المسار المستحيل لسقوف التطبيع السعودي- الإسرائيلي

ما سقوف الطموحات الإسرائيلية في التطبيع مع السعودية، التي تذهب نحو ما هو دون التطبيع والاعتراف؟

هل تقدم الرياض لنتنياهو يد المساعدة للخروج من مأزقه الداخلي والإقليمي، أم تتركه يغرق في المستنقع الذي صنعه؟

بلغت التصدعات السياسية والأمنية الداخلية والإقليمية مستوى غير مسبوق، يتهدد الكيان الصهيوني بأزمة داخلية وحرب كبرى في الإقليم.

تحول ملف التطبيع مع السعودية إلى أحد أهم أدوات المناورة لنتنياهو وحزبه لتحسين التموضع وترميم التصدعات الداخلية الخارجية للكيان الصهيوني.

تصر السعودية على تطوير برنامجها النووي السلمي، وتوفير ضمانات أمريكية تشابه ما قدم لكوريا الجنوبية بمواجهة كوريا الشمالية، وإقامة دولة فلسطينية.

هل تراهن أمريكا على علاقتها بالسعودية للتطبيع مع الكيان، متجاوزة تحقيق اختراق في الفضاء الأوسع في آسيا (تايوان والصين) وأفريقيا وشرق أوروبا (أوكرانيا وروسيا)؟

شروط السعودية للتطبيع تعيد ترسيم علاقتها بإيران والكيان الصهيوني وأمريكا دون مساس بعلاقة الرياض مع روسيا والصين، مما يعقد الحسابات الأمريكية والإسرائيلية.

* * *

قبل عام من الآن (في تموز/ يوليو) نفى وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان نية السعودية تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، أو إنشاء تحالف أمني معه ضد إيران.

النفي السعودي جاء بعد حملة إعلامية قادها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وأركان حكومته قبيل انعقاد القمة الأمريكية السعودية الخليجية للأمن والتعاون في جدة، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن منتصف تموز/ يوليو من العام 2022.

بعد عام من تصريحات الفرحان (منتصف تموز/ يوليو الماضي 2023)، انطلقت حملة إسرائيلية جديدة وقف على رأسها نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الفاشية؛ فخلال مقابلة أجرتها معه وكالة بلومبيرغ الأمريكية، روّج نتنياهو لتطبيع مرتقب بين السعودية والكيان الصهيوني.

وتبعته تصريحات مماثلة لوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، نقلها موقع واينت التابع لصحيفة يديعوت أحرنوت؛ علق فيها على تقرير صحيفة وول ستريت جورنال المنشور الثلاثاء الماضي، حول اتفاق الولايات المتحدة والسعودية على بنود التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بالقول؛ إن السلام مع السعودية مسألة وقت فحسب.

تصريحات تصريحات نتنياهو- كوهين سبقها حراك أمريكي تجاه السعودية قاده وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في حزيران/ يونيو الماضي إلى جانب جولات وحوارات، قادها مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وسبقتها زيارة مدير وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وليام بيرنز في نيسان/ أبريل، غير أنها جاءت بعد أن بلغت التصدعات السياسية والأمنية الداخلية والإقليمية مستوى غير مسبوق، يتهدد الكيان بأزمة داخلية وحرب كبرى في الإقليم.

التصريحات والنشاط المفرط للمسؤولين الإسرائيليين في حكومة نتنياهو وللإعلام الأمريكي والإسرائيلي، قوبلت بتصريحات لجون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي؛ نفى فيها ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال، التي ربطت بين جهود التقارب السعودي الأمريكي الذي تقوده إدارة بايدن، وبين محاولتها تحقيق إنجاز قبيل الانتخابات الرئاسية نهاية العام المقبل 2024 بتوقيع اتفاق تطبيع خلال 9 أشهر إلى 12 شهرا.

