الملاكمة العالمية في الاتجاه الصحيح بدعم السعودية
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
مقالات مشابهة ستة قتلى في فيضانات بوسط اليابان
5 دقائق مضت
«المقاومة الإسلامية في العراق»: استهدفنا قاعدة إسرائيلية بمسيرات10 دقائق مضت
فرنسا «تضمحل»… فهل يستطيع ماكرون استعادة مكانته على الساحة الدولية؟ساعتين مضت
«أسطوانة البوتاجاز» ترفع أسعار الأكلات الشعبية بمصرساعتين مضت
«مؤتمر قصيدة النثر المصرية» يحتفي بالرموز ويحرر القصيدة من الرتابة والتكرارساعتين مضت
موعد مباراة الأهلي والعين الإماراتي مباريات كأس إنتركونتيننتال 2024 والقنوات الناقلةساعتين مضت
إذا كانت المملكة قد أصبحت موطناً لبطولات الملاكمة الكبرى، فإن «أسبوع النزالات» في لندن كان إبرازاً لهذا التأثير المتصاعد للمملكة على هذه الرياضة.
وكان أُعلن عن نزال «بطاقة موسم الرياض» بتنظيم من المستشار تركي آل الشيخ رئيس «الهيئة العامة للترفيه» في السعودية.
ووفق شبكة «بي بي سي»، فقد أبرز آل الشيخ «أسبوع قتال» على نطاق لم يسبق له مثيل في الملاكمة البريطانية. شهد المقاتلون معاملة «هوليوود» لأول مرة بوصول فخم في «ليستر سكوير» بلندن، حتى إنه أُجريت 3 نزالات احترافية بعد التمرين العام يوم الأربعاء، حيث حولت العروض الذكية «ساحة ويمبلي» إلى «قصر باكنغهام».
تركي آل الشيخ لدى تتويجه دوبوا بحزام الوزن الثقيل (أ.ف.ب)
ونُظم مؤتمر صحافي في قاعة «جيلدهول» المذهلة والمصنفة من الدرجة الأولى في لندن، ووفرت «ساحة ترافالغار» موقعاً مميزاً للوزن.
النزال المثير شهد حضور 96 ألف متفرج في ملعب ويمبلي (أ.ف.ب)
وقد أضافت عارضة الأزياء ناومي كامبل والممثلة سيينا ميلر والمخرج السينمائي جاي ريتشي لمسة من النجومية. كما رُوج للسياحة في السعودية عبر مقاطع فيديو ومسابقات على شاشات «ويمبلي».
وسمح كشك خارج الاستاد للمشجعين بـ«التقاط لحظتهم السعودية» من خلال تجربة القهوة الشرق أوسطية التقليدية، في حين عُزف النشيد الوطني للمملكة.
وكان الحدث بأكمله أرضاً جديدة للملاكمة البريطانية، ومنح الأمل في أن الرياضة تسير في الاتجاه الصحيح عبر تنظيم كبرى المعارك بانتظام.
وتتجه مباراة تايسون فيوري ضد أولكسندر أوسيك إلى الرياض لثاني مرة، ولا توجد ضمانات بأن أنتوني جوشوا أو الملك الجديد دانييل دوبوا سيتنافسان في بريطانيا في أي وقت قريب.
ووضعت السعودية عشاق رياضة الملاكمة في قلب حدث عالمي لم يسبق له مثيل، وذلك عندما اجتمع اثنان من أقوى نجوم فئة الوزن الثقيل على الإطلاق على ملعب «ويمبلي» العريق في لندن وبحضور 96 ألف متفرج (رقم قياسي بريطاني لم يسجل منذ الحرب العالمية الثانية)، من بينهم مئات المشاهير الرياضيين ومن عالم الفن والغناء والتمثيل، إضافة إلى الملايين أمام الشاشات.
مشاهد هوليوودية رافقت المقاتلين في طريقهم إلى حلبة ويمبلي (رويترز)
وأكد تركي آل الشيخ، رئيس «الهيئة العامة للترفيه»، أن النزال؛ الذي أُقيم ضمن منافسات «بطاقة موسم الرياض»، للمنافسة على لقب الوزن الثقيل من «الاتحاد الدولي للملاكمة»، شهد أكبر رقم للحضور الجماهيري في عالم الملاكمة.
