مع اقتراب فصل الشتاء تتزايد التحديات التي تواجه العائلات النازحة في قطاع غزة؛ حيث تقف الأسر عاجزة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الغرق في مياه الصرف الصحي أو التعرض لحركة المد والأمواج على الشواطئ، وذلك بعد أن كشف أول هطول للأمطار عن أزمة بيئية وصحية تهدد أكثر من مليوني نازح.

وقال الكاتب طارق حجاج، في التقرير الذي نشره موقع "موندويس" الأميركي، إن آلاف الخيام تنتشر على بُعد أقدام قليلة من مياه شواطئ غزة الرملية.

وتحاول العائلات النازحة بناء حواجز من الرمال لمنع المد القادم من إغراق مساكنهم، وقد أدى المد والجزر إلى فقدان العديد من العائلات خيامها، ويحاولون الآن حزم أمتعتهم والعثور على أرض أكثر جفافا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوتان: إيطاليا تقر حظر بيع أرقام الهواتف للمهاجرين غير النظاميينlist 2 of 2تلغراف: إسرائيل المنهكة من الحرب تواجه هجرة الأدمغةend of list

هذه هي المشاهد التي كانت تجري في غزة الأسبوع الماضي؛ حيث شهد الفلسطينيون في القطاع أول هطول للأمطار في الموسم.

لقد كشفت الأمطار التي هطلت الأسبوع الماضي عن كارثة بيئية وصحية تلوح في الأفق لملايين النازحين الذين يتكدسون في الخيام المكتظة أو الأحياء التي تعرضت للقصف في وسط وشمال غزة؛ حيث لم تتبق أي بنية تحتية تقريبا.

فقد دمر الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة 655 ألف متر من خطوط الصرف الصحي و330 ألف متر من خطوط المياه بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

خياران لا ثالث لهما

وهذا يعني أن العائلات النازحة في جميع أنحاء غزة ستكون أمام خيارين خلال فصل الشتاء المقبل الذي أصبحت الفيضانات خلاله شائعة بشكل متزايد: إما أن تغرق في مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية المدمرة في غزة، أو أن يبتلعها المد المتزايد في المخيمات على البحر.

وذكر الكاتب أن عطية أبو بنان، 28 عاما، أب لطفلة تبلغ من العمر عاما واحدا، ويعيش في مخيم على الشاطئ بالقرب من خان يونس؛ غمرت المياه خيمة عائلته بعد العواصف الممطرة التي مرت على غزة الأسبوع الماضي، مما تسبب في ارتفاع المد.

وقد أمضى ليلة 15 سبتمبر/أيلول بأكملها واقفا في بركة من مياه البحر، بينما كان يحمل ابنته لحمايتها من المياه. وألحقت الأمواج أضرارا بجزء من خيمته وغمرت ممتلكات عائلته، بما في ذلك ملابسهم وطعامهم.

ويقول عطية وهو يقف على الشاطئ في يوم غائم وينتظر أن تجف ملابسه وهو يرتديها، إن عائلته لم يعد لديها مكان تذهب إليه.

ووصل أبو بنان وعدد لا يحصى من العائلات الأخرى إلى الشاطئ قبل شهرين. وكان معظم سكان دير البلح قد جاؤوا من خان يونس ورفح، في أحدث حلقة من سلسلة عمليات النزوح منذ بدء الحرب قبل عام تقريبا.

المد يسحب الأطفال

وفي مقابلة مع الموقع؛ تقف إلهام أبو عمشة، وهي أم لـ8 أطفال، على الشاطئ بينما تمتد آلاف الخيام في الخلفية، وتقول إن المد غمر خيمتها الليلة السابقة وسحب أطفالها عدة أمتار بعيدا عنها أثناء نومهم.

وتضيف أن الليلة الماضية كانت ليلة صعبة للغاية، إذ كانت الأمواج عالية ومخيفة وأغرقت خيام الجميع، وكانت الرياح أيضا قوية وعنيفة جدا، مما تسبب في تمزيق قماش خيمتها.

وتضيف إلهام: "هذا وضع لا يطاق. ملاجئنا خطيرة. إنه أمر لا يطاق".

وتصف إلهام كيف كاد أطفالها يُجرفون إلى البحر بسبب قوة الأمواج، وتقول: "لو لم ننتشلهم لكانوا في عداد الموتى الآن. إلى أين يجب أن نأخذ أطفالنا؟ انظروا إلى الأمواج: هل نبقى هنا حتى تبتلعنا؟".

