التصعيد في لبنان.. هل اقتربت الحرب الإقليمية؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، أقر مسؤولون استخباريون إسرائيليون بأنهم أغفلوا الجماعة المتمركزة في غزة، حيث ركزوا جهودهم خلال السنوات الماضية بشكل أساسي على حزب الله، الخصم الأقوى.
ليس من المؤكد أن نتانياهو قادر على استعادة الهدوء
وحسب مجلة "إيكونوميست"، أثبتت الأحداث الأخيرة أن مستوى اختراق إسرائيل لحزب الله واسع النطاق بالفعل.
ففي السابع عشر من سبتمبر (أيلول) انفجرت آلاف أجهزة النداء التي يستخدمها أعضاء الميليشيا في وقت واحد، مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف وإحداث فوضى في شبكات الاتصالات التابعة للحزب.
وفي اليوم التالي، تم تفجير مئات من أجهزة الاتصال اللاسلكية بنفس التأثير.
وكانت الهجمات إشارة إلى تحول، حيث أخذت إسرائيل زمام المبادرة في تصعيد الحرب.
واستمر التصعيدبعد يومين ذهبت إسرائيل إلى أبعد من ذلك، إذ قصفت ودمرت مبنى سكنياً في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي لحزب الله.
وأسفرت الضربة عن مقتل إبراهيم عقيل، أحد الأعضاء المؤسسين للحزب وقائد عملياته، إلى جانب قادة من قوة الرضوان النخبوية، وتقول وزارة الصحة اللبنانية إن 45 شخصاً على الأقل قتلوا.
【レバノン/イスラエル】Israel and Hizbullah creep closer to all-out war: But Israel does not yet have the forces in place to invade https://t.co/IVVWTLXsJG
— 齋藤純 Jun Saito (@jurian777) September 23, 2024واغتالت إسرائيل قادة كباراً آخرين من حزب الله في بيروت، ففي 30 يوليو (تموز) قتلت فؤاد شكر، القائد العسكري الفعلي لحزب الله، لكن ذلك كان رداً على ضربة صاروخية شنها حزب الله أدت إلى مقتل 12 طفلاً في قرية درزية ضمن مرتفعات الجولان، وكان اغتيال عقيل خطوة محسوبة من جانب إسرائيل لتغيير ديناميات الصراع والبدء بفرض أثمان أعلى على حزب الله.
ومنذ هجوم جهاز النداء، بدأت إسرائيل أيضاً شن غارات جوية ليلية، حيث ضربت مواقع أعمق داخل لبنان بالمقارنة مع ما فعلته خلال السنة الماضية. ويقول ضباط إسرائيليون إنهم دمروا أكثر من 300 موقع لإطلاق الصواريخ لدى حزب الله فضلاً عن بعض الصواريخ البعيدة المدى التي لم تنشرها الميليشيا.
ووصف أحد الضباط هذه المرحلة بأنها "مرحلة نفي القدرة" و"نقرة أخرى على زر التصعيد".
ولا يزال حزب الله في حال من الفوضى عقب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استغرق وقته في الردعليها، ولكن في وقت مبكر من صباح الثاني والعشرين من سبتمبر أطلق حزب الله 115 صاروخاً باتجاه شمال إسرائيل، فوصلت مسافة أعمق مما بلغته صواريخه السابقة.
واعترضت أنظمة الدفاع الإسرائيلية أغلب هذه الصواريخ، ولم يصب سوى عدد قليل من المدنيين بجروح نتيجة للصواريخ التي نجحت في اختراق الأنظمة.
الخطط جاهزةورغم من التصعيد، لا ترى المجلة أن هذه الحرب أصبحت شاملة بعد، إذ لم يطلق أي من الطرفين أي شيء يقترب من قوته النارية الكاملة.
ومن جانب حزب الله، يعني هذا إطلاق وابل من الصواريخ أكبر بكثير، من ضمنها الصواريخ البعيدة المدى باتجاه مواقع مدنية وعسكرية رئيسية في وسط إسرائيل، وشن غارات برية متعددة داخل الأراضي الإسرائيلية.
