المليون سائح.. منطوقات ودلالات
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
أكثر من مليون سائح في خريف ظفار 2024، غير أعداد السياحية الشتوية والتي يُشد إليها الرحال بواسطة الطائرات والبواخر العابرة للقارات، وللمليون منطوقات ودلالات بعد أن كان المليون من ضمن المسائل التي حظيت باهتمام حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه لله ورعاه- أثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في صلالة يوم الخميس الماضي، وتوجيهاته السامية باستدامة النمو العددي السنوي، وربط النمو بتلبية مُتطلبات السياح وتطوير الفعاليات في مُحافظة ظفار.
هذا في حد ذاته، يُشكِّل ضغوطاً إيجابية على آليات وميكانزمات التخطيط والتنفيذ المركزية واللامركزية، ويجعلنا- كمراقبين للأداء العام- أن نتماهى مع التوجيهات السامية لدواعي ضمانة اقتران التنفيذ بقوة التوجيهات وغاياتها التنموية والاجتماعية.
سنبدأ بالمنطوقات؛ وهي تكمن في حتمية هجر ظاهرة التأخير الزمني الطويل لتنفيذ مشاريع البنية الأساسية، ولظفار تاريخ طويل ومُتجدد، لن نغوص في أعماقه، لكننا سنُشير فقط إلى الجديد منها، وهي مشاريع ازدواجية بعض الشوارع المهمة في صلالة، والتي بدأ العمل فيها قويًا قبيل "موسم خريف 2024"، وتوقف أثناء ذروة الموسم. والخريف هذا العام كان كله ذروة، والآن انتهى الخريف، وبدأنا في فصل الصرب (الربيع)، ولم نشهد عودة العمل فيها إلّا بصورة مُتواضعة في بعض المواقع وليس كلها، وإذا ما استمرت الوتيرة ذاتها، فستأتي مواسم خريفية أخرى وهي في طور التنفيذ!! وبالتالي ستتأثر قضية الاستدامة أو ستضيف أحمالًا ثقيلة على البنية الأساسية، فضلًا عن ضغوط متعددة على الديموغرافية المحلية، كما حدث في خريف المليون سائح.
مثال آخر، وهو مشروع ازدواجية طريق "هيما- ثمريت" الذي طال انتظاره عدة عقود، ولمّا حان تنفيذه مُطِّطَت فترة إنجازه 35 شهرًا؛ أي 3 سنوات، وطوله 400 كيلومتر، فهل تحالف الشركات العُمانية السعودية الذي سيتولى التنفيذ غير قادر على تنفيذه في سنة أو نصف المدة الزمنية المقررة إذا ما وُزِّعَ المشروع على 4 شركات مثلًا؟ الزمن هنا هو الحدث الذي يصنع الفارق في نمو استدامة السياحة الخريفية من جهة، والحفاظ على أرواح مستخدمي الطريق سنويًا، من جهة ثانية، علمًا بأنَّ التأخير في التنفيذ ليس ظاهرة حصرية على الشوارع والطرق، وإنما تمتد لقطاعات أخرى كتنفيذ المدارس، وقد رصدنا مدرسة تبنى لعدة سنوات، ولما أُنجِزَت خرجت من الخدمة عاجلًا للعيوب التي تمس سلامة الطلاب! فهل هناك من محاسبة على التأخير وعلى الجودة؟!
أمّا بالنسبة للدلالات، فإنَّ المليون السائح قد أصبح مرجعية قياسية للنمو السنوي العددي لسياح خريف ظفار، كما إنه معيار للتطور الذي يستوجب أن يتحقق، وقد ارتبط تحطيمه بتلبية مُتطلبات السياح وتطوير الفعاليات في مُحافظة ظفار. ومتطلباتهم متعددة، أبرزها: تخفيف حالة الازدحامات المرورية والوصول إلى المواقع السياحية والخروج منها. فكيف ستتحقق المتطلبات في ظل المُدَد الزمنية الطويلة لتنفيذ البنية الأساسية؛ كالطرق والشوارع المشار إليها سابقًا؟ ونُسجِّل لبلدية ظفار اجتهاداتها الموفقة في إدخال مرافق وفعاليات جديدة على "خريف المليون"، كتلك في سهل إتين والاستراحات مثل إطلالة استراحة حمرير. وظفار كلها إطلالات سياحية جاذبة لو تم استغلالها، وهي من مناطق النمو المُستدام.
ولا ينبغي الفهم أن النمو المستدام للسياح مطلبٌ مجردٌ في ذاته، بمعنى أنه رقم يتحطم سنويًا، وإنما ينبغي أن يكون مؤشرًا ذي مضامين كبرى، أبرزها صناعة إيرادات عامة ومحلية جديدة للدولة والمجتمع، وتوفير فرص عمل للشباب- دائمة ومُوقتة- وتعزيز استدامة توجهات الشباب في مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة. وما حدث في خريف المليون سائح من حيث حجم إقبال الشباب العُماني على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، وحجم استفادتهم المالية الدائمة والمؤقتة، يُحتِّم إعمال الفكر في كيفية تنفيذ التوجيهات السامية من حيث استدامة نمو السياح، وانعكاساته الاجتماعية والمالية لخزينة الدولة. والهاجس الوطني الذي ينبغي أن يشكل الشغل الشاغل للمخططين الإقليميين من الآن هو كيف نُحوِّل بوصلة شبابنا- كل شبابنا- من السلبية إلى الإيجابية، من خلال استدامة النمو السياحي عبر إدخال منظومة منافع جديدة تجذب الشباب ووفق آليات تلبية متطلبات السياح وتطوير واستحداث مرافق سياحية تُحفِّز الاستدامة.
