بوابة الوفد:
2024-09-22@19:23:01 GMT

من يمتلك القصيدة: الشاعر أم القارئ؟

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

فى الفيلم الإيطالى الشهير Il Postino «ساعى البريد» (1994)، يقوم ساعى البريد فى قرية إيطالية صغيرة بإهداء فتاة يحبها قصيدة يدّعى أنها من تأليفه، بينما هى فى الواقع من إبداع الشاعر التشيلى المنفى بابلو نيرودا. عندما وبّخه نيرودا على هذا الفعل، رد الشاب قائلًا: «فقط لأنك كتبت القصيدة، لا يعنى أنها ملكك.

الشعر ينتمى إلى أولئك الذين يحتاجون إليه.»
قد يدهشنا هذا الرد فى عصرنا الذى يحمى حقوق الملكية الفكرية بقوانين صارمة، ولكن كلمات ساعى البريد تفتح بابًا للتأمل فى مسألة ملكية الشعر. فمن يملك القصيدة حقًا؟ هل يملكها الشاعر الذى أبدعها؟ أم القارئ الذى يتفاعل معها، ويجعلها جزءًا من حياته، ورمزًا لتجاربه وأحلامه؟ لمن تنتمى رائحة الوردة؟ هل هى للشجرة التى تطرحها، أم للعابر الذى يتنفس عبيرها ويسعد به؟
فى كتابه «الكتابة والتناسخ»، يستشهد الناقد المغربى عبدالفتاح كيليطو بحادثة طريفة عن الموسيقار الشهير وولفغانغ أماديوس موزارت، الذى تنازل طوعًا عن بعضٍ من أعظم أعماله لصديق مبتدئ. هذا الفعل يعكس فكرة أن الإبداع قد يتجاوز مسألة الملكية الشخصية، ليصبح مشاعًا بين الناس.
فى التراث العربي، تناول النقاد هذا السؤال منذ قرون. ابن رشيق (ت. 1070 (1071/، أحد أبرز نقاد الأدب فى العصر العباسي، أشار فى كتابه «العمدة» إلى أنواع مختلفة من السرقات الادبية، منها الاصطراف، ويتفرع إلى اجتلاب أو استلحاق، وإلى انتحال، ثم الإغارة، فالغصب، فالمرافدة. وفى هذه الأنواع جميعا، يكون النص المسروق حاضرا بعينه لفظا ومعنى فى منتوج الشاعر. وأضاف أن الشاعر قد يتنازل عن بيت شعرى لشاعر آخر بمحض إرادته. هذا التصرف يعكس فهمًا أكثر تعمقًا للعلاقة بين الإبداع والملكية الأدبية، حيث لا يُنظر إلى القصيدة على أنها ملكية خاصة بل حساب مشترك فى بنك الابداع، إرث جماعى تتناوبه الاجيال.
لم تكن الحدود التى تفصل بين الاقتباس المشروع والسرقة مجرد مسألة قانونية فحسب فقد أثارت تساؤلات حول مدى اعتماد الشاعر على أعمال غيره، وأين يكمن «تعالق النصوص» ومتى يبدأ الإبداع الفردى.
فى السياق الغربي، قدّم الناقد الأدبى هارولد بلوم مفهوم «الانحراف» (clinamen) لفهم هذه العلاقات الشعرية. مستندًا إلى الفيلسوف الرومانى لوكريتيوس (ت. 51 ق.م.)، الذى يشير إلى انحراف الذرة عن مسار الاخرى وهذا الانحراف هو الذى يجعل التغيير فى الكون ممكنًا. طبّق بلوم هذا المفهوم على الشعر، مشيرًا إلى أن الشاعر ينحرف عن مسار سابقه المبدع ليصنع تصحيحًا أو تغييرًا فى اتجاه قصيدة جديدة. وهذا «الانحراف» هو ما يجعل الإبداع الشعرى مميزًا وأصيلًا، ويشكل فى نفس الوقت استجابة إبداعية للقصائد السابقة.
وكما أنّ الشعر قد يصبح ملكًا لمن يحتاج إليه، كذلك يمكن للشاعر أن ينحرف عن أسلافه ليبدع شيئًا جديدًا ينتمى إلى زمنه وتجربته.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القصيدة الشاعر القارئ فتاة قصيدة حقوق الملكية الفكرية

