الكرة العمانية وضعف البناء الاستراتيجي
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
كان للإخفاق الأخير للمنتخب العماني وقع كبير على الجماهير التي بدأت تستشعر الخوف من العودة إلى غياهب الزمن المظلم وهو ذلك الزمن الذي كان شعارنا فـيه المشاركة للابتعاد عن المركز الأخير فـي ترتيب البطولات.
إن تحليل الواقع الكروي العماني يشير وبوضوح إلى أن النتائج الحالية ما هي إلا محصلة طبيعية للوضع الرياضي العام، فواقع الشأن الرياضي افتقد الارتباط بخطط وأهداف تطويرية بعيدة المدى وكذلك غياب العمل الرياضي المحترف المنضبط .
وكان من الطبيعي أن يتأثر المنتخب الوطني الأول بالمناخ الرياضي السائد نتيجة عدم وجود بنية تطويرية استراتيجية ومما زاد من كبر هذا التحدي هو غياب منظور حقيقي إجرائي للتدبير الرياضي فـي سلطنة عمان الذي مازال يعاني من تحديات مزمنة تتمثل فـيما يلي:
- تفاوتات غير منسجمة بين أهداف سياسة الرياضة العامة والواقع الرياضي المعيش.
- ضعف الاستراتيجية الرياضية التي لم تنبن على رؤية عامة تجمع بين رؤية الدولة للمجال الرياضي ونقلها إلى تطبيقات عملية على أرض الواقع وما يتطلبه ذلك من توفـير البنيات الأساسية اللازمة والأطر التشريعية والقانونية والإدارية للممارسة الرياضية.
- ضعف الفكر التخطيطي والعمل القاعدي التكويني الذي يعتبر ضرورة ملحة لضمان صيرورة الأداء الرياضي ونقلها إلى تطبيقات عملية على أرض الواقع.
- ضعف الإعداد وبناء الخبرات والكفاءات الإدارية والفنية الرياضية.
- غياب الاحتراف الرياضي وضعف الإنفاق المادي على الرياضة.
- ضعف أدوات التقييم والمراقبة والمساءلة للاتحادات الرياضية.
وعلى النقيض اهتمت الدول الأخرى «الخليجية والآسيوية» بالخطط والاستراتيجيات لتطوير كرة القدم، بل إن بعضها بدأ يشتغل على تفاصيل صغيرة مرتبطة بالشأن الرياضي كالاحتراف وارتباطه بتطوير الأداء التنافسي الذي يبدأ كثقافة مع اللاعبين فـي البطولات والدوريات المحلية « كاليابان، وكوريا ، والصين، وقطر» وذلك من أجل تحسين وضعها على الخريطة الرياضية على المستوى الإقليمي والدولي، بل ركزت الاستراتيجيات فـي تلك الدول على تطوير عناصر المنظومة الشاملة للعبة ومنها الإمكانات البشرية والمادية ووضع النظم والتشريعات وتطوير إعداد القيادات الرياضية المحترفة .
إن الحديث عن تطوير كرة القدم العمانية يعني الاهتمام بإيجاد استراتيجيات لتطوير جميع الجوانب الخاصة بمنظومة كرة القدم، وهو التطوير المبني على أساس علمي يركز على العوامل التي يجب مراعاتها للوصول إلى الوضع المرغوب فـيه عن طريق القدرة على تشخيص الأخطاء وأوجه الضعف ونواحي القصور، ثم إيجاد المبادرات والخطط والبرامج التي تمكن من القضاء على هذه الأخطاء والتخلص من أوجه الضعف وتلافـي نواحي القصور على أساس علمي سليم وبما يساعد على تحقيق الأهداف الاستراتيجية مع الأخذ بأحدث الاتجاهات العالمية والاستفادة من خبرات الآخرين الذين قطعوا أشواطًا طويلة فـي طريق التقدم والتطور الذي سيتطلب تبني مفهوم التطوير التنظيمي فـي العمل الرياضي كإطار للتغيير المخطط لمساعدة الإداريين فـي المؤسسات والأندية الرياضية على التكيف والتهيؤ للقيام بأدوار جديدة ضمن الاستراتيجية العامة.
لا يمكن للكرة العمانية أن تتطور بدون وجود استراتيجية عامة وبرامج عمل مقننة تسهم فـي إحداث التطوير المنشود، مستفـيدين مما حدث فـي الماضي ويحدث فـي الحاضر ليكون محصلة تعلم لتفادي السلبيات وتعزيز الإيجابيات من أجل رسم خارطة طريق واضحة تؤمن بإيجاد جيل متمكن من القيادات الإدارية يتم تأهيلهم فـي النواحي الإدارية وتزويدهم بكل المعينات من أجل العمل وفق البرامج الحديثة مستفـيدين من الإمكانات التكنولوجية التي تختصر الوقت والجهد وتسهل العمل الإداري والفني على حد سواء ، كما يجب أن نضع الاستراتيجيات الخاصة بتطوير العمل الفني عبر تأهيل المدربين العمانيين تأهيلًا غير تقليدي يمكنهم من الإبداع والتميز فـي البرامج والخطط الفنية التي تحقق النتائج والإنجازات والمنافسة على البطولات الإقليمية والقارية والدولية... مع التركيز على تطوير الدوري العماني بتطبيق نظام الاحتراف وتطوير مفاهيم تطوير المواهب الكروية من خلال الارتباط بعلاقات شراكة مع أكاديميات الأندية العالمية الدولية «خاصة التجربة الإسبانية فـي أكاديميات إعداد المواهب» وتسويق الكفاءات العمانية المتميزة للعب فـي الدوريات الإقليمية والعالمية.
