الأمير عبدالله الفيصل.. "منارة أدبية" خلّدها التاريخ
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
بينما تحتفل السعودية بيومها الوطني المبارك، يستحضر موقع 24 لمحات من سيرة شاعر سعودي أصيل، كلماته منارة خالدة مدى التاريخ، الأمير عبدالله الفيصل، رحمه الله، الذي يعتبر من أبرز قامات الشعر العربي المعاصر، بشقيه الفصيح والشعبي، وقد حملت قصائده سمات جميلة مثل العذوبة والسلاسة والشجن، وصدق العاطفة التي تخللت أشعاره وغزله العفيف.
وتغنى عدد من كبار نجوم الغناء العربي بقصائد أمير السعودية عبدالله الفيصل، نالت تلك الأغاني شهرة كبيرة في الوطن العربي، وممن تغنى بشعره كوكب الشرق أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، ونجاة الصغيرة وعزيزة جلال، بالإضافة إلى الموسيقار طارق عبدالحكيم، ومحمد عبده وطلال مداح، بالإضافة إلى المنشد والقارئ الكويتي مشاري العفاسي وغيرهم .
وكان الأمير عبدالله الفيصل قارئاً نهماً في عدة ميادين كالتاريخ والسياسة والثقافة والفكر، ولكن الشعر تربع على القائمة المفضلة لقراءاته، وقد قرأ لكبار الشعراء القدامى والمعاصرين وتأثر بأشعارهم، وظهر ذلك جلياً في بعض قصائده، وذكر: "أحببت كثيرًا من الشعراء لا أستطيع حصرهم، في العصر الجاهلي طرفة بن العبد والنابغة الذبياني وامرؤ القيس وعنترة، ومن العصر الأموي عمر بن أبي ربيعة، ومن العصر العباسي المتنبي، ومن الشعراء المعاصرين إبراهيم ناجي وأحمد شوقي وعلي محمود طه وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة".
وتنتمي معظم قصائد عبد الله الفيصل إلى المدرسة الرومانسية بما تحمله من عاطفة جياشة ولمحات وجدانية وإنسانية عالية، وقد كتب قصائده بلغة فيها الكثير من الألم الإنساني والأحزان، وكان يوقع قصائده باسم "المحروم"، وحول ذلك قال: "الحرمان مرادف للشقاء أو بداية له أو هو دليل عليه، والشقاء عكس السعادة، والسعادة ما هي؟ وفي أي شيء تكون؟ هل هي في المنصب والجاه؟ أم هي في الإمارة والوزارة؟ أم هي في الشباب والجمال؟ أم هي في الثروة والمال؟ إن كانت كذلك فأنا سعيد كل السعادة، ولكن السعادة ليست في كل هذه الصفات والمميزات!! إن مقرّها في النفس، ومنبعها الإحساس، فأنت سعيد إذا أحسست بالسعادة ولو فقدت كل أسبابها الظاهرة ومقوماتها المعبرة، فأنت محروم من السعادة ولو اجتمعت لك كل مقوّماتها واعتباراتها، لماذا؟ لأن إحساسك متأثر بعوامل أخرى من الألم والأسى تشغله وتستأثر به عن الشعور بالسعادة، لهذا وحده أنا محروم".
وعن طفولته يقول في ديوانه الأول "وحي الحرمان": "تربيت في كنف جدي العظيم - الملك الراحل عبد العزيز - أمدًا لم يزدْ على 5 سنوات تركت في نفسي على قصرها أبلغ الآثار، ثم تولَّت تربيتي والدتي التي كنتُ وحيدها في هذه الحياة، فكرَّست كل جهدها ووقفت حياتها في سبيل تنشئتي نشأة صالحة، وحافظت عليّ في صدق وإيمان من الوقوع في مهاوي الزلل، وعلمتني بحق أن أعرف مَن أنا، غير مذكية فيَّ الغرور، ولكن لتعدّني لما يتطلبه وضعي في المستقبل، ولتفهمني أن عليّ نصيبًا أوفى من أي نصيب"
انحاز الأمير عبدالله الفيصل للشعر التقليدي، وصرح بذلك عدة مرات، وعارض نداءات تجديد وتحرير الشعر العربي، خاصة شعر التفعيلة وقصيدة النثر، وظل وفياً للقصيدة العمودية التقليدية، وقال عن ذلك: "ظهرت بعض الأشكال والأنماط والمدارس الشعرية والألوان المختلفة التي صادفت هوى أو رفضًا من قبل المثقفين، لكن السمة البارزة هي أن التجربة الشعرية تعكس طبيعة كل مرحلة، ولذلك فإنه لا يمكن القول إن شعر شعراء الماضي كانوا أفضل من شعراء هذا العصر أو العكس؛ ذلك أن لكل مرحلة تفكيرها وظروفها ومعالجتها ومقاييسها الخاصة".
