دور ثورة 21 سبتمبر في استعادة القرار اليمني والسيادة الوطنية
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
الثورة /
شارك الأستاذ عبدالعزيز أبو طالب في الندوة السياسية والفكرية التي نظمتها مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر بعنوان “٢١ سبتمبر ثورة الحرية والتغيير” .
وقدم أبو طالب – وهو المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني – ورقة عمل بعنوان “دور ثورة ٢١ سبتمبر في استعادة القرار اليمني والسيادة” في ما يلي محتوى ورقة العمل :
عرف الفيلسوف الفرنسي “جان بودان” السيادة بأنها: “سلطة الأمـر والنهـي دون أن تكون مأمورة أو مكرهة من أي مكان على الأرض».
يقول قائد الثورة السيد “عبدالملك بدر الدين الحوثي”، “ إن من أول وأهم وأكبر إنجازات الثورة تحرر الشعب اليمني من الوصاية الخارجية واستعادة حقه في الاستقلال والسيادة والحرية”.
حيث تمثل السيادة أحد أهم أركان بناء الدولة والتي تتجسد في قدرتها على إدارة شؤونها الداخلية بِحُرية وبسط سلطتها على مواطنيها وعلى إقليمها الجغرافي براً وبحراً وجواً، كما يعد الاستقلال شرطاً لاعتبارها كياناً قادراً على الانخراط في المنظمات والاتفاقيات والمعاهدات لأن توافر السيادة والاستقلال يعني قدرة الدولة على التعامل ككيان حر يستطيع الوفاء بالالتزامات والمشاركة في اتخاذ القرارات والتصرف في مقدرات الدولة السياسية والمادية بصورة مستقلة.
والسيادة غير قابلة للتجزئة داخل الدولة الواحدة كما لا يجوز للدولة أن تتنازل عن سيادتها لدولة أخرى، فإن فعلت ذلك فإنها تفقد أحد أركانها الأساسية وهو الاستقلال، وبالتالي تفقد شخصيتها الدولية.
وعادة ما تسعى الشعوب إلى تحقيق السيادة والتمتع بالاستقلال في القرار على المستويين المحلي والخارجي، وعندما تخير الشعوب الحرة بين الحياة الكريمة وبين الحياة السعيدة المنقوصة فإنها تختار الحياة الكريمة وإن رافقها التضحيات والآلام ولكنها تشعر بالعزة والكرمة وتفضلها على حياة ظاهرها السعادة وباطنها العبودية.
وقد كان اليمن أحد تلك البلدان التي تظاهرت عليه العوامل والظروف السياسية والاقتصادية والجغرافية إضافة إلى الظروف الدولية والتي وضعته في خانة التبعية الإقليمية والدولية، وهو ما كان له تأثيراته السلبية والعميقة على الدولة وأمنها واستقرارها، فعندما تفقد الدولة سيادتها أو تصبح تابعة لقوى خارجية إقليمية كانت أو دولية؛ تتضاءل قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة تخدم مصالح شعبها وأمنها الوطني، ويؤدي إلى نتائج خطيرة تؤثر على مختلف جوانب الحياة السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية.
تعدّ الثورة واحدة من أهم الوسائل التي يمكن للأمم من خلالها استعادة قرارها الوطني وسيادتها، فهي تعبير عن رفض الشعوب للظلم والهيمنة والاستبداد، وسعيها الدؤوب نحو تحقيق الحرية والاستقلال، وعبر التاريخ، كانت الثورات هي المحرك الأساسي للتغيير الجذري في المجتمعات، وكانت تؤدي في كثير من الأحيان إلى استعادة الإرادة الوطنية التي قد تكون ضائعة بسبب الاستعمار أو الأنظمة العميلة.
تنطلق الثورات من حاجات ومطالب شعبية حقيقية، وهي لا تتوقف عند إسقاط الأنظمة فقط، بل تسعى إلى بناء دول قوية ومستقلة ذات سيادة كاملة، حيث يتمتع المواطنون بحقوقهم وكرامتهم. لذا، الثورة ليست فقط حركة سياسية، بل هي عملية تغيير شاملة تؤثر على كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتعيد ترتيب موازين القوى بما يخدم المصلحة العامة.
وفي ظل ظروف أنضجت وعي الجماهير بمستوى ما وصل إليه البلد من تبعية ارتهان جاءت ثورة 21 سبتمبر 2014م تحت شعار “الحرية والاستقلال” وسعت إلى استعادة القرار والسيادة والاستقلال وتحقيق التغييرات الجذرية، كما وعد بها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وإن ووجهت بالمقاومة ومحاولات الإجهاض والوأد والإفشال إلا أنها حققت الأهداف الرئيسية التي أخذت على عاتقها ضرورة القيام بها وفاء للشعب الذي أنجز الفعل الثوري وصمد في مواجهة الإفشال.
يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمة له : إن الوطن وصل إلى مرحلة خطيرة لم يكن بالإمكان الصبر عليها ولا التغاضي عنها ولا التجاهل لها تتمثل بفقدان السيادة وفقدان القرار وذلك خطر يتهدد البلد واستقلاله ، وكان يتجه نحو الفقدان الكامل للاستقلال ونحو التحكم الكامل في كل شؤونه، وفي كل أموره لصالح تلك القوى المعتدية والطاغية والمتجبرة والمستكبرة وعلى مستوى القرار السياسي كانت منظومة الحكم قد تحولت إلى مجرد أداة لا تمتلك بشأنها هي لا أمرا ولا نهيا أصبحت مجرد دمى يتحرك بها أو تتحرك بها قوى الخارج لتفرض كل ما تشاء وتريد على هذا الشعب وفق مصالح تلك الدول وفق مصالح الأمريكي ووفق مصالح الإسرائيلي ووفق مصالح السعودي والضحية، الكل ذلك هو شعبنا اليمني العزيز الذي كانت مصالحه وأولوياته واستحقاقاته خارج الاهتمام وخارج الأولويات بالكامل .
خطورة فقدان الدولة للسيادة وارتهانها للتبعية:
لا تقتصر أهمية السيادة والاستقلال على كونها شرطاً في وجود الشخصية الاعتبارية للدولة المستقلة وحسب بل تنعكس على حياة الجماهير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتؤثر على طريقة إدارة الدولة وتشكيل الحكومات ورسم السياسات الداخلية والخارجية وفق مصالح الشعب وتطلعاته.
فالتبعية وانعدام السيادة يعيقان النمو والتطور، ويضعفان قدرة الدولة على تحقيق الاستقرار الداخلي والدفاع عن مصالحها في الساحة الدولية لهذا تسعى الشعوب والدول دوماً إلى التحرر من أي شكل من أشكال التبعية لضمان الاستقلال الكامل وتحقيق السيادة الوطنية، ويمكن الحديث عن المظاهر الناجمة عن التبعية وانتقاص السيادة كالتالي:
القرار السياسي غير المستقل:
تصبح الدولة فاقدة للقدرة على اتخاذ قرارات سيادية بشأن سياساتها الداخلية والخارجية، وتتحكم القوى الخارجية في توجيه سياسات الدولة بما يخدم مصالحها الخاصة، ما يؤدي إلى تجاهل مصالح الشعب المحلي، ويضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
التبعية أو الاعتماد الاقتصادي:
التبعية الاقتصادية تجبر الدولة على الاعتماد على دول أو مؤسسات دولية لتوفير السلع، التمويل، أو التكنولوجيا. هذا يمكن أن يؤدي إلى اختلالات اقتصادية شديدة مثل ارتفاع الديون الخارجية، نقص السيولة، وتفاقم الأزمات الاقتصادية المحلية، كما يحد من القدرة على تطوير الاقتصاد الوطني وبناء قاعدة صناعية وتجارية مستقلة.
ضعف الأمن الوطني (القومي):
انعدام السيادة يعرض الأمن الوطني للخطر، حيث تصبح الدولة غير قادرة على حماية حدودها أو التصدي للتحديات الأمنية بشكل مستقل. قد تؤدي التبعية العسكرية إلى فرض اتفاقيات أو قواعد عسكرية تخدم مصالح القوى الخارجية، ما يزيد من التوترات الإقليمية ويعرض الدولة لمخاطر الحروب والصراعات.
فقدان الشرعية الشعبية:
مع تزايد تدخل القوى الخارجية في شؤون الدولة، تضعف شرعية النظام الحاكم في نظر شعبه، إذ ينظر المواطنون إلى الحكومة على أنها تابعة وغير قادرة على تلبية احتياجاتهم، وهذا يؤدي إلى زيادة الاحتجاجات والاضطرابات الداخلية، ما يؤثر سلباً على استقرار الدولة.
التأثير الثقافي والاجتماعي:
التبعية يمكن أن تؤدي إلى تآكل الهوية الثقافية والوطنية، حيث تفرض القوى الخارجية نماذج ثقافية أو اجتماعية لا تتناسب مع القيم المحلية، يؤدي هذا إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والنزاعات الداخلية بين فئات الشعب المختلفة.
العزلة الدولية:
الدول التي تعاني من التبعية وانعدام السيادة غالباً ما تجد نفسها معزولة في المحافل الدولية ولا تتمكن من تشكيل تحالفات قوية أو من الدخول في شراكات تحقق لها مصالح وطنية كما تفقد القدرة على التأثير في القرارات الدولية الهامة، ما يزيد من هشاشتها أمام التحديات العالمية.