وأضاف آل الشيخ: «كان يوماً تاريخياً، وسجل (موسم الرياض) اسمه في التاريخ، وأعتقد أن هذا الحدث هو أفضل دعاية لـ(موسم الرياض)، ولولا دعم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، لما استطعنا إظهار الحدث بالشكل المطلوب، وسنعمل على تنظيم حدثين مقبلين في مدينتي لوس أنجليس ولاس فيغاس الأميركيتين، وإذا كانت إقامة هذا النوع من الأحداث لها مردود مالي وفائدة للسعودية و(موسم الرياض)، فسنكرر هذه التجارب».
وكان دوبوا تغلب على مواطنه جوشوا بالضربة القاضية، وفرض الأول تفوقه على جوشوا؛ بطل العالم مرتين، منذ بداية النزال، وسقط الأخير أكثر من مرة قبل أن يخسر بالضربة القاضية في الجولة الخامسة. وعقب نهاية النزال توَّج آل الشيخ دوبوا بالحزام، وقبل ذلك عُزف النشيد الوطني السعودي في أرجاء الملعب بصوت المطرب السعودي راشد الماجد.
وعن القتال، قالت محطة «سي إن إن»: «شهدت ليلة السبت مفاجأة كبيرة، حيث أضاع أنتوني جوشوا فرصة أن يصبح بطل العالم للوزن الثقيل 3 مرات، فقد هزمه منافسه البريطاني دانييل دوبوا بالضربة القاضية في الجولة الخامسة».
وبعد أن هيمن على الجولات الأربع الافتتاحية، أكمل دوبوا الدفاع عن حزامه للوزن الثقيل من «الاتحاد الدولي للملاكمة» بضربة يمينية مدمرة على ذقن جوشوا بعد 59 ثانية من بداية الجولة الخامسة أمام حشد قياسي بلغ 96 ألف متفرج على ملعب «ويمبلي» في لندن.
نجم الروك اند رول ليام غالاغر أحيا حفل الحدث العالمي (موسم الرياض)
وتأتي النتيجة صدمة كبيرة، حيث دخل جوشوا القتال في حالة جيدة بعد فوزه في آخر 4 نزالات له، بما فيها الفوز على فرنسيس نغانو بالضربة القاضية المذهلة في الجولة الثانية خلال مارس (آذار) الماضي، على الرغم من أنه كان من المتوقع أن ينهي يوم السبت بوصفه بطل العالم للوزن الثقيل، وهو ما كان سيجعله في وضع مثالي لمواجهة الفائز في مباراة العودة بين تايسون فيوري وأولكسندر أوسيك خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ومن المحتمل أن يصبح بطل القسم دون منازع، إلا إن جوشوا الآن يكافح فجأة للعودة.
ويملك جوشوا (34 عاماً)، الذي هُزم 4 مرات في 32 مباراة، شرط إعادة المباراة، ويتوقع منه مديره إيدي هيرن أن يطبقه. وهناك أيضاً فرصة لقتال الخاسر من نزال فيوري وأوسيك.
وقال جوشوا بعد المباراة: «أشيد به وبفريقه. لقد خاطرنا بالنجاح، لكننا لم ننجح. نستمر في المخاطرة. لقد واجهت خصماً حاداً وسريعاً، وكثير من الأخطاء كان من جانبي، لكن هذه هي اللعبة».
بدأ جوشوا القتال على الفور وهو في موقف دفاعي، حيث سقط بضربة يمنى في الذقن خلال الجولة الأولى.
واصل دوبوا الهجوم في الجولتين الثانية والثالثة، حيث أطلق خطافية يسارية هائلة دفعت جوشوا إلى الحبال، ثم بدأ سلسلة أخرى من الضربات لإسقاط جوشوا على الأرض للمرة الثانية.
وأنقذ الجرس المرشح للفوز، لكنه سقط مرة أخرى في الجولة الرابعة بعد ضربة يسارية أخرى من دوبوا.
في الجولة الخامسة، بدأ جوشوا ما كانت لتصبح عودة غير متوقعة؛ حيث بدأ دوبوا يتعب، لكن لم يدم الأمر طويلاً، حيث أسقط دوبوا خصمه مرة أخيرة. وعلى الرغم من محاولات جوشوا تصحيح مساره، فإن المباراة قد انتهت.
ولا شك في أن هذه هي أعظم لحظة في مسيرة دوبوا حتى الآن، والآن أصبح لدى اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً فرصة للقتال من أجل لقب «بطل العالم» دون منازع في الوزن الثقيل بعد مباراة العودة بين فيوري وأوسيك في ديسمبر المقبل.
