من المفترض أن يعقد قادة جيوش دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة بـ "إيكواس" اجتماعاً، اليوم السبت، في عاصمة غانا (أكرا)؛ لمناقشة نتائج قمة المجموعة بشأن النيجر.

النيجرتفعيل قوة احتياطية 

وذكرت قناة (فرانس 24) الناطقة باللغة الإنجليزية، الجمعة، أن المحادثات بين القادة العسكريين؛ تأتي بعد القرار الذي اتخذته المجموعة خلال قمتها المنعقدة الخميس.

وأصدرت إيكواس أمراً بتفعيل قوة احتياطية لاستخدامها المحتمل ضد المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر في يوليو المنصرم.

وشددت المجموعة على أنها تريد عودة الديمقراطية بطريقة سلمية لكنها تُبقي جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بما في ذلك استخدام القوة.

كما نوهت المجموعة، خلال القمة، أيضا بأن كل الخيارات لا تزال مطروحة على طاولة المفاوضات بغرض إلغاء الانقلاب في البلاد.

وكانت قد حذرت روسيا، الجمعة، من أي تدخل عسكري في النيجر بعد يوم من قرار إيكواس بتفعيل قوة احتياطية تحسبا لتدخل عسكري محتمل في النيجر، مشيرة إلى أن ذلك سيزعزع الاستقرار في الدولة الإفريقية المضطربة بقوة.

وقال محللون أمنيون إن تشكيل قوة إيكواس قد يستغرق أسابيع أو أكثر، مما قد يترك مجالا للمفاوضات، مشيرين إلى أن الجهود التي بذلت في السنوات القليلة الماضية لتشكيل قوة من غرب أفريقيا قوامها آلاف الجنود تعثرت بسبب قيود التمويل والأمور اللوجستية.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد دعا الخميس، إلى حل سلمي للأزمة في النيجر بعد موافقة قادة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الايكواس على وضع "قوة احتياط" في حالة استعداد لإعادة النظام الدستوري في نيامي في أعقاب الانقلاب.

وقال الوزير الأمريكي في بيان إن "الولايات المتحدة تقدّر تصميم إيكواس على استكشاف كافة الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة".

النيجررد فعل من النيجر

من جانبه تجمع آلاف من أنصار الحكام الجدد في النيجر، الجمعة، قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي، مطلقين شعارات مناهضة لباريس.

وهتف المتظاهرون خلال التجمّع "فلتسقط فرنسا، فلتسقط إكواس"، وذلك غداة قمة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، انتهت بالموافقة على تدخّل عسكري محتمل في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم.

ورفع المتظاهرون أعلاماً روسية ونيجرية، مؤكّدين دعمهم للعسكريين الذين استولوا على السلطة، وخصوصاً قائدهم الجنرال عبد الرحمن تياني.

وأمر المجلس العسكري الذي شكله القادة الجدد في النيجر، الجمعة، بوضع الجيش في حالة تأهب وسط تصريحات للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بأنها مستعدة للتدخل.

ويعتزم المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر حشد قوات إضافية؛ لمواجهة أي تدخل محتمل.

وقال المحلل السياسي التونسي المتخصص في الشؤون الفرنسية، نزار الجليدي، إن إطلاق رصاصة واحدة في النيجر هو علامة واضحة لبداية حرب أخرى في المنطقة، ولكن بجغرافيا مختلفة وبأهداف أخرى، ولكن من غير المتوقع ومن غير الممكن أن يتخذ قرار من قبل  المجموعة  الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة بـ"إيكواس" بتدخل عسكري في النيجر.

وأضاف نزار الجليدي خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، أنه لن يتخذ قرار بالتدخل العسكري في النيجر نظراً لعدة أمور؛ أولهما: أن هناك فيتو جزائري عالي الصيد، فضلاً عن أن هناك تحفظ امريكي، كما إنه يمكن لفرنسا أن تدير لعبة أكبر حتى وإن كان هناك توافق بين الغرب وايكواس فلن يذهبوا لعملية عسكرية.

وأكمل المحلل السياسي: يمكن للاجتماع المرتقب اليوم أن يخرج ببيانات صلبة وحادة من أجل تحسين شروط التفاوض لا غير من أجل إنقاذ الرئيس محمد بازوم، وايجاد صيغة للإبقاء على مصالح بعض الأطراف الغربية في النيجر، وكذلك الترتيب إلى مرحلة أخرى؛ لأن الحديث الآن لم يعد عن انقلاب على قدر ما هو عن صناع تغيير في المنطقة.

