البلاد ــ جدة

تحتفي المملكة قيادةً وشعبًا باليوم الوطني الـ 94 للمملكة، ويستذكر أبناء الوطن ومن يقيمون على أرضه اليوم، هذه المناسبة الوطنية وهم ينعمون برخائه، ويتمتعون بنموه، معتزين بشموخه، ومتفاخرين بإنجازاته، وطامحين لمستقبل يحقق أحلامهم ويرسم طريقًا ذا خطى ثابتة للأجيال المتعاقبة، تحت ظل قيادة حكيمة سارت بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم، ليعيشوا بكرامة وعزة وسلام وأمان.

وفي هذا السياق، فإن المملكة حققت قفزات نوعية على الأصعدة كافة؛ الاقتصادية والتعليمية والصحية والتقنية والثقافية، وإذا نظرنا إلى الحراك الثقافي نجد أن النقلة النوعية في الحراك الثقافي الوطني، تمثل إحدى أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير، الذي تشهده المملكة منذ إطلاق رؤيتها الطموحة” المملكة 2030″.

وبعد أن كان تطوير واستثمار المواقع الأثرية الضاربة في عمق التاريخ وفتحها للسياح من جميع دول العالم، إضافة إلى وجود معاهد وأكاديميات للفنون بخبرات عالمية ودور سينما بأحدث التقنيات، ودعم المواهب الشابة من خلال التبني والابتعاث للدراسة المختصة، من الأحلام والأمنيات التي تراود المبدعين والمبدعات في مختلف المجالات، أصبحت اليوم حقائق على أرض الواقع، جعلت السعودية تحتل موقعًا ثقافيًا متقدمًا بين نظيراتها في دول العالم.

بدأت الانطلاقة في الثاني من يونيو عام 2018 بميلاد وزارة الثقافة بأمر ملكي؛ ليترأسها صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان كأول وزير لها، بحيث تعنى بالمشهد الثقافي على الصعيدين المحلي والدولي، وتحرص على الحفاظ على التراث التاريخي للمملكة مع السعي لبناء مستقبل ثقافي غنيّ، تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون.

إستراتيجية ثقافية
وبعد عشرة أشهر من التأسيس، أطلقت وزارة الثقافة الإستراتيجية الخاصة بها، وحددت ضمن رؤيتها وتوجهاتها 16 قطاعًا فرعيًا تتركز عليها جهودها وأنشطتها، وهي: التراث، والمتاحف، والمواقع الثقافية والأثرية، والمسرح والفنون الأدائية، والمهرجانات والفعاليات الثقافية، والكتب والنشر، وفنون العمارة والتصميم، والتراث الطبيعي، والأفلام، والأزياء، واللغة والترجمة، وفنون الطهي، والأدب، والمكتبات، والفنون البصرية، والموسيقى.

من خلال حزمة أولى مكونة من 27 مبادرة، عكست وزارة الثقافة دورها وشكل حضورها، وترجمت إستراتيجيتها عبر خطوات عملية وخطة شمولية تمثلت في: مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وصندوق” نمو” الثقافي، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وبرنامج الابتعاث الثقافي، وبينالي الدرعية، والفرقة الوطنية للمسرح، والفرقة الوطنية للموسيقى، ومركز موحد للخدمات والتراخيص الثقافية، وبيوت الثقافة، وأكاديميات الفنون، ومبادرة الكتاب للجميع، والجوائز الثقافية، ومجلات الآداب والفنون، والمتاحف المختصة، والأرشيف الوطني للأفلام، وبرنامج التفرغ الثقافي، وبرنامج ترجم، والمهرجانات الثقافية، وبرنامج ثقافة الطفل، وتوثيق التراث الشفهي وغير المادي، ومعرض الفن المعاصر السنوي، وتطوير المكتبات العامة، وأسابيع الأزياء، ومهرجان الطهي الوطني، والفن في الأماكن العامة، وإقامة الفنان، ومدينة الثقافة السعودية، إلى جانب رعاية المهرجان الوطني للتراث والثقافة “الجنادرية”.


11 هيئة ثقافية
وتزامن الرابع من فبراير عام 2020 مع موافقة مجلس الوزراء على إنشاء 11 هيئة ثقافية جديدة؛ تتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميًا بوزير الثقافة. والهيئات الجديدة هي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي.

