الخليج الجديد:
2025-01-13@09:59:47 GMT

الأفارقة يهربون من هينة غربية إلى ما هو أسوأ

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

الأفارقة يهربون من هينة غربية إلى ما هو أسوأ

الأفارقة يهربون من هيمنة غربية إلى ما هو أسوأ

خذوا حذركم أيها الأفارقة حتى لا تتخلصوا من هينة غربية لتقعوا في خدعة قد تكون أشد قسوة ومرارة.

الدفاع عن أفريقيا من قبل أبنائها عنوان المرحلة الجديدة، لكنها معركة يجب أن يتحصن القائمون عليها بوعي شديد.

يخلط كثير من القيادات الانقلابية بأفريقيا بين العداء للسياسات الإمبريالية لفرنسا وغيرها من حكومات الغرب وبين رفض الديمقراطية وآلياتها الشعبية!

الدول الكبرى دون تمييز بين شرق وغرب تندفع بقوة نحو أفريقيا للقيام بأدوار متشابهة من أجل الاستحواذ على الثروات الحيوية المدفونة في القارة السمراء.

.

جزء واسع من قيادات أفريقيا التي تمردت على الغرب وفرنسا خاصة، تظن أن الارتماء في أحضان روسيا والصين سيساعدها على التحرر كأنهما أفضل وأصلح وأنقى!

نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة دفعت الرئيس السابق ساركوزي لأن يخاطب قادة أفريقيا في 2007: "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"!

تتخوف نخبة فرنسا مؤخرا من احتمال سقوط دراماتيكي بسبب سوء إدارة قيادتهم السياسية لثلاث ملفات خطيرة: أزمة أوكرانيا، علاقة فرنسا بأمريكا، علاقاتها الأفريقية.

ها هي فرنسا تطرد في وقت وجيز من أربعة دول من مالي وصولا إلى النيجر، في أجواء معادية لفرنسا بجميع مستعمراتها السابقة وتحولت إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من الأفارقة.

ستكون أفريقيا إحدى ساحات النظام العالمي الجديد الرئيسية وهو ما أدركه بوتين عندما جمع 49 رئيسا من القارة ولم يترددوا في الاستجابة لدعوته رغم صعوبة الأوضاع الإقليمية والعالمية.

* * *

عادت أفريقيا لتتصدر من جديد الواجهة الدولية، فالنظام العالمي الجديد الذي بصدد التشكل ستكون أفريقيا إحدى ساحاته الرئيسية. وهو ما أدركه فلاديمير بوتين عندما تمكن من جمع 49 رئيسا من القارة السمراء؛ الذين لم يترددوا في الاستجابة لدعوته رغم صعوبة الأوضاع الإقليمية والعالمية.

فربط العلاقة مع روسيا اليوم هو مجازفة يمكن أن تكون مكلفة لأصحابها نظرا للحرب الشرسة الدائرة في أوكرانيا وتداعياتها، والتي أصبحت تهدد السلم العالمي بحرب نووية قد تكون وشيكة، وقد تستعمل فيها أسلحة عسكرية.

وهو ما جعل بوتين يهدد فرنسا ليس عسكريا فقط إن اقتضى الأمر، بل يعتقد أن استقرارها الاقتصادي والسياسي مرتهن بقرار الدول الأفريقية الفرنكفونية يقضي بإصدار عملة مشتركة مما سيؤدي إلى انهيار ذاتي لفرنسا "مثلما يحصل للثمرة المتعفنة".

وهو يعتقد في نفس السياق أن أفريقيا أغنى ألف مرة من أوروبا بفضل ثروتها المدفونة تحت الأرض، ويكفي أن تنشئ الحكومات الأفريقية عملتها الموحدة حتى تنقلب المعادلة ليصبح الأوروبيون هم الذين يهاجرون نحو أفريقيا.

يدرك الفرنسيون جيدا هشاشة وضعهم، ويخشون أن تُستغل ضدهم نقاط ضعفهم بشكل خطير، إذ تكفي متابعة وسائل إعلامهم في الفترة الأخيرة حتى تتجلى مخاوف نخبتهم من احتمال السقوط الدراماتيكي لدولتهم بسبب سوء إدارة قيادتهم السياسية لثلاث ملفات خطيرة:

أولها الاندفاع غير المدروس في دعم أوكرانيا ضد روسيا رغم كثرة التحذيرات التي تلقتها من بعض محلليها الاستراتيجيين.

ويتعلق الملف الثاني بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، والتي تبين أن باريس تحولت إلى مجرد بيدق من بيادق السياسة الأمريكية.

