عربي21:
2024-11-05@10:48:24 GMT

اسرائيل وحزب الله: إدارة الصراع التصاعدي

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

عند قراءة الآثار المترتبة على حادثة انفجار الأجهزة وعمليات الاغتيال في لبنان، لا بد من وضعها في سياق الحرب المستمرة منذ قرابة السنة. خلال هذه الحرب، اتفق معظم المحللين على أن مسار الجبهة الشمالية سيؤول إما إلى حرب شاملة أو حرب طويلة الأمد. من الواضح أن حزب الله يميل دائما إلى خيار الحرب طويلة الأمد، نظرا لأنها أثبتت فعالية جيدة في استنزاف إسرائيل عسكريا، واقتصاديا، واجتماعيا، مع أضرار عسكرية ومدنية محدودة في المقابل.

هذا النوع من الحروب الاستنزافية يُعد قاتلا للدول والجيوش النظامية، وهو الخيار المفضل لحركات المقاومة.

على الجانب الآخر، تسعى إسرائيل إما إلى إنهاء دور الجبهة الشمالية أو شن حملة عسكرية كبيرة تفرض من خلالها واقعا عسكريا جديدا. حاولت إسرائيل، عبر الوسيط الأمريكي، منذ مرحلة مبكرة من الحرب، إنهاء الجبهة الشمالية دبلوماسيا، لكن حزب الله في لبنان أصر على مواصلة الإسناد وربط مصير الجبهة الشمالية بمصير قطاع غزة.

وهكذا، لم يبقَ أمام إسرائيل سوى خيار الحرب العسكرية. هذه الحرب قد لا تكون شاملة على مستوى المنطقة بأكملها، بل قد تبقى مقتصرة على لبنان فقط، كما كان الحال في حرب تموز/ يوليو 2006. إذ يمكن أن تقوم إسرائيل بشن حملات عسكرية متنوعة لفرض واقع عسكري وأمني جديد هناك، بهدف إعادة الحياة إلى شمال إسرائيل أولا، وإنهاء الجبهة الاستنزافية ثانيا.

خيار الحرب الشاملة لا تستطيع إسرائيل اتخاذه وحدها دون الرجوع إلى البيت الأبيض، خاصة مع احتمالية تصاعد مستوى إطلاق النار ومشاركة حلفاء حزب الله الإقليميين، بعيدا عن الرغبة الإسرائيلية
خيار الحرب الشاملة لا تستطيع إسرائيل اتخاذه وحدها دون الرجوع إلى البيت الأبيض، خاصة مع احتمالية تصاعد مستوى إطلاق النار ومشاركة حلفاء حزب الله الإقليميين، بعيدا عن الرغبة الإسرائيلية. في الآونة الأخيرة، قامت الولايات المتحدة بسحب جزء من ترسانتها العسكرية الاستراتيجية التي أرسلتها بعد تصاعد احتمالية الحرب الشاملة، بالتزامن مع ارتفاع احتمالية فوز الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية، الذين يميلون إلى تجنب الحرب الشاملة على عكس الجمهوريين.

لذلك، يبدو أن إسرائيل لا ترغب في الدخول في حرب شاملة في ظل هذه الظروف المرتبطة بالوضع الأمريكي، لكنها تسعى في الوقت ذاته إلى "إدارة تصاعد الصراع" المحدود حاليا، مع احتمالية تفجيره لاحقا مع تغير الظروف.

ادارة الصراع بدلا من تفجيره

من دلائل عدم رغبة إسرائيل في دخول حرب شاملة أنها فرّطت في عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية. كان يمكن لإسرائيل أن تحتفظ بهذه العملية وتستعملها كمقدمة لبدء حرب شاملة، فهذه العملية كانت لتكون كفيلة بإحداث ارتباك في صفوف حزب الله، ثم تقوم إسرائيل ببدء الحرب الشاملة بعد صدم حزب الله بعملية مشابهة لما حصل، بالإضافة إلى أن إسرائيل قامت بتعتيم إعلامي كبير على عملية يوم الأربعين التي نفذها حزب الله ردا على اغتيال فؤاد شكر. لو كانت إسرائيل تبحث عن حرب شاملة، لكان من المتوقع أن تقوم بتضخيم هذا الرد واستعماله كحجة لشن حرب شاملة في لبنان، لكنها اختارت احتواءه بدلا من ذلك.

