حسين خوجلي: من يوميات دفتر النكبة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
حسين خوجلي يكتب:
من يوميات دفتر النكبة
“الحمدلله يا ولدي الما اغتصبوها”
سعدت جداً مثلما حزنت جداً باتصال هاتفي من إحدى قرى الجزيرة بأحد المحررين بصحيفة ألوان عبر خدمة الاستار لينك. والشاب هناك محاصر بالقهر والاذلال والفاقة وحراسة الأهل وترقب الهجمات المباغتة من رعايا غربي أفريقيا الوسطى وتشاد والنيجر ومالي وليبيا والمرتزقة الجنوبيين مع الكثير من الاثيوبيين واللصوص وبعض المجرمين الذين لا أصل لهم ولا معتقد ولا مرجعية مما يتسمون (بالبروس) وبعض الساقطين من بني جلدتنا.
وأثناء مهاتفة الصحفي معي كانت تنزلق من بين سرديته مجموعة من الحكايات المفجعة تتنزل منه بلا دهشة، فقد تكسرت النصالُ على النصالِ وأصبح القتل والاغتصاب والسلب في الجزيرة عابراً وسهلاً مثل القاء التحية.
ومن قلب بكائيته وأقاصيصه الدامية حين توسط سردها وبالرغم من أن الترداد يعلم الاعتياد إلا أنني سمعت عبر البعد الأثيري نشيجه وبكاءه المكتوم فواسيته بأبيات العباس ابن الأحنف الشهيرات:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَذِّبُ قَلبَهُ
أَقصِر فَإِنَّ شِفاءَكَ الإِقصارُ
نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ عَينِكَ فَاِستَعِر
عَيناً لِغَيرِكَ دَمعُها مِدرارُ
مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها
أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ
اخترت هذه الحكاية وهي في شكلها ومضمونها تعبر عن حالة اللادولة واللاشرعية واللاخلاق واللاحياء تلك الجرثومة الذي ضربت بوادي بلادنا وحواضرها بلا هوادة وبلا شفاء.
قال لي: إن أحد أقاربه يمتلك سيارة نصف نقل دخلها يشكل صمام الأمان لاسرته الصغيرة والكبيرة، حيث يقوم بترحيل الناس واغراضهم بين القرى المتجاورة. وبما أن صاحب السيارة الشاب كان عريسا فقد ذهب لاحضار عروسته من قرية مجاورة بعد أن قضت أيام مع والدتها واخوتها.
كان العريس جديداً وكذاك العروسة كما يقول اهلنا بالريف (فوقها الملايكة) وفي طريق العودة برز سبعة أفراد من هولاء الأوغاد واشهروا اسلحتهم في طريق السيارة، فاضطر السائق العريس بالترجل ليسأل عن سبب الاعتراض وقطع الطريق وكان سؤلاً لا معنى له فإن الحال يغني عن السؤال، وجهوا له عدة ضربات موجعة باعقاب البنادق وطرحوه أرضا وأخذوا الذي في جيبه من أموال، وأنزلوا عروسته وجردوها من الحلي وثوبها وهدايا الوالدة وأخذت حقها من البذاءة والصفعات.
طلب منهم الشاب المسكين المحاصر الجريح في الحاح أن يتركوا ثوبها سترةً وحماية من شمس الظهيرة المحرقة ووعثاء الطريق ، فبعد أخذ ورد وموال طويل من الرطانة تصدقوا عليها بثوبها وانطلقوا بالسيارة وتركوا الزوجين في الخلاء وهم يتحسسون رؤوسهم، فقد كانوا لا يصدقون أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وقد قطعوا بأرجلهم أكثر من ٢٠ كيلو متر في رحلة قاسية صامتة، حتى دخلوا قريتهم مساءً فاجتمعت حولهم القرية وهي لا تصدق أن ابناءها عادوا سالمين.
جففوا في لطفٍ قروي معهود جراح الشاب ودموع العروسة وكان الفصل الأكثر ايلاماً هي عبارة المواساة التي اتفق عليها الجميع (الجاتك في مالك سامحتك، والحمدلله يا ولدي انه الما اغتصبوها)
باتت القرية تلك الليلة قيد الاذلال والمهانة وهي سعيدة في حزنٍ وانكسار بأن المصيبة هذه المرة كانت نسبية، وعرض ابنتهم قد سلم من هؤلاء المجرمين الذين يتكاثرون ليل نهار، باعتبار أن السودان قد أصبح أكثر بلاد الأرض التي تمنحك أموالا طائلة دون عرق أو رهق عبر بندقيةٍ زائفة أو قاتله.
اللهم نسألك نصراً من عندك أو شهادة أو موتاً عاجلاً. فهذه لعمري أرضٌ دون انتصار ساحق لن تصلح للاستعمال ولن تصلح للحياة.
واخيراً جدا صار نشيد الموجوعين والمفجوعين والمقهورين الأكثر تداولاً:
اتّبعنا الملايش ودرنو قَدُرنا
وبقينا نعايش البسوانا والمو قدرنا
وكتين بالدراهم نشتريهو كدرنا
مافيش فايدة نشحن بالغبينة صدرناإنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
ريال مدريد يحسم أمر صفقته الجديدة
إسبانيا – عقد نادي ريال مدريد الإسباني اتفاقا نهائيا مع ليغانيس لانتقال اللاعب الشاب لاميني فاتي إلى الفريق الملكي الإسباني.
وكشفت صحيفة “ماركا” الإسبانية أن المدافع الشاب اجتاز الفحص الطبي مساء الخميس ووقع على عقود انتقاله إلى ريال مدريد.
وقالت الصحيفة إن المدافع الشاب البالغ من العمر 18 عاما وقع على عقد يربطه 5 مواسم مقبلة مع ريال مدريد.
وأضافت: “دفع ريال مدريد مقابل 120 ألف يورو بالإضافة إلى بعض المتغيرات لصالح ليغانيس”.
واختتمت: “اعتبارا من يوم الجمعة سيكون لاميني فاتي لاعبا في ريال مدريد ولكن عليه الانتظار حتى يناير للظهور مع الفريق الأول لكرة القدم”.
يذكر أن ريال مدريد توج بلقب كأس القارات للأندية “إنتركونتينتتال” بعد الفوز على باتشوكا المكسيكي بثلاثة أهداف دون رد في المباراة التي جمعت بينهما يوم الأربعاء الماضي.
المصدر:RT