الملف الثالث يتعلق بالضربات المتتالية التي تلقتها فرنسا من عديد الدول الأفريقية التي كانت من قبل ضمن مستعمراتها السابقة، وإحدى المناطق الخاضعة لها اقتصاديا وعسكريا.

فبعد نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة والتي دفعت الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن يخاطب قادة الدول الأفريقية في سنة 2007 قائلا "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"؛ ها هي تطرد في وقت وجيز من أربعة دول بدءا من مالي وصولا إلى النيجر، تم ذلك في أجواء معادية لفرنسا في جميع مستعمراتها السابقة.

لقد تحولت عاصمة النور إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من المواطنين الأفارقة، رغم أن عشرات الآلاف منهم لا يزالون ينخرطون في قوافل الهجرة غير النظامية نحو فرنسا عن طريق إيطاليا.

هذا الأمر دفع برئيسة الحكومة الإيطالية إلى شن هجوم قبل فترة على جارتها فرنسا، وحمّلتها مسؤولية المصائب التي تعاني منها هذه الدول الأفريقية.

تكمن المشكلة حاليا في أن جزءا واسعا من القيادات الأفريقية التي أظهرت تمردها على الغرب عموما، وعلى فرنسا خصوصا، تعتقد بأن الذي سيساعدها على التحرر هو الارتماء في أحضان روسيا والصين، وكأنهما الأفضل والأصلح والأنقى.

إذ تكفي الإشارة إلى وصول مجموعات فاغنر إلى الأراضي النيجيرية تحسبا لعدوان فرنسي منتظر، في حين أن هذه المليشيات المنظمة ليست سوى ورقة تستعملها موسكو لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في كثير من مناطق العالم.

كما أن الذين يقودون هذا التغيير في السياسة الخارجية للدول الأفريقية عسكريون قاموا بانقلابات وسيطروا على السلطة في بلدانهم بوسائل غير شرعية، وتعمّد الكثير منهم الخلط بين العداء للسياسات الإمبريالية لفرنسا وغيرها من الحكومات الغربية وبين رفض الديمقراطية وآلياتها الشعبية، أي التعلل برفض الهيمنة والوصاية الخارجية لتثبيت أنظمة عسكرية بلا أفق ولا برامج بديلة سوى التحالف مع أنظمة غير ديمقراطية.

فوارق عديدة تميّز بين ما يجري حاليا على ركح السياسة الأفريقية وبين جيل سابق من الزعماء الأفارقة الذين حاولوا أن يتصدوا للقوى الاستعمارية في ظرف صعب ومعقد، وقدم بعضهم ثمنا غاليا خلال تلك المعركة، وكان حصاد تلك المرحلة مرّا.

الدفاع عن أفريقيا من قبل أبنائها عنوان رئيسي من عناوين المرحلة الجديدة، لكنها معركة يجب أن يتحصن القائمون عليها بوعي شديد. فالدول الكبرى دون تمييز بين شرق وغرب تندفع بقوة نحو أفريقيا للقيام بأدوار متشابهة من أجل الاستحواذ على الثروات الحيوية المدفونة في القارة السمراء.. خذوا حذركم أيها الأفارقة حتى لا تتخلصوا من هينة غربية لتقعوا في خدعة قد تكون أشد قسوة ومرارة.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: انقلاب النيجر أفريقيا فرنسا روسيا الصين الدول الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

المسجد الكبير في باريس يعتمد دعاء خاصا لفرنسا

المسجد الكبير في باريس يعتمد دعاء خاصا لفرنسا

مقالات مشابهة

  • بعد خطبة كل جمعة.. تعرّف على الدعاء المُقترح بمسجد باريس الكبير لفرنسا
  • ما هي الدول العربية التي تقدّم أعلى «رواتب» لموظفيها؟
  • وزير الزراعة يؤكد على توجيهات الرئيس السيسي بتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة
  • كاتب روسي: بوتين قد يزور أفريقيا في 2025
  • مصر وإريتريا والصومال يبحثون أمن البحر الأحمر والمخاطر التي تواجه القرن الإفريقي
  • مسجد باريس الكبير يعتمد دعاء لفرنسا بعد خطبة الجمعة
  • المسجد الكبير في باريس يعتمد دعاء خاصا لفرنسا
  • من يقف وراء الهجوم على القصر الرئاسي في تشاد؟
  • مسجد باريس الكبير يعتمد دعاء لفرنسا بعد خطبة كل جمعة
  • ماكرون يغضب أفريقيا ويجدد السجال بشأن حقبة الاستعمار الفرنسي للقارة السمراء