الأمير خالد بن بندر سفير المملكة لدى بريطانيا وتركي آل الشيخ قبل انطلاق النزال (رويترز)
وقال بعد المباراة: «ليس لديّ سوى بضع كلمات لأقولها: هل أنت غير مستمتع؟ أنا مصارع. أنا محارب حتى النهاية. أريد الوصول إلى أعلى مستوى في هذه اللعبة والوصول إلى إمكاناتي الكاملة. لقد كنت في رحلة مليئة بالتقلبات. هذا هو وقتي. هذه هي قصة خلاصي، ولن أتوقف حتى أصل إلى إمكاناتي الكاملة».
بدورها، قالت الـ«غارديان» في حديثها عن النزال: «عانى أنتوني جوشوا من خسارة صادمة بالضربة القاضية أمام دانييل دوبوا؛ منافسه البريطاني الأقل شهرة، في ليلة غير عادية على ملعب (ويمبلي). كانت هزيمة ساحقة لجوشوا الذي سقط في الجولة الأولى. حُددت النهاية الوحشية أخيراً في الجولة الخامسة؛ عندما كان جوشوا يحاول تحويل مجرى الضرب من جانب واحد، سدد دوبوا ضربتين يمينيتين مدمرتين أسفرتا عن توقف حاسم.
وعلى الرغم من أن دوبوا كان بطل العالم للوزن الثقيل في (الاتحاد الدولي للملاكمة)، فإنه سار إلى الحلبة أولاً أمام 96 ألف مشجع. لم يختبر دوبوا مثل هذه الأجواء المشتعلة من قبل، لكنه بدا هادئاً ومصمماً وهو يتسلق الحبال. لكن كان عليه الانتظار طويلاً قبل أن ينضم إليه منافسه صاحب المستوى الأرفع.
إن دخول جوشوا إلى حلبة الملاكمة أمر مبالغ فيه دائماً، ويجعل بعضنا يتوق إلى تلك الليالي التي انتهت منذ زمن طويل عندما كان مايك تايسون؛ عاري الصدر ومرتدياً سروالاً أسود، يسير بمفرده إلى الحلبة في صمتٍ مهددٍ. وسرعان ما كرر دوبوا النية المبيتة والقوة الإيقاعية التي جسدها تايسون ذات يوم».
Source link ذات صلة
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: فی الجولة الخامسة بالضربة القاضیة الوزن الثقیل للوزن الثقیل موسم الریاض بطل العالم آل الشیخ فی لندن
إقرأ أيضاً:
الروائية السعودية هيلانة الشيخ: الأعمال الأدبية جسدت المعاناة الفلسطينية بعمق وبلاغة
في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تتلاقى الأصوات القادمة من مختلف العوالم، تحمل كل منها عبقها الخاص، تمتد أغصان الإبداع على أرض مصر، فتتمازج الحروف كما تتناغم ألوان الربيع في حدائق الضوء.. من فلسطين، تنبعث الكلمات مشبعة بروح المقاومة ونكهة الزيتون، تنبض بالحلم رغم الألم، ومن السعودية، يتدفق الإبداع بجذوره الراسخة في الصحراء، ممتدا نحو آفاق التجديد، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة في لغة متوهجة.وعلى أرض مصر التي يهمس تاريخها لكل زائر، تتعانق هذه الأصوات لتشكل بحرا من الفكر والجمال، يستخرج رؤى تتجاوز الحدود، وتترجمها الروائية هيلانة الشيخ إلى حكايات نابضة بالحياة، في حوار خاص مع «الوطن»، تفتح الكاتبة نوافذ روحها، كاشفة عن رحلتها الأدبية، ورؤيتها للإبداع الذي يوحد الإنسان رغم تباين المسافات.
- في روايتكِ «وفي الموت فتن»، تتناولين مواضيع معقدة مثل الدين والحب والفلسفة.. كيف يمكن للقراء التعامل مع هذه القضايا؟
الرواية بسيطة في أسلوبها، فهي «حدوتة» يمكن لأي قارئ أن يستمتع بها، بغض النظر عن خلفيته أو مستوى قراءته، ربما تكون هذه أسهل رواياتي، فهي لا تحتوي على تعقيدات فنية، ولا على مشاهد فانتازية، ولا تعتمد على تقنيات سردية معقدة، إنها تسير وفق السرد التقليدي، أو الواقعية الاشتراكية إن جاز التعبير، بالطبع، أُمرّر من خلالها بعض الرسائل وأطرح قضايا مثل الطبقية، العنصرية، الاغتراب، والغربة، كما تتناول الرواية حقبة 2008-2009، وهي فترة انتهت رسميا، ولكن لا تزال آثارها قائمة في بعض الطبقات الاجتماعية.
