جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-16@03:10:46 GMT

ما وراء قصائد زاهر الغافري

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

ما وراء قصائد زاهر الغافري

 

سالي علي

في عالم الأدب يوجد شاعر بارع يتميز بقدرته على صياغة قصائد النثر بشكلٍ مميز وفريد، إنه زاهر الغافري الشاعر الذي يتميز بقدرته على التعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة جذابة ومؤثرة دون الالتزام بقواعد الشعر التقليدية فهو يجمع بين جمال اللغة وعمق التعبير، مما يخلق تجربة أدبية تأسر القلوب وتثير التأمل.

ومن خلال قصائده النثرية، استطاع أن يلمس أوتار الإنسانية بصدق وصداقة، محاكياً تجارب الحياة والمشاعر بكل ما تحمله من تعقيد وجمال.

وباستخدام لغة متقنة وصور مُعبرة، ينجح في تسليط الضوء على جوانب مختلفة من الحياة والإنسانية، مما يجعل قصائده تمتزج بين الواقعية والخيال بطريقة تلهم وتبعث الأمل.

وعند هذه النقطة بالتحديد سنبدأ بتحليل العوامل الأساسية لنجاح قصائد زاهر الغافري ووصولها لقلب كل قارئ.

يقول الغافري بإحدى قصائده:

حصانٌ في مطبخي

عندما فتحتُ بابَ المطبخ

رأيتُه، رأيتُ الغريبَ

واقفاً على حوافرهِ

لمْ يكنْ إلاهاً لكنه قريب الشبه

ببياضهٍ وغرّتهِ في الجبين

حاولتُ أن أكلمَهُ، نظرَ في عينيَّ ثم

استدارَ ونظرَ الى النافذة

كانت الساعةُ الثالثة بعد منتصف الليل

الوقت الذي تستيقظُ فيه الشياطين كما يُقال

كان جميلاً الى الحد أنّ الشياطينَ ستهرب

منهُ من النظرةِ الأُولى

 

كان يلفّهُ الصمت بحيث تنسى نفسكَ

أنك تنظرُ الى كائنٍ متوحّدٍ مع نفسِهِ

قلتُ لنفسي ربما كان هذا هو الشِعر

 ربما كان هو الموت، الملاك

الذي سيأخذني إلى التلالِ والينابيع

هذه القصيدة تحمل معاني عميقة وصورًا قوية، فيبدو لنا أنه يتصور وجود حصان في المطبخ، وهو موقف غير اعتيادي ومذهل، حيث يصف بياضه وجماله بطريقة تلهم الدهشة والتأمل، ويظهر تفاعل الشاعر مع هذا المشهد، حيث يحاول التفاهم مع الحصان لكن يتلون الصمت حوله. وبالنسبة للجزء الذي يتحدث عن ساعة الليل والشياطين، يبدو أنه يُضيف جوا غامضاً للقصيدة، حيث يصف اللحظة بجمال مخيف يثير الدهشة والتوتر. لتنتهي القصيدة بإشارة منه إلى الموت والملاك، مما يُعزز الطابع الفلسفي والروحاني في تفكير الشاعر.

لذا.. يمكننا رؤية القصيدة كتصوير لرحلة الانغماس الداخلي والتفكير في الحياة والموت، كما يبدو لنا بأن الغافري يسعى لاستحضار مشهد فريد ومثير للاهتمام، حيث يضع حصانًا في سياق غير تقليدي وغير مألوف كالمطبخ، والحصان يمثّل رمزية قد تكون مفتوحة للتأويل ولا تقتصر على معنى واحد.

وربما يرمز الحصان إلى الجمال الطبيعي الخالي من التحجر والروتين اليومي الذي نعيشه، لذا نجد كيف قد تكون تفاصيل الوصف للحصان تمثل الجمال والسكون والقوة التي قد نجدها في الطبيعة والتي يمكن أن تذكرنا بأهمية التواجد في اللحظة الحاضرة.

