بوابة الوفد:
2024-09-22@19:24:16 GMT

البرج المايل

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

لا أدرى ماذا تمَّ قى برج الإسكندرية المائل، هل أزالوه؟ أو هل سَنَدوه ببعض الأحجار حتى يعتدل أو ربطوه بحبالٍ متينة وشدُّوه فاعتدل أو سحَروا له فجاء الجن وقبائلهم فأقاموا اعوجاجه؟ هل برج الاسكندرية المايل هو البرج الوحيد المائل فى مصر؟ هنالك أبراج كثيرة فى حاجة إلى اعتدال... كيف بُنى هذا البرج.. متى بُني؟ مَن أشْرف عليه؟ سنجيب عن هذه الأسئلة لأنه مال لمَّا لم يجد أحدًا يعدله، ولأنه جاور الأبراج الشاهقة دون حق فى الشارع والحى والمدينة، كم بُرجا عَلت عُلُوًّا كبيرًا دون أساس فى بر مصر؟ إذا أردنا أن نُقيّم المعوج فلا بد أن نبحث عن انتشار الرّشى بين بعض الموظفين الذين يُعقّدون الأمر حتى تحلّه الرشوة وهنا تختلف مواد القانون وتصير طيّعة قابلة للتأويل والكسر.

لا بد من إعمال القانون على الجميع فهل يُعقل أن تكون الأبراج متراصّة متقابلة فى شارع لا يزيد عرضه عن ثلاثة أمتار ويخشون على غسيلهم فى بلكوناتهم أن يلمّه جارهم المقابل من شرفته التى تلاصقهم؟ إعمال القانون سَنَد للحاكم وضمان للمحكوم.. ولا بد من إسناد الأمر لأهله، فاللجنة الهندسية هى المختصة بالقول الفصْل، وإذا فسد واحدٌ منها فلن يفسد الجميع، فإن فسدوا أحيلوا جميعا للمحاكمة قبل الميل لأن الميل هو الاعوجاج، وأين كانت الأجهزة المختصة والأبراج تعلو وتعلو والناس تدفع جميع مدخراتها وتشترى شقة العمر فى البرج الموعود ويكتشفون بعد ذلك أن الأدوار مخالفة ولها قرارات إزالة قد تُنَفّذ وأحيانا تصطدم باستحالة التنفيذ لضيق الشارع وخوفا على العمارات المجاورة والشوارع المحيطة والمارة والسكان والمرافق الرئيسة بالمنطقة، هل ننتظر انهيار هذه المبانى حتى نتحرك أو نغلّظ العقوبة حتى يرتدع الجَشِعون ونحمى الضحايا الدافعين شقاء العمر لشقة فى الهواء؟ وقديما قال الشاعر: متى يستقيم الظلّ والعود أعوجُ؟ وهل ذَهَبٌ صِرْفٌ يساويه بهرجُ؟
مختتم الكلام:
قال الشاعر:
قالوا يا شاعرْ قولْ/ أنا قلت: مش قايلْ
عُمْر الكلام ما يفيدْ/ ولا يعدل المايلْ

 


[email protected]
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإسكندرية الأحجار الجن الأبراج الرشوة الموظفين

إقرأ أيضاً:

الشاعر حسن أبوكدوك.. رجلٌ إنتظرَ الموتَ طويلا

كان يضع كرسيه على ناصية منزل والده الذي يشرِف على ثلاثة شوارع. في ذلك الحي الذي يحمل إسم جده (حي أبوكدوك العريق بأمدرمان) يرقُبُ المارة بحذر خوف أن يختلط به أحد. فقد اعتزل الناس بعد أن أدرك جوهر الحياة بحس شاعر قادر على أن ينفذ ببصيرته لماوراء الواقع. بعد أن تداعت في داخله - بحكم خيبات الساسة والسياسة - عوالمٌ شادها من الشعر المنثور... والنثر الشعري .. وبأقاصيص قِصار هُنّ درر في هذا الضرب العصي من الفن، حشد فيها كل عبقريته الفذة التي وهبها الله له... فنشر قصائده طوال عقد السبعينات في صحف الخرطوم السيارة مزاحماً بتلك الشوارد عمالقة أهل الشعر والإبداع.. فقد كان يقول:(إنه لا يُقرِض الشعر، وإنما "يُصعلكُ" الشعر).. والحق أنه كان يصور بناصع نظمه كل مستطرف مستظرف لا يخطر على البال، مناحي الحياة الأمدرمانية الثرة من (شحاذين و سكارى و حمالين ومتصوفة وبائعات خمر وبائعات هوى وحسناوات عذارى وتجار، وفقراء، وطلاب وأثرياء... إلخ ثم ينداح بأمانيه العراض نحو عالم تسوده العدالة والحرية والسلام) ثم إنكفأ على نفسه تلك الإنكفاءة المفاجأة معتزلاً الناس والأدب والسياسة وكل ما يتعلق بالحياة الإجتماعية من مقتضيات المجاملات والإختلاط.
لم تساوره منذ انعزالته تلك المجيدة مغريات الحياة، فعاش على هامشها طائعاً مختاراً يتحين أوان الرحيل الذي كان يستعجله بلهفةٍ لا تَني تنظر للحياة تلك النظرة الغامضة التي تحمل في طياتها الأبعاد اللانهائية لإستواء الوجود والعدم.
فقد عاش أبوكدوك الحياة كميت، ومات كأروع ما تكون الحياة عندما يمضي الإنسان وليس في قلبه مضغة سوداء تجاه أحد.
ولا في كفيه بقعة دم من شرايين أحد.
ولم تثقل ما بين جنبيه مظلمة بحق أحد.
فكان موته شاعرياً بقدر ما كانت حياته شاعرية، ملؤها النكتة اللمّاحة التي عادة ما يبدأها بقوله:(واحد صاحبنا شيوعي .... ) ثم يفضح الواقع بطرفة تبرز فيها المفارقة ما بين الكائن والمأمول..
خرج أبوكدوك ملوحاً بيده المعروقة بأن غاية ما كان يرتجيه قد تحقق، وأن جلسته على الناصية قد كفته بأن يرى بعينه التلسكوبية كل تلك المخازي التي دعته للعزلة وهو بَعْد وافرُ الدفق الشعري، مترعٌ بالإبداع قادر على العطاء لعله يجد في عالمه الآخر، عالماً آخراً أروع مما أبدعه خياله المَثَّال.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • من يمتلك القصيدة: الشاعر أم القارئ؟
  • إلى روح الشاعر زاهر الغافري
  • محافظ دمياط يتفقد ازدواج طريق عزبة البرج
  • عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين
  • الشاعر العماني زاهر الغافري في ذمة الله
  • مصر.. محمد جمعة يردّ على صلاح عبدالله بعد إعلان الوفاة
  • عن 68 عاماً..رحيل الشاعر العماني زاهر الغافري
  • الشاعر حسن أبوكدوك.. رجلٌ إنتظرَ الموتَ طويلا
  • 4 أبراج أقل حظا في شهر أكتوبر.. «الفلوس هتقصر معاهم»