بمسجد القذافي.. شعب النيجر يؤدي صلاة الجمعة بأعلام روسيا مسئول بـ"إيكواس": لن نسمح للانقلاب في النيجر بتكرار تجربة بوركينا فاسو ومالي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النيجر ايكواس فرنسا روسيا الرئيس محمد بازوم الجنرال عبد الرحمن تياني نيامي الاقتصادیة لدول غرب إفریقیا فی النیجر

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات ثلاثة للصراع التركي- الإسرائيلي في سوريا.. ما هي؟

فتح الثامن من ديسمبر/ كانون الأول فصلًا جديدًا في تاريخ العلاقات التركية – الإسرائيلية، طوى عقدين من "التعاون والتشاحن"، بالذات في عشرية "الربيع العربي"، ليتحول إلى لحظة افتراق واصطراع بين قطبين إقليميين، ولتصبح العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، موضع اهتمام سياسي، وتركيز إعلامي، يتخطى عواصم الإقليم، إلى عواصم القرار الدولي ذات الصلة.

وينشغل المراقبون في سبر أغوار هذه العلاقات، ومحاولات تلمّس مساراتها المستقبلية، وإجراء التمارين لبناء سيناريوهاتها القادمة، ليس لأننا أمام بلدين وازنين بمعايير القوة والاقتدار، أو لأن لكل منهما شبكات أمان إقليمية ودولية صلبة فحسب، بل لأن سوريا، موضع الصراع والتنافس، تحظى بمكانة "القلب النابض" في المشرق العربي، امتدادًا إلى مساحات واسعة من "الشرق الأوسط الكبير".

لأسباب عديدة، أهمها سوريا، خرجت العلاقات التركية – الإسرائيلية عن سكة تعاون معلن، وإن يكن مفخخًا بالكثير من الشكوك والهواجس المضمرة، إلى سكة صدام صريح، لا نعرف كيف سينتهي، ولمن ستكون الغلبة والأرجحية في خواتيمه.

ولكن قبل الدخول إلى متاهة "بناء السيناريوهات" (Scenario Building Exercises)، دعونا نُجرِ جردة سريعة في حسابات المصالح والأولويات لكلا الطرفين.

إعلان حسابات المصالح ومسار التصادم

لإسرائيل مصلحة عميقة (عليا) في إضعاف سوريا، توطئة لتقسيمها إلى دول وكيانات طائفية ومذهبية وعرقية، وهذا حلم "الآباء المؤسسين" لـ"دولة اليهود"، الذين ارتأوا أن شرط بقاء إسرائيل وتكريس هيمنتها على المنطقة، إنما يتمثل في إعادة إنتاجها على شكل "إمارات الطوائف والأقوام"، يصبح معها يهود إسرائيل أكبر أقلية، أو واحدة من كبرى الأقليات، وتحظى في سياقاتها الفكرة العنصرية و"المتعذرة" حول "يهودية الدولة"، بـ"الشرعية" المطلوبة و"الممكنة".

في الطريق لإنجاز هذا الهدف الإستراتيجي، ليس مهمًا من يحكم دمشق، ما دام أنه ضعيف، ومؤخرًا، لم يعد مطلوبًا أن يضطلع حكام دمشق، أيًا كانت هويتهم و"قماشتهم"، بدور "حرس الحدود"، ما دام أن نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، في طبعاتها المُحدّثة، أوكلت المهمة للجيش والاستخبارات الإسرائيليين، على أن يجري إنجازها على "أرض العدو"، بعيدًا عن الحدود والجبهة الداخلية.

وما دام أن إسرائيل باتت قادرة- كما يراهن قادتها- على خلق الفوضى في دول الجوار، و"مؤهلة" من منظورهم، لإدارتها على النحو الذي يخدم مصالحها، وما دام أن فكرة "العربدة" و"استباحة" السماوات السورية، التي تم إنجازها طيلة العقدين الفائتين، و"تشرعنت" بتفاهمات نتنياهو – بوتين (2015)، قد توسعت بعد سقوط نظام الأسد الابن، إلى استباحة واحتلال أراضٍ سورية جديدة، وإعلان مناطق وأحزمة أمنية تلامس ضفاف دمشق، ومساحات واسعة من الحدود الجنوبية لسوريا.

من بين الأدوات المعتمدة لإنجاز هذا الهدف، تأتي فكرة "حلف الأقليات"، التي انتعشت مؤخرًا على وقع "انتفاخ" الهويات الثانوية القاتلة في سوريا، ومن ضمن ذلك، اللعب بالورقة الكردية، ومداعبة أحلام الكرد القومية، ودائمًا بهدف تفتيت سوريا وابتزاز تركيا، فمن يمنع عن الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم، لا يمكن أن يكون منافحًا صلبًا عن حق شعب آخر (الكرد) في تقرير مصيره.