مظاهر التبعية وانتقاص السيادة في اليمن قبل 21 سبتمبر 2014:
كانت اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر تعيش حالة متقدمة من المعاناة من الآثار السلبية للتبعية وارتهان وفقدان القرار وانتقاص السيادة فأصبحت السفارات هي من تحكم والسفير هو من يقرر ويمارس المهام السيادية عوضاً عن المسؤول اليمني، وفقد الشعب أمنه واستقراره ورأى مؤسساته المدنية والعسكرية تتهاوى مقترباً كل يوم من الهاوية التي لن يتمكن من النهوض لو وقع فيها، وقد اعترف مسؤولو اليمن من النظام والمعارضة بهذا المستوى من الارتهان وتواطأوا على القبول بالتبعية مناكفة وسعياً للحصول على الشرعية الخارجية من أجل السلطة.
وفيما يلي بعض مظاهر التبعية وانتقاص السيادة في اليمن قبل 21 سبتمبر2014
1 – تدخلات السفير الأمريكي: ليس في اليمن أو دول المنطقة يتدخل السفراء الأمريكيون بل هذا جزء من ممارسة الهيمنة وترجمة الأحادية القطبية للولايات المتحدة الأمريكية وفي اليمن سقطت آخر مظاهر السيادة الوطنية، مع بداية الألفية الجديدة، تحت عنوان “مكافحة الإرهاب” وشعار الرئيس الأمريكي جورج بوش “من ليس معنا فهو ضدنا”، يوم طبقت الإدارة الأمريكية استراتيجيتها الاستعمارية بغطاء “مكافحة الإرهاب” فتغلغل النفوذ الاجنبي في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، أصبح السفير الأمريكي في صنعاء هو المندوب السامي الجديد، يوجه أنشطة الحكومة، متجاوزاً أبسط الأعراف الدبلوماسية، وتعدت إلى المناهج وخطب الجمعة والزراعة وصولاً إلى إنشاء غرفة في رئاسة الوزراء للتحكم والمتابعة، ولعل تصريحات الرئيس السابق علي ناصر محمد عن عرض أمريكي بتنصيبه رئيساً لليمن خير دليل على مدى التدخل الأمريكي.
2 – الوصاية السعودية على اليمن، منذ اتفاق عام 70 وتمويل ميزانية الدولة، وإنشاء وتمويل ما تسمى باللجنة الخاصة، واعتباره حديقة خلفية للنظام السعودي كما صرح بذلك الخائن سلطان البركاني، وامتدت الوصاية لتؤثر على تشكيل الحكومات وتعيين الوزراء والمحافظين وصولاً إلى منع استخراج النفط والمعادن من بعض جغرافية اليمن (الجوف ومارب وحضرموت)، وشراء الأسلحة لا يتم إلا بموافقتها وتوجيه السياسة الخارجية لليمن في المواقف والمحافل الدولية، وصولاً إلى التبعية في تحديد موعد الصيام والإفطار تبعاً للسعودية، ولا زال النظام السعودي يمارس وصايته على الخونة التابعين له في الرياض والمناطق المحتلة، ومن يريد المزيد يطلع على بحث للدكتور محمد الظاهري عن مظاهر الوصاية السعودية على اليمن.
3 – قبول النظام بتوجيهات دولة أجنبية بمنع التنقيب واستخراج النفط والغاز من محافظات معينة (الجوف وحضرموت ومارب) وفي المرفقات وثائق خاصة بهذا البند، تفيد هذه الوثائق أن شركة “هنت” و التي تنقب في اليمن استلمت رسالة من “الأشقاء السعوديين” بأن منطقة “مارب والجوف” منطقة سعودية أيضاً، وكذا أجزاء من “حضرموت” ومنع شركة “وبريتش بتروليم” من التنقيب.
4 – انتهاك السيادة اليمنية بالطائرات الأمريكية وقتل المواطنين اليمنيين بموافقة النظام السابق ومن بعده نظام هادي، بداية بمقتل سنان الحارثي وضربات أبين وغيرها من العمليات بالطائرات الأمريكية المسيرة وقد صرح السفير الجديد حينها جيرالد فايرستاين القادم من باكستان أنه سينقل التجربة الأمريكية في باكستان إلى اليمن. وفي المرفقات وثيقة باعتراف المدعو هادي أن انتهاك سيادة اليمن كانت منذ عهد النظام السابق له.
5 – تبني اليمن مواقف إقليمية ودولية لا تعبر عن رغبة الشعب ولا تعكس قيمه ومبادئه وهويته، فقد بات معلوماً أن اليمن تضم صوتها إلى صوت دول الخليج وخاصة السعودية في الجامعة العربية والمنظمات الإقليمية والدولية.
