جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@02:34:47 GMT

التقدم التقني والمجتمعات البشرية (3- 3)

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

التقدم التقني والمجتمعات البشرية (3- 3)

 

 

عبيدلي العبيدلي **

مقابل الموقفين المتطرفين المتضادين من التطور التكنولوجي، هناك الموقف الوسطي المتوازن الذي يشخص السلبي ويعمل على استئصاله، ويكتشف الإيجابي ويسعى للمُحافظة عليه وتطويره.

وبداية لا بد من الاعتراف بأنَّ التقدم التكنولوجي هو جزء لا مفر منه ولا يمكن أن يتجزأ من المجتمع الحديث. وفي حين أن بين يديه القدرة على تحويل الاقتصادات، ورفع نوعية الحياة، وتعزيز النمو الثقافي والفكري، فإنه، مقابل ذلك يطرح أيضا تحديات كبيرة تحتاج إلى دراسة متأنية.

ومع تقدم المجتمع تقنيًا، من الضرورة بمكان تبني منظور متوازن لا يحتفل بشكل أعمى بجميع التطورات التكنولوجية ولا يدينها بشكل قاطع.

ويمكن سرد مفاصل التطور التكنولوجي، وتشخيص إيجابياته وسلبياته على حد سواء، على النحو التالي:

النمو الاقتصادي: المنظور الإيجابي: تقود التكنولوجيا الابتكار وتزيد الإنتاجية وتخلق فرص عمل جديدة. إنه يسهل التجارة العالمية، ويدعم تطوير صناعات جديدة، ويعزز الكفاءة الاقتصادية الشاملة. منظور سلبي: يمكن أن تؤدي الأتمتة الذكاء الاصطناعي إلى إزاحة الوظائف في قطاعات معينة، مما يساهم في عدم المساواة الاقتصادية واضطرابات القوى العاملة. الموقف المتوازن: تشجيع تطوير التقنيات التي تخلق فرص عمل جديدة أثناء تنفيذ السياسات والبرامج التدريبية لدعم العمال المتأثرين بالأتمتة. وتشجيع الابتكار الذي يدفع النمو الاقتصادي ويضمن أن يكون شاملا ومنصفا. تحسين نوعية الحياة: المنظور الإيجابي: تم تحسين التقدم في الرعاية الصحية والتعليم والاتصالات ومستويات المعيشة بشكل عام بشكل كبير من خلال الابتكار التكنولوجي. المنظور السلبي: يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى نمط حياة غير مستقر، وتقليل التفاعلات الاجتماعية وجها لوجه، ومشاكل الصحة العقلية المحتملة. الموقف المتوازن: الدعوة إلى استخدام التكنولوجيا لتحسين نوعية الحياة مع تعزيز أنماط الحياة الصحية والروابط الاجتماعية. تشجيع الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا لتجنب الاعتماد المفرط، والتأكد من أنها تكمل التفاعلات البشرية بدلا من أن تحل محلها. الإثراء الثقافي والفكري: المنظور الإيجابي: تسهل التكنولوجيا الوصول إلى المعلومات والتبادل الثقافي والموارد التعليمية، مما يعزز التنمية الفكرية والثقافية. المنظور السلبي: يمكن أن يؤدي التعرض للمعلومات المضللة وغرف الصدى الرقمية والتطرف عبر الإنترنت إلى تقويض النمو الفكري والانسجام الثقافي. الموقف المتوازن: دعم استخدام التكنولوجيا لتعزيز الإثراء الثقافي والفكري مع تعزيز محو الأمية الإعلامية ومهارات التفكير النقدي للتنقل في المشهد الرقمي بمسؤولية. تشجيع المنصات التي تعزز التبادلات الثقافية المتنوعة والشاملة. القضايا الاجتماعية والأخلاقية: المنظور الإيجابي: يمكن للتكنولوجيا أن تعزز التواصل الاجتماعي، وتوفر منصات لحركات العدالة الاجتماعية، وتقدم أشكالًا جديدة من المشاركة المجتمعية. المنظور السلبي: يؤدي غزو الخصوصية والمخاوف المتعلقة بأمن البيانات والفجوة الرقمية إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية. يمكن للتكنولوجيا أيضا تسهيل التسلط عبر الإنترنت وسرقة الهوية والجرائم الأخرى عبر الإنترنت. الموقف متوازن الدعوة إلى حماية قوية للخصوصية وتدابير أمن البيانات والمبادرات لسد الفجوة الرقمية. تعزيز المعايير الأخلاقية في التطوير والاستخدام التكنولوجيين، وضمان أن تعمل التكنولوجيا على تعزيز العدالة الاجتماعية والعدالة. الأثر البيئي: المنظور الإيجابي: يمكن للتقنيات الخضراء والابتكارات في الممارسات المستدامة أن تقلل من الآثار البيئية وتعزز أنماط الحياة الصديقة للبيئة. المنظور السلبي: يساهم الإنتاج التكنولوجي والتخلص منه في النفايات الإلكترونية واستنزاف الموارد والتلوث. كما يؤثر استهلاك الطاقة لمراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية أيضا على البيئة. الموقف المتوازن: تشجيع تطوير واعتماد تقنيات مستدامة بيئيا. دعم اللوائح والممارسات التي تقلل من التأثير البيئي للإنتاج التكنولوجي والتخلص منه، وتعزيز الاقتصاد الدائري. الصحة النفسية والجسدية: المنظور الإيجابي: يمكن للتطبيب عن بعد وأجهزة المراقبة الصحية وتطبيقات اللياقة البدنية تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وتشجيع أنماط الحياة الصحية. منظور سلبي: يعد وقت الشاشة المفرط وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي وتعطيل أنماط النوم من المخاوف الصحية الكبيرة. يمكن أن تساهم التكنولوجيا أيضا في القلق والاكتئاب. الموقف المتوازن: تعزيز استخدام التكنولوجيا لتعزيز الصحة والرفاهية مع تشجيع الاعتدال والتوازن. دعم المبادرات التي تعالج الآثار الصحية السلبية لاستخدام التكنولوجيا، مثل برامج التخلص من السموم الرقمية وموارد الصحة العقلية.