كما إن القصيدة تناولت مفهوم العزلة والوحدة؛ حيث صور الحصان الذي يقف وحيدا في المطبخ بمشهد منعزل فيثير بنفس المتلقي الشعور بالوحدة والانفصال عن العالم الخارجي. إلى جانب ذلك، تعكس القصيدة أفكار عن المجهول والغموض؛ حيث يُقدم الغافري مشهد غريب ومثير للتساؤل دون توضيح واضح للمعنى.

يبدو أنَّ الشاعر يهدف إلى إيجاد تأثير للمشهد الغريب وربما تحفيز المتلقي على التفكير والتأمل في أبعاد جديدة ومختلفة.

وعن قصيدته التي قال بها:

أبو طفول

هذه الأغنيةُ لكَ وحدك، معًا سنتعلّم منها معنى الوصول

إلى فجرِ الينابيع. أراكَ في بيتكَ وقد طردتَ مفاتيحَ الليل

في كأسكَ نارٌ صغيرةٌ لا تنطفئ كأن يدَ الله تهديكَ وردةً من أعلى جبلٍ في أرض عُمان كلها

في الثانية عشرة كنتَ تدخلُ إلى نادي الطيران وتجلس عند نافذةٍ البحر كأنك حارس في ميناء مطرح وحارة الشمال، كأن حبلاً مجدولاُ من الصمت يرفعكَ إلى الطريق في متواليةٍ أبدية

يأتي الموتُ صديقاً، خائناً رأيته ليعذّبَ الآخرين

بدموعٍ كثيرة.

إنها قصيدة تحمل طابعًا شاعريًّا مُميزًا ويحمل في طياتها العديد من الرموز والمعاني. الشاعر يقدم صورًا تعبيرية قوية تدفع المتلقي للتأمل والتفكير.

تبدأ بإشارة إلى الأغنية التي تقدم للشخص بمفرده، الأمر الذي يوحي بتجربة شخصية وعميقة قد تلهم الاكتشاف والتقدم،تستخدم القصيدة صور الطبيعة كالفجر والينابيع للدلالة على التحول والنمو الروحي. ثم يتحول انتباه القصيدة إلى تصوير منزلي حميمي، حيث يُعرض شخص يبدو أنه يعيش تجربة داخلية عميقة، يحاول فتح آفاق جديدة والتفكير في أطرافه المختلفة.

يتسم النص بالغموض؛ حيث تظهر معارضة بين الحياة والموت، الصداقة والخيانة، والألم والعذاب، هذه التناقضات تضيف للقصيدة قوة وعمق، وتحفز المتلقي على التأمل في جوانب متعددة من الحياة والإنسانية.

كما إن الجمل التعبيرية التي استخدمها الشاعر في هذه القصيدة تعكس عمقًا وغموضًا يثيران الفضول ويحفزان على التفكير العميق، استخدامه لصور الطبيعة مثل الفجر والينابيع يضفي جو من الجمال والتجدد، مما يضفي على القصيدة طابعًا رمزيًا وروحانيًا.

إضافة إلى ذلك، التناقضات التي يظهرها الشاعر بين الصداقة والخيانة وبين الألم والعذاب، تضفي على القصيدة عمقًا إضافيًا وتشكل تحديًا للمتلقي في تفسير المعاني المختلفة وفهم الحياة بشكل أعمق.

لذا.. يمكن القول إن الجمل التعبيرية التي استخدمها الغافري تجسد براعة فنية وقدرة على إيصال الرسالة بطريقة جذابة وملهمة تثير التأمل والتفكير.

أما بالنسبة الصور البيانية المستخدمة في النص السابق فقد تميزت بقوة وجاذبية تجعل القصيدة أكثر إيحاءً وجاذبية، عندما استخدم الشاعر صور الفجر والينابيع، خلق صورًا بصرية تعكس التجدد والبدايات الجديدة. وهذه الصور تضيف طابعًا جماليًّا ورومانسيًّا للنص، وتساهم في نقل الفكرة العامة للقصيدة بشكل ملموس ومرئي.

