موقع 24:
2024-09-23@07:23:01 GMT

حرب الجنرال الغائب

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

حرب الجنرال الغائب

تعايشتِ المنطقةُ مع الحربِ التي اندلعت بعد شرارةِ «طوفان الأقصى» والتي تقتربُ من إطفاء شمعتها الأولى.

وبدا أنَّ إسرائيلَ تعايشت مع «حرب الإسناد» التي أطلقها «حزبُ الله» تحتَ سقفٍ معين. وسادَ الانطباعُ أنَّ الولاياتِ المتحدة نجحت في منعِ انزلاق المنطقةِ نحو حربٍ إقليمية تردَّد أَنْ لا إيران تريدها ولا إسرائيلُ ولا «حزب الله».

ولم يحصلِ الانهيارُ الكبير على رغم ضربتين مدويتين تمثلتا في اغتيالِ جنرال «حزب الله» فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية وزعيمِ «حماس» إسماعيل هنية في طهران نفسها. ورأى كثيرون أنَّ الخوفَ المتبادلَ يشكّل ضمانةً لعدم الانزلاقِ نحو الحريق الكبير.
خلال حفنةِ أيام من الأسبوع الماضي نجحت إسرائيلُ في إيقاظ المخاوف من حرب إقليمية. كانَ تفجيرُ أجهزةِ اتصالات «حزب الله» ضربةً غيرَ مسبوقةٍ أدخلتِ الحربَ إلى مؤسساتٍ ومنازلَ وتسبَّبت في سقوطِ قتلى واقتلاعِ عيونٍ وبترِ أصابعَ. بدتِ الضربةُ أشبهَ بدعوةٍ محرجةٍ موجَّهةٍ إلى «حزب الله» للانخراط في ردّ يبرر لإسرائيلَ نقلَ مشاهدِ غزةَ إلى شوارع بيروت.
لم تكتفِ إسرائيلُ بما فعلتْ ووجَّهت ضربةً قاصمة إلى «قوةِ الرضوان» (قوات النُّخبةِ في الحزب) خلالَ اجتماعٍ لها في ضاحية بيروتَ الجنوبية. وتسبَّب الهجومُ في خسائرَ كبيرة في صفوف المدنيين. وكانَ لافتاً أنَّ إسرائيلَ اتَّهمت المجتمعين الذين هاجمتهم بالتخطيط لاجتياحِ الجليل، أي تكرار تجربةِ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عبر الحدود اللبنانية.
خلال أيام، أعادت إسرائيلُ التذكيرَ بتفوُّقِها التكنولوجي واختراقاتِها الاستخبارية العميقةِ وقدرةِ جيشها على التَّحركِ السريع لاغتيالِ قيادة «الرضوان» مجتمعة. وظهرَ جلياً أنَّ إسرائيلَ لم تترك لـ«حزب الله» غيرَ خيارِ الرد على ما تعرَّض له، ذلك أنَّ المسألةَ تتعلَّق بأمنِه وأمنِ بيئته وصورتِه وهو العمودُ الفقري في «محور المقاومة». وعلى رغمِ الرَّدِ المدروس يمكن القولُ إنَّ الأيامَ الماضية شكَّلت منعطفاً تصعيدياً في مسار الحرب وتوسيع مسرحها.
في الشهور الماضية بدا واضحاً أنَّ بنيامين نتانياهو يقاوم رغبةَ الجيش الإسرائيلي في إبرام اتفاقٍ لتبادل الأسرى مع «حماس». كانَ يريد إطالةَ الحرب بانتظار دخولِ أمريكا مرحلةَ الغيبوبة الانتخابية التي تمنع المتنافسين من اتخاذ أي موقف حازم من إسرائيلَ وسلوكها. لم يردْ تقديمَ هديةٍ لبايدن وهاريس، خصوصاً أنَّ صديقَه ترمب أعلنَ صراحة أنَّه سيحمّل اليهودَ أيَّ فشل انتخابي له، معتبراً أنَّ فوزَه سيمنع إبادةَ اليهود في إسرائيل نفسها.
في الشهور الماضية لم يتردَّدْ نتانياهو في تقريع جنرالاتِ الجيش والتلويح بإقالتهم. اتَّهمهم بالافتقار إلى روحية الاشتباك السابقة وكأنَّه يلقي عليهم سلفاً مسؤولية أي فشل في تحقيق أهدافِ الحرب. أقدمَ على خطوةٍ بارعة حين أضاف حديثاً موضوعَ إعادةِ سكان الشمال إلى أهداف الحرب. ينقسم السياسيون الإسرائيليون حول الهدنةِ في غزة، لكنَّ هدفَ إعادة سكان الشمال يحظى بإجماع. خصوم نتانياهو أنفسُهم يعتقدون أنَّ تحقيق هذا الهدف يستحق رفعَ درجة المواجهة مع «حزب الله» ولو حملت خطرَ اندلاع حرب قاسية. هكذا رمَى نتانياهو الكرة في ملعب المؤسسةِ العسكرية وكأنَّه يكلفها بتقويض قدرات «حزب الله» على غرار ما كلفت به في حربها على «حماس». وليس سراً أنَّ المهمة الجديدة أصعبُ وأخطر.
محاولة تقويضِ قدرات «حزب الله» بالاغتيالات والغارات لن تكونَ أقل من حربٍ على حدّ قولِ من يعرفون الملف من قرب. يجزم هؤلاء أنَّ الحربَ في لبنان تختلف عنها في غزة. «حماس» حليفٌ مهمٌّ لإيران لكنَّها ليست شريانَ الحياة لـ«محور المقاومة» في المنطقة على غرار ما هو «حزب الله». يعتقدون أنَّ إيرانَ تستطيع ممارسةَ الصَّبر حيال محاولة الانقضاض على «حماس»، لكنَّها لا تستطيع رؤيةَ إسرائيلَ تقصمُ ظهرَ آلة «حزب الله»، وهو أنجحُ تجربةٍ لطهران في المنطقة.
تحاول إيرانُ منذ عامٍ تفادي الانزلاق إلى حرب شاملة. تعدّها فخاً إسرائيلياً للتسبُّب في مواجهة إيرانية - أمريكية. لكن قدرة إيران على عدم الانزلاق تتراجع إذا طُرح مصيرُ «حزب الله» على المحك. ثم إنَّ إيرانَ هي مهندسةُ المحورِ الذي وُلدَ بعد انهيار النظامِ العراقي وهو أبرزُ أوراقِ قوتِها في الضغط والتفاوض والتصعيد.
يروي المطلعون أنَّ عمليةَ السابع من أكتوبر ما كانت لتُطرحَ لولا ما فعله الجنرال قاسم سليماني القائد السابق لـ«فيلق القدس». يقولون إنَّ سليماني هو من تعهد تطويرَ قدرات «حماس» عبر اتفاق على التمويل وتهريب السلاح وتصنيع أسلحة في الأنفاق. كانَ سليماني مهتماً بـ«حماس» لأنَّها الضلع الفلسطيني في المحور و«لأنَّها تستطيع قتال إسرائيل من داخل البيت، أي من غزة والضفة معاً».
وفي عهد سليماني أيضاً تنامت ترسانةُ «حزب الله» ودخلتها الصواريخُ الدقيقة عبر حرب 2006 التي رافقها سليماني من مسرحها. كانَ سليماني أيضاً مهندسَ استقدام الميليشيات لإنقاذِ النظام السوري وساهمَ في توفير ضمانات التعاون مع التدخل الروسي. بصمات سليماني كانت شديدةَ الوضوح في رسم ملامح عراق ما بعد صدام حسين خصوصاً لجهة بناء «الحشد الشعبي» وتمكينه من بناء ترسانة والإمساك عملياً بقرار الحرب والسلم على غرار «حزب الله». وسليماني كان مهندس استقطاب الحوثيين وتدريبهم وتمكينهم من الاستيلاء على السلطة.
أعادت أيامُ الأسبوع الماضي التذكيرَ بسليماني الذي اغتالته القواتُ الأمريكية في بغداد. رشقاتٌ صاروخيةٌ من «حزب الله» ومسيّرةٌ عراقيةٌ وصاروخٌ حوثي فضلاً عن صواريخ «حماس» و«الجهاد». سيكون الجنرالُ الغائبُ حاضراً في الحربِ الواسعة إذا هبَّتِ العواصفُ من خرائطَ عدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل حزب الله

