كتب جورج شاهين في "الجمهورية": كانت للمراجع الديبلوماسية والأمنية قراءة مختلفة لحادثة الكحالة عن تلك التي عبّرت عنها الجهات اللبنانية المختلفة، وبعيدة كل البعد عن خلفياتها. وهو ما اختصره أحد الديبلوماسيين الغارقين في تفاصيل الوضع في لبنان، بإشارته الى انّ ما حصل تجاوز ما حرصت عليه حكومات الدول الصديقة للبنان ومعها المراجع الأممية المعنية، من أجل مساعدة لبنان على الخروج من الأزمات المتعددة التي عاشها منذ عقود، ولا سيما الخرق الكبير لمضمون القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان ومنها القرارات 1559 و1680 وصولاً الى القرار 1701 والتي ما زالت معتمدة في أروقة الامم المتحدة وعلى المستوى الديبلوماسي، في ظلّ السعي الى السهر على تطبيقها بمختلف مندرجاتها.


وإن دخل مرجع ديبلوماسي بارز في التفاصيل، فهي تتعمّق في الاشارة اولاً الى انّ ما حصل شكّل خرقاً للقرار 1559 الذي صدر في الثاني من أيلول العام 2004، مستنداً الى ما سبقه من قرارات سابقة في شأن لبنان، ولا سيما القرارين 425 (1978) و 426 (1978) المؤرخين بتاريخ 19 آذار 1978 والقرار 520 المؤرّخ بتاريخ 17 أيلول 1982، والقرار 1553 المؤرّخ 29 تموز 2004، فضلاً عن البيانات التي صدرت عن رئيس مجلس الأمن في تلك الفترة حول الوضع في لبنان. وهو القرار الذي تحدث عن "انسحاب جميع القوات الأجنبية المتبقية من لبنان ونزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتمديد سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية والاحترام الصارم لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة والحصرية الحكومة اللبنانية في جميع أنحاء لبنان".
والى ما سُجّل من خرق لهذا القرار، فقد شكّل حادث الكحالة خرقاً للقرار 1680 الذي صدر في 17 أيار 2006 وشاركت في تقديمه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وامتناع اثنين من الأعضاء الدائمين لديه عن التصويت وهما الصين وروسيا. وهو القرار الذي استند إلى جميع القرارات التي سبقته في شأن لبنان، وشجّع سوريا على الاستجابة إيجاباً لطلب لبنان بتعيين الحدود وإقامة علاقات ديبلوماسية بهدف تأكيد سيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي. وشدّد حرفياً في "الفقرة الخامسة" منه انّ على "حكومة لبنان إتخاذ إجراءات ضدّ عمليات نقل الأسلحة إلى أراضيها، ويهيب بحكومة سوريا بأن تتخذ تدابير مماثلة لها".
وبالإضافة الى هذين الخرقين، فقد استطرد المرجع الديبلوماسي ليشير إلى خرق مماثل لمضمون القرار 1701 الذي صدر في الذكرى السنوية السابعة عشرة لصدوره في 12 آب 2006، والذي جدّد التأكيد على القرارات السابقة بلغة أكثر تشدّداً مع "زيادة عديد القوات الدولية المعززة" والمطالبة بتطبيق القرارات السابقة التي تحدثت بالإضافة الى "وقف تام للأعمال القتالية" استناداً الى معادلة اعتُمدت للمرّة الاولى عندما قالت بـ "وقف حزب الله الفوري لجميع الهجمات، ووقف إسرائيل الفوري لجميع العمليات العسكرية الهجومية"، وطالب "حكومة إسرائيل بسحب جميع قواتها من جنوب لبنان بشكل موازٍ مع انتشار هذه القوات في الجنوب". والتشديد على "أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفق أحكام القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006)، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وأن تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة من دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان".
عند هذه المعطيات يكتفي المرجع الديبلوماسي بهذه الملاحظات، معتبراً أنّها كافية للتعبير عن القراءة الأممية والديبلوماسية لما حصل، بعيداً من الزواريب اللبنانية وحملات الاستثمار او الاستهتار بما حصل، ليشير الى انّ لهذه الحادثة طعماً ومذاقاً دوليين سيئين جداً، وقد تشكّل خطراً اكبر بكثير من جريمة العاقبية التي ذهب ضحيتها أحد الجنود الإيرلنديين في قوات حفظ السلام الدولية ("اليونيفيل") وأصيب ثلاثة آخرون من زملائه بجروح، في 14 كانون الأول العام الماضي. ذلك أنّ ما حصل الاربعاء الماضي لمجرد أنّ ما كانت تقلّه الشاحنة قد عبر نقاطاً حدودية سورية وربما قبلها الحدود العراقية، فحمولتها من الذخيرة لم تُصنع في لبنان. ولذلك فقد جاءت في أسوأ توقيت تزامناً مع الحملة الديبلوماسية اللبنانية لشطب التعديل الأخير على المهمّات وقواعد الاشتباك المعتمدة لدى "اليونيفيل" كما كانت قبل آب الماضي، لجهة إلزامها مرّة أخرى على التعاون مع الجيش اللبناني في اعمال الدورية. وهنا تكمن خطورة ما حصل بعيداً من كل التفسيرات اللبنانية المتناقضة.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حکومة لبنان ما حصل

