الإمارات وأميركا.. رؤى مشتركة لاستكشاف الفضاء
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
آمنة الكتبي (دبي)
قطاع الفضاء أحد المحاور الأساسية للتعاون بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، ورغم حداثة دخولها مجال استكشاف الفضاء، حققت الإمارات نجاحات كبيرة بفضل الشراكات مع دول رائدة في هذا القطاع، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وتعد الشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، من الشراكات الاستراتيجية، والتي لم تقتصر على التعاون التكنولوجي والعلمي فحسب، بل أصبحت رمزاً للتعاون الدولي في مجالات الابتكار والاستكشاف، وتجتمع لتحقيق رؤية مشتركة لاستكشاف الفضاء الخارجي والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة لتطوير الاقتصاد المعرفي.
وتتمثل أوجه التعاون الفضائي بين الإمارات والولايات المتحدة في أربع اتفاقات أو شراكات استراتيجية، بدأت في أكتوبر 2020 بإعلان «ناسا» انضمام دولة الإمارات كعضو مؤسس لاتفاقية «آرتميتس» التي تستهدف تشكيل بيئة آمنة وشفافة، وتسهل عمليات الاستكشاف والأنشطة الفضائية العلمية والتجارية، بما يصب في خدمة البشرية أجمع، إذ أوضحت «ناسا» أنها اختصت الإمارات لتكون من بين أوائل المنضمين إلى هذه الاتفاقية الدولية، نظراً لامتلاكها برنامجاً سلمياً واعداً وطموحاً لاستكشاف الفضاء، ولدورها الريادي إقليمياً ودولياً في هذا المجال المهم، إضافة إلى ما يميز قطاعها الفضائي الوطني من بنية تشريعية شفافة، تخاطب المستقبل، وتحفز النمو، وتلهم الأجيال.
وتطورت أوجه التعاون الفضائي الإماراتي والأميركي لدرجة الشراكة الاستراتيجية، حين أعلنت الإمارات انضمام الولايات المتحدة كشريك استراتيجي للإمارات في مشروع استكشاف المريخ، وبرنامج رواد الفضاء، ومشروع استكشاف حزام الكويكبات، التي تعد أول مهمة من نوعها على الإطلاق لدراسة سبعة كويكبات في حزام الكويكبات الرئيس، بهدف تسريع تطوير قطاع الفضاء الخاص في دولة الإمارات والقدرات الوطنية في مجالات الابتكار والتطوير التكنولوجي المتقدم.
وتهدف المهمة، التي تمتد لنحو 13 عاماً، إلى بناء فهم أعمق لخصائص الكويكبات وأصولها وتكوينها وتطورها، وفتح آفاق جديدة لفهم أكثر عن تشكيل نظامنا الشمسي، والتعرف إلى أصولها الغنية بالمياه كمورد قابل للاستخدام، وتقييم وجود المواد العضوية والمتطايرة في حزام الكويكبات، كما وتتعاون مهمة مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات مع العديد من الشركاء الاستراتيجيين لتطوير الأجهزة العلمية للمركبة الفضائية «MBR Explorer»، التي ستنطلق في مارس 2028، لتقطع مسافة خمسة مليارات كيلومتر، إلى جانب ستة شركاء أميركيين لنقل المعرفة داخل الإمارات. تتنوع بين جامعات ومؤسسات بحثية وشركات، من بينها جامعتا «أريزونا وكولورادو بولدر»، وذلك من خلال مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء (LASP)، والتي تعد الشريك الأساسي المعني بنقل المعرفة لتصميم البعثات وتطوير المركبات الفضائية واختبار النظام، والتي كانت شريك نقل المعرفة لمهمة الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل».
وانضمت الولايات المتحدة الأميركية في ديسمبر 2023 بجانب 20 وكالة فضاء عالمية إلى التعهد الذي قادته دولة الإمارات خلال استضافتها أعمال القمة العالمية للمناخ (كوب 28)، بشأن دعم أجندة المناخ العالمية، الذي ألزم وكالات الفضاء المشاركة بـ تعهدات جادة بالعمل على تسريع العمل المناخي من خلال تمويل برامج المناخ، وتعزيز الأبحاث المتعلقة بالمناخ، وغيرها من الإجراءات للوفاء بالالتزامات التي تم الإقرار بها في اتفاق باريس عام 2015، بما يدعم الخروج بالتزام جماعي لدعم الجهود المبذولة في التصدي لتغير المناخ.
واثمر التعاون الفضائي الإماراتي والأميركي بداية العام الجاري من خلال انضمام دولة الإمارات رسمياً إلى اتفاق «المحطة الفضائية القمرية» بجانب الولايات المتحدة واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، لتصبح أول دولة عربية تنضم لهذا المشروع العلمي العالمي لبناء محطة الفضاء القمرية، تمهيداً لإرسال أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى القمر.
ووفقاً لهذا الاتفاق تتولى دولة الإمارات تطوير وحدة كاملة ضمن المحطة تزن 10 أطنان، وسيتم إنشاء مركز عمليات فضائية في الدولة للمحطة الجديدة، ومركز عالمي لتدريب رواد الفضاء أيضاً على أرض الدولة.
وبالتعاون مع الشركات الأميركية، تتطلع الإمارات إلى توسيع استخدام الأقمار الصناعية المصغرة، وهي تقنية فضائية متقدمة تستخدم في مجالات الاتصالات ورصد الأرض، وتعمل دولة الإمارات على إطلاق سلسلة من الأقمار الصناعية بالتعاون مع شركات أمريكية، مما سيمكنها من تعزيز خدماتها التقنية وتطوير بنيتها التحتية الفضائية، ويسهم التعاون يسهم في دفع عجلة الابتكار ويضع الإمارات في موقع متقدم بين الدول التي تمتلك قدرات متطورة في مجال الأقمار الصناعية.