6 – فتح المكاتب الأمنية والاستخباراتية للولايات المتحدة الأمريكية وسفارات دول أخرى في اليمن وبموافقة رئيس النظام حينها وقد جاءت اعترافات الخلايا التجسسية لتؤكد تلك الحقائق.
7 – وضع اليمن تحت ما يسمى وصاية الدول العشر وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبح سفيرها يعقد الاجتماعات ويصدر الأوامر ويحدد مصير ومستقبل اليمن وفق مصالح بلاده العدائية وضد مصالح الشعب اليمني.
8 – منذ 26 فبراير 2014م (قرار 2140) وضع اليمن تحت الوصاية الدولية بطلب من «حكومة الوفاق» والتفريط في سيادة اليمن واستقلاله ووضعه تحت قرارات الفصل السابع الصادرة من مجلس الأمن الدولي.
9 – الوصاية على الأمن والتدريب والتسليح الخارجي، حيث اعتمد النظام السابق على تدريب وتسليح بارز للجيش واستيراد عقيدته العسكرية من دول أخرى، ما يجعله مرتبطاً بجهات خارجية.
10 – استيراد الحلول من الخارج في القضايا المصيرية للبلد مثل المبادرة الخليجية المصممة لتوفير الحماية للفاسدين والبنود الخطيرة المتعلقة بهيكلة الجيش وتقسيم اليمن إلى كيانات ضعيفة تحت مسمى الأقلمة. (وأصبحت فوق الدستور)
11 – القبول بصياغة الدستور من قبل جهة أجنبية وهي مهمة تتعلق بالسيادة الوطنية، ويجب أن تتوافق مواده مع الهوية والقيم والثقافة المحلية، ويساعد على المرونة في التعامل مع القضايا المحلية وتجنباً للنفوذ والمصالح الخارجية، كما أنه مؤشر على استقلال القرار الوطني
12 – الانصياع للوصفات الاقتصادية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تمس مباشرة حياة ومعيشة المواطن اليمني، والتبعية للمنظمات الأجنبية خاصة تلك التي تعمل في مجال تقديم المساعدات الغذائية على حساب التنمية الزراعية وكما قيل من لا يملك غذاءه لا يملك قراره.
13 – بيع الجزر اليمنية الاستراتيجية وتأجيرها، وفي المرفقات وثيقة تأجير جزيرة ميون من الأميرة هيفاء بنت فواز بن عبد العزيز آل سعود، وما كشف عنه المرحوم محمد حسنين هيكل عن تواجد الكيان الصهيوني في إحدى الجزر قرب مضيق باب المندب (الوثائق في المرفقات).
14 – المساومة بسيادة الوطن وبيع جغرافيته وتمكين التنظيمات التكفيرية والدول الأجنبية من مضيق باب المندب مقابل إسقاط خصومهم ومنافسيهم في السلطة. (الوثيقة في المرفقات)
اليمن بعد ثورة 21 سبتمبر
عندما تقوم الشعوب بثوراتها التحررية في مواجهة الهيمنة الخارجية فإنها عادة تواجه بما تسمى بالثورات المضادة لمحاولة إفشالها ودائماً ما تكون مدعومة من قوى الهيمنة التي تشعر بتهديد مصالحها في ذلك البلد الثائر، فتتعرض للعدوان العسكري أو الحصار الاقتصادي والهجمات الإعلامية التي تشوه وتشيطن هذه الثورة وتربط بينها وبين الظروف التي يعيشها أبناء البلد الثائر بسبب العقوبات والحصار الاقتصادي، والتاريخ يشهد على كثير من النماذج كالثورة الكوبية والفنزويلية والإيرانية والقائمة طويلة.
اليمن في الـ 21 من سبتمبر حسم أمره بضرورة استعادة قراره وسيادته، يقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في مهرجان انتصار الثورة: “ إن تحقق الانتصار بشكل كامل هو حينما نرى في بلدنا اليمني العظيم دولةً عادلةً تجسد مبادئ العدل وتحقق لشعبنا اليمني العظيم الاستقلال والحرية والكرامة والرفاه الاقتصادي والأمن: ويقول « من أول وأهم وأكبر إنجازات الثورة تحرر الشعب اليمني من الوصاية الخارجية واستعادة حقه في الاستقلال والسيادة والحرية «.
فماذا كان رد فعل قوى الهيمنة التي أزيحت بالفعل الثوري في 21 سبتمبر لقد تآمرت على هذه الثورة الفتية وحاولت وأدها في مهدها، وكان العدوان العسكري السعودي الأمريكي الذي شن على اليمن بعد ستة أشهر من نجاحها أبرز مظاهر استياء قوى الهيمنة من التوجه التحرري لليمن، وقد صرح عادل الجبير وزير الخارجية السعودي حينها أنه جرى التنسيق مع أصدقائه الأمريكيين لعاصفة الحزم منذ ستة أشهر وهو توقيت نجاح ثورة 21 سبتمبر 2014.
