موقع النيلين:
2025-02-23@14:20:50 GMT

حسين خوجلي: من يوميات دفتر النكبة

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

حسين خوجلي يكتب:
من يوميات دفتر النكبة
“الحمدلله يا ولدي الما اغتصبوها”
سعدت جداً مثلما حزنت جداً باتصال هاتفي من إحدى قرى الجزيرة بأحد المحررين بصحيفة ألوان عبر خدمة الاستار لينك. والشاب هناك محاصر بالقهر والاذلال والفاقة وحراسة الأهل وترقب الهجمات المباغتة من رعايا غربي أفريقيا الوسطى وتشاد والنيجر ومالي وليبيا والمرتزقة الجنوبيين مع الكثير من الاثيوبيين واللصوص وبعض المجرمين الذين لا أصل لهم ولا معتقد ولا مرجعية مما يتسمون (بالبروس) وبعض الساقطين من بني جلدتنا.


وأثناء مهاتفة الصحفي معي كانت تنزلق من بين سرديته مجموعة من الحكايات المفجعة تتنزل منه بلا دهشة، فقد تكسرت النصالُ على النصالِ وأصبح القتل والاغتصاب والسلب في الجزيرة عابراً وسهلاً مثل القاء التحية.
ومن قلب بكائيته وأقاصيصه الدامية حين توسط سردها وبالرغم من أن الترداد يعلم الاعتياد إلا أنني سمعت عبر البعد الأثيري نشيجه وبكاءه المكتوم فواسيته بأبيات العباس ابن الأحنف الشهيرات:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَذِّبُ قَلبَهُ
أَقصِر فَإِنَّ شِفاءَكَ الإِقصارُ
نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ عَينِكَ فَاِستَعِر
عَيناً لِغَيرِكَ دَمعُها مِدرارُ
مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها
أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ
اخترت هذه الحكاية وهي في شكلها ومضمونها تعبر عن حالة اللادولة واللاشرعية واللاخلاق واللاحياء تلك الجرثومة الذي ضربت بوادي بلادنا وحواضرها بلا هوادة وبلا شفاء.
قال لي: إن أحد أقاربه يمتلك سيارة نصف نقل دخلها يشكل صمام الأمان لاسرته الصغيرة والكبيرة، حيث يقوم بترحيل الناس واغراضهم بين القرى المتجاورة. وبما أن صاحب السيارة الشاب كان عريسا فقد ذهب لاحضار عروسته من قرية مجاورة بعد أن قضت أيام مع والدتها واخوتها.
كان العريس جديداً وكذاك العروسة كما يقول اهلنا بالريف (فوقها الملايكة) وفي طريق العودة برز سبعة أفراد من هولاء الأوغاد واشهروا اسلحتهم في طريق السيارة، فاضطر السائق العريس بالترجل ليسأل عن سبب الاعتراض وقطع الطريق وكان سؤلاً لا معنى له فإن الحال يغني عن السؤال، وجهوا له عدة ضربات موجعة باعقاب البنادق وطرحوه أرضا وأخذوا الذي في جيبه من أموال، وأنزلوا عروسته وجردوها من الحلي وثوبها وهدايا الوالدة وأخذت حقها من البذاءة والصفعات.
طلب منهم الشاب المسكين المحاصر الجريح في الحاح أن يتركوا ثوبها سترةً وحماية من شمس الظهيرة المحرقة ووعثاء الطريق ، فبعد أخذ ورد وموال طويل من الرطانة تصدقوا عليها بثوبها وانطلقوا بالسيارة وتركوا الزوجين في الخلاء وهم يتحسسون رؤوسهم، فقد كانوا لا يصدقون أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وقد قطعوا بأرجلهم أكثر من ٢٠ كيلو متر في رحلة قاسية صامتة، حتى دخلوا قريتهم مساءً فاجتمعت حولهم القرية وهي لا تصدق أن ابناءها عادوا سالمين.
جففوا في لطفٍ قروي معهود جراح الشاب ودموع العروسة وكان الفصل الأكثر ايلاماً هي عبارة المواساة التي اتفق عليها الجميع (الجاتك في مالك سامحتك، والحمدلله يا ولدي انه الما اغتصبوها)
باتت القرية تلك الليلة قيد الاذلال والمهانة وهي سعيدة في حزنٍ وانكسار بأن المصيبة هذه المرة كانت نسبية، وعرض ابنتهم قد سلم من هؤلاء المجرمين الذين يتكاثرون ليل نهار، باعتبار أن السودان قد أصبح أكثر بلاد الأرض التي تمنحك أموالا طائلة دون عرق أو رهق عبر بندقيةٍ زائفة أو قاتله.
اللهم نسألك نصراً من عندك أو شهادة أو موتاً عاجلاً. فهذه لعمري أرضٌ دون انتصار ساحق لن تصلح للاستعمال ولن تصلح للحياة.
واخيراً جدا صار نشيد الموجوعين والمفجوعين والمقهورين الأكثر تداولاً:
اتّبعنا الملايش ودرنو قَدُرنا
وبقينا نعايش البسوانا والمو قدرنا
وكتين بالدراهم نشتريهو كدرنا
مافيش فايدة نشحن بالغبينة صدرنا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مصر.. إنقاذ درامي لشاب سقط من قمة جبل الجلالة