لذلك، يبدو أن إسرائيل اختارت تصعيد الصراع بدلا من تفجيره بشكل كامل، فإدارة التصعيد التدريجي تمنح الطرف المبادر أفضلية في تشكيل المشهد، وتوفر له الوضعية المناسبة للضربة الاستباقية قبل الإعلان الرسمي عن رفع مستوى الحرب إلى الشاملة.

يبدو أن إسرائيل سعت من خلال عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية إلى إمساك زمام الأمور في إدارة التصعيد، وربما وضعت في اعتبارها احتمال أن يقوم حزب الله بإغلاق الجبهة نهائيا تحت ضغط الخوف أو التعقل، أو بفعل الضغط الداخلي المتوقع عليه.

إسرائيل اختارت تصعيد الصراع بدلا من تفجيره بشكل كامل، فإدارة التصعيد التدريجي تمنح الطرف المبادر أفضلية في تشكيل المشهد، وتوفر له الوضعية المناسبة للضربة الاستباقية قبل الإعلان الرسمي عن رفع مستوى الحرب إلى الشاملة
وفي حال لم يغلق الحزب الجبهة، فإن الضربة على الأقل قد أعطت إسرائيل وضعية أفضلية مجددا في إدارة التصعيد، خاصة بعد قيام الحزب بعملية يوم الأربعين التي استهدفت أهم وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، الوحدة 8200 المتخصصة في الاستخبارات الإلكترونية، وما تبعها من استقالة رئيس الوحدة بعد فترة وجيزة من الاستهداف.

مثّلت العملية ضربة موجعة للحزب على الصعيد الاستخباراتي أولا، لأنها كشفت مجددا عن قدرة إسرائيل على الخرق الاستخباراتي في مستويات وقطاعات متنوعة. لكن الجميع يعلم مسبقا تفوق إسرائيل في هذا المجال، ليس فقط على حزب الله، بل على جميع دول وأحزاب المنطقة.

ومع ذلك، قد لا تكون الضربة كارثية على المستوى العسكري، الذي يتجلى في قدرة حزب الله على الاستمرار بتنفيذ العمليات العسكرية على الجبهة الشمالية. أولا، من المرجح أن "الجنود النشطين" لحزب الله لا يستخدمون البيجر، بل من المرجح أن العناصر العاديين أو الإداريين هم من يستخدمونه لغرض الاستدعاء.

تحديد نوعية المستهدفين مهم جدا في تقييم العملية، لأن استهداف العناصر المقاتلة النشطة يمثل ضربة عسكرية وليس أمنية فقط، وهذا ما يفسّر أن العدد الأكبر من الإصابات وقع في بيروت، وليس في جنوب لبنان.

فالعملية أخذت طابعا استخباراتيا في التخطيط والتنفيذ، وطابعا أمنيا في التأثير بعد التنفيذ. هذا يعني أن احتمال انهيار الجبهة اللبنانية عسكريا سبب هذه العملية تحديدا هو احتمال محدود، نظرا لضعف العملية من الناحية العسكرية.

وبالتالي، وكما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، لم تكن هذه العملية كافية لتحسين الوضع الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية. على سبيل المثال، لن تتمكن من إعادة المستوطنين إلى بيوتهم، وهي القضية الأهم بالنسبة للإسرائيليين فيما يتعلق بالحرب على الجبهة اللبنانية.

يمكن إضافة أن الجانب الاستخباراتي والتأثير الأمني كانا مرتبطين باختيار إسرائيل تنفيذ عملية ذات طابع دموي ومرعب بخصائص "سينمائية" إذا صح التعبير. هذا الاختيار يعكس شخصية نتنياهو الدموية، الذي يولي اهتماما كبيرا بالجوانب النفسية في الحروب. العملية كانت تهدف إلى ضرب معنويات بيئة حزب الله في لبنان، وإحداث ضغط داخلي لبناني على قرار حزب الله بإسناد غزة.

في المقابل، حاول حزب الله، خلال كلمة أمينه العام، احتواء الأثر النفسي والاجتماعي للعملية، عندما ظهر حسن نصر الله مرتاحا ومطمئنا، بهدف إعادة الثقة والتوازن إلى بيئته ومناصريه. كما حاول تحويل الضغط من مجتمعه إلى إسرائيل عندما توعّد بأن الرد على عملية البيجر قادم وسيكون مؤلما، وحاول إعطاء خصائص مميزة جديدة لعملية الرد عندما قال إنها ستكون "ما ترون لا ما تسمعون".

