سلطت مجلة أمريكية الضوء على الذكرى العاشرة لسيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء، وسيطرتها على مقاليد الحكم بالبلاد، كيف تحولت من جماعة شبابية صغيرة طائفية مهمشة إلى منظمة أثبتت البحرية الأميركية عجز طائراتها وصواريخها عن هزيمتها؟

 

تقول مجلة "جاكوبين" في تقرير لها ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" خلال عقد من الزمان تحولت جماعة غير مألوفة للجهات السياسية الفاعلة خارج اليمن، إلى جماعة جذبت انتباه العالم بسبب هجماتهم البحرية في البحر الأحمر وما وراءه.

 

وتطرقت المجلة -وهي صوت رائد لليسار الأمريكي، وتقدم وجهات نظر اشتراكية في السياسة والاقتصاد والثقافة- دعم الرئيس السابق علي عبدالله صالح لهذه الجماعة ومكنها من دخول صنعاء نكاية بخصومه السياسيين الذين أطاحوا به من سدة الحكم بعد ثورة 11 فبراير 2011.

 

يقول التقرير "قبل عشر سنوات من اليوم، في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول 2014، استولت الحركة المعروفة على نطاق واسع باسم الحوثيين على العاصمة صنعاء. والآن يعيش الملايين من اليمنيين تحت حكمهم الصارم المتشدد الذي لا هوادة فيه منذ عقد من الزمان. ولم يعرف الأطفال الذين نشأوا خلال تلك الفترة أي شيء آخر، في حين قد يتذكر الكبار العقد السابق من التوتر المتزايد، وتفاقم الفقر، وعدم الاستقرار السياسي في ظل معاناة نظام علي عبد الله صالح الذي دام ثلاثين عاما.

 

يضيف "بحلول سبتمبر/أيلول 2014، تمكن الحوثيون للتو من الوصول إلى صنعاء، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الدعم من الرئيس السابق صالح، وكانوا قوة غير مألوفة للجهات السياسية الفاعلة خارج اليمن. واليوم يجتذبون انتباه العالم بسبب هجماتهم البحرية في البحر الأحمر وما وراءه".

 

وتابعت المجلة "لقد مرت الآن اثنان وثلاثون عاما منذ إنشاء حركة "الشباب المؤمن" الأصلية للحوثيين، في حين بدأت الحرب الأولى بين الحوثيين ونظام صالح قبل عقدين من الزمان".

 

وأردفت "من خلال هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر، اكتسب الحوثيون مكانة دولية بين ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين صدموا من المذبحة المستمرة للفلسطينيين وفشل زعماء العالم، بما في ذلك قادة الأمم المتحدة، في إنهائها".

 

واستدركت "تجاهلت التوقعات الواسعة النطاق بأن الحرب ستتوسع قريبًا إلى الضفة الغربية ولبنان تصميم القادة هناك وخارجها على تجنب مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، على الرغم من أن الاستفزازات الإسرائيلية قد تكون لا تقاوم قريبًا".

 

وذكرت أنه "على النقيض من ذلك، قام الحوثيون، المتمركزون في اليمن، على بعد ألفي كيلومتر من قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبدون حدود مشتركة، بعمل عسكري كان له تأثير كبير على المنطقة حتى لو كان محدودًا من حيث الضربات الفعلية على إسرائيل. لم يتوقع أحد أن يكون أنصار الله مسؤولاً عن التدخل العسكري الرئيسي لدعم الفلسطينيين. لقد تأكدت مكانة الجماعة كعضو مهم في "محور المقاومة"، بالإضافة إلى الاهتمام العالمي الذي تتلقاه".

 

وقالت مجلة جاكوبين "منذ عام 2015 فصاعدًا، أكد الحوثيون أن معركتهم كانت مقاومة وطنية ضد العدوان الأجنبي من قبل السعوديين وحلفائهم من دول مجلس التعاون الخليجي بأسلحة أمريكية ودعم فني. أصبح هذا الموضوع الحجة الرئيسية التي استخدموها لحشد الدعم الشعبي وتجنيد المقاتلين وتكرر بانتظام حتى الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أبريل 2022.

