المجتمع الثقافي الإيطالي يحتفي بمهرجان الثقافة الفليسطينية الخامس
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
في إطار فاعليات مهرجان الثقافة الفلسطينية الخامس المقام في العاصمة الإيطالية روما وفي إطار الجبهة الثقافية العالمية لدعم فلسطين، التقى الشاعر مراد السوداني ، الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين علي هامش مشاركته في المهرجان الكاتب نتاله أنطونيو روسي ، رئيس اتحاد كتاب إيطاليا، الذي رحب بالسوداني ود.
جاء ذلك بحضور رئيس مؤسسة العدالة والحرية الشاعر سلفاتوره رونديلي، في المقر الرئيسي لإتحاد كتاب إيطاليا في العاصمة روما ، حيث تباحث الطرفان في ضرورة تجديد الاتفاقية الثقافية الموقعة بين الاتحادين العام ٢٠١٦.
وقد وضع السوداني الكاتب روسي في صورة الإبادة الجماعية والثقافية التي يتعرض لها قطاع غزة وتدمير البنية الثقافية والاغتيالات للكتاب والمفكرين والأكاديميين ورؤساء الجامعات ، وتدمير دور النشر والمتاحف والجداريات والنصب التذكارية والأماكن التراثية، موضحاً : “ما زال كتاب غزة يكتبون ملحمة الصمود في أشد اللحظات صعوبة وتعقيداً دون مأوى وبلا ماء وكهرباء ومقومات عيش، وعلى الضمير العالمي أن يوقف الحرب والإجرام الاحتلالي ومازال كتاب غزة يوصلون إبداعهم في مقاومة حرب الإبادة والإلغاء ”.
وأضاف السوداني: يتعرض كتابنا للاعتقال ويوثقون معاناتهم بإصدارات أدبية وإبداعية في إصرار على المقاومة والحرية والحياة ، ولا بد للكتاب في العالم الخروج عن صمتهم موضحاً أن الكتاب في العالم ينقسمون لثلاثة أقسام : مدافع بحق ، مرتبك وصامت بخجل ، وغائب ومتوارٍ بشكل مريب ومعيب.
وطالب السوداني نظيره بالانضمام للجبهة الثقافية العالمية لدعم فلسطين لفضح رواية الاحتلال وأوهامه وأضاليله ، مؤكداً أنه آن الأوان للكتاب في العالم لرفع صوتهم وتصويب ضمائرهم نحو فلسطين وعدالة قضيتها وثقافتها المقاومة، باعتبار فلسطين قضية سياسية وجمالية ونحن ندافع عن الحرية والجمال والإنسانية ضد الاحتلال وموته ودماره.
بدوره أكد روسي على تضامنه مع فلسطين وثقافتها وكتابها قائلاً: اتحاد كتاب إيطاليا يضم عشرة آلاف كتب ومبدع وفنان كلهم مع فلسطين ، وإذا كانت الحكومة الإيطالية اليمينية تدعم الاحتلال فالشعوب مع فلسطين معرباً عن استعداده واتحاد كتاب إيطاليا للانضمام للجبهة الثقافية العالمية لدعم فلسطين ، مجدداً ترحيبه بتجديد اتفاقية التعاون مع اتحاد كتاب فلسطين وإنجاز أنطلوجيتين شعرًا ونثرا تضم كل أنطولوجيا عشرين اسماً إبداعباً ، ويكون لكتاب غزة الصدارة فيهما .
كما تم التأكيد على إطلاق جائزة باسم شاعر إيطالي في فلسطين وجائزة باسم شاعر فلسطيني في إيطاليا.تأسيساً على مبارة اتحاد كتاب إيطاليا بإطلاق جائزة بوشكين في إيطاليا.
كما تم الاتفاق على مهرجان للسينما الفلسطينية في إيطاليا ينظم بالتعاون مع اتحاد كتاب إيطاليا وسفارة دولة فلسطين.
وأكد الروائي والإعلامي د.أحمد رفيق عوض في مداخلته على ضرورة وقوف مثقفي إيطاليا مع القضية الفلسطينية ودعم الثقافة الفلسطينية في لحظة التدمير الشاملة التي تتعرض لها فلسطين في الضفة وغزة .
مشدداً أن الثقافة هي الجدار الأخير الذي يحافظ على المعاني الإنسانية والاخوية من التشويه، ولا بد من فضح رواية الاحتلال الكاذبة .
وأضاف: تتعرض فلسطين لمجازر يومية أمام صمت العالم ما يتطلب أن تقف كل القوى الحية العالمية وأحرار العالم لنصرة فلسطين وفضح جرائم الاحتلال.