النفي الأمريكي لم يعنِ غياب الجهود الأمريكية لكسر الجمود في علاقة واشنطن مع الرياض، التي برز تأثيرها بعد اندلاع الحرب الأوكرانية نهاية شباط/ فبراير 2022؛ إلا أن الجهود الأمريكية لم تثمر عن موقف سعودي منحاز للمعسكر الغربي ضد روسيا.

فالرياض بقيت متمسكة في موقفها المحايد من الصراع، وهو ما أكدته مؤخرا بعقدها قمة جدة في 5 آب/ أغسطس الحالي؛ لمناقشة جهود الوساطة والمبادرات الدولية لإنهاء الحرب الأوكرانية بحضور 40 دولة، من ضمنها أمريكا والصين التي كانت على رأس دول مجموعة بريكس ( الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل)، باستثناء روسيا التي غابت عن القمة.

أمريكا لم تنجح رغم الجهود التي بذلتها في إحداث اختراق كبير، يضم السعودية ودول الخليج إلى المعسكر الأوروبي والأمريكي المناهض لروسيا والصين، سواء بفرض العقوبات على روسيا أو بتزويد أوكرانيا بالسلاح، أو بإبعادها عن الصين التي كانت حاضرة في قمة جدة؛ وهو الملف الأهم الذي يقع على سلم أولويات الولايات المتحدة الأمريكية ويتجاوز طموحات وتوقعات نتنياهو.

العلاقة السعودية الأمريكية تبدو أكبر وأعقد من أن تُختزل في ملف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، فالصين وروسيا حاضرة في تفاصيل هذه العلاقة؛ هذه خلاصة يمكن استنتاجها من ردود الفعل الأمريكية التي قدمها جون كيربي، ومن التجاهل السعودي لتصريحات نتنياهو ووزير خارجيته كوهين.

نتنياهو رغم ذلك، كان معنيا ببث الحياة في ملف التطبيع مع الرياض عند كل منعطف سياسي أو أمني؛ فالتطبيع مع السعودية ورقة يستخدمها لردم التصدعات السياسية والأمنية الداخلية والإقليمية، ومن ضمنها التصدعات في العلاقة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي ظهر في لقاء متلفز عبر شبكة "سي إن إن" في تموز/ يوليو الماضي، مهاجما حكومة نتنياهو واصفا إياها بالأشد تطرفا في تاريخ الكيان الصهيوني.

نتنياهو يعتبر التطبيع مع السعودية الوسيلة الأمثل لترميم التصدعات في الساحة الداخلية والإقليمية والأمريكية بإحراز تقدم في العلاقة مع الرياض؛ وحكومة الائتلاف بقيادة نتينياهو تبحث عن مكان في جهود التقارب السعودي الأمريكي بإقحام التطبيع وملف العلاقة مع إيران في لب الجهود الأمريكية لتتحول إلى ملف مركزي، يهدد بنسف الجهود الأمريكية ذاتها في التقارب مع الرياض.

خاصة أن حكومة نتنياهو تبحث عن إنجاز لا يقل أهمية عن بحث إدارة بايدن عن إنجازات قبيل الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، سواء في الملف الأوكراني، أو في ملف العلاقة مع الصين أو في الملف الاقتصادي، ومعركة خفض التضخم الأوروبي الأمريكي.

قادة الكيان الغارقين بأزمة سياسية داخلية تسبب بتصدعات سياسية داخل الكيان الإسرائيلي، وتصدعات أمنية في الضفة الغربية والإقليم وفي العلاقة مع أمريكا، يبحثون عن إنجاز ورافعة تساعد في انتشالهم من المستنقع السياسي والأمني عبر الهرب نحو ملف التطبيع، والاقتراب من إدارة بايدن التي تبحث عن سبل لتعزيز واستعادة نفوذها المتآكل في منطقة الخليج وأفريقيا.