بالإضافة إلى المشاريع التقنية، يشهد التعاون الإماراتي والأميركي في مجال التدريب الفضائي تطوراً ملحوظاً، فقد أرسلت الإمارات رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، حيث تلقوا تدريبات مكثفة بالتعاون مع وكالة «ناسا». هذا التعاون يعزز من قدرات الإمارات على إعداد وتدريب كوادر محلية قادرة على قيادة مشروعات فضائية مستقبلية.
تعاون فضائي
وتبرز أهمية التعاون الفضائي في تطوير القدرات البشرية والعلمية، حيث يشجع هذا التعاون على تبادل الخبرات وتعزيز الابتكار المحلي، ما يسهم في بناء جيل جديد من العلماء والمهندسين القادرين على مواكبة التطورات العالمية في هذا القطاع الحيوي، حيث تجسد العلاقات الإماراتية الأميركية في قطاع الفضاء شراكة استراتيجية قائمة على الثقة المتبادلة والابتكار العلمي، من خلال المشاريع المشتركة، مثل استكشاف المريخ والقمر، وبرامج الأقمار الصناعية، والتدريب الفضائي. وتواصل الإمارات والولايات المتحدة توسيع آفاق التعاون بما يخدم تطلعات البلدين لتحقيق تقدم كبير في استكشاف الفضاء، حيث تعد هذه الشراكة ركيزة أساسية لرسم مستقبل مشترك في مجال الفضاء، مما يمهد الطريق أمام الإمارات لتحقيق طموحاتها في أن تصبح قوة فضائية رائدة على الساحة العالمية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات أميركا الولايات المتحدة رئيس الدولة زيارة رسمية محمد بن زايد الفضاء الولایات المتحدة الأقمار الصناعیة التعاون الفضائی حزام الکویکبات استکشاف الفضاء دولة الإمارات فی مجال من خلال
إقرأ أيضاً:
أبوظبي.. مؤتمر "سايبركيو" يعزِّز التعاون في الأمن السيبراني الكمّي
اختتم مؤتمر "سايبركيو: الأمن السيبراني في العصر الكمّي" فعالياته؛ التي استمرَّت على مدى يومين في مركز أدنيك أبوظبي، بهدف مناقشة التحديات المتزايدة التي تواجه العالم الرقمي، في ظل التطوُّر المتسارع لتكنولوجيا الحوسبة الكمّية.
نظَّم المؤتمر مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات بدعمٍ من معهد الابتكار التكنولوجي، واستقطب أكثر من 1,000 خبير من 110 دول، ما يؤكِّد ريادة دولة الإمارات في مجال الأمن السيبراني، والتزامها ببناء مستقبل رقمي آمن ومستدام.
ركَّز المؤتمر على استكشاف التأثيرات العميقة للحواسيب الكمية في أمن المعلومات، واستعرض الحاجة الملحَّة إلى تطوير استراتيجيات دفاعية جديدة لمواجهة التهديدات الناشئة، ما جعل المؤتمر منصة لتبادل الخبرات والمعارف بين الخبراء والباحثين وصُنّاع القرار في هذا المجال الحيوي.
وقدَّم المتحدثون في المؤتمر أفكاراً قيِّمة عن كيفية حماية الأنظمة السيبرانية الحيوية في مواجهة التهديدات الكمّية، وأهمية التعاون الدولي بين الحكومات والشركات والأكاديميين لتطوير معايير أمنية موحَّدة لمواجهة التهديدات المتزايدة.
وأكَّد المؤتمر أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني الكمّي لبناء قدرات دفاعية قوية، حيث أشار الخبراء إلى ضرورة تدريب كوادر مؤهَّلة في مجال الأمن السيبراني الكمّي لتلبية احتياجات السوق.
اتفاقية استراتيجية
وخلال فعاليات المؤتمر، أبرم مجلس الأمن السيبراني اتفاقية استراتيجية مع معهد الابتكار التكنولوجي، ومشروع «كوانتم غيت» بهدف تطوير حلول تشفيرية متقدِّمة قادرة على مواجهة التهديدات المتزايدة التي تشكِّلها الحواسيب الكمومية على الأنظمة الرقمية الحالية، وتعزيز الصدارة في مجال الأمن السيبراني على المستوى الإقليمي والعالمي. ويمثِّل «كوانتم غيت» مشروعاً جديداً في مجال الأمن السيبراني طوَّرته شركة «فينتشر ون» التابعة لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطوِّرة، لتعزيز الدفاعات السيبرانية الإقليمية.
وتُسهم هذه الاتفاقية في تطوير حلول مبتكرة في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، وحماية البيانات والممتلكات الفكرية للمؤسَّسات والأفراد.
وأكَّد الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أهمية هذه الشراكة في مواجهة التهديدات المتزايدة التي تواجه الفضاء السيبراني.
ولفتت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي، إلى ضرورة الاستعداد لمواجهة التحديات التي تطرحها الحوسبة الكمّية.
وقال رضا نيدهك، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة «فينتشر ون»، الشركة الأم لمشروع "كوانتم غيت": "يهدف مشروع (كوانتم غيت) إلى ضمان حماية أصول المؤسَّسات من البيانات في الوقت الحالي، وفي العصر ما بعد الكمّي، ويسهم التعاون مع خبراء معهد الابتكار التكنولوجي ومجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات في توسيع نطاق عملنا، لضمان بقاء أصول المؤسَّسات من البيانات ذات القيمة العالية آمنة ومحفوظة، سواء كان ذلك في دولة الإمارات أو على مستوى العالم".