أنزوي في رمشكِ، ولا أفتح الدَّفتر
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
(1)
لا يجيدون الكذب، ويحسنون البلاغة.
(2)
يموت الذي في قلبه خَلَلٌ (آخرون يموتون، أيضا، لكن لأسبابٍ أخرى متفاوتة الوجاهة، والافتقار، والخَلل).
(3)
لا يريد الحنان (كان الحنان أول عاطفة تستهدف إفساده بعدم اتخاذ مواقف في البيت، والكتابة، والحُب، والوطن).
(4)
الموت تدريب على شيء آخر (سيأتي).
(5)
أيتها الشمس الكبيرة: أين صدري؟
(6)
فقد مفتاحه وظلَّ يبحث عنه طوال عمره.
(7)
صار غير قادر على مغادرة الحلزون.
(8)
في الصيف أقضي وقتا طويلاً على الشاطئ وفي البحر. تعلمت في هذا الصَّيف الذي يكاد ينقضي أن الطيور أكثر حكمة في الفزع، وأكثر بَحريَّةً من الإنسان والماء معا.
(9)
لم يعودوا يستطيعون الحياة خارج الحوادث (أما فيما يتعلق بالموت، فقد فعلوا ذلك منذ زمن طويل نسبيَّا).
(10)
لا تُرَبِّ اللبن في الطريق.
(11)
يسوموننا سوء الانتظارات (وينتصرون أو ينهزمون).
(12)
الموت ليس خِلْسَة، والخِلسَة قوسٌ.
(13)
أمضي معكِ نحو القميص الأزرق الذي يحدُث تحت العباءة السوداء في الحديقة العامَّة.
(14)
تُقصي النَّار الحَجَر.
(15)
كأنَّهم في سباق مع الصُّخور؛ كأن الصُّخور مطمئّنة؛ كأن الناس موازين في الحوانيت.
(16)
الطَّريق عودةٌ (لكن ليس من هناك).
(17)
في المأساة شيء غريب: الجميع يدُّعونها وهي، في الأصل، لم تكن تدعو ولا تقصد أي أحد، وتتنكَّر للجميع.
(18)
تعفيك البلاد (بحشمة وفجور) من مهمَّة الألغاز والطلاسم (بحشمة وفجور، أيضا).
(19)
خسارة الحب ليست مدعاة للشِّعر (هذا يوجد في مكان آخر دومًا، ويمكن أن نسمِّيه: بقيَّة الهواء).
(20)
النَّجاة إنجازٌ وإعجازٌ. بعبارة أخرى: النَّجاة ضريبةٌ أخرى.
(21)
يسجدون للفزَّاعة (وينحتُ الطَّير السَّماء).
(22)
آه من السُّلوان في وَجْدٍ قديم (هكذا أتوسَّلُ إليكِ فيما تبقَّى من الأرض، والزَّرع، والضَّرع، وأمضي).
(23)
هؤلاء القتلى سيهلكون في النُّزهة القادمة.
(24)
بوجود كل هذه الأجنحة، لن تُسعِف السَّماء أي أحد.
(25)
تقريبا، لا أحد هنا يستطيع أن يموت من دون أن يقبض المكافأة (كل ما يزعَج هو البخس).
(26)
انتقاني النِّسيان، واصطفاكِ كل ما سيأتي.
(27)
على الموت، حين يأتي، أن يكون مُمْكِنَاً (كم أخشى أن يكون الأمر عكس ذلك).
(28)
يكمن الموت في كل زفرةٍ سابقةٍ.
(29)
مرحى لضوء لا يأتي من الصَّباح (ولا يُكَلِّف نفسه عناء الليل).
(30)
لا أستطيع أن أحبَّكِ مرَّة أخرى (الملائكة يكتبون في الكُتب، أو النَّوم، أو السُّكْر، أو النُّجوم، أو الرَّماد، أو الأرق).
(31)
أُرضع عظامي الأرض، وأحني رأسي لذكرياتي مع الأموات، وأتواضع (لمن يستحق في الحياة).
(32)
الكتابة تَقَرُّحات، وسحجات، ودمامل، ودِيدان (الحياة، في خارج الكتابة، ليست هواء ولا ماء).
