كيف سيطرت السعودية على ستاد ويمبلي خلال نزال ملاكمة؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
تواصل السعودية تعزيز صورتها الدولية من خلال استضافة فعاليات رياضية كبيرة مثل مباريات الملاكمة، واستخدام مثل هذه الفعاليات كجزء من "القوة الناعمة"، حيث تتميز الفعاليات بالعروض الفخمة وحضور المشاهير، مثل ليام غالاغر، وهو جزء من الجهود لتغيير الانطباعات العالمية عن السعودية.
ونشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا أعده توم كيرشو قال فيه إنه قبل أن يقع الملاكم أنطوني جوشوا أمام الرقم القياسي من الحاضرين في استاد ويمبلي، وعندما بدأ توماس تريبير أمام نصف المقاعد الفارغة بقراءة أسماء الذين توقعوا بفوز دانيال دوبوا بالجولة الخامسة ضد جوشوا، وفازوا برحلة مدفوعة الأجر والإقامة في السعودية، لكنهم لم يكونوا حاضرين، ولكن الأمر بدا وكأنه نهاية غريبة وملائمة لمشهد حيث كان هذا الاحتفال الباذخ بريطاني بكل ما فيه من أشياء ولكنه قناع لانتصار بلد آخر.
وأضاف التقرير أن حقيقة عدم مشاهدة لندن حدثا رياضيا كبيرا مثل هذا ومنذ عام 2012 كان أفضل دليل على أن الربح لم يكن أبدا الدافع وراء وزير سعودي وضع نفسه في موقف محسن الملاكمة. وقبل الحدث الرئيسي غنى ليام غالاغر ثلاثة من أغانيه التي حضرت الاستاد لحفلة إعادة الوحدة لفرقة أويسيس في العام المقبل، إلى جانب ألعاب نارية واستعراضات صوتية.
وكانت أكواب المشروبات تنهمر من أولئك الذين كانوا في المقاعد الرئيسية حيث جلس المشاهير امن إيما بونتون إلى غاي ريتشي بجانب الحلبة. واجتمع آخرون في مقصورات الضيوف التي تكلف الواحدة منها 5,000 جنيه للشخص الواحد.
ولم يتم توفير أي مال للإعلان عن المباراة في كل لندن وضواحيها. ثم أعلن الصوت المألوف لمايكل بافر أنه قبل أن يستعد الملاكمان للنزال، سيتم عزف النشيد الوطني السعودي بعد تحية للملك سلمان. ولثانية واحدة فقط، ساد ملعب ويمبلي صمت مخيف عندما أضاء الاستاد فجأة باللونين الأخضر والأبيض.
ووقف تركي آل الشيخ، المستشار لولي العهد محمد بن سلمان المحب للكاميرات، بحزم في وسط الحلبة بين كبار الشخصيات السعودية الأخرى. وليس من غير المألوف أن يعزف النشيد الوطني للملاكمين، لكن عزف نشيد الجهة المروجة الفعلية للمباراة على أرض أجنبية كان الأول من نوعه.
جوشوا در مسابقات بوکس از دبوا شکست خورد.#ورزش pic.twitter.com/51KF6SyiNQ — ANDARABI (@ANDARABI_Khan) September 21, 2024
وفي نهاية ذلك العرض المباشر المتوتر، بدأت صيحات الاستهجان تتصاعد في الطبقات العليا التي كانت تتأرجح بحماس شديد على أنغام أغنية روك آند رول ستار. ولقد كانت فترة استراحة غريبة بكل المقاييس، لكن هذا الحدث كان دائما عرضا جريئا للقوة الناعمة، ومباراة على اللقب بين بريطانيين بالكامل في الاستاد الوطني، قدمته لك السعودية.
