العرضة السعودية.. فنٌّ تراثيٌّ فريدٌ
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
المناطق_واس
تتنوع الفنون التراثية وأشكالها الفلكلورية في أنحاء المملكة الغنية بالموروثات الثقافية، فلكل منطقة فنون ثقافة شعبية متناغمة مع طبيعتها، ومن أشكال تلك الفنون، الفن التراثي الشعبي “العرضة السعودية”، التي تتميز بجمال الأداء، والأهازيج ذات العمق التاريخي والتراثي.
وتعد العرضة صورة من صور التلاحم الخالدة بين القيادة والشعب يؤديها الرجال، إذ تبعث فيهم روح الحماس مستعرضين أمام قائدهم الوفاء وحب الوطن.
وكانت العرضة وسيلة التجهيز للحرب، إذ يقوم القائد باستعراض جنوده للتأكد من الجاهزية الكاملة لخوض غمار المعركة، ورفع الروح المعنوية للمقاتلين، في أداء مهيب متزن يثير العزائم ويحيي في النفوس مشاعر الشجاعة، ولا سيما شجاعة الفرسان، ولها حضورٌ بعد عودة الجنود منتصرين.
وقد حضرت العرضة في ملحمة توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله – حيث كان حريصًا على أدائها قبيل انطلاق عمليات التوحيد.
وتمتاز العرضة السعودية بالهيبة والوقار، ترتب صفوفها، وترفع الراية والسيوف، مشكلة مشهدًا بصريًا جميلًا، متمثلًا في وحدة الزي، وتختتم بـ “الزمية” (تحت بيرق سيدي سمع وطاعة)، ومن أركانها: (البيرق، المحورب، الصفوف، القصيدة والملقن، الطبول، سبحة الدير، السلاح، أزياء العرضة، الزمية).
وفي ظل استتباب الأمن بعد ذلك أصبحت العرضة تعبر عن الفرح، ورمزًا ثقافيًا عريقًا يُفتخر به، تؤدى في المناسبات الرسمية، ويُستقبل بها كبار ضيوف الدولة من رؤساء دول وغيرهم.
وتنقسم العرضة في أدائها إلى مجموعتين، الأولى مجموعة منشدي قصائد الحرب، والثانية مجموعة حملة الطبول، حيث يتوسط حامل العلم صفوف المجموعتين ليبدأ منشدو القصائد في أداء الأبيات وترديدها، يليها الأداء مع قرع الطبول لترتفع السيوف.
وتبدأ العرضة السعودية بالحوربة أو الشوباش وهي مرحلة الإعلان عن بدء العرضة عن طريق شاعر يمتلك صوتًا جهوريًّا يردد شطرًا من الأبيات الشعرية الحماسية ينادي فيه العارضين ليجتمعوا في صفين متقابلين ويكـون متوسـط عددهـم مـن 40 إلـى 50 عارضًا، ويكـون الصـف متزنـًا لا يسـوده أي خلـل، متماسـكين بأيـدي بعضهـم بعضـًا، وقد يكون الصف على شكل دائرة يمسك كل عارض منهم بيد الآخر، ويردد كل صف مجتمعين شطر البيت أو البيت كاملًا.
ويتبع أهل الصفوف نظامًا موحدًا، فعند تلقي أهل الصف البيت الأول من القصيدة، يبدؤون بما يعرف بـ«النزر» وهو الميلان للجهة اليمنى، والجهة اليسرى دون تراقص، وعندما يلقي الشاعر الشطر الثاني من القصيدة، يبدأ قرع الطبول، فيبدأ أهل الصف في التمايل يمنة ويسرى على شكل اهتزاز بثني الركبة يمينًا ثم ثنيها يسارًا.
وفي هذه الأثناء يحمل أهل الصف سيوفهم بأيديهم ليؤدوا بها عدة حركات مثل: رفعها للأعلى أو إنزالها للأسفل، ورفعها باستمرار أو وضعها على الكتف، ويؤدون تلك الحركات بالسيف في نسق واحد لا يمكن لأحدهم أن يخالفه، وعادة يرفعون سيوفهم للأعلى عند إلقاء شعر فيه مفاخرة بالوطن والقائد.
ويستخدم في العرضة نوعان من الطبول هما: الكبيرة “التخمير”، والصغيرة “التثليث”، وتقرع بعصا معقوفة من طرفها، وتغلف الطبول من الوجهين بجلد البعير، ويكسى الإطار بقطعة من القماش، وتُزين بخيوط ملونة تكسبها جمالًا، في حين يؤدي قارعو الطبول الصغيرة حركات متناسقة يرفعون فيها الطبل باليد اليسرى ثم ينزلونها إلى الأسفل وإلى الأمام مع القفز إلى أعلى قفزتين متتاليتين ثم الجلوس جلسة القرفصاء، فالوقوف، ويحركون أجسامهم يسارًا ويمينًا مع رفع القدمين وثني الركبتين.