إعلان

في المقابل، تخشى أنقرة، مفاعيل "مبدأ الدومينو" (Domino Effects) التي لن تقتصر على إضعاف دورها ونفوذها الإقليميين، في سوريا وعبرها إلى جوارها، بل ستطال العمق التركي ذاته، فإذا ما أفلت "جنيُّ" الطوائف والمذاهب والأقوام من محبسه في سوريا، سيطاول الديمغرافيا والجغرافيا التركيتين، إن لم يكن على الفور، فعلى المديين؛ المتوسط والبعيد، وذلكم ربما يكون، أكبر وأخطر تحدٍ يواجه أنقرة، منذ سقوط الخلافة وقيام الجمهورية.

وتشعر تركيا، بأنها ومنذ نهاية عهد الأسد الابن، باتت ملزمة أخلاقيًا ومعنويًا، بإدارة انتقال سلس وآمن للبلاد برمتها، فسوريا الغارقة في فوضى الطوائف وصراعاتها الأهلية، ستصبح عبئًا على تركيا، لا ذخرًا لها، وسوريا المُقسّمة والمُنقسِمة على ذاتها، لن تكون جسرها لدور قيادي لمحور عربي وإسلامي ممتد، تعتقد القيادة التركية أنها الأجدر بزعامته، وسوريا المختنقة بأزماتها الاقتصادية والاجتماعية، ستكون "بالوعة" لامتصاص فائض الاقتدار التركي، بدل أن تكون رديفًا ومعينًا لها، وهي ترتقي سلم الاقتصادات الناشئة، وتحلم بدخول نادي العشر الكبار، بعد أن ثبتت موطئ قدم لها في "نادي العشرين".

حسابات تركيا وقراءاتها لمكانة سوريا في إستراتيجيتها الإقليمية، ليست غائبة بدورها عن "الوعي الإسرائيلي" الأمني والإستراتيجي، فتلّ أبيب تبوح بخشيتها من قيام "قوس سنّي"، يحل محل "الهلال الشيعي" الذي نظرت إليه بوصفه تهديدًا إستراتيجيًا، ونجحت في تفكيكه في أبرز مفاصله وحلقاته، إثر تداعيات "الطوفان" وما بعده.

هو قوسٌ، ذو ملمح "إخواني" مطعَّم بنكهتين متضادتين: سلفية محافظة من جهة، و"إسلام مدني" جسدته تجربة "العدالة والتنمية" من جهة ثانية.. مزيج عصيّ على التنبؤ بصورته ومكوناته ومآلاته.

وفي آخر "تقديرات الموقف" التي تنتشر في إسرائيل، فإن هذا "القوس" قد يمتد من تركيا مرورًا بسوريا، عبر "إخوان" الأردن و"سُنّة" لبنان، وصولًا إلى غزة وفلسطين.. ولهذا استحقّ الأمر، إدراج مسألة العلاقة مع تركيا، على جداول أعمال اجتماعات "الكابينت الأمني"، واحتلالها موقعًا متصدرًا على سُلم أولويات التحالف الإستراتيجي مع واشنطن.

إعلان

نحن إذن، بإزاء مسار تصادمي بين أنقرة وتل أبيب، في سوريا وعليها، لكن تفكيرًا هادئًا بعيدًا عن صخب التصريحات النارية، وضجيج الاتهامات المتبادلة، يدفع إلى الاستنتاج بأن واحدًا من السيناريوهات الثلاثة التالية، سوف ينتظم مستقبل العلاقات بين البلدين، ويحدد مساراتها:

السيناريو الأول: "حروب الوكالة"

كأن يدخل البلدان في سلسلة من الحروب المتنقلة، غير المباشرة، وعبر الوكلاء؛ كأن تواصل إسرائيل دعمها مليشيات متمردة على دمشق، وتأمين شبكات أمان لها: (مناطق آمنة، مناطق محظورة على الجيش السوري، مناطق حظر جوي، مناطق خالية من الدفاعات الجوية.. إلى غير ما هنالك من إجراءات).. تقابله أنقرة بدعم مليشيات مناهضة، كما حدث، وقد يتكرر، في الشمال الغربي، من معارك بين "قسد" وفصائل "الجيش الوطني" المدعومة من تركيا.

وهو سيناريو قابل للتكرار في مناطق أخرى، ومن ضمنها الجنوب (وثمة إرهاصات دالة على ذلك)، وربما تحت شعارات "مقاومة الاحتلال"، ومن يتماهى مع أهدافه ومراميه.

في ظني أن تركيا تعطي الأولوية لبناء جيش سوري جديد، بتدريبها وتسليحها وتحت رعايتها، وإلى أن يتم لها ذلك، إن تم، فليس ثمة من بديل عن الاعتماد على قوى "لادولتية" (Non-State Actors)، بوصفها "قوات رديفة"، تعمل بشكل متصل ومنفصل مع نواة الجيش السوري الجديد، وتوفر لأنقرة أولًا، ودمشق في المقام الثاني، إمكانية التنصل من أفعالها إن اقتضت الضرورة، في إعادة إنتاج (قصّ ولصق) لتجارب مماثلة شهدتها بلدان عدة في الإقليم.

لا يستبعد هذا السيناريو، بل يملي على أنقرة ودمشق، التوسع في نشر القوات والقواعد العسكرية التركية على الأرض السورية. ثمة تفاهمات أولية في هذا الشأن، وثمة جهود استطلاعية يجري تنفيذها على الأرض في وسط سوريا (المطارات الثلاثة: حماة، T4، وتدمر).. وثمة رسائل إسرائيلية، بالنار، لدمشق وأنقرة، بأن أمرًا كهذا، لن يكون مقبولًا على إسرائيل، وأنها ماضية في سعيها لجعله غير مقبولٍ على واشنطن كذلك.

إعلان السيناريو الثاني: "تقاسم النفوذ"

كأن يجنح البلدان لخيار التفاوض والدبلوماسية، وصولًا لتقاسم السيطرة والنفوذ، وترسيم الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء على الخريطة السورية، بديلًا عن التقسيم المرذول والمحفوف بأشد المخاطر، وتفاديًا لحرب مباشرة لا يريدها أحد.

يستلهم هذا السيناريو ما كان حصل بين إسرائيل ونظام الأسد الأب في لبنان، مع اندلاع الحرب الأهلية ودخول الجيش السوري نصرةً للقوات والجبهة اللبنانيتين آنذاك (1975-1976).. حين "احترمت" دمشق خطوط إسرائيل الحمراء في جنوب لبنان، ووقفت عندها.

مثل هذا السيناريو، يستدعي تدخل وسيط ثقيل، من عيار الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل وصديقة تركيا.. وليس بالضرورة أن يتخذ "سيناريو التقاسم" شكل اتفاقات مبرمة، بل يكفي التوصل إلى "تفاهمات جنتلمان" برعاية أميركية حتى يصبح "التقاسم" ممكنًا، مثل هذه التفاهمات "صمدت" في أزمنة وأمكنة أخرى، أكثر مما فعلت الاتفاقات المكتوبة.

قد يشتمل سيناريو كهذا، في أحسن الأحوال، على انسحابات إسرائيلية من أراضٍ سورية محتلة (مؤخرًا)، وقد يعيد الحياة لاتفاقية فك الارتباط لعام 1974، ولكن بشروط أخرى، لصالح إسرائيل، أولًا لجهة احتفاظها بنقاط "حاكمة" على قمم الجبال ومساقط المياه، وثانيًا، لجهة مراعاة دور أمني إسرائيلي أكبر، في كل ما يتصل بإجراءات المراقبة و"التدخل السريع" حال بروز "تهديد أمني"، كما هو حال التعامل الأميركي-الإسرائيلي مع اتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني في لبنان، وما رافقه من تفاهمات ثنائية أميركية- إسرائيلية، نصت على ما كان صعبًا النص عليه في الاتفاق الأصلي.

إن تغلبت احتمالات التقدم على خط أنقرة- واشنطن- تل أبيب، فليس مستبعدًا أبدًا، أن تنتقل تركيا إلى دور "الوسيط" بين سوريا وإسرائيل، وهو دور تفضله الدبلوماسية التركية عادة، وترغب في القيام به، في مختلف دول الأزمات المفتوحة.. وهو دور مارسته أنقرة من قبل، زمن بشار الأسد، وقبيل اندلاع الأزمة السورية بوقت قصير.

إعلان

من المستبعد تمامًا، أن يكون الجولان السوري المحتل مدرجًا على جدول أعمال التفاوض بين دمشق وتل أبيب، هذا ليس خيارًا إسرائيليًا، لا سيما بعد أن اعترف الرئيس الأميركي في ولايته الأولى بضم "الهضبة" للسيادة الإسرائيلية.

لكن ذلك، لا يمنع من الوصول إلى تفاهمات جديدة، أو إحياء اتفاقات قديمة، أقله لتبريد الأجواء على الحدود السورية – الإسرائيلية، ووقف التعديات الصارخة على السوريين، أرضًا وبشرًا ومقدرات.

قد يكون هذا هو سقف التفاوض الممكن في المدى المرئي، مع الإشارة إلى أن "المفاوضات بذاتها"، قد تكون مطلوبة من دمشق، لتفكيك أطواق العزلة والعقوبات الدولية، وإعادة إدماج سوريا في النظام الاقتصادي والمالي العالمي، والاعتراف بشرعية الانتقال والإدارة الجديدة.. عرفنا ذلك وخبرناه، في تجارب عربية عديدة، كان التفاوض مع إسرائيل، وأحيانًا التطبيع معها، مدخلًا لتحقيق مآرب أخرى.

السيناريو الثالث: الصدام المباشر

وهو الأبعد احتمالًا، الناجم عن انغلاق "مسار التقاسم"، لأسباب تتعلق أساسًا بالعقيدة التوسعية المتحكمة بتلابيب القرار، والتي تعيش هذه الأيام، ذروة نشوة السطوة والهيمنة، تزامنًا مع تصاعد أو تصعيد في وتائر "حروب الوكالة" المتنقلة بين الجانبين.

مثل هذا السيناريو، سيضع دولة "أطلسية" وازنة كتركيا، في مواجهة أهم حليف للغرب والولايات المتحدة، إسرائيل.. فهما دولتان من العيار الثقيل، لا تشبه الحرب المباشرة بينهما أيًا من الحروب التي شهدها الإقليم في العقود الماضية.

ليس منظورًا، الانزلاق إلى سيناريو كهذا في المدى المرئي، فدونه أولويات أخرى يتعين إنجازها قبلًا، ضرب إيران أولوية متقدمة من منظور إسرائيل تتقدم على "الخطر التركي الزاحف"، وآخر ما تحتاجه أنقرة، هو الانخراط في حرب مع عدو بحجم إسرائيل وتحالفاتها الغربية.

إعلان

لكننا في زمنٍ محمّل بالمفاجآت الخارقة لحدود التصور والخيال، والتي لم تكن لتُصدّق قبل أيام من وقوعها، فزعيمة الغرب وقائدة "الناتو" والدولة العظمى، لم تعد تتردد بالتلويح بخيار القوة لاحتلال أراضٍ تتبع لدولة عضو في "الأطلسي": غرينلاند/ الدانمارك، أو السعي لضم دولة (قارة) جارة (كندا)، أو السطو على خليج المكسيك وقناة بنما.

خلاصة القول نجدها فيما قاله لينين قبل أزيد من مائة عام: "النظرية رمادية، أما شجرة الحياة فدائمة الاخضرار"، والحياة الواقعية في سوريا ومن حولها، محمّلة دومًا بالجديد والمفاجئ، وقد يأتي السيناريو الواقعي الذي سيتنظم المسار السوري، مزيجًا بين السيناريوهين الأول والثاني، كأن تتوالى "حروب الوكالة" لإنضاج مسار الصفقات والتسويات، فالدول التي تدفع عادة، باتجاه "حافة الهاوية"، تحرص في اللحظات الأخيرة على الابتعاد عنها خطوة أو خطوتين، مخافة الانزلاق إلى قعرها المظلم.

وهذا ما يبدو مرجحًا في الحالة التركية – الإسرائيلية، لكن سيناريو الانزلاق، يظل واردًا مع ذلك، وكم من الأمم والدول، انزلقت إلى حروب لم تسعَ إليها ولم تكن تريدها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • سيناريوهات ثلاثة للصراع التركي- الإسرائيلي في سوريا.. ما هي؟
  • تحقيق خليجي لمراجعة نهاية المدة لرسوم إغراق الأسمنت والكلنكر الإيراني
  • الغرفة التجارية بالقليوبية: زيارة ماكرون لمصر تفتح آفاقا جديدة للعلاقات الاقتصادية مع فرنسا
  • رئيس الغرفة التجارية بالقليوبية: زيارة ماكرون لمصر تُفتح آفاقًا جديدة للعلاقات الاقتصادية مع فرنسا
  • يورانيوم النيجر في قلب صراع روسي صيني مع فرنسا
  • كيف تقلب قرارات واشنطن موازين التجارة العالمية؟
  • اجتماع وزاري غير دوري بالجامعة العربيةلمناقشة الملفات الاقتصادية والاجتماعية
  • استعدادًا لأمم إفريقيا تحت 20 عامًا .. وزير الشباب يعقد اجتماعًا تنسيقيًا مع رئيسي اتحاد الكرة والمتحدة للرياضة
  • الزمالك يواجه سبايكنج ستارز البوتسواني في بطولة إفريقيا لسيدات الطائرة
  • حرب الضرائب تشتعل