ميدانيا، استمر حزب الله في تنفيذ العمليات العسكرية ضد مواقع إسرائيلية في الشمال، كما زاد من القوة التدميرية للعمليات، وظهرت آثارها في مستوطنة "المطلة" حيث انقطعت الكهرباء والاتصالات جراء سقوط صواريخ ثقيلة في المستوطنة.

لكن، في اليوم التالي للكلمة، أتبعت إسرائيل عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية بعملية اغتيال قياديين في حزب الله، من بينهم قائد قوة الرضوان إبراهيم عقل في بيروت. يشير هذا الاستهداف مجددا إلى أن إسرائيل قد اتخذت قرارا بنقل مستوى الجبهة مع لبنان إلى مستوى جديد، فقد جاءت هذه العمليات التصعيدية بالتزامن مع قرار إسرائيل نقل الفرقة 98 من الجيش من محيط قطاع غزة إلى الجليل قرب الحدود اللبنانية.

أرادت إسرائيل من خلال هذه الضربة الرد على كلمة نصر الله من وجهين: أولا، أرادت إبطال المفعول الإيجابي الذي أحدثه نصر الله في مجتمعه عندما ظهر مطمئنا وواثقا بعد عملية البيجر، بهدف احتواء الآثار المعنوية على بيئته، خاصة أنها طالت البيئة المدنية وليس العسكرية فقط، وبالتالي إعادة تحويل الضغط على حزب الله مجددا، ثانيا، أرادت زيادة الضغط على المستوى العسكري لحزب الله عندما اغتالت دائرة ضيقة في جسم حزب الله مثل إبراهيم عقل، بهدف تقويض الهيئة القيادية العسكرية، خاصة بعد تصريح نصر الله بأن عملية الرد على عملية البيجر ستظل محصورة في الدائرة الضيقة لحزب الله.

أراد حزب الله توجيه رسالة من خلال ضرب أهداف جديدة من الناحية النوعية والجغرافية، مفادها أن الضربات التي تلقاها مؤخرا لم تكن كافية لتعطيل منظومته العملياتية. كما سعى الحزب إلى استعادة الاعتبار النفسي والمعنوي بعد حالة التهويل الإعلامي بشأن اختراق إسرائيل لحزب الله عبر عمليات الأجهزة اللاسلكية والاغتيالات
مجددا، تحاول إسرائيل ألا تمنح حزب الله القدرة على إدارة الجبهة التصاعدية. بعد عملية اغتيال فؤاد شكر، حاول حزب الله شن حرب نفسية ضد إسرائيل بينما يقوم بعملية الرد، وكأن الذي يضرب في هذه الحرب ذات النسق التبادلي يفقد القدرة على المبادرة في المرة القادمة، حيث تنتقل شرعية الرد إلى الجهة المقابلة. لكن، هذه المرة، قامت إسرائيل بضربة سريعة وخاطفة، ولم تنتظر رد حزب الله على عملية البيجر.

كما أنها قامت بتسوية المبنى المستهدف في بيروت، بخلاف ما فعلت في عمليتي اغتيال العاروري وشكر، حيث استهدفت طابقا محددا من المبنى. استهداف المدنيين يشير كذلك إلى قرار إسرائيل برفع مستوى هذه الجبهة، ويساعدها على تحقيق هدفها بإنهاء الجبهة اللبنانية بشكل كامل.

في المقابل، قصف حزب الله مقر وحدة المراقبة وإدارة العمليات الجوية في قاعدة ميرون برشقات من صواريخ الكاتيوشا مباشرة بعد عملية الاغتيال، كما نفذ في اليوم التالي العديد من العمليات العسكرية ضد مواقع إسرائيلية في الجليل والجولان، بالإضافة إلى توسيع دائرة النار باستهداف قاعدة ومطار "رامات ديفيد" وشركة "رفائيل" للصناعات العسكرية في حيفا، مستخدما صواريخ فادي 1 وفادي 2 لأول مرة خلال هذه الحرب.

