جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-18@10:52:06 GMT

إلى روح الشاعر زاهر الغافري

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

إلى روح الشاعر زاهر الغافري

 

سمير الهنائي

عاش الشاعر زاهر الغافري طفولة مُرَّة، لكنها كانت أولى خطواته ليعبُر من خلال السلم من ميناء مطرح إلى بغداد التي صقلت فيه الكتابة والتعليم، ومن ثم لاحقًا ليتنقل إلى عدة دول في العالم الذي اختاره زاهر ليعيش فيه وهو الاغتراب، عاش الغافري هكذا حرًا كعصفور مُهاجر من بلد إلى بلد آخر، بقلب كفؤاد الطير، متعلقًا بالنخلة والفلج العُماني، رغم طول المسافات بين مالمو السويدية وولاية سمائل.

ظل زاهر يتردد بين دول الشرق والغرب دون أن يشعر بملل الانتظار في المطارات أو الساعات على متن الطائرات، وهو أشبه بغزارة الكتابة في حياته، بعدما اختطفه الشعر منذ أول وخزة، وهو لا يزال طفلاً صغيراً ليلقي به في نهري دجلة والفرات، إلى أن غرق وتشبعت روحه علمًا ومعرفة، وما كان يحزنه في غربته التي اختارها لاحقاً سوى هموم العرب أو قضاياهم؛ حيث كان يؤلمه التَّخلف والتردي وتقاعس وضعف الشعوب العربية ومشاكلها المتوارثة، لقد عاش كما أراد أن يعيش دون أن يلتفت للتقاطعات مع ممن لا يؤمنون بعنفوانية الاختلاف في الحياة.

عرفتُ الشاعر الراحل بعد موجات الربيع العربي على فيسبوك، وكم تحاورنا وضحكنا معاً وتهاتفنا ولكننا لم نلتقِ رغم الوعود المقطوعة ولكن ظروف المسافات والأوقات عاندت ذلك اللقاء المنتظر، كم تشابهنا مع زاهر من حيث الشغف والحرص على الأسفار لاكتشاف العالم والشعوب ولكننا لا نشبهه في أعماله الأدبية أو في فلسفته الشعرية وغزارة إبداعاته التي تفرد بها من حيث الأسلوب المُميز لافتاً بذلك شعراء وأدباء عالميين والقراء في العديد من دول العالم من خلال توظيفه السخرية في العديد من أعماله والكلاسيكية الحزينة التي ستظل عالقة في أذهاننا ومحفوظة على رفوف مكتباتنا.

سيبقى صوته المهجن باللهجة العراقية في ذاكرتنا، وكلما تذكرنا زاهر الإنسان الحُر والمسافر الذي عاش الحياة على طبيعتها دون تكلف أو تصنع، عاشها وهو مؤمن كما كان يُردد:- "بأن للحياة فقط صوت واحد هو صوت الألم"، وهو هنا لا يقصد بالألم الجسدي ولكنه الألم الروحي من حيث التفاصيل في المنعطفات الحياتية من خيبات وآمال مرورا بالتناقضات حول الوجودية، إلّا أنه كان يتعامل معها بالمرح والرقص مستخدمًا كل الطرق للوصول إلى النشوة العقلية التي تستمتع بها النفس وتبهجها وتجعلها أكثر اطمئنانا وعدم الاكتراث لكل تلك التساؤلات المتعلقة بالوجودية والإنسان لأنه عاش الفردوس الذي كان يراه ووصل إليه بطريقته تلك التي اختارها وآمن بها.

ولأنَّ الموت حقيقة، رحل عنَّا زاهر الغافري دون وداع كالذي عودنا عليه عند مغادرة عُمان لتسكن روحه بسلام.

نعم.. فقد يكون المرء غريبًا في وطنه، أحلامه،طقوسه ولكنه قريب جدا ممن يحبونه، ويتشاركون معه أفكاره فسيظل الشاعرالعُماني زاهر الغافري قامة وتجربة مثرية ومتفردة في عالم الأدب.

صادق تعازينا لكل محبيه وذويه وإلى القراء في كل مكان.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قراءات في أعمال أدباء المنيا.. أمسية أدبية لقصور الثقافة

استضاف قصر ثقافة المنيا أمسية أدبية بعنوان "قراءات في أعمال أدباء المنيا"، نظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وضمن فعاليات وزارة الثقافة.

استهل الأمسية الشاعر مختار عبد الفتاح، رئيس نادي الأدب، بكلمة عن غنى التجارب الإبداعية في المنيا، مشيرا إلى أن تنوع مصادر الثقافة والبيئة المحيطة بالأديب يفتح آفاقا جديدة أمام الإبداع، ويساعده على الاستفادة من تجارب الآخرين للوصول إلى التميز.

ثم تحدث الشاعر عشم الشيمي، رئيس نادي أدب سمالوط، عن رحلته الإبداعية بين الشعر والرواية، مسلطا الضوء على أهمية التفرد في الأسلوب وطرح رؤى جديدة للواقع بأسلوب أدبي يجذب القارئ ويمس وجدانه.

وفي جانب آخر من الأمسية، ألقى الإعلامي الدكتور شوقي السباعي الضوء على تجربته بين عالم الإعلام وكتابة القصة القصيرة، مشيرا إلى قدرته على التقاط لحظات الانتصار والانكسار والضعف في حياة الإنسان المعاصر، والتي تشكل عماد نصوصه الأدبية.

وشهد اللقاء الذي أقيم ضمن أنشطة فرع ثقافة المنيا برئاسة رحاب توفيق، التابع لإقليم وسط الصعيد الثقافي، أمسية شعرية أدارها الشاعر طارق العيسوي، ألقى خلالها الشاعر محمد حكم، سكرتير عام النادي، مجموعة من القصائد الوطنية التي شهدت تفاعل الحضور. وشارك نخبة من أدباء وشعراء ومثقفي المنيا بقصائد تنوعت بين الفصحى والعامية، فيما تناول الحضور بالنقاش جماليات البلاغة والبيان في النصوص المطروحة. كما شهدت الأمسية فقرة للمواهب الشابة.

مقالات مشابهة

  • تعليق مثير من سيف زاهر على انضمام عمر مرموش لـ مانشستر سيتي
  • حقيقة انتقال نجم زد لـ الأهلي.. سيف زاهر يكشف مفأجاة
  • الإماراتي عبدالرحمن الحميري إلى المرحلة الثالثة من «أمير الشعراء»
  • الشاعر يوسف أبولوز لـ24: الشعر حالة فرح كبرى عظيمة
  • "عمر زايد".. شاعر متميز على خطى الأبنودي شارك بديوان في معرض القاهرة
  • ثقافة الإسماعيلية تحتفي بالشاعر مازن المصري
  • قراءات في أعمال أدباء المنيا.. أمسية أدبية لقصور الثقافة
  • وفاة الشاعر مسفر الدوسري بعد معاناة مع المرض
  • بدايات وعهود متجدّدة للبنان زاهر
  • حدث في مثل هذا اليوم ذكري رحيل علي الكسار وعبد الوهاب محمد