(33)
يقتفي الأشجار، ويريد الموت، ولن يعثروا عليه في البذرة.
(34)
خطوةً فخطوةً، أغنيةً أغنيةً، يهطل المطر. ويَرْكُلُنا.
(35)
في أعطافكِ خلخالٌ، وتَمْرٌ، وحياء، ونجوم واهية (أكاد أتذكَّر).
(36)
بعد أن قال كل شيء، لم يعد قادراً على كتابة أي شيء (مما قال).
(37)
آه أيها الخالدون، لماذا؟
(38)
الوطن وسيلة أخرى لتحديد موقع القبر.
(39)
كلُّهم اليوم على صواب (أما أنت فَعُضَّ بالنَّواجذ على صوابك، واقبض الجمر).
(40)
ما أسوأ المناسبات التي يضطر فيها المرء لسماع ومشاهدة كل ذلك الحشد الهائل من الجَهَلة، والفلاسفة، والأغبياء بلا منازِع، والبهلوانات التي جاءت من السيرك إلى السَّاحة (وقد كان هذا تعقيباً على "أمسية ثقافيَّة").
(41)
سنفترق؟ نعم.
هل سيطير الجبل الذي يفترش البحر؟ لا.
(42)
إن كنت تستطيع أن تنهض متثاقلا وتزيح ستارة النافذة لترى السيارات وهي تمخر الطريق فأنت ميت لا محالة. وإن كنت ترى شجرة ذابلة في الدخان فأنت غريب على هذه الحياة بلا شك.
(43)
الناس هدر، والموت ادِّخار.
(44)
يراهن أحياء وأموات "العائلة المعروفة" على طمسك في رمادهم (وكأنك ادَّعيت أصلاً أنك ثمرة).
(45)
على الرغم من كل شيء، لست واثقاً تمام الثِّقة من أيَّة موهبة أو مهارة في الموت (الموتُ موهوبٌ أكثر، دوماً).
(46)
الأنظمة تقود وترعى، والشُّعوب تتبرع بالاحتياجات الأخرى (من قبيل البرسيم، والتَّصفيق، والرّقص).
(47)
يثأرون للقَتَلَة.
(48)
يريدون سبكَكَ في الصَّلاة، وفي القميص، وحسرة الأم والولد، ويدينونك في كل الصِّحاف والمراجل.
أنت أضأل منهم، والأكبر في المعركة.
(49)
لا يعيش حياته بالطول والعرض، بل بالارتفاع.
(50)
"يا للبؤس"! هذا ما قالته سمكة متبرِّمة من نوع "ملُّوط" وهي تعوم حول غوَّاصة نوويَّة.
(51)
الحب ساذج وبسيط جداً، لكن المحبِّين يتعلمون الكثير جداً في كل يوم.
(52)
يمكن بحث ما تسميه الفلسفة الوجوديَّة "الظَّرف الإنساني" بمعزل عن كثير من الناس.
(53)
سفينة جانحة هي كل ما يحتاج البحر ليكون مرئيَّا.
(54)
الحياة مجرَّد كلمة أخرى، الموت كلمة واحدة فقط.
(55)
في ضجر الشَّرح بعد العمل.
(56)
دمٌ على العشب في الليل كي يضيء المعنى المقابر الجماعيَّة المجهولة.
(57)
الصَّباح تكليفٌ آخر (في هذا الليل، أيضا).
(58)
يتقاطرون على أمٍّ ميتة.
(59)
الحُبِّ فاقةٌ (وهذا هو الأهم).
(60)
ابتدأ الحريق في النوم، وعندما أفاق كان الوقت متأخرا جدا لفعل أي شيء.
(61)
لا الفِيَلَة، ولا الديناصورات، ولا الكائنات وحيدة الخليَّة، ولا العصافير في الموكب.
(62)
يؤسِّسون بالرُّتوش (ثمَّ لا تبقى حتَّى الرُّتوش).
(63)
يتساوى الموت، والأم، والضَّبع، والبئر.
(64)
المقصورة في الرِّيح، والإعصار في الكلمة.