إضافة إلى ذلك، الصورة البيانية لكأس النار الصغيرة ووردة من أعلى جبل في عُمان تعزز القراءة الرمزية والعاطفية للقصيدة، ما يثير الفضول ويحفز على تفسيرات متعددة واسعة النطاق. وهنا يمكن التنويه لأن الصور البيانية المستخدمة عموماً تضفي على النص بعمق وجاذبية، مما يعزز قوة وجاذبية القصيدة ويجعلها تمتص القارئ في عالم من الجمال والتأمل.

وفي ذات ليلة كتبت زاهر الغافري نص قصير يصف فيه دهشة الموت حين يكون قريباً إلى هذا الحد فيكتب:

فرحة الموت.. في السويد، في مدينة مالمو، كنت أعرف سيدة مصرية لديها مدرسة خاصة للرقص الشرقي. زرتها ذات يوم فقالت لي "هاتلي الشلة" والمقصود تلميذاتها السويديات في الرقص الشرقي. في بيتها بدأت الموسيقى والرقص. بعد مرور ساعتين ماتت المعلمة، السيدة المصرية على الكنباية، قتلها السرطان".

من خلال الكلمات التي تم نقلها من نص "فرحة الموت"  يمكن رؤية نوع من المنظور السوداوي والمأساوي، يصف النص لحظة مأساوية حين نفقد شخص عزيز علينا دون سابق إنذار، وهو ما يجلب الحزن والصدمة. فنشهد كيف يتبلور الحزن والفقدان من خلال اللحظات العابرة من الفرح والاستمتاع بالحياة؛ حيث خُيم الحزن بسرعة في جو الاحتفال والرقص، تلك الوفاة المفاجئة وسرطان المعلمة يضيفان طابعًا مؤثرًا للقصيدة.

بهذه الطريقة، يظهر الغافري استعراض عميق للجانب الظلامي من الحياة؛ حيث يتناول الفراق وكيف يترك انطباعًا قويًا على القارئ ويثير تأملاته في قيمة الحياة وتقدير اللحظات الثمينة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فارسة فلسطينية-روسية بارزة تمثل الاتحاد العالمي للفروسية في أبو ظبي

أبوظبي – تكريماً لإنجازاتها كأول امرأة عربية تشارك في بطولة العالم للفروسية (الدريساج)، ظهرت الفارسة الدولية الفلسطينية ديانا الشاعر وهي تمثل الاتحاد العالمي للفروسية في أبو ظبي.

ارتدت الشاعر خلال حفل التتويج المقام لمباريات الفروسية في العاصمة الأماراتية اللباس الأسود في إشارة رأى فيها البعض تضامنها مع ما يحدث لشعبها الفلسطيني من مجازر في غزة.

وكانت الفارسة ديانا الشاعر قد سجلت اسم بلدها فلسطين لأول مرة في تاريخ المحافل الدولية خلال مشاركتها في بطولة العالم للفروسية 2022 في هرنينغ، حيث تنافست في مسابقة الترويض الفردي مع حصانها أونازالي دي ماسا. وبذلك أصبحت أول فلسطينية تشارك في بطولة العالم للفروسية، كما ساهمت في منح الجنسية الفلسطينية للفارس الألماني كريستيان تسيمرمان و13 فارساً روسياً آخرين، وذلك لتجاوز العقوبات المفروضة على روسيا ودعماً لفلسطين.

وتعد ديانا الشاعر أول امرأة عربية تشارك في بطولة العالم للترويض، في إشارة حملت الكثير من الدلالات لقضية شعب ما زال صامداً في وجه التحديات، ومتواجداً في مختلف المجالات والمحافل الدولية.