وختاما فإن لدينا حالة دراسية ثرية قابلة للتحليل لنتعلم منها دروسا فـي العمل الاستراتيجي وتتمثل فـي كيفـية وصول الجيل الذهبي من لاعبي المنتخب الذين كانوا نتاجا لعمل جاد لسنوات طويلة تدرجوا فـيه من المنتخبات السنية المختلفة «مراحل الناشئين والشباب والأولمبي» إلى أن وصلوا للمنتخب الأول وهم فـي قمة العطاء الكروي متوجين عطاءهم بإحراز المركز الثاني فـي خليجي (17 و18) وإحراز الكأس فـي خليجي (19) ، وقد صاحب تدرجهم رجال وضعوا الرؤية الأولى لتطوير الكرة العمانية وقدموا (وبصمت) الكثير لتحقيق مثال يحتذى به فـي العمل الاستراتيجي الجاد، الذي لو اكتمل لما كنا بحاجة إلى أن نعيد تدوير العجلة من جديد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی العمل
إقرأ أيضاً:
مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار: مصر عانت من الإسلام السياسي
قال الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، إن سقوط سوريا بيدي هيئة تحرير الشام بمثابة سقوط من وجهة النظر المصريين للدولة السورية، لاسيما وأن مصر عانت من الإسلام السياسي والدور الذي لعبه على حدود مصر، وجميعنا رأى ماذا فعل في لبنان والسودان وغيرها.
جاء ذلك خلال ندوة ينظمها المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار «بيت الفكر» بالتعاون مع حزب الاتحاد، ندوة سياسية بعنوان: «مستقبل الشرق الأوسط بعد أحداث سوريا وتأثيراته على الأمن القومي المصري».
يأتي ذلك بمشاركة الكاتب الصحفي محمد صلاح الزهار والكاتب والسيناريست الدكتور باهر دويدار، والمستشار رضا صقر رئيس حزب الاتحاد، ومحمد الشورى نائب رئيس الحزب، يدير الندوة الكاتب الصحفي محمد مصطفي أبو شامة.
وأوضح "أبو شامة" أن مسألة سقوط سوريا التي تضمنها عنوان الندوة أثار لغط كثيرا جدا، مضيفا أن فكرة أن نقبل سقوط سوريا في يد جماعة إسلام سياسي بسهولة أمر غير وارد، وهذا ليس حبا في بشار الأسد، فمصر متعاطفة مع الشعب السوري، ولم تتورط في الدم السوري وهي من الدول العربية القليلة التي لم تنجر ولم تجلس على طاولة تتقاسم الجسد السوري، فهي دائما ما تتعامل مع سوريا بمنتهى الحياد وكانت وطنا ثانيا للسوريين.
وشدد مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، أن مسألة وجود جماعة ذات تاريخ طويل معروف للجميع، أمر مثير للقلق، وهذا حق لمصر لا يزايد عليه أحد.
وأشار محمد مصطفى أبو شامة، إلى أن هناك فرق ما بين الرؤية الخاصة بالدولة المصرية، ورؤية الشعب المصري، فمصر كدولة لها علاقات طيبة تربطها بالجميع تحكمها مصالح مشتركة، ودليل ذلك تنظيم مصر لقمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي جمعت تركيا وإيران على طاولة واحدة.
وأضاف: أما على المستوى الشعبي، فهناك حسابات أخرى تحكمها ارتباطات معينة جزء منها متعاطف مع السوريين، مشيرًا إلى ارتباط ذلك أيضا بحالة الإحياء والتجدد التي تحاول الجماعات التملق بها.
وأكد مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار أن مصر لا تعاير السوريين باختياراتهم، التي أوصلتهم إلى هذا المطاف.
وأشار إلى أن تأثيرات سقوط نظام بشار الأسد كثيرة ومتعددة، وله أبعاد ومستويات على الأمن القومي المصري والعربي، ربما يكون أخطر ما فيه أن حجم الخلاف بين الدول العربية والدول المتفقة سيكون كبير في الملف السوري، وهو ما اتضح من التحركات التي جاءت بعد سقوط نظام بشار.
ولفت إلى أن تشابكات المشهد في سوريا ما بين تركيا وإسرائيل وامريكا وإيران وروسيا، تجعل المشهد السوري مؤثر على الأمن القومي العربي والمصري لأنه سيعيد تشكيل التحالفات وفقا لما سيحدث في العلاقات مع سوريا، موضحا أن مجيء ترامب سوف يعمق من هذا التفكك وسيجعل موقف مصر في وضع صعب وشديد التعقيد في تعاملاتها للمشهد في سوريا.
ولفت إلى أن تخطيط المجموعة الحاكمة في سوريا مثير للقلق بسبب مرحلة الإنتقال السلسل للسلطة، وهو ما سيلقي تداعيات على المنطقة.