وكان الفـارس يشـارك فـي أداء عرضـة الخيـل مـن خـلال عرضـه علـى صهـوات الجيـاد، وتسـمى “بالحـدوة” ويعـود اسـمها فـي الأصـل إلـى حـداء الخيـل، حيـث ينفـرد الفـارس فـي بـدء تلـك العرضـة، وهـو يحـدو علـى صهـوة جـواده؛ بهـدف تعريـف نفسـه، متجاذبـًا الأصـوات مـع الفرسـان الآخريـن بفخـر وحماسـة، ويطلـق عليـه “الحـادي” ثـم ينضـم بعـد ذلـك إلـى صفـوف العرضـة ويشـاركهم وهـو علـى صهـوة جـواده.
وتعد «نخوة العوجا» أشهر قصائد العرضة السعودية، ويعود ارتباطها إلى أسرة آل سعود قبل قيام الدولة السعودية الأولى، ثم ارتبطت بجميع ما ينضوي تحت لواء الدولة السعودية، حيث إن دلالة مفردة «العوجا» ارتبطت بنخوة آل سعود «حنا أهل العوجا»، و«خيال العوجا وأنا ابن مقرن»، و«راعي العوجا وأنا ابن مقرن»، وقد كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يبث الحماسة بها في جيشه لرد المعتدين.
ومن أشهر قصائد العرضة السعودية أبيات لا زالت تُغنى حتى اليوم:
مني عليكم يا هل العوجا سلام واختص أبو تركي عمى عين الحريب
يا شيخ باح الصبر من طول المقام ياحامـــِـي الوَندَات يا ريف الغَريب
اضرب على الكايد ولاتسمع كلام العز بالقَلطاَت والرَّاي الصّليب
لو إن طعت الشور يا الحر القطام ما كان حِشت الدار وَاشقِيت الحَرِيب
وللعرضة السعودية لباس تقليدي خاص يتميز بالألوان البراقة، واستخدام أساليب فنون التطريز، مثل لباس: الدقلة، والسديري، والزبون، والشلحات (الثوب الفضاض بالأكمام الواسعة)، والبشت، والصاية، والجوخة، والقرملية (لباس أهل الطبول)، وفي الغالب يضاف إليها السيف أو البندقية.
وحظيت العرضة باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وذلك ضمن اهتمامه الشامل – أيده الله – بالتاريخ والتراث والموروث الشعبي في المملكة، وتجلى ذلك الاهتمام في إدراج العرضة السعودية في ديسمبر 2015م على قائمة منظمة (اليونسكو) للتراث الثقافي غير المادي (الشفوي)، وتأسيس المركز الوطني للعرضة السعودية عام 2017م في دارة الملك عبدالعزيز ليعمل على تعزيز الثقافة والهوية الوطنية، وليكون بيتًا للفنون الشعبية الخاصة بلون العرضة في المملكة.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: اليوم الوطني السعودي العرضة السعودیة آل سعود
إقرأ أيضاً:
مفتي السعودية: تصوير وبث الصلوات على مواقع التواصل قد يتنافى مع الإخلاص
سرايا - دعا سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، الأئمة والخطباء إلى الحرص على الإخلاص والبعد عن الرياء والشبهات؛ ومن ذلك بث وتصوير صلواتهم ومحاضراتهم عبر قنوات ومواقع التواصل الاجتماعي بالمساجد التي قد تحدث في شهر رمضان المبارك.
ونقلا عن صحيفة "عُكاظ"، جاء ذلك في فتوى أصدرها سماحته في الـ12 من شهر رمضان المبارك، رداً على سؤال عن القرار الذي اتخذته وزارة الشؤون الإسلامية بمنع تصوير وبث الصلوات والمحاضرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ضوء الحرص على تحقيق المصالح الشرعية من انتشار أخطاء لا يمكن السيطرة عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً إن هذه المسألة خطيرة، قبل أن يكون هذا الإجراء الذي اتخذته الوزارة وهو منع التصوير وبث الصلوات والمحاضرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حرصاً على تدارك الأخطاء التي قد تقع.
وتابع، أن هناك مسألة الإخلاص وهي شرط لقبول العمل فإن العمل لا يكون مقبولاً إلا بشرطين، الإخلاص لله، وأن يكون العمل وفق الكتاب والسنة، فالمسألة خطيرة وهو ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء). رواه أحمد.
وبيّن سماحته في الفتوى الصادرة أن تصوير الصلوات في المساجد والخطب والمحاضرات وكذلك تصوير العبادات، مثل الصلاة أو أداء المناسك، له أحكام تختلف حسب النية والهدف من التصوير، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به). رواه مسلم، فالإخلاص أمر مهم وهو ما أقض مضاجع الصالحين؛ لأن من علم أن كل عمل لا يرجى به وجه الله فمردود على صاحبه فكر وتدبر قبل أن يجد نفسه مفلساً يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). رواه مسلم. وفي رواية ابن ماجة: (فأنا منه بريء وهو للذي أشرك)، والله يقول: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 14-03-2025 09:09 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية