جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@07:35:31 GMT

أُمِّيَّة العصر

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

أُمِّيَّة العصر

 

د. بدر بن أحمد البلوشي

baderab_2000@hotmail.com

في زمن تتزايد فيه الأزمات والتحديات، تبرز الحاجة الملحة ليس فقط للتعليم، ولكن لتعليم ينير العقول ويحرك الأيدي. الأمية ليست فقط عدم القدرة على قراءة الكلمات وكتابتها، بل هي العجز عن قراءة الواقع وتحويل الأفكار إلى أفعال تعيد رسم ملامح هذا الواقع. الكثيرون يحملون الشهادات، ولكن قليلون هم الذين يحملون مفاتيح التغيير الحقيقي.

في ظل التحولات العالمية السريعة، تبرز الحاجة الملحة لتعليم يتجاوز الأساسيات إلى بناء قدرات فهم وتحليل الواقع، لا يزال التحدي قائمًا في تحويل هذه الإنجازات إلى فعالية عملية تسهم في التطور الوطني.

الأمية الفكرية تتجلى في عدم قدرة الفرد على استيعاب التحولات الجذرية في مجتمعه وعالمه، وعجزه عن مواجهة التحديات بأدوات المعرفة التي توفرها التعليمات المتطورة. هذا النوع من الأمية يشكل العائق الأكبر أمام التقدم الذي نصبو إليه جميعًا. الأمية الفكرية تتمثل في عدم القدرة على استيعاب التغيرات الكبيرة وتحويل المعرفة إلى أفعال تعيد تشكيل معالم المجتمع. في السياق العماني، يعتبر هذا التحدي أكثر حدة، حيث يظهر جليًا من خلال الفجوة بين المهارات المكتسبة ومتطلبات السوق الفعلية، الأمر الذي يُبطئ من وتيرة الابتكار والتحديث الاقتصادي.

من الضروري أن نسلط الضوء على أهمية تنمية الوعي العميق والفهم السليم كأدوات للتعليم الفعال. الإحصاءات تشير إلى أنَّ هناك حاجة ماسة لتعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليلي لدى الطلاب، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة السلطان قابوس أن 65% من الخريجين يفتقرون إلى المهارات التحليلية الكافية لمواكبة تطورات العمل. التعليم في عمان يحتاج إلى تحول يشمل تكامل المهارات الحياتية مع المعرفة الأكاديمية، بحيث يُعطى الأولوية للتعليم التفاعلي والمشاركة العملية. الفعالية الحقيقية للتعليم تكمن في قدرته على إعداد جيل قادر على التفاعل بإيجابية مع تحديات العصر، وليس فقط حمل الشهادات.

يجب أن نسعى لتعزيز وعي عميق بأهمية تطبيق المعرفة في حل المشاكل العملية وتطوير الحلول المبتكرة التي تلامس حياة الناس اليومية. التعليم الذي لا يصاحبه تفكير نقدي ولا يُثمر عن تحليل وفهم عميق للواقع، يظل ناقصًا وغير مُجدٍ. هذه الأمية الفكرية إذا لم يتم معالجتها، ستستمر في تعطيل قدراتنا على التطور والابتكار. يجب أن نعمل جاهدين لضمان أن يكون التعليم في عمان ليس مجرد عملية تلقين، بل مسار تحول يفتح آفاقاً جديدة للفهم والتطبيق العملي الذي يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للجميع. نحن بحاجة إلى رؤية جديدة لمنظومتنا التعليمية، منظومة تُركز ليس فقط على الكم، بل على الكيف. التعليم يجب أن يكون تفاعليًا ويشجع على البحث والاستقصاء وليس فقط التلقين. يجب أن نعيد تشكيل فلسفتنا التعليمية لتشمل تنمية المهارات الحياتية والقدرة على التكيف والابتكار. فقط عندما نُحرر عقولنا من قيود الأمية الفكرية، سنتمكن من تحقيق الإبداع والتطور الذي نسعى إليه جميعًا.

هذا التحول في نهج التعليم والتعلم ليس مجرد تحسين؛ إنه ضرورة قصوى لتحقيق مستقبل أفضل. نحتاج إلى التأكيد على أن كل فرد في مجتمعنا مسؤول عن التعلم الفعال والعميق الذي يتجاوز الحفظ إلى استيعاب وتطبيق. الأمية الفكرية هي العدو الأكبر لأي مجتمع يطمح للريادة والتقدم، وعلى كل منا أن يكون جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة.

** دكتوراه في الإعلام والعلاقات العامة وباحث في التخطيط الاستراتيجي وعلم النفس في الإدارة الحديثة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حنان شومان لـ"البوابة نيوز": جودة العمل هي العنصر الأهم في جذب المشاهدين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حققت المسلسلات ذات الـ 15 حلقة نجاحًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، ذلك نظرًا لسرعة إيقاعها وبُعدها التام عن المط والتطويل، وهو ما يناسب العصر الحالي الذي جعل صنّاع الدراما يلجأون إلى هذه الظاهرة كنوع من التغيير ورغبة في مواكبة العصر والأجيال الجديدة في ظل انتشار المنصات الرقمية.

وقالت الناقدة الفنية حنان شومان: “وجود مسلسلات مكونة من 15 حلقة خلال موسم رمضان ليس أمرًا غريبًا بل هو أمر طبيعي يتماشى مع احتياجات الأعمال الدرامية في الوقت الحالي، هناك أعمال تتكون من 8 أو 10 حلقات، مؤكدة أن جودة العمل تظل هي العنصر الأهم في جذب المشاهدين”.

وأضافت في تصريح خاص لـ "البوابة نيوز": “هذه النوعية تتماشى مع طبيعة المشاهدين في وقتنا الحالي، وبسبب النجاح الكبير الذي حققته هذه النوعية من المسلسلات اتجه الكثير من صنّاع الدراما إلى تقديمها وهذه خطوة جيدة، وخصوصًا في موسم رمضان، إذ تتيح للجمهور مشاهدة كم كبير من المسلسلات المختلفة”.

مقالات مشابهة

  • بيت المهارات.. خطوة رائدة لتعزيز التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب في غانا
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 2-4-2025
  • عيد الفطر في مصر عبر العصور.. منذ الفتح الإسلامي حتى اليوم
  • عيد الفطر في مصر طقسًا دينيًا لا يشبه سواه بالعالم العربي والإسلامي.. صور
  • «مؤسسة زايد للتعليم».. غرس المستقبل وتمكين قادة الغد
  • 5 أنشطة ترفيهية لتسلية الأطفال ذوي الإعاقة البصرية في العيد
  • حنان شومان لـ"البوابة نيوز": جودة العمل هي العنصر الأهم في جذب المشاهدين
  • الملتقيات الفكرية للواعظات تزين مساجد الفيوم خلال شهر رمضان
  • أيمن عاشور: الارتقاء بمسار التكنولوجيا يأتي على رأس أولويات التعليم العالي
  • أيمن عاشور: الارتقاء بمسار التعليم التكنولوجي على رأس أولويات التعليم العالي