فكيف تصرف يمن 21 سبتمبر:
بكل عزة وشموخ وثبات وشجاعة قال قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي إن ديننا وعروبتنا وأخلاقنا وقيمنا وهويتنا تأبى لنا القبول بهذا العدوان، وقال «هذا في اليمن غير وارد»، والكثير من العبارات والمصطلحات التي تفيض عزة وكرامة وشموخاً تعكس هوية اليمن وتاريخه والموقف الذي يليق به في صورة مختلفة عن التصريحات السابقة للنظام السابق الذي قال يوماً عن طائرات أمريكية انتهكت السيادة إنها «جاءت من الجو ماذا نفعل لها؟»!
وكان دور الثورة في استعادة السيادة الوطنية متمثلاً في:
1 – إسقاط رموز النظام المفرط في سيادة الوطن وقطع أيادي الوصاية والتبعية.
2 – رفع وعي الجماهير بمعنى السيادة الحقيقي وإشراكه في القرار المعبر عن تطلعاته وآماله.
3 – اعتماد أهداف حقيقية للثورة لحفظ سيادة واستقلال اليمن واستعادة قراره وممارسة سلطة الشعب على جغرافيته ومقدراته وثوراته ورسم سياسات البلد العليا والتنفيذية من منطلق وطني خالص.
4 – مواجهة محاولات الإفشال والإجهاض حتى الوصول إلى تحقيق كافة أهداف الثورة.
5 – مراجعة القوانين واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات السابقة التي تقيد حرية اليمن وتنتقص من سيادته واستقلاله.
6 – بناء وتسليح جيش وطني بعقيدة إيمانية وهوية يمانية قادر على حفظ سيادة اليمن واستقلاله ورد أي اعتداء يتعرض له.
7 – اعتماد خطة زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي لأهمية ذلك في تحقيق استقلالية القرار الوطني.
مظاهر السيادة والاستقلال في يمن ما بعد 21 سبتمبر:
1 – الالتزام الصارم بسيادة اليمن واستقلاله ووحدة أراضيه وعدم التفريط في ذرة من ترابه ومواجهة مشاريع التقسيم وتحقيق مضمون نشيده الوطني “لن ترى الدنيا على أرضي وصياً”.
2 – الإعلان الواضح والشجاع عن سعي الثورة لتحرير كل شبر من أراضي الجمهورية اليمنية وإخراج القوات المحتلة بينما العملاء يرحبون بالاحتلال ويرهنون البلد ومقدراته وحتى أسرهم للمحتل.
3 – القيام بصناعة وتطوير سلاحه في ظروف العدوان والحصار وانقطاع الموارد بينما كان النظام السابق يفجر ويدمر سلاح الوطن ومقدراته، لما للجيش والسلاح من أهمية في تثبيت سيادة الوطن وحمايتها، وخير دليل هو الرد على الاعتداء الأمريكي البريطاني واستهداف سفنهما واعتبارهما دولتين معاديتين.
4 – إقرار سياسة الزراعة والاهتمام بالمنتجات المحلية، بينما النظام السابق يوقع اتفاقية تلزم اليمن بعدم الزراعة، وقد وصلت رغم الظروف القاسية إلى توفير الاكتفاء الذاتي في بعض الأصناف الزراعية.
5 – الحفاظ على سلامة المناهج التعليمية وتنقيتها من الشوائب والمدخلات المخالفة للدين والثقافة والهوية الإيمانية اليمانية.
6 – اتخاذ المواقف الإقليمية والدولية والقرارات التي تتوافق مع دينه وهويته وأخلاقياته وتاريخه لا تبعية فيها ولا وصاية عليها، والوقوف إلى جانب قضايا الأمة انطلاقاً من دين وهوية وأخلاق الشعب اليمني، ومنها موقف اليمن المميز من الإساءة للقرآن الكريم والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم، حد وضع قوانين المقاطعة للدول المسيئة والمشاركة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس (طوفان الأقصى) ومواجهة مشروع التطبيع وما يسمى صفقة القرن.
7 – تشكيل أول حكومة وطنية خالصة من غير وصاية سعودية ولا فيتو على وزير أو مسؤول فيها.
8 – فرض الأمن والسكينة والاستقرار الداخلي ومكافحة الاغتيالات والعمليات التكفيرية وتخفيضها إلى الصفر بتوفيق الله تعالى وتوجيهات قائد الثورة وجهود الأجهزة الأمنية وقطع أيادي الجماعات التكفيرية الإجرامية التي كانت تنشط في مناخ من التسهيل السلطوي للنظام السابق، وكذلك كشف الخلايا التجسسية والتخريبية العميلة للعدو.