- أتعتقدين أن المجتمع العربي المعاصر قادر على التفاعل مع المراجعات النقدية للممارسات الخاطئة، أم هناك مقاومة ثقافية لهذا النوع من الأدب؟
هذا يعتمد على نوع القارئ وفئته العمرية، فالتوجه الديني للقارئ يلعب دورا كبيرا، هناك قرّاء يرفضون تماما أي نقاش أو تساؤل حول الدين، ويعتبرونه من المحرمات، أما البعض الآخر، فيتقبل النقد والمراجعات الفكرية، ويتفاعل معها بوعي وانفتاح.
- في كثير من الأحيان يكون للمؤلف وجهة نظر حتى وإن لم تكن ظاهرة في العمل.. أترين أنه يجب أن يمرر قناعاته الخاصة في أعماله؟
أرى أن هذا خطأ كبير، الكاتب ليس من وظيفته فرض وجهة نظره على القارئ، بل يجب أن يطرح الأسئلة، يسلط الضوء على القضايا، ويترك المجال مفتوحا أمام القارئ، ليختار موقفه بنفسه، مهمتي ليست تلقين الناس آراء معينة، بل تحريك المياه الراكدة، وفتح أبواب النقاش حول القضايا المختلفة، الاختلاف أمر طبيعي، والتحدي الأكبر هو أن نتقبل الآخر دون أن نحاربه أو نبغضه لمجرد أنه يحمل رأيا مختلفا.
- ماذا عن مستوى تقبل المجتمع السعودي لمثل هذه القضايا مقارنة بالمجتمعات العربية الأخرى؟
ألاحظ أن المجتمع السعودي أصبح أكثر انفتاحا وتقبلا للنقاش، خاصة في السنوات الأخيرة هناك وعي متزايد ومرونة في التعامل مع المختلف، سواء على المستوى الثقافي أو الفكري، في السابق ربما كانت بعض الموضوعات تُقابل بتحفظ، أما الآن فأرى تغيرا كبيرا، مقارنة ببعض المجتمعات العربية الأخرى، أجد أن السعودية شهدت نقلة نوعية في هذا الجانب، بالطبع، هناك تفاوت بين الدول، فمثلًا في مصر، نجد نفس مستوى التقبل، بينما في العراق أو اليمن، لا يزال هناك تأثير كبير للطائفية والانقسامات الاجتماعية.
- غالبا ما تركزين في أعمالك على الطبقة الكادحة.. أيمكن القول إن هذه الفئة مهمشة في الأدب؟
أنا لا أسميها طبقة كادحة، بل «طبقة مجتهدة»، فهي الفئة التي تبني نفسها من الصفر وتسعى للحياة رغم كل التحديات، هذه الفئة موجودة في كل المجتمعات، وليس فقط في الدول العربية، أركز على هذه الفئة لأنها تعبر عن النضال اليومي للبشر، عن الحلم والطموح، وعن مقاومة الظروف القاسية.
- كيف تقيمين تأثير الأدب على تغيير الوعي الاجتماعي؟
في الماضي، كان الأدب هو المؤثر الأول على الوعي الاجتماعي، أما اليوم، ومع ظهور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد تراجع تأثيره بشكل كبير، لم يعد الأدب وحده قادرا على تشكيل وعي الأجيال الجديدة، بل أصبح مرتبطا بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني وحتى الإذاعي، القراءة نفسها لم تعد مطلوبة كما كانت، فالناس اليوم يفضلون المحتوى السريع، مثل مقاطع الفيديو القصيرة على «ريلز» إنستجرام و«تيك توك»، في ظل هذا الواقع، من الصعب جدا إعادة توجيه جيل مدمن على السوشيال ميديا نحو القراءة التقليدية.
