«سماء حمراء».. يفتتح أسبوع أفلام جوتة بالإسكندرية
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
افتتح على مسرح الجراج بمركز الجزويت الثقافي بالإسكندرية أسبوع السينما الألمانية، وهو يعد من الأحداث الثقافية الكبرى التى ينتظرها عشاق فن السينما بالإسكندرية.
يتضمن أسبوع الأفلام، بالإضافة للأفلام الألمانية المنتجة حديثا وأفلام مصرية وعربية حديثة بدورها، بالإضافة لبعض الورش مع مخرجى الأفلام المعروضة ومشاركة الجمهور بمناقشة بعضها عقب العروض، تتنوع بين الدراما والكوميديا والوثائقية بالإضافة للأفلام القصيرة.
وشارك العديد من الأفلام في مسابقات سينمائية دولية، وقد حظى فيلم الإفتتاح سماء حمراء بإقبال جماهيري واسع، وهو للمخرج الألماني كريستيان بيتزولد، الذي يعد من كبار مخرجي السينما العالمية، الفيلم إنتاج ٢٠٢٣، وحصل على جائزة الدب الفضى الكبرى للجنة التحكيم بمهرجان برلين السينمائي الدولي فى الدورة الثالثة والسبعين.
يعد فيلم سماء حمراء الجزء الثاني من ثلاثية أفلام تستند قصصها على عناصر الطبيعة، التي ارتبطت فى أذهاننا بميلاد الفلسفة اليونانية عن نشأة الحياة، بدأها بفيلم أوندين، والذي كان الماء عنصرا رئيسيا فى حكايته وهو الفيلم الفائز بجائزة أحسن ممثلة فى مهرجان برلين السينمائي بالإضافة لجائزة النقاد العرب كأفضل فيلم للأفلام الأوربية فى مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الثانية والأربعين، ومن المتوقع أن يكون فيلمه القادم مستمدا من عنصر التراب استكمالا لثلاثية عن عناصر الوجود.
لا يعتمد فيلم سماء حمراء على البناء التقليدي لسينما هوليوود الأكثر انتشارا حول العالم، من حيث الإثارة وسخونة الأحداث، يعتمد الفيلم على إيقاع بطيء قد يصل لحد الملل، ذلك الشعور الذي يتسم به بطل الفيلم بيتر، الشخص البدين والكسول الذي يمتهن كتابة الأدب، يذهب بيتر برفقة صديقه مصور الفوتوغرافيا لرحلة إستجمام على شاطئ بحر البلطيق، مصطحبا معه مسودة روايته الجديدة لمراجعتها، وأيضا لينجز صديقه المصور مشروعا جديدا يتعلق بمهنته، وفى طريق الذهاب تتعطل سيارتهم فى غابة كثيفة الأشجار، ما يدفعهم لتكملة المشوار سيرا على أقدامهم للوصول لبيت ريفي على ساحل البحر، وهناك ينضموا لفتاة تقيم لبعض الوقت بالمنزل المملوك لوالدة صديقه المصور وشخص آخر يعمل مرشدا على شاطئ البحر، يشكل الأربعة مسار الأحداث طيلة الفيلم الذي يتجاوز الساعة بقليل، نيران مشتعلة فى عمق الغابة تتسع دائرتها، إلا أنها تظل طوال الفيلم تشكل خلفية للأحداث بوصفها فعل معتاد يتكرر موسميا، ولكنها هنا تبدو وكأنها تشكل معادلا موضوعيا لتلك النيران التي تختلج فى صدر بطل الفيلم بيتر، حتى وإن كانت تختبئ وراء فتور سلوكه، يمارس أبطال الفيلم الثلاثة عدا بيتر حياتهم بعفويتها منخرطين بين إعمالهم والإستمتاع بالبحر ليظل بيتر كسولا مترفعا عن مشاركتهم، متذرعا بإنجاز العمل فى روايته، التي نكتشف فى سياق الأحداث أنها رواية متهافتة لا تصلح للنشر، وذلك بعد أن سمح على مضض أن يعطيها للفتاة لقرائتها، لتبدى رأيا فى غير صالحها، مما دفعه لإهانتها بوصفها غير متخصصة فى نقد الأعمال الأدبية، ليتأكد تباعا صدق نظرتها عندما رفضها الناشر الذي جاءهم لمطالعة مسودة الرواية قبل نشرها، وفى حوار بين الناشر والفتاة نكتشف أنها متخصصة فى دراسة الأدب بل وتعد رسالة الدكتوراة فى الشعر، الأمر الذي أطاح بكل ذلك الهدوء والتعالي لدى بيتر، تلتهم النيران صديق بيتر المصور ومعه المرشد البحري أثناء محاولتهما جر السيارة المعطلة من داخل الغابة، لتصبح النيران أكثر إقترابا وقدرة على صنع ذلك المصير الموجع لأثنين من أبطال الفيلم، ينتهي الفيلم وقد تمكن بيتر من تملك مجموعة من المعاني المغايرة البعيدة عن نظرته الكسولة اللامبالية، ليكتب رواية جديدة إستمدها من مجموع الوقائع التي حدثت طوال فترة رحلته، رواية تصلح لأن يقدمها لقرائه تعبيرا حيا عن مصائر البشر المنخرطين فى قلب الحياة بدأبها وعفويتها، بعيدا عن تلك النظرة المتخفية وراء نرجسية إدعاء صناعة أدب خال من أي معنى.
فيلم سماء حمراء رغم إيقاعه البطئ ظاهريا إلا أنه يمنح المشاهد فرصة هائلة لتأمل حياة البشر من حولنا، لافتا النظر إلى دواخلهم النفسية، عبر رؤية فلسفية مستمدة من طابع الثقافة الألمانية، بوصفها أهم الثقافات المنتجة للفلسفة عبر التاريخ الإنساني.
main-photo (3) Binder1_Page_3
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فن السينما
إقرأ أيضاً:
أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.
فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.
تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.
مخاطر منتظرةمع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.
مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.
رد أوروبابدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟
إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.
عالم منقسمقد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.
ضرورة التأملويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.
إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.
*الجارديان