وندعو بلدية ظفار هنا أن تمضي قضية توفير فرص عمل جديدة في كل خريف، وفق تفكير مُستدام فوق طاولة التخطيط للمشاريع والمرافق الجديدة، لا يقل شأنًا عن قضية استحداث المرافق والمشاريع. وندعوها كذلك إلى عقد ندوة حوارية تستهدف الشباب عامةً، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصةً، الذين حطموا أسوار السلبية وراهنوا على التفاعل الإيجابية مع الفرص المتاحة، لهم لتحقيق أهداف أساسية؛ هي: الكشف عن حجم وماهية فرص العمل في خريف المليون سائح، والاستماع لتجارب الشباب وملاحظاتهم وحل إشكاليتهم لدواعي الاستدامة، وإبراز تجربتها الناجحة في خريف المليون رغم التحديات والضغوطات الكبيرة.
لأن التعاقدات الإعلامية الخاصة اللامركزية لم تُبرز هذه القضايا للرأي العام، وسيبرزها مقترحنا إذا نُقِلت تلفزيونيًا مباشرةً، وتعرَّف كل شبابنا على قصص نجاح نظرائهم، وتعرفوا على خطط البلدية المستقبلية، وطرق دعمها للشباب. هدفنا من هذا المقترح تغيير الذهنيات وحملها على التفاعل الإيجابي مع فرص المراحل، وهذا الهدف يستوجب أن يكون من بين الأهداف الاستراتيجية لنمو استدامة السياحة الخريفية.
ولدواعي تأسيس مفهوم النمو المستدام للسياحة كذلك، يتعين التوجه نحو الاحتراف السياحي وفق تخصص السياحية العائلية؛ لأنها المُتماهِية والمستدامة مع بيئتها الداخلية، ولأنها المؤهلة لجذب الأسر، وليكن شعارنا المُستدام "خريف ظفار.. سياحة الأسر" لكي تكون مقصدًا لذاته، وغاية لكل أسرة في حِقبة تشهد فيها المناطق السياحية التقليدية تصاعد اليمين المُتطرف في أوروبا، وتصاعد التطرف العنيف في بعض المناطق الأخرى.
هنا نُجدد اقتراح إقامة مركز للتخطيط الإقليمي في ظفار (سبق أن طرحناه وغيري)، ويكون تابعًا مباشرة لرئيس بلدية ظفار، بعد دمج مديرية التخطيط بالبلدية فيه، وضم كفاءات وخبرات المحافظة- التكنوقراطية المتقاعدة- ويكون من بين مهامه تطوير السياحة وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للدولة في ظفار؛ كالتوجهات الاستثمارية وربطها بفرص العمل، ومُتابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" في جنوب البلاد، ودراسة الظواهر الطارئة، والتنسيق مع الجهات المعنية لحل أو زيادة الوعي بمخاطرها المُتعددة، وكذلك مخاطبة المجتمع بالإنجازات المتحققة لرفع المعنويات الاجتماعية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سائح أمريكي منبهر بالعاصمة: “إنها ليست أوروبا بل إنها الجزائر”
تقاسم السائح أمريكي كالان ويسلي الذي انبهر بجمال وسحر مدينة الجزائر في رحلة استكشافية لعدة دول افريقية منها الجزائر. تلك اللحظات التي عاشها ب”الجزائر البيضاء”. مع متتبعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقا للموقع الالكتروني “visa-algerie.com” اعجب ويسلي بمركز التسوق “غاردن سيتي”. بالشراقة الذي اعتبره “فضاء تسوق في الهواء الطلق لا يقل شئنا عن مراكز التسوق في دبي أو أوروبا”.
كما شارك السائح الأمريكي الذي كان مفتونا بوسط المدينة أيضا مقاطع فيديو مع متابعيه على منصة TikTok. إضافة إلى تنقلاته عبر مختلف أرجاء المدينة. ملتقطا صورا للمناظر الطبيعية. و الجمال المعماري لهذا الكنز الشمال إفريقي منها خليج الجزائر المبهر قائلا ” إنها ليست أوروبا بل إنها الجزائر!”.
وفي كليب له تحت أشعة الشمس والسماء الزرقاء، علق كالان ويسلي: “لا تخطئوا.. أنا بالعاصمة.في الجزائر”. مضيفا “انظروا إلى المنظر خلفي. إنه أمر لا يصدق على الإطلاق! انظر إلى التطور و إلى المنشآت القاعدية … بصراحة هذا يذهلني”.
فقد اعترف هذا السائح الأمريكي بأنه وقع تحت سحر المباني البيضاء الرمزية للجزائر الوسطى. في هذا الخصوص, صرح يقول ” أشعر وكأنني في واقع افتراضي. هذا أمر لا يصدق”.
وخلال تنقله عبر شوارع الجزائر العاصمة أين التقى بمواطنين. صرح السائح الأمريكي: ” يا له من بلد جميل و يا له من شعب رائع! لا أستطيع الانتظار لاستكشاف كل هذا و أن أطلعكم على هذا البلد”.