 

وأفادت "منذ عام 2015، سيطر الحوثيون على عاصمة البلاد ومقر معظم الوزارات والمؤسسات الوطنية الكبرى الأخرى. ثلثي سكان البلاد وحوالي ثلث أراضيها تحت حكمهم. كانت التغييرات في خطوط المواجهة خلال تلك الفترة طفيفة، باستثناء حوالي مائة كيلومتر من ساحل تهامة جنوب الحديدة. استولى الحوثيون على هذه المنطقة في عام 2021 عندما تحرك خصومهم المسيطرون عليها شرقًا لمواجهة هجوم حوثي على مأرب".

 

وأوضحت "أن حكم الحوثيين أصولي بلا هوادة، ولا يتيح أي مجال لحرية التعبير ويفرض قيوداً شديدة على حقوق المرأة. والمقارنة بحكم طالبان في أفغانستان ليست في غير محلها تماماً. إن جميع المؤسسات إما أن تُدار مباشرة من قبل المسلحين الحوثيين أو تخضع لـ"مشرفين" حوثيين على جميع المستويات - هؤلاء هم الأفراد الذين يملون القرارات والإجراءات بشكل أساسي على المسؤولين الاسميين".

 

وأشارت إلى أن السجن والتعذيب هما استجابات روتينية لأي تلميح للمعارضة. في يونيو 2024، اعتقلت الجماعة عددًا من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى حوالي ستين موظفًا من المنظمات الإنسانية الدولية، من الذكور والإناث، واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي.

 

وقالت "منذ ذلك الحين، أنتجوا سلسلة من "اعترافات الجواسيس الإسرائيليين الأمريكيين" والتي قد تكون مضحكة إذا لم يكن الوضع خطيرًا للغاية. في مثال حديث، "اعترف" المعتقلون بأن الولايات المتحدة قدمت منحًا دراسية للدراسة في الخارج، وعرضت خبراء لتطوير المناهج الدراسية، وموّلت "إعداد استراتيجية للتعليم العالي وأجرت دراسة لإنشاء مركز اعتماد أكاديمي".

 

وأضافت "منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتضن الحوثيون بحماس الفرصة لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل والولايات المتحدة. ويصر زعماء الحوثيين بانتظام على عزمهم على مهاجمة إسرائيل بأي وسيلة متاحة لهم حتى تنتهي حرب غزة، وعادة في المظاهرات الضخمة المؤيدة للفلسطينيين التي تقام في صنعاء يوم الجمعة".

 

واستطردت "في وقت مبكر من أواخر أكتوبر، أطلقوا بعض الصواريخ مستهدفين جنوب إسرائيل، وهو أقصى مدى لأسلحتهم في ذلك الوقت. وعلى الرغم من فشل هذه المقذوفات في التسبب في أضرار جسيمة، فإن نتيجة انخفاض حركة الملاحة البحرية في المنطقة أدت في النهاية إلى إفلاس ميناء إيلات، وهي ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي".

 

يؤكد التقرير أنه مع تعزيز الإسرائيليين لدفاعاتهم الجوية جنوبًا، فشلت صواريخ الحوثيين في الوصول إلى أهداف مهمة، وأعادت الحركة تركيز تكتيكاتها نحو اتخاذ إجراءات فعالة ضد طريق التجارة بين البحر الأحمر وقناة السويس. بدءًا من نوفمبر 2023، هاجموا السفن في البحر الأحمر التي لها أي صلة بإسرائيل، سواء كان ذلك في شكل ملكية أو اتفاقيات تشغيل أو وجهة في الموانئ الإسرائيلية.

 

وقال "في 19 نوفمبر، نجح الحوثيون في الاستيلاء على سفينة مملوكة جزئيًا لإسرائيل، وهي جالكسي ليدر، وهي الحالة الوحيدة من هذا القبيل حتى الآن. ولا تزال السفينة وطاقمها محتجزين، حيث أصبحت الأولى وجهة سياحية للرجال اليمنيين، بينما يتم احتجاز الطاقم في مكان آخر. ولم تحرز المفاوضات لإطلاق سراحهم أي تقدم حيث يصر أنصار الله على أن إنهاء الحرب في غزة شرط مسبق".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن صنعاء الحوثي الحكومة اليمنية أمريكا فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن

يرفض الحوثيون التزحزح عن مواقفهم رغم جهود البحرية الأميركية وحلفائها لإخضاعهم، بل إن هذه الجماعة المتمردة تمكنت من إغلاق أحد أهم الممرات المائية الإستراتيجية في العالم لما يقرب، حتى الآن، من عامين.