إقرأ أيضاً:

"حماس": اغتيال إبراهيم عقيل "جريمة" ستدفع إسرائيل ثمنها

نعت حركة "حماس" في بيان، اليوم السبت، القيادي في "حزب الله" اللبناني إبراهيم عقيل، والذي قتل في غارة إسرائيلية بضاحية بيروت الجنوبية.

وقالت "حماس" إن عقيل قتل في عملية اغتيال وصفتها بـ"الجبانة"، نفذتها طائرات إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية.

واعتبرت "حماس" اغتيال عقيل بـ"الجريمة" و"الحماقة" التي ستدفع إسرائيل ثمنها.

وأكد "حزب الله" في بيان، فجر السبت، مقتل عقيل، القائم بأعمال رئيس وحدة الرضوان التابعة للجماعة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن غارة جوية أسفرت عن مقتل مسؤول عسكري بارز في حزب الله في حي مكتظ بالسكان في جنوب بيروت يوم الجمعة.

وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بأن الضربة على منطقة الضاحية الجنوبية استهدفت وقتلت عقيل، قائد قوة الرضوان وهي من قوات النخبة التابعة لحزب الله، بالإضافة إلى 10 من عناصر الحزب.

وأشار هاغاري في مؤتمر صحفي عقب الضربة إلى أن "الهجوم في لبنان هو لحماية إسرائيل"، ووصف عقيل بأنه أحد مسلحي حزب الله المسؤولين عن إطلاق الصواريخ المنتظم على إسرائيل.

ولم يوضح الجيش الإسرائيلي هويات القادة الآخرين الذين زعم أنهم قتلوا في الضربة.

جدير بالذكر أن عقيل خدم في أعلى هيئة عسكرية لحزب الله، وهو مجلس الجهاد، وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات لتورطه في هجومين إرهابيين عام 1983 أسفرا عن مقتل أكثر من 300 شخص في السفارة الأميركية في بيروت وثكنات مشاة البحرية الأميركية.

مقالات مشابهة

  • لماذا نجحت إسرائيل مع حزب الله.. وفشلت مع السنوار؟!
  • تقارير: إسرائيل تحقق في احتمال مقتل السنوار
  • طبول حرب بين إسرائيل وحزب الله...أين إيران؟
  • إسحاق بريك: إسرائيل مقيدة في حزب استنزاف مع حماس وحزب الله
  • حزب الله يبث مشاهد نادرة لـإبراهيم عقيل.. ظهر مع سليماني (فيديو)
  • "حماس": اغتيال إبراهيم عقيل "جريمة" ستدفع إسرائيل ثمنها
  • من غزة إلى لبنان.. أبرز المسؤولين الذين اغتالتهم إسرائيل
  • هل أصبحت الحرب الأوسع بين إسرائيل ولبنان أمرا لا مفر منه؟
  • خطة إسرائيل ورد حزب الله المحتمل.. هل تشتعل حرب على غرار ما حصل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي؟