صدرت عدة دواوين شعرية للفيصل، منها: ديوان " وحي الحرمان" واشتمل على قصائده الفصحى الأولى، ونشره عام 1953،ونال الديوان شهرة واسعة، وتغنى بعدد من قصائده أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة وغيرهم من كبار نجوم الغناء العربي، ثم صدر له ديوان آخر اشتمل على قصائده الفصحى الأخرى، بعنوان "حديث القلب" عام 1970، وقد ترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والروسية، بالإضافة لديوان ثالث، اشتمل على قصائده النبطية، وصدر عام 1985، وعنوانه "مشاعري"، وله أيضا ديوانان هما "وحي الحروف"، و"خريف العمر".
كتب عن شعر الأمير عبدالله الفيصل العديد من الباحثين والنقاد، ومنهم الدكتور طه حسين، والدكتور أحمد كمال زكي، والشاعر صالح جودت، ونشرت دار سعاد الصباح كتابًا نقديًا عن الأمير عبدالله الفيصل شارك فيه العديد من النقاد.
وقال عبد الله بن إدريس الشاعر السعودي المعروف: "إن عبد الله الفيصل شاعر يشبه الشعراء القدامى كعمر بن أبي ربيعة المخزومي، ويمتاز شعره بالعفوية وشبوب العاطفة الخصب والموسيقى الكلاسيكية وهو من دعاة مذهب الفن للجمال أو ما يعرف بـ "الفن للفن"، وفي غزل الشاعر الأمير عبد الله الفيصل سمو روحي يرقى بالحب إلى آفاق سامية ويرى أن أسمى ما في الحب هو العفاف".
كما ناقشت عدة رسائل جامعية شعر الأمير عبدالله الفيصل، وتم تكريمه في العديد من المحافل السعودية والإقليمية والدولية، حيث حصل على العديد من الأوسمة والجوائز منها، الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من مجلس أمناء أكاديمية العلوم الثقافية المتفرعة عن (مؤتمر الشعراء العالميين)،و جائزة (سولاتراز) الثقافية الفرنسية، وهي الجائزة الدولية الكبرى للشعر الأجنبي التي تمنح كل عام لأحد كبار الشعراء غير الفرنسيين في العالم، حيث حصل على اللوحة الألفية لمدينة باريس من السيد جاك شيراك عمدة باريس وقتذاك في عام ١٩٨٥م وتمنح عادة لرؤساء الدول أو رؤساء الحكومات أو لرجالات الفكر والإنجازات العلمية من جامعة السوربون.
وفي مطلع قصيدة (ثورة الشك) التي غنتها كوكب الشرق يقول الأمير عبد الله الفيصل:
أَكَادُ أَشُكُّ في نَفْسِي لأَنِّي***أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي
يَقُولُ النَّاسُ إنَّكَ خِنْتَ عَهْدِي***وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَايَ وَلَمْ تَصُنِّي
وَأنْتَ مُنَايَ أَجْمَعُهَا مَشَتْ بِي***إلَيْكَ خُطَى الشَّبَابِ المُطْمَئِنِّ
كَأَنَّ صِبَايَ قَدْ رُدَّتْ رُؤاهُ***عَلَى جَفْنِي المُسَهَّدِ أَوْ كَأَنِّي
يُكَذِّبُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ قَلْبِي***وَتَسْمَعُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ أُذْنِي
وَكَمْ طَافَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُ شَكٍّ*** أَقَضَّتْ مَضْجَعِي وَاسْتَعْبَدَتْنِي.
كما يقول في مطلع قصيدة (من أجل عينيك) التي غنتها أم كلثوم أيضًا:
من أجل عينيك عشقت الهوى***بعد زمان كنت فيه الخلي
وأصبـحت عينــاي بعــد الكــرى***تقول للتسهيـــد لا ترحــلي
يا فاتــنًا لـولاه ما هــزني وجـــد***ولا طعم الهــوى طـاب لــي
هـــذا فـــؤادي فامتـــلك أمــــره***فاظلمه إن أحبـبت أو فاعدلِ.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية السعودية الأمیر عبدالله الفیصل عبد الله الفیصل الأمیر عبد العدید من
إقرأ أيضاً:
عبدالله بن زايد يعزي بوفاة جمال جمعة الجسمي
خورفكان: «الخليج»
قدم سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، واجب العزاء بوفاة المغفور له بإذن الله تعالى جمال جمعة الجسمي، وذلك خلال زيارته مجلس العزاء المقام في مجلس ضاحية حياوة بمدينة خورفكان.
وأعرب سموه عن صادق تعازيه ومواساته لأسرة وذوي الفقيد داعياً الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
كما قدم واجب العزاء عدد من الوزراء والمسؤولين وأعضاء المجلسين التنفيذي والاستشاري في الشارقة وأعيان البلاد والمواطنين والمقيمين.
والفقيد شقيق حسن ومحمد وصالح وفهد الجسمي، والفنان حسين الجسمي، ووالد خالد وعبد الله وإبراهيم وحسين جمال الجسمي.