يريد حزب الله من هذه العمليات أن يؤكد لإسرائيل أن الضربات التي وجّهتها له في الفترة الأخيرة ليست كافية لثنيه عن الاستمرار في جبهة إسناد غزة، وأن هذه العمليات ليست الطريقة المناسبة لوقف حرب تستنزف إسرائيل وتهجّر الآلاف من مستوطنيها في الشمال.

كذلك، أراد حزب الله توجيه رسالة من خلال ضرب أهداف جديدة من الناحية النوعية والجغرافية، مفادها أن الضربات التي تلقاها مؤخرا لم تكن كافية لتعطيل منظومته العملياتية. كما سعى الحزب إلى استعادة الاعتبار النفسي والمعنوي بعد حالة التهويل الإعلامي بشأن اختراق إسرائيل لحزب الله عبر عمليات الأجهزة اللاسلكية والاغتيالات. وقد سارع الحزب إلى احتواء هذه الأجواء من خلال هذه الضربات النوعية، للتأكيد على أن الوضع ليس كارثيا كما صورته بعض الجهات.

على الصعيد السياسي، وسّعت هذه الضربات من دائرة الضرر الاستنزافي المدني في إسرائيل لتصل إلى حيفا، بعد أن كانت محدودة بمدى يصل إلى 20 كيلومترا من الحدود اللبنانية. وبالتالي، لم يكتفِ حزب الله بإبلاغ إسرائيل بأن نجاحها التكتيكي في العمليات الأخيرة لم يحقق هدفها الاستراتيجي بإعادة المستوطنين في الشمال، بل زاد من تعميق هذه الأزمة الاستراتيجية بتوسيع دائرة الضرر والاستنزاف.

معادلة جديدة للصراع
يحاول كل من حزب الله وإسرائيل قيادة إدارة النسق التصاعدي للجبهة بينهما. من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الأكثر قدرة على امتصاص الآثار السلبية لهذه الجبهة سيكون الأكثر قدرة على إدارتها بفعالية
إذن، يرسم حزب الله في إطار هذه الحرب ذات الحسابات الدقيقة معادلة جديدة: وقف حرب غزة مقابل وقف العمليات العسكرية في شمال إسرائيل. لم تعد المعادلة: تل أبيب مقابل بيروت، بل أصبحت الاستمرار في تهجير مستوطني الشمال واستنزاف الدولة مقابل العمليات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، مهما تصاعدت نوعيتها وكميتها.

لذلك، من المتوقع أن تقوم إسرائيل في الأيام القادمة بعمليات مشابهة من الناحية النوعية لإجبار حزب الله على ترك جبهة الإسناد. في المقابل، سيحاول حزب الله أن يفصل بين آثار هذه الضربات وبين جبهة الإسناد، التي يبدو أنه مصمم على استكمالها بعد تنفيذه عشرات العمليات إثر تفجير الأجهزة اللاسلكية والاغتيالات.

بناء على ما سبق، يبدو أن حزب الله سينتهج نفس السياسة الميدانية بعد اغتيال فؤاد شكر، إذ سيواصل إدارة جبهة الإسناد الشمالية بمعزل عن عملية الرد على تفجير الأجهزة التي توعد بها إسرائيل، أي أن حسابات الرد على الاعتداءات ستكون مختلفة عن عمليات جبهة الإسناد.

هكذا، يحاول كل من حزب الله وإسرائيل قيادة إدارة النسق التصاعدي للجبهة بينهما. من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الأكثر قدرة على امتصاص الآثار السلبية لهذه الجبهة سيكون الأكثر قدرة على إدارتها بفعالية.

وبالتالي، يبقى السؤال: إلى أي مدى ستتحمل إسرائيل الاستنزاف المدني والاقتصادي الذي يفرضه حزب الله؟ وإلى أي مدى سيكون حزب الله قادرا على تحمل الضربات الأمنية التي تستهدف بيئته المدنية وهيكله العسكري؟

إذن، في ضوء التطورات الحالية، قد يشهد الصراع تصاعدا جديدا في العمليات العسكرية، لكن يُتوقع أن يستمر الصراع بين حزب الله وإسرائيل في إطار إدارة التصعيد والتحكم بالوضع الميداني، دون الانجرار إلى حرب شاملة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان حزب الله إسرائيل تصعيد لبنان إسرائيل حزب الله تصعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفجیر الأجهزة اللاسلکیة العملیات العسکریة الجبهة اللبنانیة الجبهة الشمالیة الأکثر قدرة على الحرب الشاملة إدارة التصعید جبهة الإسناد عملیة البیجر هذه العملیة حزب الله فی عملیة الرد من الناحیة إسرائیل فی فی المقابل خیار الحرب أن إسرائیل على عملیة لحزب الله حرب شاملة هذه الحرب فی لبنان خلال هذه الرد على نصر الله یبدو أن بدلا من من خلال

إقرأ أيضاً:

هل اقتربت إسرائيل وإيران من الحرب الشاملة؟

لا يزال الشرق الأوسط في حالة من عدم اليقين المتقلب بعد تبادل الصواريخ الأخير بين إسرائيل وإيران. ففي نهاية الأسبوع الماضي، دمرت إسرائيل جزءاً كبيراً من نظام الدفاع الجوي الإيراني، فضلاً عن مصنع صواريخ إيراني كبير. وهذا الأسبوع، هدد اثنان من كبار المسؤولين الإيرانيين بمواصلة دورة الانتقام.

وقال الجنرال علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية: "لم نترك أي عدوان من دون رد منذ 40 عاماً".

وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" فقد أدت هجمات حماس والغزو الإسرائيلي لغزة والحرب الآخذة في الاتساع بين إسرائيل وإيران والجماعات المسلحة المدعومة منها إلى زعزعة توازن القوى في الشرق الأوسط، وحالة من عدم اليقين الذي يهدد بالتحول إلى حرب شاملة.
وحتى مع محادثات السلام ذات المسار المزدوج الجارية الآن لحل النزاعات بين إسرائيل وحماس في غزة، وبين إسرائيل وحزب الله في لبنان، فإن المنطقة بعيدة عن الاستقرار. أضف إلى ذلك حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات الأمريكية الأسبوع المقبل، ويبدو أن احتمال إعادة التوازن بعيد المنال.
الصحيفة تحدثت إلى خبراء في العلاقات الدولية حول كيفية رؤيتهم للوضع، وماذا يتوقعون في الأسابيع والأشهر المقبلة.

Israel’s attacks on Iran early Saturday destroyed air-defense systems set up to protect several critical oil and petrochemical refineries, as well as systems guarding a large gas field and a major port in southern Iran. https://t.co/Xda5LTXMIk via @NYTimes

— Mark Dubowitz (@mdubowitz) October 27, 2024 حرب الظل وبحسب المحللين، كانت إسرائيل وإيران في حالة توازن مستقر، ولكن عنيف في بعض الأحيان، إذ كان البلدان منخرطين في ما يرقى إلى حرب الظل، لكن أياً منهما لم يرغب في صراع شامل. وكان لكل جانب القدرة على إيذاء الآخر، والاهتمام الكافي بتجنب هذا الضرر، للحفاظ على توازن تقريبي للردع المتبادل.
كان لدى إسرائيل جيش أقوى ودعم حليف أقوى، وهو الولايات المتحدة، بينما طورت إيران مجموعة من الميليشيات بالوكالة التي حاصرت إسرائيل، وقالت إن أي هجوم على أراضيها سيواجه انتقاماً مدمراً.

بدأ هذا التوازن في الانهيار بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما هاجم مسلحون من حماس، إسرائيل، وذبحوا المدنيين وأخذوا حوالي 250 رهينة. ومن الواضح أن حماس كانت تأمل أن يكون هجومها هذا بمثابة بداية لحرب أوسع ضد إسرائيل.
بعد ذلك أطلق حزب الله صواريخه على إسرائيل دعماً لحماس، لكن كلاً من إيران وحزب الله أشارا إلى أنهما لا يريدان التصعيد. أما إسرائيل، من جانبها، انخرطت في حرب عنيفة ضد حماس في غزة، لكنها تجنبت في البداية التصعيد مع إيران أو حزب الله.
وفي الأشهر الأخيرة، بدأ التوازن في التفكك.