- بالنظر إلى خلفيتكِ الثقافية المتنوعة بين فلسطين والسعودية.. كيف أثّرت هذه الهوية المزدوجة في تشكيل صوتكِ الأدبي؟ وهل تجدين صعوبة في التعبير عن نفسكِ بين ثقافتين مختلفتين؟
لم أجد صعوبة تُذكر، بل كان الأمر أبسط مما تخيلت، ولا يستحق العناء، الوجع واحد، مهما اختلفت أساليبنا في التعبير عنه، لكنه يظل واحدا، اكتشفت أن الكتلة العربية، رغم اختلاف أنماط الحياة بين شعوبها، تظل متحدة في جوهرها الإنساني، الإنسان في كل مكان هو إنسان، يختلف فقط في معاييره الأخلاقية، لكنه يحتفظ بقيمه الأساسية، في النهاية، نحن متشابهون إلى حد التطابق في الألم والمعاناة.
- في روايتكِ «وفي الموت فتن» تظهر المرأة كشخصية فاعلة في التغيير الاجتماعي والفكري.. أترين أن الأدب يمكن أن يساهم في تغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمع العربي خاصة في ما يتعلق بقضايا الدين والحرية الشخصية؟
ربما يكون التأثير أقل مما نطمح إليه، لكنه موجود ولا يمكن إنكاره، التأثير يكون أقوى عندما يكون القلم نسائيا، لأن تأثير المرأة على المرأة غالبا ما يكون أعمق من تأثير الرجل عليها، من وجهة نظري عندما تحظى الكاتبة بقبول نفسي وتأثير إيجابي بين القارئات، فإن ذلك يعزز فرص إيصال رسائلها، والحمد لله، أغلب قرّائي من النساء، ما يجعلني أعتقد أن تأثير الأدب النسائي على المرأة قد يكون أقوى من تأثير الأدوات الأخرى.الأدب بالتأكيد يؤثر، لا سيما عند الفئة المهتمة باللغة العربية والسرد الأدبي، سواء عبر الرواية أو القصة، والتأثير، إن شاء الله، يكون إيجابيًا وليس سلبيًا، في كل مجتمع، هناك اختلافات في توجهات النساء أنفسهن، فمثلا، لن تجد اثنتين متبرجتين تحملان بالضرورة الفكر نفسه أو نفس رد الفعل تجاه القضايا المطروحة، الكتابة يمكن أن تقرّب هذه الفئات المختلفة من بعضها، وفي أعمالي أحاول دائمًا خلق توليفة تجمع بين الشخصيات المتنوعة، على أمل أن يساعد ذلك في تعزيز التفاهم والتقبل بينهن.
- الكتابة عن المهمشين.. برأيكِ هل يجب أن تكون موجهة ومباشرة إليهم، أم أن الأفضل طرحها من منظور فلسفي يثير التساؤلات؟
عندما نكتب عن الفقر، لا نوجه الخطاب للفقير، بل لمن يعيش في رفاهية، كي يدرك معاناة الآخرين، لا نقول للفقير: «أنت بحاجة إلى سكن» أو «أنت بحاجة إلى دعم»، بل نخاطب الطبقة المرفهة لنحثها على التنازل عن جزء من رفاهيتها والتفكير في قضايا الفئات الأقل حظا، أحيانا، نخدع أنفسنا عندما نقول إننا نكتب عن الفقر أو المرض أو الموت لأننا نعيش هذه المعاناة، بينما في الحقيقة، قد يكون ذلك مجرد استعراض لقدراتنا في الكتابة عنها، وللأسف، في بعض الأحيان، نقع في فخ المتاجرة بهذه القضايا.
- برأيكِ.. أتمكنت الكاتبة العربية من تحرير نفسها من القوالب الجندرية في الإبداع؟
الأمر يختلف من كاتبة إلى أخرى، على سبيل المثال، الكاتبة الفلسطينية شيخة حسين تفوقت على الرجل في كتاباتها القصصية، وعند قراءتها، لا يشعر القارئ للحظة بأنه يقرأ نصًا لامرأة، وهذا هو الإنجاز الحقيقي أن يتجاوز الكاتب ذاته الجندرية، سواء كان رجلا أو امرأة.
أما إذا قرأتَ رواية وشعرت أن الصوت المتحدث أنثوي بوضوح، فهذا يعني أن الكاتبة لم تنتصر بعد على ذاتها الأنثوية في الكتابة، بالطبع، هناك العديد من الكاتبات اللواتي نجحن في تجاوز هذا التحدي، مثل إنعام كجة، وغيرها من الكاتبات البارعات، ومع ذلك، لا أرى أن حفاظ الكاتبة على أنوثتها في الكتابة يُعدّ عيبا، بل قد يكون ميزة قوية في بعض الأعمال، أحيانًا، يكون الحفاظ على كينونة المرأة أثناء الكتابة عنصرا مميزا يضفي على النص طابعا خاصا، بعض الكاتبات استطعن تحقيق هذا التوازن، لكنهن في الوقت ذاته قَلّلن من قيمتهن الأدبية بسبب نظرة المجتمع النقدية التي تفضل التجريد من الهوية الجندرية.
