غدة الإرهاب تُفرز قيحها في لبنان
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
يبدو أنَّ الكيان اللقيط سيستمر في إرهابه بصفته وشخصه، بعد أن فشلت غُدد أدواته- مثل داعش وأخواتها- في تنفيذ عملياته الإرهابية نيابة عنه، فها هو يسير متبجحًا مُتغطرسًا فوق جثث الأبرياء وجراحهم بإرهابه في لبنان، الذي كان يُدير أدواته التي اصطنعها خارج جرائمه التي يرتكبها بنفسه داخل فلسطين.
كيان لن يكون له قبل ولا بعد، وغدة إرهابية، كبرت وتقيحت في مدار الإرهاب وفنونه، والإرهاب شرط وجود هذا الكيان الذي زرع في تربة لا تقبله.. أشك في مقدرتي على اللحظة التي أبدأ فيها عندما أروم ولوج خبايا كيان هو الإرهاب؟، ولا المعاني والمسميات التي يدركها القارئ الكريم، والرسائل التي يتسلمها العالم، وهو يشاهد غدة الإرهاب هذه تتقيح بنتانة في لبنان، ولا المتاهات والأدوات التي يستخدمها الكيان اللقيط؟، ولا إلى أين يأخذ البشرية جمعاء بإرهابه؟ إنها أسئلة أجد نفسي من خلالها في مناخ عالمي يضع كمامات لكي لا يشم رائحة تقيح غدة صهيونية سرطانية عانى من نتانتها وقيحها المسموم جسم الأمة العربية منذ 76 عامًا.
بدأت المنطقة العربية تعرف معنى الإرهاب ومسمياته منذ اليوم الأول الذي زرع فيروس الإرهاب في فلسطين، على ما أذكر كانت بذرته الأولى النتنة، هي المنظمات الصهيونية- الهاجانا وأخواتها- التي مارست جرائم إرهابها البشعة في حق سكان الأرض، حدد الكيان اللقيط كيفية انتشار فيروسه عسكريًا وأمنيًا، استهدف حق الحياة للبشرية، لكنه هذه المرة طور "كروسومات" فيروس إرهابه، خرق كل خطوط القواعد في لبنان.
تشغلني قضيتان أساسيتان: العدالة الدولية، والحرية.. إن شتى مظاهر الظلم الدولي تثيرني بجزئياتها الصغيرة، وتملؤني غيظًا، فلا أجد في غير الكتابة للتنفيس عن ما تحمله نفسي، مع إيماني بأنَّ العدالة تستطيع أن تقضي على هذا الظلم.. إلا أنَّ الخطر يكمن في تمدد غدة الإرهاب هذه، وأولئك الذين تتقاطع مصالحهم معها، ويحافظون على الأمراض التي يعاني منها واقع الأمة، ويزيدونها تعقيدًا وخطرًا، لتبقى الحاجة إليهم قائمة باعتبارهم خبراء بدائها، وعرّافو دوائها.. هكذا عاشت غدتهم التي زرعوها وتكاثرت كالعلق على جسد الأمة، وبخاصة فلسطين وما حولها.. إن نقمتي هذه، تجعل كتابتي أحيانًا أشبه ما تكون بتقشير في تقيح هذه الغدة الخبيثة لتبقى مفتوحة - رغم بشاعة رائحتها - أمام شمس العدالة والحرية.
أحدد في موضوعي طبيعة انشغال الشعوب بهذه الغدة السرطانية في جسد الأمة العربية والإسلامية، تتخذ هذه الطبيعة أساسًا واضحًا، منذ 76 عامًا، كما إن شعوب المنطقة خبرت خطر هذه الغدة الإرهابية، ونالتهم نتانتها كل هذا الزمن الطويل، وكان الشعب الفلسطيني، واللبناني، والسوري، والمصري، والأردني، هم أول من تقايؤا بشاعة إفرازات أس شرنقتها، ولن تزول إلا باجتثاث كيانها من جسد الأمة.. قاومته الشعوب، وخاضت معه الحرب تلو الأخرى، بصورة متصلة ومتقطعة منذ عام 1948م، حتى يومنا هذا.
