بوابة الوفد:
2025-01-27@04:31:30 GMT

من يمتلك القصيدة: الشاعر أم القارئ؟

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

فى الفيلم الإيطالى الشهير Il Postino «ساعى البريد» (1994)، يقوم ساعى البريد فى قرية إيطالية صغيرة بإهداء فتاة يحبها قصيدة يدّعى أنها من تأليفه، بينما هى فى الواقع من إبداع الشاعر التشيلى المنفى بابلو نيرودا. عندما وبّخه نيرودا على هذا الفعل، رد الشاب قائلًا: «فقط لأنك كتبت القصيدة، لا يعنى أنها ملكك.

الشعر ينتمى إلى أولئك الذين يحتاجون إليه.»
قد يدهشنا هذا الرد فى عصرنا الذى يحمى حقوق الملكية الفكرية بقوانين صارمة، ولكن كلمات ساعى البريد تفتح بابًا للتأمل فى مسألة ملكية الشعر. فمن يملك القصيدة حقًا؟ هل يملكها الشاعر الذى أبدعها؟ أم القارئ الذى يتفاعل معها، ويجعلها جزءًا من حياته، ورمزًا لتجاربه وأحلامه؟ لمن تنتمى رائحة الوردة؟ هل هى للشجرة التى تطرحها، أم للعابر الذى يتنفس عبيرها ويسعد به؟
فى كتابه «الكتابة والتناسخ»، يستشهد الناقد المغربى عبدالفتاح كيليطو بحادثة طريفة عن الموسيقار الشهير وولفغانغ أماديوس موزارت، الذى تنازل طوعًا عن بعضٍ من أعظم أعماله لصديق مبتدئ. هذا الفعل يعكس فكرة أن الإبداع قد يتجاوز مسألة الملكية الشخصية، ليصبح مشاعًا بين الناس.
فى التراث العربي، تناول النقاد هذا السؤال منذ قرون. ابن رشيق (ت. 1070 (1071/، أحد أبرز نقاد الأدب فى العصر العباسي، أشار فى كتابه «العمدة» إلى أنواع مختلفة من السرقات الادبية، منها الاصطراف، ويتفرع إلى اجتلاب أو استلحاق، وإلى انتحال، ثم الإغارة، فالغصب، فالمرافدة. وفى هذه الأنواع جميعا، يكون النص المسروق حاضرا بعينه لفظا ومعنى فى منتوج الشاعر. وأضاف أن الشاعر قد يتنازل عن بيت شعرى لشاعر آخر بمحض إرادته. هذا التصرف يعكس فهمًا أكثر تعمقًا للعلاقة بين الإبداع والملكية الأدبية، حيث لا يُنظر إلى القصيدة على أنها ملكية خاصة بل حساب مشترك فى بنك الابداع، إرث جماعى تتناوبه الاجيال.
لم تكن الحدود التى تفصل بين الاقتباس المشروع والسرقة مجرد مسألة قانونية فحسب فقد أثارت تساؤلات حول مدى اعتماد الشاعر على أعمال غيره، وأين يكمن «تعالق النصوص» ومتى يبدأ الإبداع الفردى.
فى السياق الغربي، قدّم الناقد الأدبى هارولد بلوم مفهوم «الانحراف» (clinamen) لفهم هذه العلاقات الشعرية. مستندًا إلى الفيلسوف الرومانى لوكريتيوس (ت. 51 ق.م.)، الذى يشير إلى انحراف الذرة عن مسار الاخرى وهذا الانحراف هو الذى يجعل التغيير فى الكون ممكنًا. طبّق بلوم هذا المفهوم على الشعر، مشيرًا إلى أن الشاعر ينحرف عن مسار سابقه المبدع ليصنع تصحيحًا أو تغييرًا فى اتجاه قصيدة جديدة. وهذا «الانحراف» هو ما يجعل الإبداع الشعرى مميزًا وأصيلًا، ويشكل فى نفس الوقت استجابة إبداعية للقصائد السابقة.
وكما أنّ الشعر قد يصبح ملكًا لمن يحتاج إليه، كذلك يمكن للشاعر أن ينحرف عن أسلافه ليبدع شيئًا جديدًا ينتمى إلى زمنه وتجربته.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القصيدة الشاعر القارئ فتاة قصيدة حقوق الملكية الفكرية

إقرأ أيضاً:

خطوة جديدة تقرب نيمار من سانتوس

ماجد محمد

دخل فريق سانتوس البرازيلي في محادثات مع شركة أمبرو بشأن تصميم طقم عودة البرازيلي نيمار جونيور لاعب الهلال.

وأكد سانتوس أنهم في مفاوضات مع نيمار للتعاقد معه في الانتقالات الشتوية الجارية.

وقالت صحيفة “الرياضية” نقلاً عن مسؤول في النادي البرازيلي: “نعم، نحن مهتمون بالتعاقد مع نيمار في يناير الجاري، ولكن يجب على اللاعب أن ينهي مسألة رحيله عن ناديه أولاً. حتى يمكننا ضم نيمار، نحتاج أيضاً لمناقشة الأمور المالية معه، بالإضافة إلى حسم مسألة رحيله عن الهلال.”

ووضع نادي سانتوس خطة تسويقية كبيرة لتمويل صفقة التعاقد مع نيمار في ظل الشكوك حول استمراره مع الهلال بسبب إصاباته المتكررة التي منعته من المشاركة لفترات طويلة.

مقالات مشابهة

  • محمد سمير ندا.. على الكاتب أن يمتلك الجرأة على إلقاء الحجارة في البحيرات الراكدة
  • نزوى 121 ... الشعر والتاريخ والفقد في الإبداع الخليجي والعربي
  • زيلينسكي: ترامب يريد إنهاء الأزمة الأوكرانية لكنه لا يمتلك خطة واضحة
  • الراعي: نأمل أن يتمّ فصل مسألة الميثاقيّة عن المحاصصة
  • مدير المشروع الوطني للقراءة: نشارك بمعرض الكتاب للالتقاء بالجمهور ونشر المعرفة
  • جلسة حوارية تستعرض التجربة الشعرية والفنية للشاعر البحريني إبراهيم المنسي بظفار
  • “نظام التفاهة” : عندما تصبح الرداءة نظامًا وجوديًا
  • المرعاش: الدبيبة ليس رجل دولة ولا يمتلك صفات القيادة
  • خطوة جديدة تقرب نيمار من سانتوس
  • ليلى عطاء الله: الشاعر ليس راوياً للأحداث بقدر ما هو مخترع للصور