الخلاصة:

يتطلبُ الموقف المتوازن تجاه التقدم التكنولوجي فهمًا دقيقًا لتأثيره متعدد الأوجه على المجتمع. ومن خلال تشخيص الفوائد، والاعتراف بالعيوب، وتعزيز التنمية المسؤولة، وتشجيع التفكير النقدي، ودعم التنظيم وتطوير السياسات، وتعزيز الابتكار والإبداع، يمكننا تسخير قوة التكنولوجيا لدفع التغيير الإيجابي مع التخفيف من آثاره السلبية.

ويضمن هذا النهج المتوازن، أن يساهم التقدم التكنولوجي في التقدم الفكري والثقافي والحضاري للمجتمع، مما يعود بالنفع على جميع أفراده بشكل عادل.

** خبير إعلامي

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يتقدمهم الروبوت .. محافظ دمياط يشارك في الملتقى التكنولوجي الثاني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك  الدكتور أيمن الشهابى محافظ دمياط، اليوم الأربعاء، بالملتقى التكنولوجي الثانى للخريجين المُنعقد فى يومه الثانى بجامعة دمياط ، بحضور الدكتور حمدان ربيع رئيس جامعة دمياط و الدكتور السعيد عبد الهادى رئيس جامعة حورس والدكتور إسماعيل عبد الحميد طه محافظ دمياط الأسبق و عضو لجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية و الدكتور محمد خليفة رئيس لجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية بالمجلس الأعلى للجامعات والنائب حسن عبد الوهاب عضو مجلس النواب و عدد من رؤساء الجامعة السابقين وعمداء الكليات و أعضاء لجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية وهيئة التدريس .

