ثورةُ 21 سبتمبر استعادةُ الهُــوِيَّة اليمنية
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
صالح القحم
شهدت اليمن ثورةً أحدثت تحولًا جذريًّا في الوعي والتغيير السياسي والاجتماعي. جاءت ثورة 21 سبتمبر كردٍ فعلٍ طبيعي على تراكماتٍ من الانحرافات السياسية والخيانة الوطنية. عبرت عن تطلعات الشعب اليمني في استعادة الهُــوِيَّة والقدرة على مواجهة التحديات. من خلال هذه الثورة، أدرك الشعب مقدار الانحراف الذي تعاني منه سلطاته وأنظمته السياسية، مما دفعهم للانتفاض ضد الفساد والهيمنة الخارجية.
تنوعت دوافع الثورة وأسباب اندلاعها، حَيثُ شهد الشعب اليمني تدهورًا مُستمرّا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. تزامن ذلك مع فقدان الثقة في السلطة القائمة وظهور علامات واضحة للخيانة الوطنية. سعى اليمنيون لانتزاع حقوقهم الأَسَاسية واستعادة كرامتهم، وهو ما اعتبرته الثورة فرصة مثالية للتعبير عن مطالبهم. ومن هنا، انفجرت الأوضاع وتمكّن الشعب من تشكيل حركة فاعلة أمام الجميع.
لقد كشفت الثورة عن انحرافاتٍ جسيمة في تحَرّكات السلطات، والتي تسببت بخيانة الأمانة والمسؤوليات الموكلة إليها. ظلت هذه الأنظمة مرتبطة بأجندات خارجية تؤثر على سيادة البلاد. هذه الخيانات لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت عبارة عن سلسلة متكرّرة من التحديات والانكسارات. استطاعت الثورة أن تضع الأمور في نصابها وتظهر مدى الفساد المستشري في كُـلّ مؤسّسات الدولة.
أزالت الثورة كُـلّ الأقنعة عن المنافقين والعملاء لأعداء اليمن، مما ساعد الشعب على الفرز بين المخلصين والخائنين. ولقد عمدت هذه الثورة إلى كشف الأبعاد الحقيقية للسلوكيات والولاءات. أضحت العملية الثورية فرصة لرصد الخونة وتحجيم تأثيراتهم. هذا الكشف ترتب عليه تعزيزٌ للروح الوطنية وتقوية الصفوف بين أبناء الشعب.
كان لهذه الثورة دورٌ رئيسي في إعادة تجسيد قيم الحرية والاستقلال لدى الشعب اليمني. جاءت لتأكيد أن لكل فرد حقٌ في العيش بحرية وكرامة. تحرّر الناس من القيود المفروضة، وانتشر الوعي بأهميّة السيادة والتمييز بين الحق والباطل. هذا الوعي كان دافعًا مهمًا لاستعادة الهُــوِيَّة والتراث الديني والسياسي للشعب اليمني.
تميزت هذه الثورة بركائز أَسَاسية جعلت منها علامة فارقة في تاريخ الشعوب. أولها المنهج الفكري، الذي ساعد في توجيه الثورة نحو أهدافها النبيلة. بالإضافة إلى القيادة الحكيمة التي عرفت كيف تتعامل مع التحديات المعقدة بحنكة وجسارة. والأهم من ذلك، كان الشعب نفسه هو محور الثورة، ما زاد من قوتها وتأثيرها.
أعادت الثورة تشكيل الوعي الجماهيري، حَيثُ أصبح الشعب أكثر إدراكًا لأهميّة الجهاد والتضحية. تعززت الروح الجهادية في نفوسهم، مما أَدَّى إلى تصعيد روح التضامن والمقاومة. تصاعدت القصص البطولية التي ألهمت المستقبل وتعزيز الثقة في القدرات العسكرية. هذه الروح كانت الوقود الذي عزز من انطلاقاتهم في ميادين الشرف.
ارتبطت الثورة ارتباطا وثيقًا بالقيم الإيمانية، واستمدت منها قوتها. كان الإيمان بالله دافعًا رئيسيًّا للاستمرارية والنجاح، حَيثُ وجد الثوار في ذلك عزاءً ونصرة. القيم الدينية شكلت جوهر حركتهم وتعزيز انتمائهم إلى الجهاد؛ مِن أجلِ الحق. هذا الارتباط أعطى للحركة قوة إضافية في مواجهة التحديات والصعوبات.
برزت الابتكارات العسكرية كجزء حاسم من استراتيجيات الرد والردع في الثورة. تمكّن المجاهدون من تطوير قدراتهم العسكرية بممارسات جديدة ومبتكرة. ساعد هذا التطور في تأمين الانتصارات الكبيرة وضمان ردع الأعداء. بمشاركة أبناء اليمن، حقّقت الثورة انتصارات شبه إعجازية كانت تجسد القوة والعزيمة في مواجهة الصعاب.