9 – إعادة القبيلة إلى مكانتها ودورها التاريخي والاجتماعي، بينما كان النظام السابق يؤلب بينها لإضعافها وتوظيفها في تثبيت النظام وليس استقرار الوطن.
10 – إعادة الهوية اليمانية الإيمانية للشعب التي تعرضت للتجريف والمحو المتدرج عبر مشاريع التمييع والحرب الناعمة، وجعلها أحد مرتكزات ومبادئ المرحلة الجديدة.
11 – بعد امتلاك الشعب للقرار السياسي توجهت الثورة نحو المحافظة على نسيجه الاجتماعي والقضاء على الثأرات وإنهاء الخلافات بين أبناء القبائل والمجتمع التي كانت مبنية على خلفيات سياسية أو مناطقية أو اجتماعية.
12 – ممارسة السيادة حتى على المناطق المحتلة بمنع نهب الثروات اليمنية التي يسيطر عليها عملاء الاحتلال السعودي الإماراتي بقوة السلاح، بينما نلاحظ استخدام الرئاسة في النظام السابق مصطلح “الأشقاء السعوديين” عند الحديث عن مطالبتهم بالجوف ومارب النفطيتين!
13 – التعامل مع المنظمات المشبوهة بكل حذر ورسم محددات العمل والنشاط في اليمن وفقاً لمصالحه وبما ينسجم مع دينه وهويته وأخلاقه وخصوصياته.
14 – فرض رأي ومصلحة الوطن العليا في ما يتعلق بالمفاوضات والتمثيل الأممي في اليمن، حتى أنه رفض المبعوث الأممي ولد الشيخ لما أظهر انحيازه الفج للسعودية والإمارات ما اضطر الأمم المتحدة لتغييره..
أما الحديث عن السيادة والقرار والاستقلال في المناطق المحتلة فيحتاج إلى أوراق خاصة ولكن يمكن الإشارة سريعا إلى وضع الحكومة ومكان إقامتها وعجزها عن التواجد في اليمن ومراسم استقبال مسؤوليها وغياب علم الجمهورية اليمنية ورفع علمي السعودية والإمارات ووضع الخائن هادي وقيادات عسكرية كبيرة تحت الإقامة الجبرية وسجن آخرين والسيطرة على منافذ الوطن وموانئه وجزره ومياهه وأجوائه وعوائد ثرواته وعزل وتنصيب مسؤولي حكومة الخيانة إلخ من مظاهر التبعية والوصاية وانعدام السيادة والاستقلال والحرية ورضوخهم للاحتلال وقراراته بل وحتى يتعرضون للقتل بما يسمونه النيران الصديقة التي لا يستطيعون إنكارها أو إدانتها، فضلاً عن مواجهتها وحفظ دماء المغرر بهم من أبناء الوطن.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في ذكراها السادسة كيف تم إجهاض ثورة ديسمبر؟
بقلم: تاج السر عثمان
١
في الذكرى السادسة لثورة ديسمبر، نستلهم دروسها حتى لا تتكرر تجربة إجهاضها التي قادت للحرب اللعينة، بترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وابعاد العسكر والدعم السريع عن السياسة والاقتصاد، ونحن نسير في تكوين اوسع جبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد، وذلك من خلال النقد والنقد الذاتي، بمتابعة تطور المخططات للانقلاب علي ثورة ديسمبر من القوى المضادة لها في الداخل والخارج. ننطلق من الوقائع لا من التصورات الذهنية المسبقة والأوهام ، ويمكن تحديد تلك المخططات في الآتي:
٢
بعد اندلاع ثورة ديسمبر ، تم التوقيع علي ميثاق إعلان ” الحرية والتغيير” والذي توحدت حوله قوي الثورة ، وانطلقت الثورة بعنفوان وقوة أكثرعلي أساسه باعتباره البديل الموضوعي للنظام الإسلاموي الفاشي الدموي ، وكانت كما اوضحنا في مقالات ودراسات سابقة في اهم النقاط التالية:
– تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني، تحكم لمدة أربع سنوات. – وقف الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها وعمل ترتيبات أمنية مكملة لاتفاق سلام عادل وشامل وقيام المؤتمر الدستوري الشامل لحسم القضايا القومية.
– وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين في كل المجالات المعيشية والتزام الدولة بدورها في الدعم الاجتماعي وتحقيق التنمية الاجتماعية من خلال سياسات دعم التعليم والصحة والاسكان مع ضمان حماية البيئة ومستقبل الأجيال.
– إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية (النظامية) بصورة تعكس استقلاليتها وقوميتها وعدالة توزيع الفرص فيها دون المساس بشروط الأهلية الكفاءة.