مبادرات ثقافية..
قدمت وزارة الثقافة منذ تأسيسها عددًا من المبادرات النوعية، لعل أبرزها تسمية عام 2020 بـعام الخط العربي احتفاءً بالخط العربي، وتقديرًا لما يمثله من أهمية في التعبير عن مخزون اللغة العربية، وما يمتلكه من تاريخ وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله، ثم تم تمديده ليشمل عام 2021، بسبب الظروف الاستثنائية وما شهده العالم من جائحة كورونا.
وخلال عامي 2020 و2021 أطلقت عدة مبادرات لخدمة الخط العربي، منها منصة مختصة بالخط العربي تعريفًا وتعليمًا، ونشرت سلسلة “خطاطون” عبر عشرة مقاطع بصرية تعكس حضور الخط العربي في تشكيل الهوية والحضارة، كذلك عقدت شراكات مع جهات حكومية بتفعيل المبادرة من خلال تعريب قمصان لاعبي أندية الدوري السعودي للمحترفين، وعبر “كأس السعودية”، وجداريات الخط العربي، وكذلك تطبيق الهوية البصرية لعام الخط العربي على طائرات الخطوط السعودية وطيران ناس، وبالشراكة مع مؤسسة البريد السعودي تم إصدار طوابع بريدية، أيضًا صمم ختم “عام الخط العربي” بالتعاون مع وزارة الداخلية ليكون على جوازات سفر القادمين إلى المملكة، ومن جانب آخر نظمت المعرض العالمي للخط العربي، ومعرض “رحلة الكتابة والخط”، علاوة على المسابقات والبرامج التفاعلية ومنصة الخطاط.

مجال الموسيقى
شهد عام 2020 نقلة نوعية غير مسبوقة في مجال الموسيقى، وذلك بعد إنشاء هيئة مختصة في هذا المجال تحت اسم “هيئة الموسيقى” بدأت أعمالها بالتعاون مع إحدى الشركات المختصة، فأطلقت منصة “أبدع” التي تمنح تراخيص لمزاولة المهن الثقافية والفنية، وقدمت ثلاث رخص لممارس العزف الموسيقي وممارس إدارة الصوتيات الموسيقية وممارس الإنتاج الموسيقي، إضافة إلى توفير منصة للترخيص للمعاهد التدريبية والتي نتج عنها إصدار أول رخصتين للتدريب الموسيقي في المملكة. وأطلقت الهيئة برنامجًا تدريبيًا افتراضيًا لصناعة الموسيقى، يتضمن مسارات تعليمية وتدريبية في عدد من التخصصات الموسيقية، كذلك أعلنت عن بدء استقبال طلبات الموسيقيين والعازفين الراغبين في الانضمام للفرقة الوطنية للموسيقى، كما قدمت هدية “موسيقى الفروسية” لنادي سباقات الخيل في النسخة الثانية من “كأس السعودية”، كذلك أغنية تشجيعية خاصة قدمت للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم، ضمن مشواره في التصفيات المؤهلة لكأس العالم القادمة.


أبعاد عالمية
مزجت الأهداف التي وضعت للهيئات الثقافية الجديدة في المملكة بين البعدين المحلي والعالمي، ففي الجانب المحلي تركز على خدمة المثقف والباحث والمبدع في جميع مجالات الفنون والآداب وفي الجانب العالمي، تكشف للعالم إبداعات أبناء الوطن، إضافة إلى الإرث التاريخي العريق الذي تختزنه أرضها. فبعد إنشاء هيئة الأدب والنشر والترجمة، أعلنت عن مبادرتها لإثراء المحتوى العربي، وتعزيز التبادل الثقافي بين اللغة العربية ونظيراتها في العالم من خلال مبادرة” ترجم”، التي تعدّ واحدة من حزمة المبادرات الأولى التي أعلنت عنها وزارة الثقافة في حفل إطلاق رؤيتها وتوجهاتها. في حين أعلنت المسار الثاني من مبادرة ترجم، وهي مشروع “ترجمة الدوريات الأكاديمية”، الذي تسعى الهيئة من خلاله إلى إثراء المحتوى المعرفي العربي من خلال ترجمة الدوريات الأكاديمية في المجالات الثقافية والاجتماعية والإنسانية. كما أعلن عن إطلاق مبادرة “المرصد العربي للترجمة”؛ بهدف تنسيق الجهود العربية في مجال الترجمة ودعم مسيرتها. إلى جانب الإعلان عن إنشاء دار النشر السعودية. كما نظمت الهيئة سلسلة من اللقاءات الأدبية الافتراضية في عام 2021م.

تأهيل المبدعين
ركزت الإستراتجية الثقافية الجديدة في المملكة على جانب التأهيل والتدريب للموهوبين والمبدعين، فأطلقت وزارة الثقافة برنامج “الابتعاث الثقافي” الذي يتم بموجبه ابتعاث الطلاب والطالبات الموهوبين في مجالات فنية وأدبية للدراسة في أعرق الجامعات العالمية؛ مثل جامعة كولومبيا، وجامعة جورج تاون، وجامعة السوربون، إلى جانب كلية لندن الجامعية، وجامعة كارنيغي ميلون، وكلية بارسونز للتصميم، وجامعة كاليفورنيا بيركلي، وجامعة نورث وسترن، ومدرسة مانشستر للعِمارة، ومعهد برات في أمريكا، وكلية رويال هولواي بجامعة لندن، وجامعة ولاية ميشيغان .
ويدرس هؤلاء الطلاب والطالبات في تخصصات تشمل الآداب واللغات واللغويات، وعلم الآثار، وفنون الطهي، وفنون العمارة، وصناعة الأفلام، والمكتبات والمتاحف، وتصميم الأزياء، والمسرح، والفنون البصرية، والموسيقى، والتصميم.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: وزارة الثقافة الخط العربی فی المملکة من خلال