لقد أثر كل ذلك في مسيرة أطول قضية تحرر في هذا العالم الظالم، وكان الأساس الراسخ لمجمل هذه المسيرة مقاومة الظلم والظلمة، وإزالة الورم الخبيث الذي أصاب الأمة.. إذا كانت المقاومة اليوم هي محصلة لأشكال معاناة الشعب الفلسطيني، فإنها كذلك هي حصيلة لنضال الأمة التحرري.. بدأ نضالًا متفرقا في مرحلة، كانت ميادينه حامية بين مضامين القومية الوطنية والصهيونية، فتخلخلت قيم وأعراف الوحدة العربية.. في المرحلة نفسها تفجرت ثورات، إلا أن فلسطين بقيت تنزف، ونال شعبها عذابات إرهاب الكيان اللقيط، أعانه في ذلك طغاة العالم وأثرياء الحروب، كما ظلت شعوب الأمة تدافع عن أوطانها، آمنت بالمقاومة، وبضرورة وحدة ساحاتها في نضالها ضد غدة الإرهاب الكبرى في المنطقة، والتصدي للاستغلاليين من حماتها، والانخراط في صفوف مُتراصة للدفاع عن إنسانية الإنسان، واسترجاع الحقوق بالقوة، لأن ما أخذ بالقوة يُستعاد بالقوة.
لكن.. هل نحن متفائلون؟ نعم بضرورة تشخيص جسد الأمة تشخيصًا دقيقًا.. نعم بضرورة إجراء عملية جراحية ناجحة لزوال غدة الإرهاب العسكري في غزة، ولبنان، واليمن، وسوريا، والعراق، وإيران، الذي رام الكيان إلى تكبير حجمها، وتوسيع رقعة مساحتها، بمساعدة العالم الظالم الذي تقاطعت مصالحه معه، بهدف القضاء على المقاومة، وتفتيت حواضن بيئتها.
لقد فشل الكيان اللقيط، ولم يستطع تحقيق ما رام.. ها هو يفجر غدة إرهابه الأمنية في لبنان لذات الهدف.. لكن كل جرائم إرهابه ترتد في شرنقة إرهابه خبالًا يتبعها وبال عظيم.. لقد زادت حصانة وحدة الشعب اللبناني، وأصبح أكثر قربًا من مقاومته.. لا عدو للبنان إلا الكيان اللقيط، وأدركت شعوب الأمة كلها وأحرار العالم، أن شرنقة غدة الإرهاب وأسها هو الكيان اللقيط، وعدو الإنسانية جمعاء.
نعم.. يبدو أنَّ عملية تقيح غدة الإرهاب في لبنان، أسقطت الشرنقة الكبرى، وغددها المعاونة والمساندة في مستنقعات التخبط والزوال، إن الكيان اللقيط عندما فرز قيح غدته في لبنان أبرز بما لا يدع مجالاً للتأويل والتحليل بأنه بؤرة الإرهاب العالمي، وأنه يعيش خيبة وإفلاس قياداته وجيشه ومنظومته الأمنية، وأسقط مجتمعه في مستنقع الخيبة والكآبة والإحباط..
ولذا يُمكن القول إن الكيان اللقيط منذ زرعه في جسد الأمة حمل في تكوينه جينات غدة الإرهاب والحروب، تضخمت عبر أفعاله وجرائمه، وإشتهاء القتل والدماء، وفي أيامه هذه تفقست بإرهاب التكنولوجيا لترتع جرائمه العسكرية والأمنية كالطاعون، ليكثر ضحاياه من الأبرياء، والعالم الظالم ينظر ويتفرج، لذلك تلفظه الأرض، وتطرده الإنسانية، وتقاومه شعوب الأمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مؤشراتٌ على بقاء الأزمة الاقتصادية لفترة طويلة في الكيان المؤقت
يمانيون../
على الرغمِ من تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، الا أن التقديرات تؤكّـد أن وتيرةَ الغلاء في الأراضي المحتلّة ستستمرُّ لتكونَ عاليةً أَيْـضًا في العام الجديد، خُصُوصًا بعد أن دخل يناير الجاري بسلسلة إجراءاتٍ ثقيلة على الغاصبين، وزيادة ضريبة في المشتريات، ورفع كلفة الخدمات الأَسَاسية وغيرها؛ استنادًا إلى الآثار التي ستتركها الصفعات التي طالت العدوّ الصهيوني خلال الفترات الماضية.