في عملية إنقاذ شاقة استغرقت أكثر من 3 ساعات، نجحت فرق الإسعاف والحماية المدنية في محافظة السويس المصرية في إنقاذ شاب سقط من منحدر جبلي شاهق بجبل الجلالة، بعد أن استقر في منطقة شديدة الانحدار، مما جعل الوصول إليه مهمة غاية في الصعوبة، تطلبت استخدام الحبال والمعدات المتخصصة.

الشاب الذي تعرض للحادث عمره 19 عاماً، ويدرس في الجامعة الألمانية بالقاهرة، حيث كان في رحلة إلى جبل الجلالة بهدف تصوير المشاهد الطبيعية من أعلى المرتفعات الجبلية.

وأثناء محاولته التقاط مشهد بانورامي لخليج السويس، انزلقت قدماه، وسقط من ارتفاع يزيد عن 100 متر، ليستقر في منحدر صخري خطير، غير قادر على الحركة بسبب إصابته بكسر في العمود الفقري، إلى جانب جروح في الرأس وكدمات متفرقة بالجسم.

وفور تلقي البلاغ، تحركت فرق الإسعاف والحماية المدنية إلى الموقع بسرعة، حيث واجهت تحديات صعبة في الوصول إلى الشاب بسبب وعورة المنطقة، وعدم إمكانية استخدام المركبات أو النزول المباشر إليه.

وأشارت وسائل إعلام محلية، إلى أن فرق الإنقاذ اضطرت إلى تشكيل سلسلة بشرية مدعومة بالحبال، حيث قام المنقذون بربط أنفسهم بالأحزمة والأحبال، والنزول بحذر شديد لتجنب أي انهيارات صخرية قد تعرض حياتهم وحياة المصاب للخطر.

وبعد جهود شاقة دامت أكثر من 3 ساعات، تمكنت الفرق من انتشال الشاب بأمان، ليتم نقله إلى المجمع الطبي بالسويس عبر سيارة إسعاف مجهزة.

وعند وصول المصاب إلى المستشفى، خضع للفحوصات الطبية اللازمة، حيث أكد الأطباء أنه يعاني من كسر في العمود الفقري، إلى جانب جروح في الرأس وكدمات متعددة بالجسم.

وعلى الرغم من خطورة إصابته الأولية، إلا أن حالته الصحية مستقرة نسبياً، ويخضع حالياً لرعاية طبية مكثفة لضمان عدم تفاقم إصابته.




مقالات مشابهة

  • هوامش على دفتر الوداع !
  • شاب ينهي حياته حزنا على زوجته
  • بقائمة تخلو من العراق .. 20 دولة الأكثر حيازةً للسندات الأمريكية
  • مزاح أصدقاء يسفر عن إطلاق شاب النار على نفسه بالخطأ .. فيديو
  • شما بنت محمد: «صيف المانجو» دفتر أحوال يومية
  • مصر.. إنقاذ درامي لشاب سقط من قمة جبل الجلالة
  • من قتل فاضل البراك مدير مخابرات صدام حسين؟
  • تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
  • حسين لبيب يزور أحمد عبد الحليم بعد إجرائه عملية جراحية
  • علاقة غرامية تنتهي بسجن شاب