إقرأ أيضاً:

أسبوع ثقافي حافل.. المركز الثقافي الكوري يحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه

في الذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه في مصر، يعتزم المركز الثقافي الكوري، بالتعاون مع دار الأوبرا، تنظيم أسبوع ثقافي يتضمن العديد من الفعاليات والأنشطة خلال الفترة من 22 إلى 28 سبتمبر.
سيوفر أسبوع الثقافة الكوري الحافل، والذي يحمل عنوان K-Sound، للشعب المصري فرصة لاستكشاف جوانب مختلفة من الثقافة الكورية، بما في ذلك عروض الرقص التقليدية والحديثة والموسيقى بالإضافة إلى ورش العمل التفاعلية.
سيتم افتتاح أسبوع الثقافة بحفل موسيقي لفرقة "LEENALCHI" الكورية يوم 22 سبتمبر في القاعة الرئيسية بدار الأوبرا في الساعة 8 مساءً. وفي الوقت نفسه، ستستضيف مكتبة الموسيقى بدار الأوبرا معرضًا للآلات الموسيقية التقليدية. كما سيستضيف المركز الثقافي الكوري ورش عمل فنية لفن الأريرانج في مقره بالدقي من 23 إلى 26 سبتمبر. ستوفر الورش للمشاركين تدريبًا على أداء الأغنية الشعبية الشهيرة "الأريرانج"، بالإضافة إلى تدريب عملي على تصميم المروحة الكورية التقليدية.
تتكون فرقة "لينالتشي" التي سميت على اسم مغنية مشهورة عاشت في كوريا خلال القرن التاسع عشر، من 6 فنانين؛ ثلاثة مغنين وعازفي جيتار باس وعازف طبول. تأثرت الفرقة التي تأسست عام 2019 بأداء "بانسوري"، وهو أسلوب سرد القصص الموسيقية الأصيلة في كوريا الجنوبية والذي كان شائعًا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والذي يؤديه بشكل أساسي مغني وعازف طبول. مستوحاة من التراث الموسيقي الكوري، تقدم فرقة "لينالتشي" إيقاعات مميزة وآسرة جذبت ملايين المعجبين في كوريا وفي العديد من دول العالم. على الرغم من صغر سنها، شاركت الفرقة الكورية في العديد من المهرجانات الموسيقية الكورية والآسيوية والأوروبية.
ويختتم أسبوع الثقافة بعروض موسيقية كورية تقليدية يوم 28 سبتمبر في القاعة الصغيرة بدار الأوبرا. سيتضمن الحفل عرضًا لمجموعة من الموسيقيين الهواة المصريين الذين سيستعرضون مهاراتهم في العزف على الآلات الموسيقية التقليدية، بعد مشاركتهم في أكاديمية جوجاك. وتستضيف أكاديمية الفنون دورة تدريبية تمهيدية لمدة أسبوعين، تقدم للمشاركين فيها المهارات الأساسية لأداء الآلات الموسيقية الكورية التقليدية. كما سيتضمن الحفل الختامي عرض أريرانج الذي سيعرض التراث الثقافي الغني لكوريا وإرثها الثقافي النابض بالحياة.
من جانبه، أعرب أوه سونغ هو، مدير المركز، عن سعادته بالاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المركز، مشيرًا إلى أنها ستكون بمثابة مقدمة للاحتفال بالذكرى السنوية الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين كوريا الجنوبية ومصر العام المقبل.
وأضاف مدير المركز: "إن أسبوع الثقافة الكورية بمثابة فرصة لعرض إنجازات رحلتنا المشتركة منذ افتتاح المركز الثقافي الكوري في عام 2014، فضلًا عن التزامنا بتعزيز التفاهم الثقافي بين البلدين".

مقالات مشابهة

  • اقتصاديون وخبراء يتوقعون مزيداً من الازدهار في النصف الثاني للرؤية.. 6 تحولات اقتصادية تعزز مكتسبات المملكة في اليوم الوطني94
  • المجتمع الثقافي الإيطالي يحتفي بمهرجان الثقافة الفليسطينية الخامس
  • أسوان تستقبل ملتقى جديدًا ضمن مشروع "أهل مصر" وانطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم
  • أسبوع ثقافي حافل.. المركز الثقافي الكوري يحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه
  • المنح الثقافية.. تعزيز للذاكرة الحضارية
  • «المعهد الثقافي العربي».. المعنى والرسالة
  • خلال عام .. موهوبو المملكة يهدون الوطن 107 جوائز عالمية
  • احتفالية فنية لتكريم الفائزين بمسابقة الخط العربي بمركز طنطا الثقافي
  • الذهب يتصدر المشهد الاقتصادي المصري في ظل تحولات عالمية