وفيما تواصل ما تسمى “وزارة المالية” التابعة للعدو الصهيوني الإدلاء بأرقامٍ غير حقيقية بشأنِ العجز المالي والتضخم الحاصل في الاقتصاد الصهيوني، فقد نشرت صحيفةُ يديعوت أحرونوت العبرية تقريرًا لأحدِ المحلِّلين الاقتصاديين الإسرائيليين قال فيه: إن “هناك علامةَ استغراب كبيرة، على نسبة التضخم المعلنة، في ضوء موجة الغلاء المستفحلة”، مُضيفًا “شيء غريب جِـدًّا يحدث مؤخّرًا في قطاع الأسعار في “إسرائيل”، فالجميع يشتكي من ارتفاع الأسعار في كُـلّ المجالات تقريبًا، من موادَّ غذائية إلى معدات بيتية، والصرف على الترفيه والمطاعم وغيرها”، متسائلًا: “كيف إذن ينخفض معدل التضخم في “إسرائيل” فعليًّا، في ديسمبر، حتى بمعدل مرتفع إلى حَــدّ مدهش بلغ 0.3 %، وترتفع الأسعار وتقفز حتى قبل أن يتم احتساب الزيادات العديدة التي شهدها كانون الثاني؟”.
الوضع الاقتصادي يفضحُ الأرقامَ غير الحقيقية لـ “الحكومة”
ويتابع التقريرُ الذي كتبه المحلِّلُ في الشؤون الاقتصادية بالصحيفة العبرية “غاد ليئور”: “لا نعتقد أن مكتبَ الإحصاء المركزي، التابع لديوان رئيس الحكومة، يعملُ على تزييف البيانات أَو خداع المواطنين ببيانات أكثرَ إيجابية، إلا أن ما قد يكون مخفيًّا وراء البيانات، هو طريقة احتساب الخدمات والمنتجات المختلفة”، في إشارة الاضطرابات الحاصلة في السوق الإسرائيلية، ووجود علاقات متعاكسة بين المشاكل الحالية، وبين النتائج التي يعيشها الغاصبون اقتصاديًّا ومعيشيًّا وخدميًّا.
وطالب “ليئور” الحكومة الصهيونية بـ “إعادة النظر في تركيبة سلة المشتريات، التي على أَسَاسها يتم احتساب التضخم، بشكل يلائم جميع شرائح الجمهور، من الناحيتين الاقتصادية الاجتماعية”.
من جهتها نشرت صحيفة “ذي ماركر” العبرية، تقريرًا للمحلل الاقتصادي لديها “ناتي طوكر”، حَيثُ قال إنه “على الرغم من أن نسبة 3,2 % هي أقل من التوقعات المسبقة، فَــإنَّ هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يكون فيها التضخم مرتفعاً، أَو عند الحد الأعلى تمامًا للنطاق المستهدف لبنك “إسرائيل” المركزي (1 % -3 %) “، في إشارة إلى الآثار المباشرة التي تركتها عملية “طوفان الأقصى” وجبهات الإسناد منذ مطلع الفصل الأخير للعام 2023، حتى بداية العام الجديد 2025.
ويؤكّـد “طوكر” أن الآثار الناجمة عن الصفعات التي تلقاها الاقتصاد الصهيوني ستظل جاثمة على الغاصبين، حَيثُ قال: إن “أي شخص يعتقد أن التضخم سيعود قريباً إلى النسب التي عرفناها في العقد الماضي؛ أي التضخم الأدنى أَو حتى السلبي، فمن المحتمل أن يكون مخطئاً”.
ويضيف “طوكر”: باختصار، سوف ترتفع مستويات الأسعار بوتيرة أسرع بكثير مما اعتدنا عليه في العقد الماضي، بمعنى أن التضخم المرتفع، مقارنة بالسنوات السابقة، ظاهرة ستبقى معنا، وربما هذا هو الوضع الطبيعي الجديد”، مؤكّـدًا أن “الجمهور في “إسرائيل” تنتظره مصاعب اقتصادية، تهدّد أَسَاسًا مستوى المعيشة، وقدرته الشرائية، وليس فقط الشريحة الأكثر تضرراً، الشرائح الفقيرة، بل أَيْـضًا الشرائح المتوسطة، بدءاً من أدناها”.
ويزيد بالقول بشأن استمرارية المشاكل الاقتصادية للعدو الصهيوني حتى فترات طويلة قادمة إنه ومع “الإجراءات التي أقرتها الحكومة والكنيست، مثل عدم تعديل التدريج الضريبي في العام الجديد، سيقلِّص القيمة الشرائية لدى ذوي الرواتب بحوالي 3.5 %، عدا الغلاء الذي سيكون في العام الجديد”، مؤكّـدًا أنه “ليس هذا فحسب؛ لأَنَّ عدم تعديل التدرّج الضريبي سيستمر في العام المقبل 2026، وأن التعديل الذي سيجري في العام 2027، سيكون بنسبة أقلَّ من نسبة التضخم التراكمية حتى ذلك العام”، في إشارة إلى أن المعاناة في صفوف الغاصبين، ومن فوقهم حكومةُ العدوّ ستستمر لفترات طويلة قد لا يتوقعها أحد.