إقرأ أيضاً:

إعادة إعمار لبنان مشروطة بتطبيق القرار 1701

كتبت ماريا موسى في" نداء الوطن": لا توجد ثقة حتى الساعة لدى الدول الخماسية بقدرة السلطات اللبنانية على تولي إدارة ملف إعادة إعمار لبنان. ولم تلمس هذه الدول أن هناك جدية في تطبيق القرار 1701 وتفسير مندرجاته جنوب الليطاني وشماله ، تحديداً بعد تمسك "حزب الله" بثلاثية شعب وجيش ومقاومة، وفق ما جاء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم.

الزمن الأول تحوّل، أكان من ناحية طريقة التعاطي السياسي، أو لناحية الرقابة المفروضة على صرف الأموال.

ويشير رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية إيلي رزق إلى أن المعادلة اليوم في لبنان تغيّرت وعلى "حزب الله" التزام الاتفاق الذي وقعه والذي يقضي بتطبيق كامل للقرار 1701 و تسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية. كما يقضي بإقفال المعابر غير الشرعية، والّا ستكون هناك أزمة ثقة بين المجتمع الدولي ولبنان ، خصوصاً بعدما تعهد رئيس الجمهورية جوزاف عون في خطاب قسمه تحت عنوان "عهدي" بتطبيق جميع الإصلاحات المطلوبة. من هنا أعطت الدول الخماسيّة، (أي كلّ من الولايات المتّحدة وفرنسا وقطر والسعوديّة ومصر) والمعنيّة بمساعدة لبنان في إعادة الإعمار، الثقة للرئيس عون نظراً إلى تجربته الناجحة في قيادة المؤسّسة العسكريّة، والتي خوّلته كسب ثقة هذه الدول .

 يحصي اقتصاد لبنان خسائره. وينتظر إعادة الإعمار وفق أرقام تتجاوز تقديرات البنك الدولي البالغة 8،5 مليار دولار. بينما التكلفة الحقيقية تتجاوز الـ 12 مليار دولار خسائر في القطاعات كافة . فهل سيلتزم "حزب الله" شروط المجتمع الدولي ليتمكن لبنان من إعادة إعمار الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت؟  
 

مقالات مشابهة

  • حمد الشرقي يأمر بزيادة رواتب العاملين في حكومة الفجيرة بنسبة 20%
  • أمنياً.. ما الذي أضعف حزب الله؟
  • إعادة إعمار لبنان مشروطة بتطبيق القرار 1701
  • سفير مصر في بيروت يقدم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية اللبنانية
  • نواف سلام: أواجه حملات مجحفة ولن أسمح بتعطيل الحكومة اللبنانية
  • تركيا: التحقيق في مقتل ثلاثة أتراك بغارة إسرائيلية على الحدود اللبنانية
  • لبنان.. تعرف على آخر تطورات التشكيل الوزاري في حكومة نواف سلام
  • قرار ترامب خربان بيوت: آلاف الأسر اللبنانية بلا رواتب والمنح الجامعية مهدّدة
  • حكومة الجزيرة: تشغيل جميع الخدمات في المناطق والمدن التي تم تحريرها
  • سلام يكشف آخر مستجدات الحكومة اللبنانية الجديدة