لجريدة عمان:
2025-04-24@16:08:18 GMT

تأملات في مهرجان المسرح العماني

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

تأملات في مهرجان المسرح العماني

رفع مهرجان المسرح العماني اليوم ستائره معلنا عن افتتاح النسخة الثامنة منه، وسط احتفاء المشهد الثقافـي فـي سلطنة عمان والعالم العربي أجمع بالذين حلوا ضيوفا عزيزين على المهرجان.. لم يكن فـي يومه الأول أو فـي بقيته أيام مساحة لمجرد الترفـيه، إلا فرصة لفتح حوارات عميقة حول مكانة المسرح فـي تشكيل معالم الحياة عبر مرآة النقد الفني، وعن الفنون بشكل عام ودورها فـي البناء الحضاري عبر التاريخ.

وإذا كان خطاب تشكيل القيم يشغل العالم فـي هذه اللحظة المفصلية من تاريخه فإن الفنون على اختلاف أشكالها، مسرحا ورسما وموسيقى وشعرا وسردا، تقوم بدور كبير فـي بناء القيم ودعم صمود الهوية الوطنية فـي ظل غزو العولمة.

والمسرح الذي يصنع فـي النفوس فرحة تحمل القدرة على الديمومة طويلا خاصة عندما تكون النصوص التي يشتغل عليها عميقة وموحية وقادرة على توليد الدلالات ونقد المجتمع يستطيع أن يترك فـي المتفرجين أثرا عميقا، سواء من حيث رؤيته للمستقبل أو عبر ربطنا بتاريخنا وخبراتنا الإنسانية.

بهذا المعنى يستحق مهرجان المسرح العماني فـي دورته الثامنة هذا الاحتفاء؛ لأنه أيضا يذكرنا بأن وزارة الثقافة والرياضة والشباب متمسكة، وبشكل يليق بتاريخ عمان ومكانتها، بكل أشكال الفنون خاصة وأنها نظمت قبل أقل من شهرين مهرجانا للأغنية احتفت فـيه بالصوت واللحن والكلمات. وهذا فـي حد ذاته مهم فـي ترسيخ مكانة الفنون واعتراف بدورها رغم كل التحولات التي أحدثتها ثورة التكنولوجيا وأدواتها فـي إلغاء الحضور المركزي لبعض الفنون مثل المسرح والسينما.

وإذا كان الفن يحاكي الحياة كما قال أفلاطون ذات يوم فإن مهرجان المسرح العماني بفعل اشتغالاته خلال أكثر من أسبوع سيحاكي الحياة، وسيحاصرها فـي مسرح محدود الفضاء وسيشاهدها المتفرجون وهي تختزل فـي عرض يبدو قصيرا مهما طالت مدته فـي العرض. وسيخرج المتفرجون بعد العرض بالكثير من القيم والكثير من العبر التي يمكن أن تسهم فـي ترميم تصدعات الحياة وتشظياتها.

لكن القيم ليست وحدها التي سيخرج بها عشاق المسرح، فهناك لمسات الجمال والمعنى التي ستعمل كحاجز صلب بين قسوة الواقع الذي يعيشه الإنسان والذي سيتجسد فـي العروض بالنظر إلى مقولة أفلاطون وبين حاجة الإنسان إلى الأمل.. يقول نيشته إننا اخترعنا الفن حتى لا نموت من هول الحقيقة.. وهذا يعطي للفن معنى جديدا وهو التمسك بالبقاء.

ورغم أن عُمان عرفت المسرح قبل نصف قرن من الزمن إلا أنها كانت على الدوام متخمة بالفنون الأخرى التي شكلت معالم هذه الأرض، وأغنت منجزها الحضاري، فطوال قرون التاريخ كان الشعر وعاء لفلسفة العمانيين، وكانت الموسيقى معبرة عن رهافة مشاعرهم وأيضا عن قسوة الطبيعة المحيطة بهم. وعبر كل تلك الفنون التي بقي العمانيون يحتفون بها نستطيع اليوم أن نقرأ تاريخ عُمان ومكانتها الحضارية ونفهم الدور الكبير التي لعبته فـي ذلك البناء الحضاري.

ولذلك لا مجال اليوم إلا بالتمسك بها وتطويرها والاهتمام بها؛ للدور الذي تقوم به فـي حياتنا وفـي تأثيرنا على الآخر باعتبارها قوة ناعمة لا مجال فـي التفريط بها أبدا. ومن روح تلك الهشاشة وذلك التشظي الذي تكشف به الفنون عن دواخل الإنسان وصراعاته العميقة تتشكل قوة المجتمع ونبضه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مهرجان المسرح العمانی

إقرأ أيضاً:

الفنون التشكيلية تنظم جولة بستان الإبداع احتفالًا بعيد التحرير.. غدًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 ينظم قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش جولة جديدة من مشروع "بستان الإبداع" وذلك يوم الأربعاء 23ريل2025 تحت عنوان "سيناء جوهرة مصر".

جولة بستان الإبداع

وقال الفنان محمد كمال المشرف على المشروع أن هذه الجولة تحتفي بمناسبة غالية وعزيزة على قلوب المصريين والعرب جميعًا، فسيناء كانت وستظل جوهرة التاج عبر التاريخ، وسيبدأ اليوم بحضور طابور الصباح بمدرسة الشهيد باسم محسن الابتدائية بالدقي لتعريف الطلبة بالمشروع وأهدافه التي تسعى وزارة الثقافة لتحقيقها من خلاله وأهمها زيادة الوعي والحس الوطني وتعزيز مدارك المعرفة بالفنون ودورها وتأثيرها المجتمعي مع تنمية ذائقة التذوق الفني والجمالي لضمان جيل مستنير قادر على تحديات المستقبل.

 متحف بانوراما أكتوبر 

وأضاف (كمال).. بعد ذلك يتم إقامة الندوة الثقافية داخل مكتبة المدرسة عن تحرير سيناء وتاريخ بوابة مصر الشرقية على مر التاريخ وكيف كان الشعب المصري وجيشه وقيادته دائمًا حائط صد منيع أمام كل محاولات النيل من مصر وشعبها وامنها وخيراتها، ثم التوجه إلى متحف بانوراما أكتوبر باصطحاب أكثر من 40 طفل برفقة فريق العمل لإقامة الورشة الفنية هناك وحتى انتهاء فعاليات الجولة في الساعة الثالثة عصرًا.
 

491511118_18152156623368698_3461062325410362611_n

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • الأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء
  • 142.6 مليون ريال إيرادات "مطارات عمان" الإجمالية.. و51% نموا في الأرباح التشغيلية لـ"الطيران العماني"
  • مهرجان المسرح المدرسي العاشر يختتم فعالياته غدًا
  • العرض العالمي الأول لفيلم "أعجوبة الحياة" بمهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة بلبنان
  • قصور الثقافة: ملتقى سيناء لفنون البادية وسيلة لحفظ التراث
  • الفنون التشكيلية تنظم جولة بستان الإبداع احتفالًا بعيد التحرير.. غدًا
  • من الرجل الذي كافأه المأمون؟ وما قصة المثل: ربّ مملول لا يستطاع فراقه؟
  • الفنون جنون أم مسئولية؟.. ماذا فعـل محمد رمضان؟!
  • مهرجان المسرح المدرسي يواصل فعالياته لليوم الثالث وسط تألق طلابي