هكذا استهل كاتب أميركي مقاله بمجلة ناشونال إنترست ذهب فيه إلى أن جماعة الحوثي اليمنية نجحت في التفوق على الولايات المتحدة في البحر الأحمر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوموند: مجلس مصالحة يحاول حل النزاعات الموروثة من الحرب بسورياlist 2 of 2صحف عالمية: نتنياهو يريد حربا أبدية بغزة وفظائع جيشه ستبقى بالذاكرةend of list

وقال رامون ماركس، وهو محام دولي متقاعد يكتب بانتظام حول قضايا الأمن القومي، إن جهود البحرية الأميركية لم تفلح في منع الحوثيين في إغلاق مضيق باب المندب لما يقرب من عامين، مما أجبر حركة الملاحة البحرية على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة.

وقال ماركس إن هذا الوضع (أظهر) قوة تقنيات الحرب الحديثة، مثل الطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للسفن "والتي تُمكّن جماعة متمردة صغيرة" من تعطيل طرق الشحن العالمية.

وأكد أن البحرية الأميركية تواجه ضغوطًا هائلة وهي تحاول أن تُوازن بين تهديدات متعددة، بما في ذلك القوة البحرية المتنامية للصين والأنشطة العسكرية الإيرانية.

ولفت إلى أن واشنطن قد اضطرت إلى نشر مجموعات حاملات طائرات قتالية في البحر الأحمر، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لحلّ الوضع، كما صعّدت ردها بنشر المزيد من القوة الجوية، غير أن النتائج الأولية تُشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيًا.

إعلان

ويُشير ماركس إلى أن الولايات المتحدة قد تُفكر في الانسحاب من البحر الأحمر، تاركةً لحلفائها الأوروبيين مهمة التعامل مع الوضع.

ويقدر الكاتب أن لدى حلفاء واشنطن الأوروبيين مجتمعين أكثر من ألف سفينة حربية، وأنهم -خلافًا للوضع العسكري على اليابسة في أوروبا، حيث يمتلك حلفاء الناتو قدرات عسكرية أقل للتعامل مع روسيا وأوكرانيا- يُفترض أن تكون قواتهم البحرية على قدر المسؤولية في البحر الأحمر، حتى لو انسحبت البحرية الأميركية.

ولا شك أن هذا هو، ربما، ما كان يدور في ذهن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي عندما انتقد مؤخرًا الأوروبيين ووصفهم بـ"المستغلين" في حملة البحر الأحمر، وفقا لماركس.

ومع ذلك، يرى الكاتب ان مثل هذه الخطوة قد تمثل مؤشرا على تراجع إستراتيجي أميركي، خاصةً بعد الانسحاب من أفغانستان، وإذا فشل الدعم الجوي وحده في كبح جماح الحوثيين، فقد تجد واشنطن نفسها مجبرة على القيام بمزيد من التصعيد العسكري، مما يُنذر بصراع مكلف وطويل الأمد مع الحوثيين، وفقا للكاتب الذي يختتم مقاله بالتأكيد على ضرورة حلّ هذه الأزمة لتجنب عواقب إستراتيجية طويلة المدى.

وتشترط جماعة الحوثي -كي تتوقف عن قصف أهداف في البحر الأحمر وفي إسرائيل- أن تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون وضعوا واشنطن في مأزق استراتيجي
  • جماعة الحوثي تعلن مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وأميركية
  • الحوثيون: 107 قتلى و223 جريحًا جراء الغارات الأمريكية منذ منتصف مارس
  • الحوثيون يزعمون ضرب “تل أبيب” واستهداف قطع حربية أمريكية في البحر الأحمر
  • جماعة الحوثي تقول إنها أسقطت طائرة أمريكية في أجواء محافظة الجوف
  • معهد دولي: الذهب جزء أساسي من مشاركة الإمارات في حرب اليمن (ترجمة خاصة)
  • كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن
  • عمليات البحرية الأمريكية: نحتاج المزيد من الذخائر لمواجهة الحوثيين
  • تحليل أمريكي: ما أبرز التحديات التي ستواجه ترامب بشأن القضاء على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • تحليل أمريكي يُرجح فشل أي محاولة لتدمير قدرات الحوثيين الصاروخية.. لن ينهاروا بسهولة (ترجمة خاصة)