طفل يمسح مياه الأمطار بينما يحتمي النازحون الفلسطينيون بالخيام في خان يونس (رويترز) بين البحر والبرد والصرف الصحي

وتشعر إلهام بالقلق أيضا من أن الشتاء المقبل سيجعلهم عالقين بين البحر والبرد، وتتساءل باستغراب: "هل سنموت من البرد أم من البحر أم من القصف؟ إذا جاء الشتاء ونحن لا نزال هنا، لن يكون لدينا بطاطين لتدفئة أنفسنا. لن يكون لدينا حتى قطعة من القماش المشمع لتحمينا من المطر".

وأفاد الكاتب بأن تحذيرات الإخلاء للنازحين في غزة لم تعد تصدر من الجيش الإسرائيلي فقط، فالبلديات ترسل الآن أيضا تحذيرات للنازحين في المناطق التي غمرت مياه الأمطار أو مياه الصرف الصحي شوارعها، وتوجههم للانتقال إلى أماكن أخرى.

ويقول حازم فهد، وهو مهندس في بلدية دير البلح، إن منطقة صحن البركة التي تؤوي آلاف العائلات النازحة تلقت أمر إخلاء من البلدية.

ويقول فهد إن معظم مياه الأمطار تتدفق إلى هذا الجزء من دير البلح الآن، ولا يوجد نظام تصريف لإزالتها. وهذا هو الخطر، فإذا هطلت الأمطار بكميات كبيرة، ستتعرض حياة الناس لخطر كبير.

خطر الغرق

ويؤكد فهد أن الناس في بعض المناطق قد يتعرضون لخطر الغرق من شدة الفيضانات المتوقعة؛ حيث قد يصل منسوب المياه في منطقة صحن البركة إلى 2.5 متر.

ويضيف فهد أن بلدية دير البلح لم تواجه مشاكل من تراكم مياه الأمطار في هذه المناطق من قبل، غير أن تدمير إسرائيل للطرق والبنية التحتية للمدينة قد يؤدي إلى حدوث مأساة هذا العام.

وأشار الكاتب إلى أن منطقة صحن البركة تقع على مساحة 300 دونم (حوالي 30 هكتارا)، وهي واحدة من المناطق القليلة التي تتسع لعدد كبير من النازحين، ولكنهم عندما وصلوا إلى المنطقة قبل شهرين، كان الوقت لا يزال صيفا ولم يكن هناك خطر من الفيضانات.

مليونان بلا مأوى

وقد أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تقريرا في 14 سبتمبر/أيلول يفيد بأن عدد النازحين في تزايد مستمر خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث وثق وجود 543 مركز إيواء ونزوح في جميع أنحاء القطاع الذي أصبح على حافة كارثة إنسانية حقيقية مع قدوم الشتاء، إذ سيصبح ما يقرب من مليوني شخص بلا مأوى.

وأشار التقرير أيضا إلى أن التقييم الميداني للحكومة يشير إلى أن أكثر من 100 ألف خيمة في غزة غير صالحة للسكن الآدمي نتيجة التآكل والتلف، موضحا أن معظم الخيام مصنوعة من البلاستيك والأقمشة المهترئة.

ودعا المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي لإنقاذ مليوني نازح من سكان غزة قبل فوات الأوان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات العائلات النازحة میاه الأمطار الصرف الصحی دیر البلح فی غزة

إقرأ أيضاً:

رفح.. من مركز للنازحين إلى "منطقة منكوبة"

انسحب الجيش الإسرائيلي من مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، اليوم الأحد، مع بدء سريان اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وذلك للمرة الأولى منذ اجتياح المدينة في السادس من مايو (أيار) من العام الماضي، مخلفًا دمارًا واسعًا في المدينة التي تحولت لـ"منطقة أشباح".