فيما عقّب الروائي د. عودة عمارنة على ضرورة تفعيل الدبلوماسية الثقافية وتحقيق التعاون المشترك بين المشهد الثقافي الإيطالي والفلسطيني بمد جسر تواصل بين الثقافة الفلسطينية والإيطالية من خلال الوفود المتبادلة والترجمات والجوائز ومعارض الكتب والسينما والمؤتمرات .
مشدداً على أهمية دعم وإسناد مثقفي غزة وفلسطين الذين يتعرضون لأبشع المجازر وما زالوا يواصلون فعلهم الإبداعي في أسوأ الظروف ، لأنهم يؤمنون بقوة الثقافة ويوثقون كل المجازر التي تسعى لحذف الثقافة الفلسطينية واغتيال فكرة فلسطين .
ونوه عمارنة أن التظاهرات اليومية في إيطاليا تعبر عن الوجدان الشعبي الإيطالي الذي يقف مع فلسطين كما هو حال شعوب العالم كافة التي انتفضت ضد العدوان على شعبنا ليقولوا نعم لحرية الشعب الفلسطيني.
وفي نهاية الاجتماع قام الشاعر السوداني بإهداء مجموعة من الروايات وكتب من الشعر الفلسطيني المترجم للغة الإيطالية لنظيرة السيد روسي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العاصمة الإيطالية روما الأدباء الفلسطينيين غزة
إقرأ أيضاً:
على هامش صلة الشباب بالمشهد الثقافي الخليجي
حظيت خلال الأسبوع المنقضي بفرصة المشاركة في مؤتمر الثقافة والفن والأدب بدولة الكويت، والذي استضافته الهيئة العامة للشباب بالكويت، بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. المؤتمر ضمن نخبًا إبداعية شبابية من دول المجلس، بالإضافة إلى مشاركة من الأردن والمغرب، ومثلت سلطنة عُمان فيه نماذج من المبدعين في حقول الثقافة والفن والأدب، حيث تناول في جلساته هواجس المشهد الثقافي الخليجي وعلاقة الشباب به، بالإضافة إلى القضايا الناشئة إزاء فعل الأدب والفن والثقافة عمومًا، واستضاف في حواراته جملة من الناشطين الثقافيين، والأكاديميين والمتخصصين، ورواد الحركة الأدبية في الكويت. تشكل مثل هذه الملتقيات فرصة مهمة للوقوف على أربعة مشاهد رئيسية: أولها التعرّف على نماذج متجددة وصاعدة من الناشطين الثقافيين عبر الأقطار الخليجية وما حولها، وثانيها معرفة الأنماط الناشئة للفعل الثقافي الخليجي وتحديدًا لدى فئة الشباب وعلاقتها بالأطر الثقافية والمدارس القائمة والمؤسسات الثقافية، أما ثالثها؛ فيتجسد في معرفة الطريقة التي يتحرك فيها فعل الإبداع الثقافي الخليجي ضمن إطار المتغير العالمي ومدخلاته؛ من أدوات وتقانات وتغير في الاتجاهات وصعود لبعض الصناعات الثقافية والإبداعية، أما المشهد الأخير فيتمثل في فهم دور (النظام الكلي) المؤثر على حركة الثقافة والإبداع من أدوار للمؤسسات، ودعم للمبدعين، وتبنّي للفعل الثقافة، وهواجس السلطات بأشكالها المختلفة، وطرائق تلقي فعل الإبداع والثقافة ضمن السياق الاجتماعي العام.
جسدت النقاشات في عمومها تماثلًا على مستوى الرؤى الكلية للواقع الإبداعي والثقافي، ووجهات نظر متباينة على مستوى الفعل ذاته ومؤثراته وتلقيه، وهو ما يشدد على ضرورة استدامة مثل هذه الملتقيات التي ترفد في تقديرنا صنّاع القرار الثقافي برؤية واضحة ومتجددة حول متطلبات السياسات الثقافية والإبداعية، وضرورات تجديدها وتهيئتها للتوافق مع واقع عنوانه الأصيل (الإبداع الإنساني في مواجهة المتغيرات)، متغيرات على مستوى الآلة، وصراع السوق، وأنماط التلقي المتحولة، ومتغيرات تقدير الفعل الإبداعي والثقافي في ذاته. يمكنني على هامش المؤتمر تسجيل استخلاصات مهمة والتعقيب عليها، وهي تشكل مدارات الحديث والنقاش الرئيسية في مختلف الجلسات والورش:
1- في حدود علاقة الإبداع الإنساني بذكاء الآلة: تشكل تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتجددة اليوم سؤالًا محوريًّا: أين تنتهي حدود ذكاء الآلة في مقابل الإبداع الإنساني؟ وما هو الخط الفاصل بينهما؟ وفي زعمي فإنه كلما حاولنا ابتكار حد فاصل أو تصوره فإن ثمة معطى جديدا في ذكاء الآلة يتطور ليعيد تفكيرنا في الطرح والمقاربة. أصبح فعل الذكاء الاصطناعي اليوم مشتبكًا مع الفن وفعل الثقافة المتنوع ومع الإنتاج الأدبي. في عام 2023 أنتج العالم أكثر من 15 مليار صورة بواسطة تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أي بمعدل 34 مليون صورة جديدة يوميًّا. وهذا الفعل أصبح متصلًا بالسوق والمنافسة؛ فلوحة Edmond de Belamy الشهيرة المنتَجة بالذكاء الاصطناعي بيعت في مزاد بنحو 432.500 دولار. وتشير تقديرات artsmart.ai إلى أن الفن المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي سيمثل نحو 5% من إجمالي سوق الفن المعاصر بحلول نهاية العالم الحالي.