"Whatever Netanyahu says, neither his goals nor his strategy are clear. And yet it is increasingly apparent that in its war with Hizbullah, Israel is not prepared to wait until they are." https://t.co/ug4h3Gl52b
— Gregg Carlstrom (@glcarlstrom) September 22, 2024وبالنسبة إلى إسرائيل، يشير ذلك إلى حملة قصف أوسع تستهدف شبكة صواريخ حزب الله، بما في ذلك مواقع الإطلاق داخل المناطق المدنية. وفي خطوة أخيرة، قد تلجأ إلى تدمير البنية التحتية المدنية في محاولة لدفع السكان اللبنانيين إلى معارضة الجماعة، على الرغم من أن العديد منهم مستاؤون بالفعل من صراعها مع إسرائيل. وتفيد مصادر عسكرية بأن إسرائيل تخطط أيضاً لشن هجوم بري للسيطرة على منطقة عازلة تمتد بضعة أميال شمال الحدود.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن نشر فرقة ثانية كانت في غزة حتى قبل شهر تقريباً إلى الشمال استعداداً لهذا. لكن في زيارة المجلة للحدود خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم يكن مثل هذا الغزو وشيكاً. كانت وحدات قتالية تتدرب خلال يوم السبت في قواعد شمالية ولكنها لم تبدأ بحشد قواتها في مناطق التجمع على الحدود.
وقال أحد ضباط الاحتياط المشاركين في الاستعدادات: "إن الخطط الخاصة بالغزو البري جاهزة. لكننا ما زلنا بعيدين عن امتلاك القوات الكافية هنا لتنفيذها".
انقسامات إسرائيليةويخفي توقيت الخطوات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل انقسامات داخل المستويات العسكرية والسياسية العليا، إذ يحث البعض على تصعيد أسرع بكثير، بحجة أنه لا بد لإسرائيل أن تستغل الفوضى داخل صفوف حزب الله لتدمير نسبة أكبر بكثير من قدراته والاستيلاء على الأراضي، فيما يفضل الجنرالات توخي الحذر، بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت، وهم يرون أن الاستراتيجية الحالية هي الأكثر تدرجاً والتي يأملون أن تمنح حزب الله مساحة لإعادة النظر في موقفه والتراجع.
ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم سالمين. ويصر نتانياهو على أن "أهدافنا واضحة، وأفعالنا تتحدث عن نفسها".
في الواقع إن الأولوية بالنسبة إليه أن يثبت لجمهور إسرائيلي متزايد الانتقاد أنه قادر على تحقيق أهدافه على جبهة واحدة على الأقل.
ففي غزة، دمرت القوات الإسرائيلية جزءاً كبيراً من الشريط الساحلي ومعه البنية العسكرية لحماس، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، لكنها فشلت في إنقاذ الرهائن الـ101 الذين ما زالوا محتجزين هناك أو في إجبار حماس على قبول وقف إطلاق النار بشروط إسرائيل، ويريد نتانياهو تحويل التركيز إلى الشمال وفصل الجبهتين.
إسرائيل لن تنتظر جاهزيتهافي 19 سبتمبر، خرج الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وهو مهتز بشكل واضح، ليخاطب جمهوره مباشرة. وأصر كما فعل منذ 7 أكتوبر على "أننا لن نوقف هجماتنا طالما لم يوقف العدو حربه في غزة".
وعلى النقيض من غزة، إن الإطار لوقف إطلاق النار في لبنان موجود بالفعل في قرار الأمم المتحدة رقم 1701.
وينص القرار على انسحاب قوات حزب الله إلى نهر الليطاني، على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود. لكن نصر الله يرفض القيام بذلك حتى تنسحب إسرائيل من غزة.
وختمت المجلة "في الوقت الحالي، ليس من المؤكد أن نتانياهو قادر على استعادة الهدوء أو تمكين المواطنين الإسرائيليين من العودة إلى ديارهم في الشمال، ومهما قال فإن أهدافه واستراتيجيته ليست واضحة، ومع ذلك يبدو أن إسرائيل ليست مستعدة للانتظار".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل حزب الله إبراهيم عقيل قوة الرضوان فؤاد شكر تفجيرات البيجر في لبنان إبراهيم عقيل فؤاد شكر حزب الله قوة الرضوان إسرائيل لحزب الله حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
بري: الاحتلال أقام شريطا حدوديا يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل لبنان
أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، أن الاحتلال الإسرائيلي أقام شريطا حدوديا يمتد لكيلو متر أو اثنين داخل الأراضي اللبنانية، ولم يقتصر على التلال الخمس الحدودية.