وتفقد  " الدكتور أيمن الشهابى " المعرض الذى أُقيم على هامش الملتقى حيث قدم طلاب جامعة دمياط، مشروعاتهم البحثية التكنولوجية، وحرص " محافظ دمياط " خلاله على التواصل مع الطلاب للتعرف على مشروعاتهم ، واشاد بما قدموه من أفكار متميزة تتواكب مع اهم التطورات بمجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.

وبدأت فاعليات اليوم الثانى لفاعليات الملتقى بالسلام الجمهورى وتلاوة آيات من القرآن الكريم، والوقوف دقيقة حداد على روح الفقيدة الأستاذ الدكتور ريم بهجت التى تُعد من أهم الخبراء واستاذة الذكاء الاصطناعي بمصر والوطن العربى .

وخلال كلمته التى ألقاها، أعرب " المحافظ " عن سعادته بمشاركته  بالملتقى التكنولوجي الثانى للخريجين والذى يُعقد بالتعاون بين كليتى الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعتى دمياط وحورس و برعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، وبمشاركة العديد من الجهات والمؤسسات العاملة بقطاع تكنولوجيا المعلومات، حيث أشاد بالتكامل والتعاون الوثيق بين جامعتى دمياط وحورس ، حيث لفت أن هذا الملتقى يعكس ايمان واهتمام الوزارة و الجامعات المصرية، بتطوير مهارات الطلاب والخريجين و تأهيلهم لمواكبة التطورات العالمية ، و تحقيق متطلبات سوق العمل ، بما يفتح لهم آفاق جديدة للحصول على وظائف لائقة .

وأكد " محافظ دمياط " أن تلك الجهود تأتى فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية ، نحو الاهتمام بالخريجين وبناء قدراتهم بما يتواكب مع تلك التطورات السريعة والمتلاحقة،  مشيرًا إلى أن ذلك يُعد محور أساسى من محاور إستراتيجية بناء الانسان التى تتبناها الدولة المصرية تحت قيادة فخامته ، علاوة على جهود الدولة أيضًا نحو الرقمنة وبناء اقتصاد تكنولوجي ، حيث أكد أن تلك المحور تُعد من أهم رؤى التنمية المستدامة لبناء الجمهورية الجديدة.

وأشار " المحافظ " الى أنه من واقع انتمائه لمنظومة التعليم العالى والبحث العلمي ، وإيمانه الشديد بالاهمية البالغة للدور الذى تقوم به الجامعات، لإعداد خريجين مؤهلين لسوق العمل، أكد دعم المحافظة الكامل لتلك الجهود و تعاونها المستمر لأى مبادرات وفاعليات تسهم فى تحقيق تلك الأهداف.

وتوجه " المحافظ " بخالص الشكر والتقدير إلى جامعة دمياط بقيادة الدكتور حمدان ربيع و جامعة حورس بقيادة الدكتور إبراهيم صابر و الدكتور السعيد عبد الهادى، وكليتى الحاسبات والذكاء الاصطناعي بالجامعتين ، ولجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية على ما قدموه من جهود حثيثة خلال الملتقى.

ومن جانبهما،  أعرب رئيسا جامعتى دمياط وحورس بهذا التعاون الوثيق بين الجامعتين ، والذى أثمر عن انعقاد هذا المؤتمر ليأتى كحلقة وصل بين الخريجين و سوق العمل،  وكذلك تطوير مهارات الطلاب بهذا القطاع المهم الذى يحظى بتطور هائل على المستويين الإقليمى والدولى،  وتوجها بالشكر إلى محافظ دمياط على رعايته ودعمه لهذا الملتقى الهام ، و وجها التحية إلى جميع القائمين والمُنظمين للملتقى.