(65)
أنزوي في رمشكِ، ولا أفتح الدَّفتر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ة أخرى
إقرأ أيضاً:
ترانزيت الحياة
فايزة بنت سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
الحياة ليست سوى سلسلة من المحطات المتلاحقة، تشبه رحلات الطيران التي لا تنتهي؛ لكل منها إقلاعها وهبوطها، وكل وجهة تحمل في طياتها حكاية تختلف عن سابقتها. أمضي في رحلتي الخاصة حاملةً بين جنباتي شغفًا يلهب قلبي، وسفرًا يوسع آفاقي، وعلمًا يروي ظمأ روحي، وعملًا يضع على كتفي أعباءً تصقل شخصيتي.
كان الشغف المحطة الأولى في رحلتي، ذلك الشرر الذي أشعل في داخلي نار الفضول والاكتشاف، وجدت نفسي منجذبةً إلى عالم الكلمة المكتوبة، حيث تحولت الصحافة والكتابة إلى مرآة تعكس ذاتي، هذا الشغف جعلني أرى العالم بعينين لا تملان البحث، ولا تكلان من التطلع إلى ما هو أبعد، ومن بين ثمار هذا الشغف وُلد كتابي "ترانزيت" الذي يمزج بين حبي للكتابة وتجربتي في استكشاف عوالم الاقتصاد والحياة، ليس مجرد صفحات مطبوعة بل جسر بين الأرقام والقلوب، بين النظرية والتجربة الإنسانية، والذي تجدونه في أروقة معرض مسقط الدولي للكتاب بركن مُؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر .
لم يكن السفر مجرد تنقل بين البلدان، بل كان رحلة إلى أعماق الذات، في كل مدينة زارها قلبي قبل أن تزرها قدمي، التقيت وجوهًا تحمل قصصًا مختلفة، كصفحات من كتاب الحياة المفتوح، بعضها يحمل ابتسامة صادقة تُشرق كالشمس، وبعضها يخفي خلفها تعبًا طويلًا أو حكاية مُؤلمة، في زحمة المطارات وضجيج الرحلات، كنت أجد لحظات صفاء أتأمل فيها تناقضات الحياة، وكأن الكون يهمس في أذني بأننا جميعًا مسافرون في رحلة واحدة وإن اختلفت وجهاتنا.
أما العلم فكان المحطة التي أعادت تشكيل وعيي وفتحت أمامي أبوابًا لم أكن أعرف وجودها. اليوم وأنا أخطو أولى خطواتي نحو درجة الدكتوراه في فلسفة الاتِّصال، أجد نفسي بين كتب تهمس بحكمة العصور، وأفكار تتحدى توقعاتي، العلم علمني أنَّ المعرفة ليست وسيلة للنجاح المادي فقط، بل طريق لفهم أعمق للإنسان والوجود.
ووسط هذه الرحلة، كان العمل هو الجسر الذي يربط بين المحطات جميعها. علمني أن الحياة لا تسير كما نخطط دائمًا، بل تأخذنا إلى حيث لا نتوقع. في كل تحد واجهته، اخترت المضي قدمًا لأني أؤمن بأنَّ وراء كل صعوبة وجهًا جديدًا للحياة يستحق الاكتشاف.
اليوم وأنا أقف عند محطة جديدة من محطات الترانزيت، أدركت أن الحياة لوحة مرسومة بألوان مُتغيرة، بين الشغف الذي يلهب القلب، والسفر الذي يُوسع الأفق، والعلم الذي يُنير العقل، والعمل الذي يبني الشخصية، تعلمت أنَّ الرحلة لا تنتهي إلا عندما نُقرر أن نتوقف عن السير.
فالحياة في النهاية محطات عابرة، لكن الأثر الذي نتركه في كل محطة هو ما يجعل رحلتنا تستحق أن تُحكى.
همسة لرفقاء الرحلة..
لكل من شاركني رحلة الشغف والسفر والعلم، أقول: لنكن كالنجوم التي تضيء لبعضها في ظلمة الطريق، نتبادل الحكمة والدفء، ونصنع من رحلتنا سيمفونية إنسانية تبقى بعد أن نُغادر المحطات؛ ففي النهاية، نحن مجرد مسافرين نتبادل الحكايات والأحلام، نترك وراءنا أثرًا جميلًا، ونحمل في قلوبنا ذكرى كل وجه التقيناه وكل فكرة شاركناها.
رابط مختصر