصابته في مهمة سابقة، أصر صالح (42 عامًا) على العودة للعمل لإنقاذ الأرواح.
وقال شقيقه حسين للجزيرة إن صالح أحب عمله أيضا، وعاد بمجرد تعافيه من الجراحة في عام 2024.
وأوضح حسين أنه في شباط/فبراير الماضي، كان صالح في مهمة لمساعدة الجرحى عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار على المسعفين، على الرغم من إبلاغه بأنهم سيكونون هناك.
أصيب صالح بجروح بالغة في الكتف والصدر، وانتهى به الأمر إلى قضاء بعض الوقت في المستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد ذلك عاد مباشرة إلى العمل.
أبو الكاس تحدث عن شجاعته: "لقد كان مكرسا للمساعدة، وكان يقول إنه أينما كان الناس يصرخون طلبا للمساعدة، فهذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، للرد عليهم".
قال أبو الكاس إن أسعد البالغ من العمر 47 عاما كان أبا لـ6 أولاد كما أنه أبدى دائما صبرا لا نهاية له للتفاوض مع الأطفال. كلما رأى أطفالا يلعبون في الشارع، كان يذهب إلى القيادة والتعامل معهم، ويقدم لهم الحلوى للخروج من الطريق والذهاب للعب في مكان آمن، سرعان ما اكتشفه الأطفال، وسيلعبون في الشارع مرة أخرى في المرة القادمة، يضحكون ويقولون: "لقد خدعناك!"، لكن أسعد لم يمانع قط، واستمر ببساطة في تسليم الحلويات.
لم تكن جثته من بين أولئك الذين تم العثور عليهم عندما ذهبت بعثة دولية للبحث عن عمال الطوارئ المفقودين، تم القبض عليه وتقييده وأخذه بعيدا، وفقا للشاهد الوحيد الناجي، منذر عابد.
تحدث الأب البالغ من العمر 47 عاما إلى عائلته آخر مرة في المساء الذي اختفى فيه، وأخبرهم أنه في طريقه إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتناول الإفطار مع زملائه، وفقا لابنه محمد.
إعلانعندما حاولوا الاتصال به في وقت قريب من السحور، لم يستجب واكتشفوا من المقر الرئيسي أنه لا أحد يستطيع الوصول إليه أو إلى عمال الطوارئ الآخرين.
وقال ابنه إنه كان دائما يحذر عائلته من أنه كلما توجه في مهمة قد لا يعود، لكن مع استمرار أسعد في أعمال الإنقاذ لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حاولوا دائما تجنب التفكير في ذلك.
هذا التقرير، الذي أعده فريق الجزيرة نت، سلط الضوء على الجانب الإنساني لبعض الشهداء الأبطال من فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم في سبيل مساعدة أهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والقتل الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 شهرًا، من خلال كلمات المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي عاشر هؤلاء الأبطال وعايش تفاصيل حياتهم.