أخيرا رغم أن السياق العام للحراك الإسرائيلي والأمريكي يتقاطعان عندما يتعلق الأمر بإيران والرغبة في كسر الجمود في العلاقة بين الرياض وواشنطن؛ إلا أنهما يتعارضان بقوة عندما يتعلق الأمر بالملفات الكبرى، كالعلاقة مع الصين والموقف من الحرب الأوكرانية والتهدئة في الإقليم.

أو عندما يتعلق الأمر بضرورة كبح جماح اليمين الإسرائيلي بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين وصفهما بايدن في مقابلته عبر شبكة "سي إن إن" بالعناصر الأكثر تطرفا في حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم؛ عناصر يصعب على نتيناهو التضحية بها مسبقا دون ضمان تشكيل حكومة ائتلاف مع خصومه في المعارضة (يائير لبيد، وبيني غانتس، وغيرهما)، وهو أمر من الممكن أن يقود إلى فوضى واغتيالات تطاله شخصيا.

فالعنف وردود الفعل المتطرفة غير مستبعدة، سواء داخل الكيان أو داخل الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت الإعلان عن مقتل مواطن أمريكي في ولاية يوتا، خلال محاولة اعتقاله بتهمة التهديد باغتيال الرئيس الأمريكي بايدن، في حين اعتُقلت مراهقة إسرائيلية اتهمت بتوجيه تهديدات بقتل بن غفير في الكيان الصهيوني.

ختاما، تحول ملف التطبيع مع السعودية إلى أحد أهم أدوات المناورة لنتنياهو وحزب الليكود لتحسين التموضع وترميم التصدعات الداخلية الخارجية للكيان، فهل تقدم الرياض لنتنياهو يد المساعدة للخروج من مأزقه الداخلي والإقليمي، أم تتركه يغرق في المستنقع الذي صنعه؟

وهل تراهن الولايات المتحدة على علاقتها بالسعودية للتطبيع مع الكيان، متجاوزة تحقيق اختراق في الفضاء الأوسع في آسيا (تايوان والصين) وأفريقيا وشرق أوروبا (أوكرانيا وروسيا).

إنها أسئلة مهمة تحدد مسار الجهود الأمريكية وسقوف الطموحات الإسرائيلية بالتطبيع مع السعودية، التي تذهب نحو ما هو دون التطبيع والاعتراف؛ فالرياض تصر على تطوير برنامج نووي سلمي، وتوفير ضمانات أمريكية تشابه ما قدم لكوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية، وإقامة دولة فلسطينية.

وهي شروط تعيد ترسيم علاقتها بطهران والكيان الصهيوني والولايات المتحدة دون مساس بعلاقة الرياض مع روسيا والصين، شروط تعقد الحسابات الأمريكية والإسرائيلية؛ إذ يصعب تحقيقها أمريكيا أو التغاضي عن مخاطرها إسرائيليا.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياس

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل السعودية إيران نتنياهو علاقات التطبيع فلسطين الكيان الصهيوني برنامج نووي التطبیع مع السعودیة الولایات المتحدة الکیان الصهیونی العلاقة مع فی العلاقة مع الریاض مع الکیان

إقرأ أيضاً:

التطبيع العكسي أو أضغاث نتنياهو وترامب.. إنجازات الطوفان الفلسطيني والربيع السوري

لا أنكر أن ظاهر ما عليه حال الإقليم وحال العالم قد توحي لنتنياهو وترامب أن يتوهما قابلية فرض السلام بالقوة أمرا ممكنا بعد ما حققه الطوفان في فلسطين وما حققه الربيع في دمشق.

وسأبدأ بما ترتب عليهما في الإقليم وفي العالم لأثبت أن الرجلين يبكيان على أطلال ما كان ممكنا قبلهما وصار مستحيلا بعدهما.

فأولا أثبت الطوفان أن إسرائيل لا حول لها ولا قوة من دون دخول الغرب معها في الحرب حتى لو كانت مع فرقة صغيرة من أهل غزة وهو ما يثبت استحالة أكثر مما حققت ومعها الغرب فكيف إذا بقيت منفردة.