يمكن القول إن هذه الثورة لم تكن مُجَـرّد حدث عابر، بل هي علامة مضيئة في تاريخ اليمن المعاصر. أثبتت قدرة الشعب اليمني على المقاومة والابتكار وسط التحديات. تتلخص أهميتها في نجاحها في استئصال الأنظمة الفاسدة واستعادة القيم الوطنية. ستظل هذه الثورة ملهمة للأجيال القادمة في سعيهم نحو الحرية والعدالة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعب الیمنی هذه الثورة
إقرأ أيضاً:
كارني يذكّر الأمريكيين بموقف كندا في هجمات 11 سبتمبر فهل يفهم ترامب الرسالة؟
في اليوم الثاني من حملته الانتخابية الوطنية عقب الدعوة إلى انتخابات مبكرة، زار رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بلدة غاندر في نيوفاوندلاند، حيث أعرب عن أسفه لتدهور العلاقات مع واشنطن، محمّلًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولية المباشرة عن ذلك.
وفي خطاب ألقاه خلال زيارته للبلدة التي شكلت رمزًا للتضامن الكندي خلال هجمات 11 أيلول، قال كارني: "في خضم هذه الأزمة التي أشعلها الرئيس الأمريكي ومن يدعمونه، نأسف على فقدان صداقة كانت يومًا متينة." وتابع قائلًا: "في غاندر، قام الكنديون بأفعال استثنائية من أجل الأمريكيين. واليوم، نحن مطالبون بأن نبادر بأفعال استثنائية من أجل أنفسنا".
غاندر، التي كانت تضم نحو 10 آلاف نسمة عام 2001، استقبلت ما يقارب 6,600 مسافر أمريكي تقطعت بهم السبل بعد أن أغلقت الولايات المتحدة مجالها الجوي إثر الهجمات على نيويورك وواشنطن. استقبلت البلدة 38 طائرة، فيما تم تحويل أكثر من 200 رحلة إلى كندا بشكل عام.
وآنذاك، سارع السكان إلى فتح منازلهم وتقديم وجبات ساخنة للأمريكيين، بينما تم توزيع الركاب على المدارس ومحطات الإطفاء والكنائس بعد أن امتلأت الفنادق. وشارك المجتمع المحلي بتقديم البطانيات والسلع الأساسية، فيما تبرع الأهالي بالطعام والملابس والألعاب، وفتحوا أبواب بيوتهم لاستخدام الهواتف والاستحمام.
وقد أشار كارني إلى أن تلك اللحظة الإنسانية تحوّلت إلى رمز وطني، وألهمت الفيلم الموسيقي الكندي الشهير "تعال من بعيد" الذي عرض على مسرح برودواي، قائلًا: "لقد أصبح مثالًا على الصلة العميقة التي تجمع بين الكنديين والأمريكيين، إذ دأب الكنديون على الوقوف بجانب جيرانهم كلما استدعت الحاجة".
ولكن على الرغم من وصفه للعلاقة بأنها "ثابتة"، أقرّ رئيس الوزراء بأنها تمرّ في مرحلة توتر غير مسبوقة. وقال: "الأمور لم تعد كما كانت، ولسنا نحن من غيّر قواعد العلاقة. المؤسف أن سياسات الرئيس ترامب دفعت هذه الشراكة إلى مستوى غير مسبوق من التوتر في تاريخنا المشترك."
Relatedحرب التعريفات.. كندا تفرض رسوما جمركية على الواردات الأمريكية ردا على رسوم ترامبمارك كارني سيصبح رئيس وزراء كندا المقبل خلفا لجاستن ترودو تصعيد جديد... ترامب يهدد كندا ويزيد الرسوم على الصلب والألومنيوموكان ترامب قد فرض في آذار/مارس الماضي تعريفة جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم من كندا، مما دفع أوتاوا إلى الرد بإجراءات مضادة شملت السلع المصنّعة من هذين المعدنين، إلى جانب منتجات أخرى مثل الحواسيب، والمعدات الرياضية. وقال وزير المال الكندي دومينيك لوبلان حينها: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تتعرض صناعاتنا من الصلب والألومنيوم لاستهداف تعسفي".
ولم يقف التصعيد عند هذا الحد، إذ هدّد ترامب في الثاني من نيسان/أبريل بفرض رسوم جمركية على جميع السلع الكندية، كما أثار موجة غضب واسعة في كندا جراء تكراره دعوات لضم البلاد إلى الولايات المتحدة باعتبارها "الولاية الـ51".
وبات ملف العلاقة مع الولايات المتحدة، التي طالما اعتُبرت حجر الزاوية في السياسة الكندية، في صلب النقاشات السياسية عشية الانتخابات المرتقبة في 28 نيسان/أبريل، والتي تتخذ طابعًا ثنائيًا بين الحزب الليبرالي بزعامة كارني، والمحافظين الذين يطمحون للعودة إلى الحكم.
المصادر الإضافية • AP
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رئيس وزراء كندا يدعو إلى انتخابات مبكرة في نيسان المقبل تحقّقْ: هل يمكن لكندا التقدم بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟ حرب التعريفات.. كندا تفرض رسوما جمركية على الواردات الأمريكية ردا على رسوم ترامب واشنطنكنداالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبأحداث 11 سبتمبرأوتاوا