مشاكلُ طويلة الأمد
وفي سياق متصل، يؤكّـد مراقبون وخبراء اقتصاديون أن المشاكل التي عاناها العدوّ الصهيوني؛ بسَببِ الإنفاق العسكري الكبير سوف تستمر، مؤكّـدين أن استنزافَ الأموال في الإنفاق العسكري سيتواصل في العام الجاري 2025 حتى وإن توقفت الحرب على غزة بشكل كامل ودائم، مستندين في ذلك على التعويضات الكبيرة التي يحتاجها العدوّ الصهيوني لمواجهة الآثار المتروكة على ضباطه وجنوده، سواء القتلى أَو الجرحى أَو حتى الضباط والجنود الذين يعانون من مشاكل؛ بسَببِ ما كابدوه خلال الحرب، فضلًا عن الأموال الطائلة التي يحتاجها العدوّ الصهيوني لترميم بنيته العسكرية التي اضطر فيها لاستنزاف كُـلّ ذخائره، واللجوء للصفقات بالقروض المرتفعة، بالإضافة إلى إعادة بناء ما دمّـرته الضرباتُ النوعية لفصائلِ الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق والجمهورية الإسلامية في إيران.
وفي ظل المعطيات والمؤشرات الراهنة، وما نشرته مختلف وسائل الإعلام الصهيونية من تقارير اقتصادية، فَــإنَّ مراقبين أَيْـضًا يرون أن العام الجاري 2025 سيكون عامًا معقَّدًا على إسرائيل” اقتصاديًّا؛ لأَنَّ الاقتصاد الكلي تأثر، والنمو الاقتصادي انخفض بشكل متسارع، لافتين إلى الأضرار الكبيرة التي طالت قطاع الإنتاج والزراعة والسياحة والاستثمار والتصدير والاستيراد بفعل الحصار البحري وأزمات النقل الجوي والضربات التي نشرت التهديدات في كُـلّ المدن الفلسطينية المحتلّة؛ ما أَدَّى لهروب رواد المال والأعمال في كُـلّ القطاعات الحيوية المتضررة.
ويؤكّـد المراقبون، أن الثقة في الاقتصاد الصهيوني باتت معدومة، وأن أصحاب رؤوس الأموال لم يعودوا يروا مدن فلسطين المحتلّة كما كانت بيئة آمنة للاستثمار وتنمية رؤوس الأموال، وذلك بعد أن تحولت إلى ما وصفها الكثير من الصهاينة بـ”مدن الأشباح”، بما فيها “أم الرشراش –إيلات”، و”يافا –تل أبيب” وحيفا وعسقلان، المدن التي كانت وجهة الاستثمار والسياحة؛ ما يؤكّـد حجم الأضرار والآثار التي تكبدها العدوّ الصهيوني بفعل عمليات المقاومة وجبهات الإسناد وفي مقدمتها الجبهة اليمنية التي تسببت بحصار بحري خانق، وأزمة نقل جوي ضاعفت مشاكل كُـلّ القطاعات المتأثرة من الحصار، فضلًا عن التهديدات التي أبقتها على العدوّ الصهيوني مع العمليات النوعية والخاطفة التي كانت تطال مختلف المدن الفلسطينية المحتلّة، وكان آخرها العمليات المنفذة قبيل دخول اتّفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيز بساعات قليلة.
يشار إلى أن تقارير صهيونية سابقة أكّـدت أن العدوان على غزة وتداعياتها رفعت من نسبة الفقر داخل “إسرائيل”؛ ما جعل قرابة ربع السكان الغاصبين يعيشون تحت خط الفقر حسبما أكّـدته منظمة “لاتيت” الصهيونية المتخصصة في الإغاثة؛ ما يجعل من استمرار المشاكل الاقتصادية، عاملًا لتوسع رقعة الفقر في صفوف الغاصبين، وهو الأمر الذي يضاعف حجم الانتصارات التي حقّقتها معركة طوفان الأقصى، ويكشف حجم الهزائم والسقطات التي تكبدها العدوّ الصهيوني عسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا، ليتبين للجميع أن ما بعد “طوفان الأقصى” لن يكون كما قبلها.