وشدد بري في تصريحات لجريدة "الديار" اللبنانية، على أن "لبنان لن يسمح لإسرائيل بفرض وقائع جديدة على الأرض"، مطالبا المجتمع الدولي بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية.
وأوضح أن لبنان "لن يقبل أي محاولات لمقايضة المساعدات بشروط سياسية أو عسكرية، سواء متعلقة بسلاح المقاومة شمال نهر الليطاني أو غيره من الملفات الداخلية".
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أنهى اتفاق لوقف إطلاق النار قصفا متبادلا بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" بدأ في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وتحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلا أن تل أبيب ارتكبت عدة خروقات له.
ورغم نص الاتفاق على انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان إلا أنها منذ 18 فبراير/ شباط الماضي، أعلنت انسحابا جزئيا ببقاء قواتها في 5 نقاط رئيسية داخل الحدود، كما أنها واصلت خروقاتها لوقف إطلاق النار بالغارات المتكررة والتحليق المستمر لطيرانها في الأجواء اللبنانية.
وخلّف العدوان الإسرائيلي على لبنان 4 آلاف و114 شهيدا و16 ألفا و903 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
وعلى الصعيد الإقليمي، شدد بري على أن إسرائيل لا تكتفي بمحاولة فرض أمر واقع في لبنان، بل تسعى للتدخل بشؤون دول الجوار خاصة سوريا عبر "العبث بتركيبتها الديموغرافية وادعاء حماية بعض المكونات مثل الدروز"، على حد تعبيره.
وأشاد بري بالموقف الثابت للزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في مواجهة هذه المخططات في كل من سوريا ولبنان.
والأحد، دعا جنبلاط الدروز في سوريا إلى الحذر من "مكائد" إسرائيل معلنا أنه سيزور العاصمة دمشق قريبا.
المساعدات السعودية
أما بشأن زيارة الرئيس جوزاف عون إلى الرياض، فأعرب بري عن تفاؤله بإمكانية تحريك المساعدات السعودية للاقتصاد اللبناني، خصوصًا في ظل الحديث عن مشاريع استثمارية محتملة في بلاده.
وأشار في حديثه الثلاثاء إلى أن "المملكة كانت دائما داعمة للبنان"، معربًا عن أمله أن تنجح الحكومة في بناء علاقات مباشرة مع الرياض، بما ينعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي اللبناني.
وفي وقت سابق الثلاثاء، اختتم رئيس لبنان زيارته الرسمية الأولى إلى السعودية منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، والتي استمرت يوما واحدا.
وتوجه عون إلى العاصمة المصرية القاهرة قادما من الرياض، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، للمشاركة في القمة العربية الطارئة بشأن قطاع غزة.
وتبحث القمة "الوصول لقرار وموقف عربي موحد يرفض التهجير، ويؤكد على الإجماع العربي لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودولية لوقف محاولات إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، وخطط إعادة إعمار غزة دون إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، كما ستدعم استكمال اتفاق وقف النار ومنع أي خروقات"، وفق هيئة الاستعلامات المصرية (رسمية)، الاثنين.
ومنذ 25 يناير الماضي، يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وفي المقابل، بلورت مصر خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، خشية تصفية القضية الفلسطينية، وتعتزم عرضها على القمة، الثلاثاء.
إعادة إعمار لبنان
وفيما يتعلق بملف إعادة الإعمار والمساعدات الدولية للبنان، أكد بري أن بلاده "لن تقبل أي محاولات لمقايضة المساعدات بشروط سياسية أو عسكرية، سواء متعلقة بسلاح المقاومة في شمال الليطاني أو غيره من الملفات الداخلية".
وأوضح أن إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي "يجب أن تكون أولوية وطنية"، وأن لبنان يسعى للحصول على الدعم الدولي دون التفريط بحقوقه السيادية أو تقديم تنازلات تمس بمبادئه الوطنية.