إقرأ أيضاً:

الخارجية: قضية المياه مسألة وجودية ونرفض أي إجراءات أحادية من إثيوبيا

أكد بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية، أن قضية المياه مسألة وجودية بالنسبة لمصر ونرفض أي إجراءات أحادية تقوم بها إثيوبيا للمساس بحصتنا المائية.

خبير: نتنياهو يستمر في تصعيد الحرب على غزة (فيديو) الوضع بليبيا وأزمة سد النهضة.. الخارجية الأمريكية تكشف سبب زيارة بلينكن لمصر(فيديو)


وتابع “عبدالعاطي خلال تصريحاته عبر فضائية ”القاهرة الإخبارية"، اليوم السبت، أنه ناقش مع أعضاء الكونجرس العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا وهناك إجماع للإشادة بدور الرئيس السيسي في مفاوضات غزة.

المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال قتل أيتام وأرامل حضروا لمدرسة الزيتون للحصول على دعم مالي

وفي سياق منفصل، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قتل خلال المجزرة المُروّعة بمدرسة (الزيتون ج) 16 شهيداً من فئة الأطفال الأيتام والنساء الأرامل، حضروا إلى المدرسة للحصول على مبلغ مالي، وكان الاحتلال قد قتل مُعيلهم سابقاً.

وأضاف المكتب الإعلامي في بيان عبر حسابه استكمالاً للمعلومات التي نشرناها في البيان السابق حول جريمة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" والتي قصف خلالها مدرسة (الزيتون ج) وقلت خلالها 22 شهيداً اليوم السبت 21 سبتمبر 2024م .

نود توضيح التالي:

 

ارتفع عدد الشهداء إلى 22 شهيداً و30 جريحاً حتى الآن، غالبيتهم أطفال ونساء.

 

من بين هؤلاء الشهداء 13 طفلاً و6 نساء وبينهم جنين عمره 3 شهور فقط.

 

من بين هؤلاء الشهداء قتل الاحتلال 16 شهيداً من فئة (الأطفال الأيتام والنساء الأرامل) وهؤلاء قتل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مُعيلهم سابقاً (آباءهم أو أزواجهن)، وكان هؤلاء الأيتام والأرامل الشهداء قد حضروا إلى المدرسة للحصول على مبلغ مالي بسيط (كفالة أيتام) حتى يستطيعوا شراء احتياجاتهم في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال منذ عام تقريباً، لكن صواريخ الاحتلال كانت لهم بالمرصاد والقتل وحولتهم إلى أشلاء مقطعة.

 

وأكد المكتب الإعلامي في غزة، أن كل التفاصيل لجرائم الاحتلال قيد الرصد والمتابعة.
 

مقالات مشابهة

  • «صوت المرأة».. في ملتقى ومعرض إبداعي
  • ريادة الأديب الإماراتي عبد الله صقر في "وميض الإبداع"
  • وزيرالخارجية: قضية المياه مسألة وجودية لمصر ونرفض أي إجراءات أحادية من إثيوبيا
  • الخارجية: قضية المياه مسألة وجودية ونرفض أي إجراءات أحادية من إثيوبيا
  • آمنة الضحاك: العالم يمتلك قوة التعاون لمكافحة تغير المناخ
  • الشاعر حسن أبوكدوك.. رجلٌ إنتظرَ الموتَ طويلا
  • بيولي: النصر يمتلك لاعبين بإمكانيات عالية وأنا راضٍ عن أدائهم
  • أمسية عن “حضور الشاعر في القصيدة” بشريك هيئة الأدب في تبوك
  • الجديع: بعد رحيل كاسترو لا يزال رونالدو يمتلك قرارًا في النصر .. فيديو