وكان ينبغي أن تفهم ما سيفرض عليها مستقبلا الاعتماد على نفسها دون الغرب الذي صار منشغلا بمعركة أكبر هي معركة النظام العالمي الجديد الذي أفقده وحدته وقدرته على خوض أي حرب حتى لو اعتمد تقدمه التقني والاستعلامي.

ولو كان الغرب واثقا من ذلك لما فر الحلف الأطلسي من أفغانستان مكررا فراره من فيتنام، ولما فرت فرنسا من إفريقيا ولما صار الغرب في حرب داخلية بين أوروبا وأمريكا التي تعاملهم معاملتها لنا قبل أن نهزمها في المعارك التي خاضتها معنا بعد سقوط السوفييت والتي أضاعت فيها فرصة الاستعداد لمعارك المستقبل.

إسرائيل وإيران قضتا على قوتيهما لما تصارعتا على تقاسم الإقليم في غفلة عما كان يجري في البنية العميقة التي تخلصت من الفتنة الصغرى أي ما ترتب على سايكس بيكو من تفتيت جغرافية الإسلام وتاريخه بعده.فإذا أضفنا أن إسرائيل لم تفقد الردع العكسري فحسب ـ حتى وإن حاولت التدارك مع حزب الله الذي استسلم لأنه ليس مقاوما بل ممانع هدفه مقاسمة إسرائيل السيطرة على الإقليم في غياب الشعوب التي كانا يسيطران عليها بعملائهما من خونة الأوطان حفاظا على سلطة وهمية عديمة السيادة.

وطبعا هذا لا يمنع أن يبقى نتنياهو يحلم بإسرائيل الكبرى وفرض السلام بالقوة وأن يبقى ترامب يعزيه إيهامه بأنه يعتقد مثله بأن ذلك ممكن لأن كليهما يتصور الأمر معركة مع الأنظمة وليس مع الشعوب التي كان رمز دورها العائد هو الطوفان في فلسطين والربيع في الشام.

وحتى أحدد بأكثر متانة هذا التحول الجذري لا بد من  الإشارة إلى نهاية تأثير الفتنة الكبرى (الحلف بين الباطنية والسبئية) لمشروعيهما في بيع جلد الغنيمة قبل صيدها: إسرائيل وإيران قضتا على قوتيهما لما تصارعتا على تقاسم الإقليم في غفلة عما كان يجري في البنية العميقة التي تخلصت من الفتنة الصغرى أي ما ترتب على سايكس بيكو من تفتيت جغرافية الإسلام وتاريخه بعده.

فشل التفتيت الجغرافي والتشتيت التاريخي رمزه انتهاء سايكس بيكو والعلمنة المفروضة بالقوة وتلك هي نهاية الفتنة الصغرى.

والدليل هو اجتماع طوفانات كثيرة في الأقليم جعلت الربيع يعود ليفرض نفسه ضد نقطة ضعف الإقليم أي الأنظمة العميلة ونخبها التي جمعت بين الفتنتين الكبرى والصغرى.

ذلك ما حصل في ليبيا على الأقل في نصفها المجاور لتونس وفي اليمن على الأقل في نصفها الصامد أمام غزو الملالي وفي الشام وفي السودان أخيرا وقريبا سيكون في بقية أقطار الربيع.

وكل ذلك ما كان ليكون لو لم يكن ما لأجله تحقق سايكس بيكو وهو ما أطاحت به الشعوب التي فرضت عليها العلمنة والدورة القطرية فكان تحررها منهما رمزي عودة اللحمتين الجغرافية والتاريخية.