وأصبحت المدينة التي كانت مأوى لنحو مليون وربع مليون نازح خلال بداية الحرب التي اندلعت عقب الهجوم الواسع الذي نفذته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، إلى أكوام من الركام المتناثر في أرجاء المدينة. منطقة منكوبة وقال رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، إن "مدينة رفح أصبحت رسمياً مدينة منكوبة نتيجة الدمار الهائل الذي خلفته العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من 8 أشهر".
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في المدينة أن "حجم الأضرار الكارثية يتجاوز إمكانات البلدية والمجتمع المحلي، وأن الحرب دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والطرق، إلى جانب تدمير آلاف المنازل والمرافق العامة".
وقال إن "المدينة تواجه مأساة إنسانية تتطلب استجابة عاجلة"، مناشداً المجتمع الدولي والمؤسسات الإغاثية بالتحرك الفوري لتوفير الاحتياجات الأساسية من مأوى وغذاء ومياه نظيفة وخدمات صحية لسكانها. أثرأ بعد عين وخلال تفقدها منزلها في منطقة الحي السعودي غرب مدينة رفح، قالت السيدة إخلاص العطار إنها "لم تتعرف على منزلها إلا بمساعدة عدد من الجيران، بعد أن دمّر الجيش الإسرائيلي الحي وجمع ركامه في منطقة واحدة".
وأضافت لـ24 "تحول جزء كبير من الحي إلى ساحة خالية تماماً من أية مبانٍ سكنية، كما أتى الدمار على محطة تحلية مياه للشرب يعتمد عليها السكان لتوفير المياه".
وتشير إلى أن "ما يزيد من خطورة الوضع في المنطقة أن الجيش الإسرائيلي يتمركز على بعد بضعة مئات من الأمتار، ما يجعل من حتى الإقامة على ركام المنزل في خيمة مخاطرة كبيرة".وحال هذه السيدة، هو حال مئات العائلات التي تحول يوم وقف إطلاق النار إلى مناسبة لـ"نعي" منازلهم بعد أن تدمرت وفقدوها بشكل كامل، ما يزيد من غصة فرحة التوصل لاتفاق التهدئة. لا حلولاً قريبة وبالنسبة لخالد برهوم، الذين يسكن في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح، فإنه يعتبر نفسه "محظوظاً" إذ لم يتم تدمير كامل منزله لكنه تعرض لبعض القذائف والحرائق التي دمرته بشكل جزئي.
وقال لـ24: "منزلي لا يصلح للسكن حالياً، وسيحتاج لترميم بعض أجزائه، لكن لا أعلم كم سأعاني حتى تسمح إسرائيل بدخول مواد البناء لغزة، وترميم ما تهدم من المنزل".وأضاف "إسرائيل كانت تماطل قبل الحرب في إدخال مواد البناء لغزة، فكيف سيكون الحال بعد الحرب التي ستكون فيها الاحتياجات كبيرة جداً وهائلة لمواد البناء بسبب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب".
ويشير المهندس باسم شوقي لـ24 إلى أن حصيلة الدمار المرعبة في قطاع غزة ستحتاج لأشهر من أجل إحصائها قبل البدء في إصلاح ما تضرر جراء هذه الحرب، وإعادة إعمار المباني التي تهدمت خلال الحرب.
وقال إن "الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح هو الأقسى من بين بقية مدن القطاع، وطال جميع مرافق البنى التحتية ومحطات الصرف ومحطات مياه الشرب، ما سيحول حياة من سيعود من سكان المدينة لجحيم".وأضاف "الدمار في المدينة كبير جداً والجيش الإسرائيلي يتواجد في الأجزاء الجنوبية من المدينة على الحدود مع مصر، والأجزاء الشرقية منها على الحدود مع إسرائيل، وحدودها الغربية على البحر، وبالتالي حجم المدينة تقلص بشكل كبير بسبب المناطق العازلة".
وأوضح أن "إمكانيات مؤسسات المدينة متهالكة ولا تصلح للتعامل مع حجم الأضرار التي لحقت بالمدينة جراء الحرب، ما سيجعل سكانها أمام معاناة طويلة لحين توفير حلول مناسبة".

مقالات مشابهة

  • انخفاض درجات الحرارة مع هطول الأمطار.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم
  • الأربعاء .. أجواء باردة مع فرصة للأمطار
  • الدفاع المدني بغزة ينشر إحصائية بأعداد الجثامين التي انتشلت في القطاع (فيديو)
  • رئيس الوزراء: مصر تواصل جهودها للحفاظ على مكتسبات وقف إطلاق النار بغزة
  • 350 ألف طن نفايات تهدد بكارثة إنسانية في غزة
  • ترقب حذر لشركات الشحن العالمية بخصوص أزمة البحر الأحمر بعد وقف إطلاق النار بغزة
  • طقس الإسكندرية.. ارتفاع أمواج البحر وانخفاض درجات الحرارة
  • رفح.. من مركز للنازحين إلى "منطقة منكوبة"
  • توافد العائلات إلى منازلهم في أول يوم لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • مع غياب الأمطار وظهور كتل هوائية صحراوية.. هل تشهد البلاد موجة حارة في الشتاء؟