ورثت ديانا الشاعر رياضة الفروسية عن والدها الفارس والدبلوماسي والكاتب السياسي رامي الشاعر، وهي تحمل الجنسيتين الفلسطينية والروسية. انتقل والدها إلى روسيا الاتحادية عام 1975 وأسس نادي الفارس للفروسية في زافيدوفو في روسيا.

تشغل ديانا حالياً منصب رئيس لجنة الترويض للمجموعة الإقليمية السابعة للاتحاد الدولي للفروسية، والتي تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أنها دبلوماسية وناشطة في المجال الثقافي والرياضي، وتتقن ست لغات هي العربية والروسية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.

تنحدر ديانا من عائلة فلسطينية مناضلة من يافا، حيث كان جدها المناضل والكاتب الفلسطيني العميد الدكتور محمد الشاعر أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وأول سفير لفلسطين في الاتحاد السوفيتي السابق. أما جدتها فهي المناضلة والناشطة والأديبة الفلسطينية وفيقة حمدي الشاعر، إحدى رائدات الحركة النسوية في فلسطين، وثاني امرأة عربية تحصل على دبلوم الأدب الروسي في وقتها. كما أن عمة ديانا، الدكتورة عالية الشاعر، والدكتورة أروى محمد الشاعر، هما أديبتان وكاتبتان فلسطينيتان معروفتان.

غطت وسائل الإعلام الإماراتية حفل التتويج للبطلة العالمية في الفروسية، محتفلة بتمثيلها للاتحاد الدولي للفروسية. كما تناولت الصحف الروسية سيرتها تحت عنوان “امرأة بارزة ومنصب رفيع”، حيث سلطت الضوء على مسيرتها الرياضية والدبلوماسية.

بدأت ديانا ركوب الخيل في سن الحادية عشرة في موسكو، وشاركت في البداية في المسابقات الوطنية قبل أن تنتقل إلى المحافل الدولية. وعندما زارت فلسطين لأول مرة عام 2016، أدركت قدرتها على إحداث تغيير في مجال الفروسية هناك، كما فعلت في روسيا التي ما زالت تحتفظ بمكانة خاصة في قلبها.

إلى جانب إنجازاتها الرياضية، انخرطت ديانا في العمل الاجتماعي، حيث شاركت كممثلة رسمية لفلسطين في الجمعية العامة للاتحاد الدولي للفروسية في طوكيو عام 2016. وفي صيف 2021، تولت رئاسة لجنة رياضة الفروسية للمجموعة الجغرافية السابعة للاتحاد الدولي للفروسية.

على الرغم من تحقيقها حلم التأهل إلى الألعاب الأولمبية (باريس 2024)، اضطرت ديانا للانسحاب بسبب إصابة حصانها. وقد أعلنت مؤخراً اعتزالها الفرس الذي ركبته منذ طفولتها، لتركيز جهودها على تطوير رياضة الترويض في الشرق الأوسط وروسيا، حيث تقيم حالياً دورات تدريبية منتظمة.

تعد ديانا الشاعر نموذجاً للرياضي الملتزم بقضيته، حيث نجحت في الجمع بين التميز الرياضي والعمل الدبلوماسي والثقافي، حاملةً معها دائماً هوية شعبها ورسالة صموده في كل المحافل التي تشارك فيها.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)
  • «الإلقاء ومسرحة القصيدة» في بيت الشعر بالشارقة
  • بن حبتور يعزي في وفاة المناضل الشاعر صالح صائل
  • أناشيد النصر.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
  • جمال الشاعر: يجب الاهتمام بالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في كل المجالات
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • جاك الموت
  • قصة شاعر أقسم ألا يتزوج حتى تموت أمه! .. فيديو
  • فارسة فلسطينية-روسية بارزة تمثل الاتحاد العالمي للفروسية في أبو ظبي
  • الطيبين.. بهاء سلطان يستعد لطرح أحدث أغانيه