الجزائر بدأت ثورة الربيع فقضى عليها أعداء الحرية من فرنسا والعرب، وتركيا بدأت هزيمة الفتنة الصغرى ولم تستطع فرنسا والعرب إسقاطها وهي التي ساعدت كل المقاومين ممن ذكرت في الشام واليمن والسودان وليبيا والكثير من بلاد إفريقيا وخاصة في الساحل وحتى الصومال. لذلك فقد نتنياهو والغرب المطبعين معه استهداف تركيا والجزائر وكلاهما يعدهما يمين فرنسا العدو الأول الذي ينبغي ضربه.

وأعتقد وأحمد الله أن النخب الجزائرية بدأت تفهم أنها قد أخطأت لما انضمت بسذاجة لحلف الممانعين كذبا وبهتانا للتغطية على حربهم الحقيقية التي هي ضرب قوة شعوب الإقليم لتقاسم جغرافيته وثرواته وممراته وإخراجه مرة ثانية من التاريخ الحديث.

لكني مع ذلك أريد أن أساعد ترومب على تحقيق ما يعد به ـ سواء كان في وعوده صادقا مع إسرائيل أو هو يخادعها ليمرر أجندته التي مفادها أنه اقتنع بأن إسرائيل فقدت القدرة على أداء الوظيفة التي هي علة نشأتها فهي لم تعد قادرة على شيء بل صارت عبءا على من يريد استعادة هيبة بلاده.

فإذا كان حقا قد وصل إلى حمق من لا يفهم أن كلامه يمكن أن يكون له غير هذا المعنى فسآخذه على حد عقله: جرّب وسترى أنك لن تستعيد هيبة أمريكا بل ستنهي كل اعتبار لكلامها في العالم.

 فلن يكون نتنياهو "صحاف" حربها على العراق وحده بل ستشاركه هذه الصفة وسيصبح كلامكما من جنس خطاب صوت العرب في عهد عبد الناصر. كل الهزائم تتحول في المذياع إلى انتصارات.

واعتمادا على هذا الوصف سأسأل ترامب بعض الأسئلة ولا حاجة لسؤال المطبلين له من يمين إسرائيل والغرب:

1 ـ السؤال الاول: تنوي شراء غزة؟ حسنا. ممن ستشريها؟ عليك إذن أن تعلن عمن يملكها قبل بيعها لك؟ هذا يعني أنك ستساعد إسرائيل حتى تفتكها من أهلها وتهجرهم لتصبح مالكة بالحوز العنيف؟

الجزائر بدأت ثورة الربيع فقضى عليها أعداء الحرية من فرنسا والعرب، وتركيا بدأت هزيمة الفتنة الصغرى ولم تستطع فرنسا والعرب إسقاطها وهي التي ساعدت كل المقاومين ممن ذكرت في الشام واليمن والسودان وليبيا والكثير من بلاد إفريقيا وخاصة في الساحل وحتى الصومال. لذلك فقد نتنياهو والغرب المطبعين معه استهداف تركيا والجزائر وكلاهما يعدهما يمين فرنسا العدو الأول الذي ينبغي ضربه.2 ـ لكنها عجزت دون ذلك ولن تستطيع فعل أكثر مما فعلت إلا إذا أنت ساندتها لتمكينها من تملك ما ستبيعه لك. إذن أنت ستشري من أداتك إسرائيل ما جعلتها قادرة عليه. فتكون لصا مرتين. فلا تواصل الكذب بأنك مهتم بمستقبل الفلسطينيين وتريد لهم حياة سعيدة لنزع ملكيتهم لأرضهم.

3 ـ ومرة أخرى فإني أتمنى أن تفعل، ذلك أن الغزاويين الذين عجزت دونهم إسرائيل وهم محاصرون لن تستطيع إسرائيل هزيمتهم إذا انتقلوا إلى سيناء والأردن. فكل ما كان مستيحلا من شروط المطاولة يصبح ممكنا ولا يمكن منعه من دون جعل الحرب إقليمية وليست مقصورة على فلسطين.