- أين تقف المرأة العربية اليوم في مجالي الثقافة والفن؟
لم يعد هناك فارق جوهري بين المرأة والرجل، خاصة في المجالات التي تفوقت فيها المرأة، وأحيانا تفوقت حتى على ذاتها، في بعض الميادين، لا يمكن ربط النجاح أو الإبداع بكون الشخص رجلا أو امرأة، لأن التميّز يعتمد على جودة الإنتاج وليس على جنس المبدع، سواء في الأدب أو المسرح أو الرسم أو غيرها من الفنون، لم يعد معيار التفوق مرتبطا بالتصنيفات الجندرية، بل بالقدرة على الإبداع والتجديد.
- من خلال تجربتك في الكتابة.. أتشعرين بأن الأدب العربي يعاني من تصنيفات ضيقة تقيّد حرية الكاتب قبل الكتابة؟
نعم، هذا موجود للأسف، هناك تصنيفات تُفرض على الكاتب مسبقا، وكأن عليه أن يضع حسابات معينة قبل الشروع في الكتابة، على سبيل المثال يتم تصنيف كاتب بأنه «كاتب أوروتيك» أو «كاتب اجتماعي» أو غير ذلك، دون أن يكون القارئ قد قرأ جميع أعماله، هذه التصنيفات قد تكون ظالمة، لأنها تحصر الكاتب في قالب معين، بينما في الواقع، قد يكون أفقه الإبداعي أوسع من ذلك بكثير، شخصيا، عانيت من هذه المسألة، حيث وجدت أن بعض التصنيفات تضع قيودا غير مبررة على الكاتب وتحدّ من تلقائيته الإبداعية.
- أيمكن للأدب أن يتوافق مع العصر الرقمي دون فقدان عمقه الفلسفي؟
هناك أمور فطرية وأساسية في الإنسان لا يمكن تجاوزها، سواء عبر الذكاء الصناعي أو أي وسيلة رقمية أخرى، قد تتغير أدوات الكتابة وطرق النشر والتلقي، لكن جوهر الأدب وقيمه الفكرية والفلسفية ستظل ثابتة، لأنها متجذرة في الإنسان منذ البدائية.
- أنستطيع القول إن الأدب الفلسطيني ينقل صورة حقيقية عن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في كل مكان؟
بالتأكيد، لقد نجح الأدب الفلسطيني في ذلك، بل لم يقتصر الأمر على الكتاب الفلسطينيين فقط، فهناك كتاب عرب استطاعوا أن ينغمسوا في هذه القضية ويعبّروا عنها بصدق، على سبيل المثال، سليم بركات، غسان كنفاني، وغيرهما قدّموا أعمالًا جسّدت المعاناة الفلسطينية بعمق وبلاغة، كذلك، في مجال الشعر، نجد محمود درويش الذي عبّر عن القضية الفلسطينية بأساليب متنوعة، سواء في الشعر العمودي أو شعر التفعيلة أو النثر، وهناك أسماء أخرى لا تقل أهمية، مثل سميح القاسم، مريد البرغوثي، وغيرهم، الأدب الفلسطيني ثري جدا لدرجة أنه لا يمكن اختصاره في بضعة أسماء أو أعمال، وهو جزء لا يتجزأ من الأدب العربي بشكل عام.كما أنني أؤكد أن الأدب العربي لم يكن يوما منفصلا عن القضية الفلسطينية، فقلّما تجد كاتبا عربيا لم يتناول معاناة الفلسطينيين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في أحد أعماله.
- وماذا عن الأدب السعودي؟ هل تعتقدين أنه تعرّض للظلم؟
إلى حدٍّ ما، نعم، لكنه أدب ثري للغاية، لدينا في السعودية خيال خصب ولغة قوية، خاصة عند الكاتبات، للأسف، الأقلام النسائية انحصرت في ثلاثة أو أربعة أسماء معروفة، رغم وجود أعمال قيمة جدا تستحق الانتشار والاهتمام.