ثنائية الأوبئة والحرب تحصد أرواح سكان الخرطوم
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
الخرطوم- كشفت مصادر في غرف الطوارئ الحكومية بالخرطوم عن تردي الوضع الصحي في الولاية، لا سيما المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مع انتشار أنواع مختلفة من الحُمى والأوبئة، وارتفاع عدد الوفيات بمعدل 8-20 حالة وفاة أسبوعيا.
وقال مصدر في غرفة طوارئ البراري للجزيرة نت إن متوسط الوفيات خلال الأسبوع داخل منطقة بري يتجاوز 20 شخصا، نتيجة الإصابة بأمراض مختلفة تشمل جميع من في المنطقة، حيث تنتشر أنواع من "الحُمّيات".
ووصف المصدر في الغرفة -رفض الكشف عن هويته- الوضع الصحي بـ"الكارثي"، في ظل انتشار كثير من الأمراض الباطنية التي لم يتم تشخيصها لعدم توفر المعدات اللازمة، مشيرا إلى توقف المستشفيات والمراكز الصحية بمنطقة بري، وغياب الكادر الطبي.
من جهته، كشف مصدر آخر، في غرفة طوارئ الجريف، عن وفاة أكثر من 50 مريضا بالحُمّيات منذ السادس من سبتمبر/أيلول وحتى 18 منه، مع معدلات إصابة تجاوزت 25% من سكان المنطقة.
وتنتشر الحُمّيات غير المشخّصة نتيجة غياب المراكز الصحية والفحوصات المخبرية، مع ظهور حالات مؤكدة لحمى الضنك والتيفوئيد، في ظل ندرة وانعدام الأدوية المنقذة للحياة كالمحاليل الوريدية.
وقال المصدر في غرفة طوارئ الجريف للجزيرة نت إن سعر "محلول البندول" يتراوح بين 8 آلاف جنيه سوداني (2.9 دولار) و15 ألف جنيه (5.3 دولارات). وبلغ سعر الحقنة الواحدة من علاج الملاريا 3 آلاف جنيه (1.07 دولار)، أما أدوية الأمراض المزمنة مثل الأنسولين، فأصبح من المستحيل توفره أو تخزينه مع انقطاع الكهرباء منذ مارس/آذار الماضي.
وأضاف أن "الغرفة تدعم 18 مطبخا توقف معظمها لضعف التمويل، ونهب التكايا من قِبل الدعم السريع، التي نهبت مؤخرا أكثر من 5 تكايا، وتوقف المطابخ يهدد الأمن الغذائي لسكان منطقة الجريف".
وأشار المصدر إلى أن نحو 7 آلاف أسرة تقيم بالمنطقة، وتتوفر خدمة صحية أولية بصورة غير مستدامة في المنطقة عن طريق المركز الصحي الذي يُديره عدد من المتطوعين بدعم من غرفة الطوارئ، لكن تحديات جمّة تواجه المركز تتمثل في الحصول على الأدوية وتوفير التمويل لتشغيل المختبر، ناهيك عن إصابة أكثر من نصف المتطوعين بالحُميات مما يحول دون تقديم الخدمة.
وفي ظل نقص الكوادر الطبية وشح الدواء، قال مصدر في المكتب الطبي بغرفة طوارئ شرق النيل، للجزيرة نت، إن منطقة سوبا شرق، جنوب شرق العاصمة الخرطوم سجلت في الفترة بين 6 إلى 15 سبتمبر/أيلول الجاري 63 حالة مؤكدة بحمى الضنك، توفي منها 8 حالات بعد إصابتها بالنزيف.
لا أدويةوكشف المصدر عن ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا مع ارتفاع معدل الوفيات من 3-4 حالات خلال يومين، وتفشي سوء التغذية، والإسهال، والعشى الليلي (ضعف الرؤية في الليل)، وفقر الدم، مع نقص الكوادر الطبية.
وفي حديثه للجزيرة نت، كشف المصدر الطبي عن انعدام أدوية الأمراض المزمنة، واختفاء تام لخط العلاج الأول للملاريا، مع ارتفاع تكلفته إن وجد، إذ يتجاوز سعره 30 ألف جنيه (10.7 دولارات)، أما حقنة الملاريا فبلغت تكلفة الجرعة 10 آلاف جنيه (3.5 دولارات) ويحتاج المريض إلى 6 جرعات.
في المقابل، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة صحة الخرطوم -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- إن تحديث الحالة الوبائية الصادر عن وزارة الصحة للأسبوع رقم 37، أكد خلو ولاية الخرطوم بمحلياتها السبع من الأمراض الوبائية، الكوليرا وحمى الضنك، وانخفاض الإصابة بمرض الملاريا.
وتسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، بينما تقع مناطق أخرى في الولاية تحت وطأة معارك الجيش السوداني والدعم السريع.