– استقلال القضاء وحكم القانون ووقف كل الانتهاكات ضد الحق في الحياة فورا ، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات وتقديم الجناة في حق الشعب السوداني لمحاكمة عادلة وفقا للمواثيق والقوانين الوطنية والدولية.
– تمكين المرأة السودانية ومحاربة كافة أشكال التمييز والاضطهاد التي تتعرض لها.
– تحسين علاقات السودان الخارجية علي أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور ، مع ايلاء أهمية خاصة لاشقائنا في دولة جنوب السودان.
٣
بعد وصول الثورة الي ذروتها في اعتصام القيادة العامة ، تم انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد بهدف قطع الطريق أمام الثورة، واستمرت المقاومة باسقاط الفريق ابنعوف، ومع اشتداد المقاومة والمطالبة بالحكم المدني، تمت المحاولة الانقلابية بمجزرة فض الاعتصام ، والتي أعلن فيها البرهان انقلابه على ميثاق ” إعلان الحرية والتغيير” بقيام انتخابات بعد 9 شهور وإلغاء الاتفاق مع” قوى التغيير” الذي خصص لها 67 % من مقاعد التشريعي، لكن موكب 30 يونيو 2019 قطع الطريق أمام الانقلاب بعد المجزرة، وتمت العودة للمفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، وتم التوقيع على الوثيقة الدستورية “المعيبة” التي تجاوزت ميثاق ” إعلان الحرية والتغيير”، فما هي أبرز نقاط “الوثيقة الدستورية” : –
– تراجعت ” الوثيقة الدستورية” عن ” إعلان الحرية والتغيير” ، واصبحت الفترة الانتقالية ( 39 شهرا) ، وتكوين مجلس سيادة من 11 ( 5 عسكريين و6 مدنيين) ، لمجلس السيادة الرئاسة خلال في 21 شهرا الأولي، والشق المدني في الفترة الانتقالية الثانية 18 شهرا!!. كما أعطت المكون العسكري حق تعيين وزيري الدفاع والداخلية والانفراد بالاصلاح في القوات النظامية. وقننت الوثيقة الدعم السريع دستوريا ، واعتبرته مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته وتتبع للقائد العام للقوات المسلحة وخاضعة للسلطات السيادية.
– اعتبرت “الوثيقة الدسترية” المراسيم الصادرة من 11 أبريل 2019 سارية المفعول ما لم تلغ أو تعدل من قبل المجلس التشريعي ، أما في حالة تعارضها مع أي من أحكام الوثيقة تسود أحكام الوثيقة. بالتالي ابقت الوثيقة الدستورية كما جاء في المراسيم علي وجود السودان في محور حرب اليمن ، والقوانين المقيدة للحريات التي ظلت سارية المفعول ولم يتم إلغايها..
٤
تم التنكر من المكون العسكري للوثيقة الدستورية رغم عيوبها ، ولم يتم تنفيذ بنودها كما في البطء والفشل في الآتي:
– محاسبة منسوبي النظام البائد في الجرائم التي ارتكبت منذ يونيو 1989.
– معالجة الأزمة الاقتصادية ووقف التدهور الاقتصادي ، وزاد الطين بلة الخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي برفع الدعم الذي زاد من حدة الغلاء والسخط علي الحكومة مما يهدد بسقوطها.
– الاصلاح القانوني وإعادة بناء المنظومة القانونية ، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات واستقلال القضاء وحكم القانون.
– تسوية أوضاع المفصولين من الخدمة المدنية والعسكريين وعدم اصدار قرار سياسي وبعودتهم.
– استمرار الانتهاكات ضد المرأة ( كما حدث في حالات الاغتصاب التي سجلتها مجازر دارفور واعتصام القيادة العامة . الخ.
– سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة ، وتعمل علي تحسين علاقات السودان الخارجية ، وبنائها علي أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة مما يحفظ سيادة البلاد وأمنها، بل تم الخضوع للاملاءات الخارجية كما في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي بطريقة فوق طاقة الجماهير استنكرها حتى صندوق النقد الدولي وانتقد الحكومة علي تلك الطريقة في التنفيذ التي تؤجج الشارع وتهدد استقرار البلاد والفترة الانتقالية، والخضوع للابتزاز في التطبيع مقابل الرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب، فضلا عن دفع التعويض (335 مليون دولار) عن جرائم ليس مسؤولا عنها شعب السودان.
– تفكيك بنية التمكين الذي ما زال قويا ، وقيام دولة المؤسسات.
– تغول المجلس السيادي علي ملف السلام ، وتأخير تكوين التشريعي والولاة المدنيين بعد اتفاق المكون العسكري مع الجبهة الثورية، وعدم تكوين مفوضية السلام التي من اختصاص مجلس الوزراء، والسير في منهج السلام الجزئي والقائم علي المحاصصات حتى توقيع اتفاق سلام جوبا الذي وجد معارضة واسعة.
– تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وإعلان نتائج التحقيق في مجازر الاعتصام ومظاهرات ومواكب المدن( الأبيض، كسلا، قريضة، . الخ).
– انتهاك وثيقة الحقوق باطلاق الرصاص علي المواكب والتجمعات السلمية مما أدي لاستشهاد وجرحي
– عدم تكوين التشريعي.
٥
الانقلاب علي الوثيقة الدستورية:
وأخيرا جاءت اتفاقية جوبا التي كرّست الانقلاب الكامل علي “الوثيقة الدستورية”، ولم تتم اجازتها بطريقة دستورية بثلثي التشريعي كما في الدستور، بل تعلو بنود اتفاق جوبا علي الوثيقة الدستورية نفسها، كما قامت علي منهج السلام الذي حذرنا منه منذ بدايته، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل سيزيد الحرب اشتعالا قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع.
كان من الأهداف تعطيل الفترة الانتقالية وتغيير موازين القوي لمصلحة القوى المضادة للثورة ، ويتضح ذلك عندما وقع المكون العسكري اتفاقا مع الجبهة الثورية بتأجيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين، وجاءت الاتفاقية بشكلها لتغيير موازين القوي لصالح قوى “الهبوط الناعم ” بإعطاء نسبة 25% في التشريعي للجبهة الثورية و3 في السيادي و5 في مجلس الوزراء ، مما يحقق أغلبية يتم من خلالها الانقلاب علي الثورة..
اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، ورفضها أصحاب المصلحة أنفسهم.
السير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا جذور مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة (نيفاشا، ابوجا، الشرق،. الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب.
جاء انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 ليطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، مما أدي للتدخل الإقليمي والدولي لفرض الاتفاق الإطاري الذي أعاد الشراكة وكرس الدعم السريع واتفاق جوبا، وقاد للصراع على السلطة والثروة بين قيادتي الدعم السريع والجيش، الذي اتخذ شكل دمج الدعم السريع في الجيش و فجر الصراع المكتوم، وقاد للحرب الجارية حاليا.
٦
من العرض السابق تتضح الخطوات التي سارت عليها القوى المضادة للثورة كما في تغيير نسب المجلس لإجهاض الثورة التي رفضتها لجان المقاومة وتجمع المهنيين ، في مواجهة ومقاومة مستمرة لقواها التي أكدت استمرارية جذوتها ، وكان طبيعيا أن ينفرط عقد ” تحالف قوى الحرية والتغيير”، وينسحب منه الحزب الشيوعي وقبل ذلك جمد حزب الأمة نشاطه فيه، بعد أن سارت بعض مكوناته في خط “الهبوط الناعم “والتحالف مع المكون العسكري لإعادة إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية وتحالفاته العسكرية الخارجية ، ومنهج السلام الجزئي الذي يعيد إنتاج الحرب ولا يحقق السلام المستدام.
كل ذلك يتطلب بمناسبة الذكرى السادسة للثورة أوسع حراك في الشارع بمختلف الأشكال وقيام أوسع تحالف من القوى الراغبة في استمرار الثورة واستعادة مسار الثورة على أساس ” ميثاق قوى الحرية والتغيير في يناير 2019 وتطويره)، وتحقيق الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، وعودة كل شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والدعم السريع وشركات الماشية والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي بما يقوي الصادر والجنية السوداني وتوفير العمل للعاطلين من الشباب، ورفض السير في السياسة الاقتصادية للنظام البائد في رفع الدعم وتخفيض العملة والخصخصة،، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتفكيك التمكين والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ورفض الحلول الجزئية في السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.
– إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وإلغاء قانون النقابات 2010، واجازة قانون نقابة الفئة الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، ورفع حالة الطوارئ ، واطلاق سراح كل المحكومين ونزع السلاح وجمعه في يد الجيش وحل جميع المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات. الخ) وفقا الترتيبات الأمنية، وتكوين جيش قومي موحد مهني تحت إشراف الحكومة المدنية. لضمان وقف الحرب واستعادة مسار الثورة. وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
– تسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية.
– عودة النازحين لقراهم وحواكيرهم ، وإعادة تأهيل وتعمير مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، وتحقيق التنمية المتوازنة.
– السيادة الوطنية ووقف ارسال القوات السودانية لمحرقة الحرب في اليمن، فلا يمكن تحقيق سلام داخلي، والسودان يشارك في حروب خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، والخروج من المحاور العسكرية، وقيام علاقاتنا الخارجية مع جميع دول العالم علي اساس المنفعة والاحترام المتبادل، وتصفية كل بؤر الارهاب والحروب في السودان.
alsirbabo@yahoo.co.uk