بمجرد أن تحطم الوهم، انتشرت اللافتات حرفيا في كل مكان. ولم يكن هناك أي سطح داخل استاد ويمبلي لم يكن مزينا بشعار موسم الرياض - العلامة التجارية التي تسوق تحتها السعودية إنتاجها في الملاكمة. وبين كل جولة عرضت الشاشات فوق حلبة الملاكمة إعلانات سياحية لزيارة مناطق في السعودية مثل الدرعية والبحر الأحمر، ولم تكن أقل فخامة من مقطع الفيديو الدعائي للمباراة الذي أخرجه ريتشي، والذي يزعم الخبراء أنه ربما كلف أكثر من مليون جنيه إسترليني.
وكان آل الشيخ الذي يناديه المروجون واللاعبون بصاحب السعادة، رغم ما يقال إنه لا يحب مناداته به، حاضرا في كل لقطة بل وقام بجولة مع مساعديه المقربين في الحلبة قبل المباراة.
وتقول الصحيفة أن المباراة هذه كانت متناقضة مع اول نزال لجوشوا في السعودية عام 2019 عندما انتقدته منظمات حقوق إنسان بقبوله القتال على حلبة الملاكمة بعد أقل من عام على مقتل الصحفي جمال خاشقجي ووصف بأنه عميل في حملة غسيل رياضية، تم إلغاء معرض تنس يضم نوفاك ديوكوفيتش ورافائيل نادال قبل ذلك.
وواجهت عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد مقاومة شديدة. لكن مروج جوشوا، إيدي هيرن، كان دائما متفائلا في التصريح بأن الملاكمة هي رياضة دموية قابلة للتسويق، حيث لا ينبغي التضحية بالربح على مذبح الشعور بتأنيب الضمير.
وخاض جوشوا ثلاث من مبارياته الست في السعودية، كما فعل تايسون فيوري في المباراتين الأخيرتين. وفي أقل من خمس سنوات، سيطر السعوديون على قلب هذه الرياضة بميزانيات مشوهة إلى الحد الذي جعل المنظمين يعترفون الآن بأن أفضل المباريات لا يمكن أن تقام بدونهم.
وتقول الصحيفة إن اهتمام السعوديين غير متناغم حد ما في بعض النواحي. فالجمهور الذي يتسم بالوقاحة لا يتوافق تماما مع المثل العليا التقليدية للبلاد، وفقد كان هناك الكثير من المشروبات الكحولية والمشاجرات والوشوم والأحذية ذات الكعب العالي في ويمبلي.
وكان مكانًا مختلفًا تمامًا عن ملعب المملكة في الرياض، حيث شعر المنظمون بإهانة كبيرة بسبب الأجواء السيئة التي تمت الإشارة إليها، ومع ذلك فرياضة الملاكمة تجتذب الجماهير بلا شك، سواء من خلال العدد القياسي الذي بلغ 98105 متفرجا حضروا المباراة على الرغم من محدودية عدد المشاهدين أو الملايين الذين شاهدوا المباراة من منازلهم.
وربما لم يبق هؤلاء من أجل الفوز بإجازة مجانية، ولكن الغالبية العظمى منهم قد استوعبوا إلى حد ما الدور السعودي في استمتاعهم بالمباراة. ولم يكد يتم تعزيز هذه الرسالة بشكل غير مباشر حتى انتهى النشيد الوطني وعادت الأمور إلى طبيعتها. وبدأ أغنية نيل دايموند "كارولين الحلوة" يصدح عبر نظام الصوت. وقام دوبوا وجوشوا بدخول الحلبة وتصدرت المعركة المشهد. وسوف تظل الدراما التي تلت ذلك هي الذكرى الرئيسية، ولكن هذا كان بمثابة بداية عصر جديد، وحالة طبيعية جديدة، للملاكمة البريطانية بأكثر من طريقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السعودية الملاكمة جوشوا موسم الرياض السعودية ملاكمة جوشوا تركي آل الشيخ موسم الرياض صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السعودیة
إقرأ أيضاً:
ما الأجندة التي يحملها بزشكيان خلال زيارته إلى القاهرة؟
طهران- في زيارة هي الثانية من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ انتصار الثورة الإسلامية التي تسببت بقطع العلاقات بين البلدين، شارك الرئيس مسعود بزشكيان في قمة مجموعة الثماني الإسلامية النامية (دي-8) بالقاهرة، في حين تصف الأوساط السياسية في طهران الزيارة بأنها خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق بشأن التطورات الإقليمية.
وقبيل مغادرته طهران، مساء أمس الأربعاء، اعتبر بزشكيان أن قمة القاهرة "تمثل فرصة للدبلوماسية النشطة والتقارب أكثر فأكثر في المنطقة"، مؤكدا أنه "كلما استطعنا تحسين العلاقات مع الدول الإسلامية سنتمكن من إحباط مؤامرات الأعداء".
يأتي ذلك، عقب تكثيف الجانبين الاتصالات الدبلوماسية بينهما منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سبق وسافر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى طهران في يوليو/تموز الماضي لحضور حفل تنصيب بزشكيان، قبل أن يقوم نظيره الإيراني عباس عراقجي بزيارة القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لمناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وزير الخارجية المصري (وسط) شارك في حفل تنصيب بزشكيان (المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية) أهمية الزيارةوعلّق المستشار السياسي للرئاسة الإيرانية مهدي سنائي، على زيارة بزشكيان إلى مصر، وكتب على منصة إكس، أنها "تحظى بأهمية على مستوى المعادلات الإقليمية والعالمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية المنضوية في مجموعة الثماني النامية، وكذلك التمهيد لإقامة العلاقات بين إيران ومصر".
من ناحيته، يستهدف وزير الاقتصاد والمالية الإيراني، عبد الناصر همتي، زيادة أنشطة بلاده في التكتل، مذكرا بمرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة دي-8 "من دون الاستفادة من هذه الفرصة كما يجب لأسباب مختلفة"، دون الخوض في التفاصيل.
ومن على متن الطائرة التي أقلته إلى القاهرة، نشر همتي شريطا مصورا شرح فيه الحجم الحالي للتجارة بين أعضاء المجموعة، مؤكدا أنه لم يبلغ المستوى المنشود بعد، مستدركا أن حوالي 7 إلى 8 بالمئة من التجارة بين الدول الأعضاء تتم بالعملة الوطنية، وأنه يتوقع ارتفاعها إلى 10% مستقبلا، وأوضح أن حجم التجارة بين دول المجموعة سيصل إلى 500 مليار دولار بنهاية 2030.
إعلانوفضلا عن طموحات إيران لتطبيع علاقاتها مع مصر وتفعيل الطاقات الاقتصادية للدول الإسلامية النامية، فإن قمة القاهرة عقدت في ظروف إقليمية دقيقة بدأت تنعكس سلبا على مصالح طهران الإقليمية، بدءا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قيادات عليا للمقاومة في لبنان، مرورا بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتفاقم الهجمات الإسرائيلية الغربية على اليمن.
عباس عراقجي (يسار) ناقش في زيارة للقاهرة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي القضايا الإقليمية (الفرنسية) الدور الإقليميفي السياق، نشرت صحيفة "آرمان أمروز" الإيرانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع القاهرة، وإمكانية عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف بين القادة المشاركين في القمة، مؤكدة أنه من شأن مباحثات القاهرة تمكين الجانب المصري من إقامة قناة تواصل بين طهران وأنقرة بعد الإطاحة بنظام الأسد في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي والسفير الإيراني الأسبق في بريطانيا جلال ساداتيان، قوله إن أهمية زيارة بزشكيان إلى القاهرة تكمن في المساعي الرامية إلى إحياء الدور الإقليمي الذي خسرته إيران بعد سقوط الأسد، وليس الحضور في قمة (دي-8).
ولدى إشارة ساداتيان إلى تغييب طهران عن اجتماع العقبة حول سوريا مؤخرا، يستشرف الدبلوماسي الإيراني أن ثمة مساعي إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض دور طهران في معادلات الشرق الأوسط بعد الإطاحة بحليفها في دمشق.
وبرأي المتحدث، فإنه برغم المساعي لردم الهوة في العلاقات الإيرانية المصرية، فإن القاهرة سوف تأخذ الملاحظات الإقليمية بدءا من الدول الخليجية حتى تركيا بعين الاعتبار قبل التحرك لترميم علاقاتها مع طهران.
وبما أن تعزيز العلاقات الإيرانية من بوابة المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية بما فيها مجموعة الثماني النامية لن تجدي الاقتصاد الوطني نفعا في ظل العقوبات المفروضة على طهران وبقائها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي "فاتف"، يحث ساداتيان على تعزيز دبلوماسية إيران حتى تجعل أي اتفاق حول مستقبل سوريا والمنطقة أمرا مستحيلا من دون منح طهران دورا فاعلا فيه.
إعلان الميزان التجاريوعلى وقع الجدل حول أولويات الاقتصاد الإيراني بين من يرى في توطيد العلاقات مع الدول الإقليمية والإسلامية سياسة ناجعة للالتفاف على الضغوط الغربية، وفئة أخرى تعتقد بضرورة التحرك الدبلوماسي لخفض التوتر مع الأوساط الدولية وشطب اسم البلاد من القوائم السوداء، تشير الأرقام الرسمية إلى أن تجارة طهران الخارجية مع مصر تكاد لا تذكر مقارنة مع شركائهما الآخرين.
وأعلن المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم" روح الله لطيفي، أن تجارة بلاده الخارجية مع مصر لم تتجاوز 17 مليونا و186 ألف دولار خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الإيراني (من 21 مارس/آذار حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، مسجلة نموا بنسبة 67% في القيمة و65% في الحجم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الإيراني الماضي.
وفي تقرير أرسله إلى الجزيرة نت بطهران، أوضح لطيفي أن حجم الصادرات الإيرانية إلى مصر خلال الأشهر الـ8 الماضية بلغ 28 ألفا و116 طنا، بقيمة 13 مليونا و798 ألفا و476 دولارا، في حين بلغت الواردات من مصر 7 آلاف و767 طنا بقيمة 3 ملايين و387 ألفا و872 دولارا، مسجلة نموا بنسبة 592% في القيمة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت الصادرات الإيرانية إلى مصر نموا بنسبة 30% في الحجم و41% في القيمة.
وبعيدا عن المبادلات التجارية المناسبة مع إرادة الجانبين الإيراني والمصري بشأن التقارب، فإن هناك من يشكك في إيران على قدرة مجموعة الثماني الإسلامية النامية على تحقيق ما عجزت عنه خلال العقود الماضية.
وفي السياق، نشر الكاتب السياسي صابر كل عنبري مقالا في قناته على منصة تليغرام، يستذكر إطلاق التكتل قبل نحو 27 عاما بمشاركة أهم الدول الإسلامية من دون السعودية، موضحا أن عنصر "الإسلامية" كان دافعا أساسيا حينها لتشكيل تكتل إسلامي قوي في العالم، وأن الجهات المؤسسة رفعت أهدافا مثل "السلام بدلا من الصراع، والحوار بدلا من التقابل، والتعاون بدلا من الغطرسة".
إعلانويستنتج الكاتب أنه بعد مرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة الدول الإسلامية النامية لم تتحقق الأهداف آنفة الذكر، بل حدث نقيضها في الأغلب، فعلى سبيل المثال خيّم التوتر على العلاقات بين إيران وتركيا ولم ترتقِ علاقاتهما -سوى في بعض الفترات لضرورة مبدأ الجوار- إلى التعاون الإستراتيجي، كما أنهما لم تتمكنا من حل الأزمة السورية عبر التعاون، كونها مثلت أهم تحدٍّ في علاقات الدولتين خلال السنوات الماضية.