وأثرت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 على الوضع الصحي، وأدت إلى توقف أكثر من 80% من المرافق الصحية في ظل انتشار الأوبئة وتعثر وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع وبؤر الاشتباكات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدعم السریع غرفة طوارئ للجزیرة نت أکثر من
إقرأ أيضاً:
تقرير أممي يوثق انتهاكات واسعة النطاق بحق آلاف المحتجزين من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم
الأمم المتحدة: أكد تقرير أممي انتشار نمط من الاحتجاز التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين، والظروف اللاإنسانية لمرافق الاحتجاز من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، وهو ما يعكس مُمارسات تم توثيقها في مناطق أخرى متأثرة بالنزاع في السودان.
في تقرير نشر اليوم الخميس، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنه منذ اندلاع الصراع تم احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، دون تُهم في مرافق "مزرية ومكتظة"، مع اتصال محدود أو حتى بدون اتصال بعائلاتهم.
وفي هذا السياق، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "يجب ألّا يحرم أي فرد من حريته دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولا أن يتم إخضاعه تحت أي ظرف للتعذيب أو غير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
يستند التقرير، الذي يغطي الفترة من بداية الصراع 15 في نيسان/أبريل 2023 حتى حزيران/يونيو 2024، إلى 34 مقابلة مع محتجزين سابقين، وشهود وأفراد من العائلات، رووا تجاربهم للمفوضية.
وقدّم محتجزون سابقون روايات موثوقة عن حالات مروعة من التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الضرب المبرح والمتكرر في مرافق الاحتجاز. كما قاموا بوصف الظروف المزرية في مرافق الاحتجاز المزدحمة بشكل شديد، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصرف الصحي فيها، وعدم كفاية الغذاء والماء.
وقالوا إن العديد من المعتقلين توفوا رهن الاحتجاز بسبب نقص العلاج في مرافق قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.
يوثق التقرير أيضا استخدام أطفال لم يتجاوزوا الرابعة عشرة من العمر من قبل قوات الدعم السريع للعمل كحُراس، لا سيما في سجن سوبا، واحتجاز أطفال لا تتعدى أعمارهم 13 عاما مع أشخاص بالغين. كما تم الإبلاغ عن حالات عنف واستغلال جنسي لمحتجزات في مرفقين للاحتجاز تسيطر عليهما قوات الدعم السريع.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد المعتقلون السابقون بوجود معاملة تمييزية على أساس العرق والانتماء المُفترض للطرف المعارض في النزاع، حيث ورد أن أفرادا من قبائل أفريقية تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة بشكل متكرر في مرافق قوات الدعم السريع.
بينما زُعم أن أشخاصا من دارفور وكردفان، بمن فيهم من ينتمون إلى قبائل عربية، تم التمييز ضدهم وتعريضهم للاحتجاز في مرافق القوات المسلحة السودانية على أساس عرقي وبناء على انتمائهم المفترض إلى قوات الدعم السريع.
وفي حين يُركز التقرير على الممارسات في مرافق الاحتجاز في ولاية الخرطوم، فقد وثقت مفوضية حقوق الإنسان أنماطا مماثلة في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور وولاية الجزيرة.
وفي الأشهر الأخيرة، ومع استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على مناطق معينة، تلقى المكتب تقارير موثوقة عن قيام قوات الدعم السريع بنقل المعتقلين من أماكن الاحتجاز المذكورة في التقرير إلى مواقع أخرى. وقال المفوض السامي إن هذه الممارسات "تثير قلقا عميقا، وتزيد من مخاطر انتهاك المعايير والقواعد الدولية لحقوق الإنسان، وتقوض الإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون".
وحثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أطراف النزاع على التوقف فورا عن ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة، وتحسين ظروف الاحتجاز، وتسهيل الوصول إلى العدالة.
خطر تفاقم الصراع وتفتيت البلاد
من جانبه، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ إزاء توقيع ميثاق لإنشاء سلطة حاكمة موازية في السودان، وأكد أن مثل هذه الإجراءات "تهدد بتفاقم الصراع الدائر في السودان، وتفتيت البلاد، وتأزم الوضع الإنساني المتردي بالفعل".
وأكد أعضاء مجلس الأمن في بيان لهم التزامهم القوي بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، مشددين على أن أي خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تقوض هذه المبادئ "تهدد استقرار السودان والمنطقة على نطاق أوسع".
ودعوا أطراف النزاع إلى السعي إلى وقف فوري للأعمال العدائية والانخراط بحسن نية في الحوار السياسي والجهود الدبلوماسية نحو وقف إطلاق نار دائم.
كما رحب أعضاء المجلس بدعوة الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إعلان وقف إطلاق النار بشكل عاجل خلال شهر رمضان، وجددوا دعوتهم لجميع الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها المنصوص عليها في إعلان جدة.
وأكدوا على أهمية إجراء حوار وطني حقيقي وشامل وشفاف يؤدي إلى حكومة وطنية حرة ونزيهة ومنتخبة ديمقراطيا، بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية، "لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر، بما يتفق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية".
وحث مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي "الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار"، ودعم الجهود المبذولة من أجل السلام الدائم، والالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.