4 ـ فتكون بذلك قد عكست سلوكك في دورة حكمه الأولى: فقد هربت من أفغانستان أنت وليس بايدن الذي حقق ما قاتلت عليه مع طالبان وقبلت بترك المعركة التي لم تقدر عليها حتى بمساعدة كل الناتو.

5 ـ في المعركة التي تعد ناتنياهو واليمين الإسرائيلي بملك غزة لتشتريها منهم بوصفهم أصحابها لن تجد أحدا من الناتو معك وستخوضها وحدك مع إسرائيل متوهما أن شعبك سيقبل أن يقتل أبناؤه من أجل تملك ناتن ياهو غزة: هل بلغ بك الحمق هذه الدرجة؟

في النهاية لا أعتقد لكلامك معنى آخر غير ما يؤيد ما فعلت في الدورة الأولى من حكمك: تأكدت من أن إسرائيل فقدت كل امكانية لآداء الدور المنتظر منها وتأكدت أنك عليك أن تكذب عليهم حتى تمرر ما يثبته أمران لا جدال فهيما:

1 ـ الأول لم يعد بالإمكان الاعتماد على الحكام العملاء في الإقليم لأن لعبة التخويفين انتهت: إيران وإسرائيل خسرتا الرهان باعتماد مليشيات تحميها أنظمة هي بدورها "ملشت" الجيش والأمن والقضاء والنخب المافياوية لكنها فقدت القدرة على تخويف التشعوب:

وتلك هي علة أهمية الطوفان في فلسطين والربيع في الشام وبقية أقطار الربيع التي تحررت ولو جزئيا من الخوف من أنظمة صارت أوهى من بيت العنكبوت. لذلك فحتى لا ينطلي عليك كذبك فإنه لا ينطلي على الاستراتيجيين من حولك: ويكفي أن تذكر ما قال وزير دفاع أمريكا قبل مجيئك الثاني للإسرائيليين: لا تكرروا ما فعلنا نحن بعد 11 سبتمبر.

فقد تربحون تكتيكيا بعض المعارك لكنكم من الآن عليكم أن تعلموا أن ذلك سيكون وهميا لأن الخسارة الاستراتيجية مؤكدة كما حصل لما خضنا معارك زائفة خسرناها كلها وخسرنا معها العجز عن مجارات أعدائنا الحقيقيين الذين ربحوا نصف قرن خلال غيابنا فزادوا من قوتهم التي قد تخرجنا وتخرجكم من المعارك المقبلة أصفار اليدين.

والسلام على "صحافي" أعدائنا فهم عين التطبيع العكسي: هم صاروا يتكلمون ونحن صرنا نفعل. صار لهم صوت العرب وصار لنا صوت العقل الذي يعتمد منطق التاريخ المديد لأمة تؤمن بالتواصي بالحق للاجتهاد والتواصي بالصبر للجهاد، والأيام بيننا.

مقالات مشابهة

  • الموقف السعودي الرافض لتهجير الفلسطينيين وأثره على التطبيع
  • التطبيع العكسي أو أضغاث نتنياهو وترامب.. إنجازات الطوفان الفلسطيني والربيع السوري
  • وزير أردني سابق: الداخل الإسرائيلي لم يتوقع تصريحات نتنياهو تجاه السعودية
  • خطة ترامب بشأن غزة "تغلق الباب" أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل
  • الرياض ترفض تصريحات نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني إلى السعودية
  • أغلقت باب التطبيع..مقترحات ترامب حول غزة تهدد اعتراف السعودية بإسرائيل
  • نتنياهو يرهن التطبيع مع السعودية بـالنووي الإيراني
  • البخيتي :السعودية تجاوزت حد التطبيع الى التحالف مع الكيان
  • البخيتي: النظام السعودي تجاوز التطبيع إلى التحالف العسكري والاقتصادي مع الكيان الصهيوني
  • بدء تشغيل محطتين على المسار البرتقالي بقطار الرياض