2- الاقتصاد الإبداعي والصناعات الثقافية: حظي هذا الموضوع خلال الأعوام القليلة الماضية بنقاشات واسعة في دول الخليج العربية، واستدركت بعض الدول هذا القطاع ضمن خططها واستراتيجياتها الوطنية، ولعل المملكة العربية السعودية أصبحت اليوم من رواد الدول في تهيئة نظم كلية تسمح للاقتصاد الإبداعي والصناعات المرتبطة به بالازدهار والنمو. على مستوى الخليج ككل أعتقد أننا أمام إشكالين أساسيين: الأول أن هناك فعل اقتصاد إبداعي ولكن التصنيفات التجارية والاقتصادية لم تكيف نفسها للتواكب مع تصنيف هذا المعطى وحصره، وبالتالي لاحقًا إمكانية تشجيعه ببرامج وسياسات اقتصادية وثقافية ودعمه، الإشكال الآخر: هو أن بعض الدول لم تحدد بعض ميزتها التنافسية في سعة الاقتصاد الإبداعي، فما زالت هناك مناقشات للدخول في مجال صناعات الأفلام والسينما على سبيل المثال، ورغم الإمكانات المتوفرة لهذه الدول لكنه يبقى حقلًا تنافسيًّا عالميًّا دقيقًا ومعقدًا، في المقابل يمكن التفكير في مزايا تنافسية أخرى، مثل المزارات التاريخية، الفنون الشعبية، بعض الصناعات الحرفية.. ولكل دولة ما تمتاز به إن أجادت تشخيصه وبناء نظام متكامل لتسويقه وتحويله لصناعة متكاملة عابرة للأقطار. إيطاليا على سبيل المثال أصبحت منذ الحرب العالمية الثانية دولة رائدة في صناعة أساسية وهي صناعة الجلديات، واستطاعت عبر العقود الماضية تصدير علامات تجارية فاخرة من خلال هذه الصناعة، وكونت (اقتصادًا) و(إرثًا) عالميًّا نتيجة التركيز عليها، فحسب بيانات statista من المتوقع أن تكون عائدات قطاع «السلع الجلدية الفاخرة» في سوق السلع الفاخرة في إيطاليا في عام 2029 نحو 1.81 مليار دولار أمريكي. في بعض الأحيان قد يكون التركيز على صناعات بعينها ليس فقط ذا جدوى تنافسية، وإنما في الآن ذاته وسيلة ناجعة لتسويق الهويات الوطنية.
3- في مسألة تعبير الفعل الإبداعي والثقافي عن الثقافة الاجتماعية: يحتاج المبدع والمثقف الخليجي اليوم إلى خلق معادلة جديدة -سبق إليها بعض مبدعي ومثقفي المنطقة- وهو كيفية التعبير عن هواجس الثقافة المحلية ولكن بلغة عالمية، نحن بحاجة إلى الانكفاء في الموضوع، وليس في المعالجة، ولدينا نماذج رائدة لذلك في سلطنة عُمان على سبيل المثال ممن كتبوا الرواية تعبيرا عن الهواجس اليومية للثقافة المعاشة، والواقع الاجتماعي ذي الخصوصية العُمانية، ولكنها بلغة عالمية، يستطيع أن يلمسها ويستشعرها القاطن في أي قطر في العالم، والذي لا يكون بالضرورة مشتبكًا مع الثقافة ذاتها بقدر اشتباكه مع الهاجس الإنساني. في تقديري هذه المعادلة يجب أن تقود اليوم فعل الإبداع والثقافة الخليجي ليؤدي وظيفته في التأثير والوصول والمنافسة. وهي معادلة يجب أن تنتقل في تقديرنا إلى الأجيال الخليجية الشابة والناشئة، وهي لا تتأتى في الآن ذاته إلا من خلال الانغماس والمطالعة الموسعة والاحتكاك وتوسيع دائرة الفهم والتلقي، وهذا هو رهان المثقف الخليجي الشاب والناشئ.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان