موقع بريطاني: مستقبل السعودية ورؤيتها بين فكي التطبيع مع إسرائيل والاعتراف بالحوثيين (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
قال موقع بريطاني إن مستقبل السعودية ورؤية ولي عهدها محمد بن سلمان يعتمد على مبدأ "صفر مشاكل مع الجيران"، كما أنه مرهون بين التطبيع مع إسرائيل والاعتراف بجماعة الحوثي في اليمن.
ولكن مسار السياسة الخارجية في عهد آل سلمان كان أشبه برحلة مليئة بالمنعطفات والتقلبات الجذرية، مدعومة بهوس النظام السائد: يجب أن تنجح فكرة الرؤية.
وقال موقع "ميديل إست آي" في تقرير له ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن "محمد بن سلمان والقيادة السعودية راهنوا بكل شيء على رؤية 2030، مع تحولات ملحوظة بشأن اليمن وإيران وإسرائيل".
وأضاف "عندما تولى الملك سلمان السلطة في عام 2015 ووضع السيطرة على كل السياسة في أيدي ابنه المفضل، محمد بن سلمان - الذي تم تعيينه ولياً للعهد في عام 2017 - كانت المملكة على خلاف مع العديد من القوى السياسية الإقليمية. خلال الأشهر الأولى للملك في منصبه، وقعت الدول الغربية على الاتفاق النووي الإيراني وحاولت حركة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن توسيع حكمها إلى عدن بعد الاستيلاء على السلطة في صنعاء".
وتابع "كان موقف القيادة الجديدة جنونيًا وعدوانيًا. تم شن حرب في اليمن في محاولة لاستعادة الحكومة المخلوعة".
وأردف "مع تحسن قدرات الحوثيين في مجال الطائرات بدون طيار والصواريخ، مما مكنهم من البدء في إطلاق النار على أهداف داخل المملكة العربية السعودية، هددت المملكة برعاية جماعات المعارضة الإيرانية التي تشن هجمات داخل إيران".
مادة للسخرية
وتابع "الأسوأ من ذلك، أن الولايات المتحدة، حليفة المملكة العربية السعودية منذ عقود، فشلت في تكثيف جهودها، على الرغم من التحريض المستمر من جانب الرئيس دونالد ترامب لابن سلمان طوال فترة إدارته.
وأردف الموقع البريطاني"أطلق ترامب احتياطيات النفط الاستراتيجية لتحقيق الاستقرار في الأسواق وأعلن أن الجيش الأمريكي "جاهز ومجهز" للرد. ولكن إلى جانب ذلك، لم تتحقق أي استجابة ملموسة للخطوة الجريئة التي اتخذتها إيران - وكانت الصدمة التي تعرضت لها القيادة السعودية عميقة".
وقال "في العام التالي، فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، بتعهد بكبح مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب حربها في اليمن، وضرب جائحة كوفيد. أعطى هذان الحدثان القيادة السعودية المساحة لإعادة التفكير في السياسة الخارجية القوية التي لم تفشل فقط في إنتاج نتائج، بل جعلت السعودية في الواقع مادة للسخرية الإقليمية".
وأكد أن آخر ما يحتاجه النظام السعودي هو المشاكل السياسية مع الجيران، وهذا الإدراك هو الذي تسبب في تحول كامل في اليمن وإيران، ومنذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر الماضي، في السلام الإسرائيلي الفلسطيني أيضًا.
وزاد "قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار الرسمي مع الحوثيين في أبريل 2022، أدركت القيادة السعودية إلى أين تتجه الأمور دون اتخاذ إجراءات جذرية. لقد أصابت صواريخ وطائرات بدون طيار تابعة للحوثيين محطة توزيع تابعة لشركة أرامكو في جدة، ومحطة لتحلية المياه، واستهدفت الرياض. ولم يتسبب التدخل في اليمن في إلحاق الضرر بالسمعة العالمية ومنع الوصول إلى الأسلحة الأميركية فحسب، بل كان يهدد أيضًا بالتسبب في أضرار اقتصادية خطيرة".
ومنذ ذلك الحين، يشير إلى أن الرياض تخوض حملة صليبية للاتفاق على شروط السلام مع الحوثيين، الذين يتحصنون بقوة باعتبارهم المنتصرين في الحرب في صنعاء، ثم إجبار حلفائها اليمنيين على الدخول في محادثات سلام خاصة بهم مع الجماعة الشيعية الزيدية المدعومة من إيران.
وأكد أن هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر أجبرت السعوديين على وضع حد للخطة في الوقت الحالي، ولكن الحاجة إلى استمرار وقف إطلاق النار دفعت الرياض إلى التدخل في يوليو/تموز لإجبار حلفائها في عدن على التراجع عن حملتهم لقطع صنعاء عن النظام المصرفي العالمي.
وقال "كل ما تطلبه هذا التدخل هو خطاب من زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، هدد فيه باستئناف الهجمات إذا لم يتدخل السعوديون. في الأشهر التي سبقت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، زار وفد سعودي صنعاء، ثم استقبل وزير الدفاع، الأخ الأصغر لبن سلمان، خالد، وفداً حوثياً في الرياض".
التحول العالمي
ويرى الموقع البريطاني أن هذا التحول المذهل في الموقف بشأن اليمن كان بعد حرب وصفتها الأمم المتحدة في وقت ما بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مدعومًا بتحول آخر عندما وافقت السعودية وإيران على تطبيع العلاقات في صفقة توسطت فيها الصين في مارس 2023.
واستدرك "منذ ذلك الحين، تحرك ما اعتقد بعض المراقبين أنه قد يرقى إلى سلام بارد بوتيرة سريعة، مع عودة السفراء إلى مناصبهم في كل دولة، واتفاقيات لتعزيز التجارة الثنائية والمشاورات المنتظمة بشأن أزمة غزة".
وطبقا للتقرير فإن التحول الأخير يتعلق بإسرائيل، فقد كان بن سلمان يبحث منذ فترة طويلة عن وسيلة لتطبيع العلاقات، وخاصة من أجل الحصول على تنازلات يمكن أن ينتزعها من الولايات المتحدة في المقابل. وكان من الواضح، حتى خلال الأشهر الأولى من حملة إسرائيل على غزة، أن حكومته لم تكن لديها ذوق يذكر للسياسات المؤيدة للفلسطينيين في العصور السابقة.
وأفاد "قبل السابع من أكتوبر بقليل، بدا الأمر وكأن بن سلمان على وشك تحقيق هدفه. كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتباهى بـ "اختراق دراماتيكي" وشيك، حيث ستحصل السعودية على اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة في مقابل السلام مع إسرائيل، لن يُعرض على السلطة الفلسطينية أكثر من خطة سلام غامضة، والتي تناسب القادة السعوديين والإسرائيليين تمامًا.
وقال "كان ذلك حينها. الآن طال الصراع أكثر مما تصوره أي شخص. يبدو أن إسرائيل تسير على طريقها إلى وضع المنبوذ في بعض أجزاء العالم. حكمت محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل قد تكون مذنبة بالإبادة الجماعية، ويسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال ضد القادة الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
يتابع "لقد تصلب الموقف السعودي استجابة لهذا التحول العالمي. لا يزال الاتفاق الدفاعي بين الولايات المتحدة والسعودية على جدول الأعمال ولكنه منفصل عن الجزء الإسرائيلي، لأن الرياض تصر الآن على وجود دولة فلسطينية".
على الصعيد السياسي، يؤكد الموقع البريطاني أنه أصبح من الصعب على السعودية أن تسمح لنفسها بالظهور وكأنها تبيع قضية لم يكن لدى بن سلمان وقت لها في السابق، مشيرا إلى أن ذكريات أنور السادات وإسحاق رابين تلقي بظلالها الطويلة.
وقال "لم تتغير أشياء كثيرة في السعودية - القمع المحلي أسوأ من أي وقت مضى، وخاصة فيما يتعلق بتعبيرات الدعم لفلسطين. تم محو رجال القبائل بوحشية من أراضيهم لإفساح المجال لغرور فاحش مثل "The Line.
وخلص موقع ميدل إيست آي إلى أن مسار السياسة الخارجية في عهد آل سلمان كان أشبه برحلة مليئة بالمنعطفات والتقلبات الجذرية، مدعومة بهوس النظام السائد: يجب أن تنجح فكرة الرؤية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية محمد بن سلمان اسرائيل إيران الولایات المتحدة القیادة السعودیة بن سلمان فی الیمن
إقرأ أيضاً:
كيف تؤثر أزمة الثقة بين الساسة والعسكر على مستقبل إسرائيل؟
القدس المحتلة – في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وتراكم الأدلة بشأن الإخفاق الاستخباراتي والعسكري في منع عملية "طوفان الأقصى"، يُكشف عمق الأزمة بين المستوى السياسي والعسكري بإسرائيل، والتي تحولت إلى أزمة ثقة بين الجانبين.
وتشكلت ملامح أزمة الثقة تلك مع شروع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فبراير/شباط 2023 في تنفيذ ما أسمتها الحكومة "إصلاحات في الجهاز القضائي"، في حين وصفتها المعارضة بأنها محاولة لـ"الانقلاب على الديمقراطية"، حيث تأثر الجيش بالاضطرابات والشرخ في المجتمع الإسرائيلي.
وانعكس زخم الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي بإعلان شرائح واسعة من قوات الاحتياط بجيش الاحتلال عن عدم الاستجابة لأوامر الاستدعاء للخدمة العسكرية، احتجاجا على إمعان الحكومة في تقويض صلاحيات المحكمة العليا، ومواصلة التعديلات القضائية الهادفة لمنح المستوى السياسي صلاحيات واسعة بالتدخل والنفوذ بمختلف مفاصل الحكم ومواقع اتخاذ القرار، ومن ضمنها المؤسسة العسكرية.
تداعياتوتعمق السجال الداخلي بشأن الإخفاق الاستخباراتي والعملياتي في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك حول فشل الجيش الإسرائيلي وحكومة نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.
إعلانوتفاقمت الأزمة خلال الحرب حين تكشّف حجم الخسائر بصفوف جيش الاحتلال والنقص في القوات والحاجة إلى تجنيد نحو 10 آلاف جندي إضافي، إذ تعالت الأصوات داخل المجتمع الإسرائيلي الداعية إلى تجنيد "الحريديم"، في حين طالب حزبا "شاس" و"يهوديت هتوراة" بالمصادقة على قانون يعفي "الحريديم" من الخدمة العسكرية شرطًا لضمان استقرار حكومة نتنياهو ومنع تفككها.
ووسط هذه الاضطرابات، حذرت قراءات وتقديرات المحللين ومراكز الأبحاث الإستراتيجية الإسرائيلية من تداعيات هذه الأزمة على مستقبل إسرائيل "كدولة يهودية ديمقراطية ذات مؤسسات تحكم بشكل هرمي".
ورجحت قراءات الباحثين أن التوازن المضطرب في العلاقات بين الساسة والعسكر سيخلق تداعيات على مستقبل الحروب وجولات القتال التي تخوضها إسرائيل، "تحديدا ضد الشعب الفلسطيني الذي يشكل الجبهة الأكثر سخونة في هذه المرحلة".
كما حذر الباحثون من التحولات الحاصلة على المستوى السياسي للهيمنة والسيطرة على الجيش، وتحييد تأثيره وإخضاعه لرغبات وتطلعات هذا المستوى الممثل في هذه المرحلة في نتنياهو ومعسكر "اليمين المتطرف وتيار الصهيونية الدينية".
في تقدير موقف صادر عن معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن، استعرض العقيد في جيش الاحتياط الإسرائيلي غابي سيبوني هذه التحذيرات والتحولات، وأكد أن العلاقات بين السياسيين والعسكريين كانت متوترة حتى قبل حرب "السيوف الحديدية" (معركة طوفان الأقصى)، وكذلك الضجة العامة الكبرى التي أعقبت التعديلات بالجهاز القضائي التي قادتها حكومة نتنياهو.
ويقول سيبوني إنه خلال الاحتجاجات التي كرست الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي "غرق الجيش في الأزمة عندما هدد الطيارون والجنود في الاحتياط، والذين كانوا من بين المحتجين، بالتوقف عن التطوع للخدمة الاحتياطية. لقد فشل المستوى العسكري في إدارة الحدث، وتم تحديده من قبل المستوى السياسي باعتباره مؤيدا للاحتجاج ورافضا للخدمة العسكرية، ونشأت أزمة ثقة حقيقية بينهما".
إعلانوأضاف "لقد قوضت أزمة الثقة أسس الحوار بين المستويات، ووصلت إلى حد رفض نتنياهو السماح لرئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية وغيرهما من كبار المسؤولين في هيئة الأركان العامة، بالاجتماع معه ومع وزراء المجلس السياسي الأمني (الكابينت) لتقديم تقييمهم للمخاطر الأمنية التي يفرضها استمرار العملية التشريعية للإصلاح القضائي".
وحسب سيبوني، يتحمل المستوى السياسي، وبمقدمته نتنياهو، مسؤولية كبيرة في هذه الأزمة، ويضيف "في عملية استمرت سنوات عديدة، سمح هذا المستوى للجيش بدخول مجالات ليست خاصة به؛ السياسية والاقتصادية والعلاقات الخارجية وما إلى ذلك من إدخال الاعتبارات الأجنبية في التخطيط والأنشطة العسكرية، وهذا يشكل فشلا ذريعا لنتنياهو".
ويعتقد أن رئيس الأركان الجديد إيال زامير يواجه تحديا بالغ الأهمية بما يتعلق بتسريع عملية التصحيح وفرض سيطرته على الجيش، مشيرا إلى أن دوره سيتلخص في العمل على تطبيع العلاقات بين المستويات وإعادتها إلى التوازن الصحيح، مع تركيز الجيش على مجالات مسؤوليته المهنية، ومنع قادته من التعامل مع القضايا غير العسكرية، والتركيز على إعادة هيكلته.
اضطراب وشرخالطرح ذاته تبناه كوبي ميخائيل الجنرال في الاحتياط والباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" بجامعة تل أبيب، الذي أوضح أن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كرست هذه الأزمة، بينما فاقمت الحرب على غزة وملف المحتجزين الإسرائيليين الاضطراب والشرخ بين المستويين السياسي والعسكري، حيث تجلت بقرار رئيس الأركان وكبار المسؤولين الآخرين في هيئة الأركان العامة بمواصلة خدمتهم بعد فشل 7 أكتوبر.
ولفت الباحث إلى أن الأزمة اتضحت أكثر من خلال تصريحات المتحدث باسم الجيش بعدة مناسبات ضد نهج المستوى السياسي بشأن ملف المحتجزين وصفقة التبادل، وقضية المساعدات الإنسانية، وفيما يتعلق بفرض حكومة عسكرية مؤقتة في قطاع غزة، وتحديد أولويات أهداف الحرب التي لا تتوافق مع تعريفات هذا المستوى و"النصر المطلق" الذي وعد به نتنياهو.
إعلانوبرأيه، فإن المحور الأبرز للأزمة والعلاقات المضطربة بين السياسيين والعسكريين هو تقديم الجيش إطلاق سراح المحتجزين باعتباره الهدف الأهم للحرب، في حين سعى الساسة لمنع التوصل لاتفاق من شأنه أن يضر بتحقيق كل أهداف الحرب، بما في ذلك تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من الناحية العسكرية والحكومية.
ويختم الباحث ميخائيل أن التهديد برفض التطوع لخدمة الاحتياط، والذي عاد مجددا للواجهة بعد 15 شهرا من الحرب، "يشير إلى انقلاب إبداعي، فالجيش ليس بإرادة المستوى العسكري العليا وليس بمبادرة منه، ولكن نتيجة لسوء إدارة التطورات داخله، أصبح هو نفسه لاعبا سياسيا، حيث أثبت تهديده أنه مؤثر للغاية في واقع النقاش المدني السياسي".