وأعرب محافظ دمياط الأسبق ، عن تقديره إلى الدكتور أيمن الشهابى محافظ دمياط وجهوده المبذولة لتحقيق التنمية على أرض المحافظة، ووجه التحية إلى رئيسا جامعتى دمياط وحورس، و أعرب عن سعادته بتواجده بهذا الملتقى ، معربًا عن تقديره بالتعاون الوثيق بين الجامعتين، وما أبرز عنه من نتائج مثمرة ، و وجه رسالة إلى الطلاب حول أهمية العلم . 
وسلم رئيس جامعة دمياط درع الملتقى ، إلى محافظ دمياط و الدكتور إسماعيل طه ، و رئيس مجلس أمناء جامعة حورس ورئيس الجامعة و أيضًا رئيس لجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية وأمين اللجنة و عميد كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة حورس ورئيس معهد تكنولوجيا المعلومات ورئيس مركز بحوث الالكترونيات ورؤساء مجالس إدارة الشركات المشاركة بالملتقى والرعاة ،وتسلم رئيس جامعة دمياط درع الملتقى من عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بالجامعة ،كما قام " محافظ دمياط " بتسليم درع المحافظة إلى الدكتور إسماعيل عبد الحميد طه .

ويشار إلى أن الملتقى تم اطلاقه على مدار يومي ١٥ و ١٦ إبريل،  بجامعتى دمياط وحورس،  ويهدف إلى توجيه الخريجين نحو احتياجات سوق العمل المحلى والعالمي وتنمية المهارات الخاصة بهم من خلال ورش تدريبية متخصصة، علاوة على دعم تأسيس شركات ناشئة تكنولوجية وتعزيز التواصل بين الطلاب والخريجين وشركات القطاع الخاص واستعراض نماذج النجاح لتحفيز الطلاب ، حيث شارك بالملتقى مجموعة من الشركات والمؤسسات العالمية والمحلية الرائدة منها"معهدITI التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات"، وشركة مايكرو سوفت مصر (Microsoft Egypt)، وشركة هواوي مصر Huawei، وشركة القمم للبرمجيات، وشركة Gulf Terminal، وشركة رقي للبرمجيات (Roqey)، وKeep Solution Company، وشركة YAS للإلكترونيات، وشركة Code Clouders، وشركة داماك (DAMAC)، وشركة أندوز للتصنيع الذكي، وشركة فاليو تكنولوجى الاتمتة باستخدام الروبوتات، وشركة QTech للبرمجيات ، حيث ستقوم تلك الجهات بعمل ورش عمل للخريجين لتحقيق أهداف الملتقى الذى يُعقد للعام الثانى للتوالى،  والذى سيتم اليوم على هامشه أيضًا عقد الاجتماع الشهرى للجنة قطاع علوم الحاسب والمعلوماتية بجامعة دمياط.

مقالات مشابهة

  • "EDGEx".. تجربة سعودية تضع التعليم في قلب التحوّل التقني
  • يتقدمهم الروبوت .. محافظ دمياط يشارك في الملتقى التكنولوجي الثاني
  • جنوب كردفان تبحث معالجة التداخلات في مشروعات الدعم النقدي المباشر للنازحين والمجتمعات المضيفة
  • معرض التعليم الدولي”EDGEx”.. تجربة سعودية تضع التعليم في قلب التحوّل التقني
  • «جوهر الهوية والمجتمعات الحدودية» يضيء فعاليات يوم اليتيم بثقافة أم خلف
  • رئيس الهيئة العربية للتصنيع ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية يتفقان على تشكيل تحالف مشترك
  • أمير الباحة يطّلع على خطط ومنجزات إدارة التدريب التقني والمهني بالمنطقة
  • المملكة وفرنسا توقعان مذكرة تفاهم في مجال التكنولوجيا الصحية
  • شهدا توقيع مذكرة تفاهم بمجال التكنولوجيا الصحية.. وزير الصحة يلتقي وزير التجارة الخارجية الفرنسي بباريس
  • المنظور الاستراتيجي للصراع الاقتصادي العالمي