The news agency @AP has published high-resolution images of the Shahroud missile site, revealing significant damage to the blue-roofed shed, likely used for molding solid fuel in the booster. However, flames are not visible in the image. South of this shed, around certain… pic.twitter.com/FwspUtxa5Q

— OSINT WWIII (@OsintWWIII) October 30, 2024 في أبريل (نيسان)، تبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة على أراضي بعضهما البعض في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول)، صعدت إسرائيل بشدة من أعمالها ضد حزب الله بحملة قصف عنيفة في لبنان إلى جانب هجمات مستهدفة قتلت الكثير من القيادة العليا لحزب الله، قبل شن توغل بري في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
وفي ذلك الوقت، أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخاً باليستياً على الأراضي الإسرائيلية، وهو تصعيد كبير في الأعمال العدائية المباشرة.
ويوم السبت، قدمت إسرائيل ردها الذي طال انتظاره على الهجوم الإيراني، وكان سلسلة من الغارات الجوية التي دمرت الكثير من نظام الدفاع الجوي الإيراني. الاستقرار الاستراتيجي ليس هناك شك في أن إسرائيل في وضع استراتيجي أفضل اليوم مما كانت عليه قبل هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول). على الرغم من أنها تركت ندوباً عميقة على نفسية البلاد. كما تم إضعاف "محور المقاومة" الإيراني بما في ذلك حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة والمتمردين الحوثيين في اليمن بشكل كبير.

Hamas made it clear to the mediators that its representatives would not participate in the talks on Thursday, but said they would be willing to meet with the mediators afterwards to get an update and see if Israel presented a serious and practical proposal for a deal, per source https://t.co/BEU9A8qDzF

— Barak Ravid (@BarakRavid) August 14, 2024 وتقول الحصيفة إنه على الرغم من استمرار وجود حماس، إلا أنه تم تعطيلها بطرق مختلفة، كما تم قطع رأس قيادة حزب الله بالكامل، وألحق الإسرائيليون الكثير من الضرر به.
كما أن الهجوم الإسرائيلي على إيران في أكتوبر (تشرين الأول)، قد ألحق أضراراً بالغة بالدفاعات الجوية الإيرانية، مما أعاق قدرة إيران على الدفاع عن نفسها ضد الضربات المستقبلية.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك طريقتان أساسيتان لتحقيق "الاستقرار الاستراتيجي"، وفقاً لدانيال سوبلمان، الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس ومؤلف كتاب بعنوان "محور المقاومة: الردع غير المتماثل وقواعد اللعبة في صراعات الشرق الأوسط المعاصرة".

ويوضح الخبير أن الطريقة الأولى هي الهيمنة، حيث يهزم أحد الطرفين الآخر بشكل حاسم بحيث يمكنه فرض إرادته. هكذا انتهت الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، بهزيمة الحلفاء لقوى المحور. والأمر الآخر هو التوازن، حيث يوجد توازن متماثل نسبياً للقوى، بحيث يتم ردع جميع الأطراف عن التصعيد. وهذا يصف تقريباً الشرق الأوسط قبل هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول).
أما الميزة الجديدة لإسرائيل، وهي أنها دمرت الكثير من دفاعات إيران، رغم أهميتها، لا ترقى إلى مستوى النصر المطلوب لهيمنة مستقرة، بحسب سوبلمان.

????#BREAKING: Another Huge explosion in southern Beirut pic.twitter.com/Mm6tUS8x5E

— World Source News 24/7 (@Worldsource24) October 26, 2024 خطوط حمراء جديدة

وقال سوبلمان إن توازناً جديداً "سيتحقق من خلال الإرهاق المتبادل ومن خلال الجمود... يجب أن يكون الطرفان قادرين على موازنة بعضهما البعض، حتى ينظر إليهما كقوة لا يستهان بها".
في الأسابيع التي سبقت الضربة المضادة لإسرائيل، ضغط دبلوماسيون أمريكيون على إسرائيل لعدم ضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية. وأجرى دبلوماسيون إيرانيون محادثات رفيعة المستوى مع دول من المنطقة.
وقال سوبلمان: "ما رأيناه خلال الأسابيع القليلة الماضية هو أن إسرائيل وإيران والولايات المتحدة كانت تتفاوض نوعاً ما حول ما يمكن اعتباره مقبولاً، وما يمكن اعتباره انتهاكاً فاضحاً للخط الأحمر الإيراني".

وأضافت إيما أشفورد، الزميلة الأولى في مركز ستيمسون، وهو معهد أبحاث غير حزبي يدرس السلام والأمن: "لقد انتقلنا إلى مستوى أعلى من التصعيد بين الإسرائيليين والإيرانيين".
وثمة عامل رئيسي آخر في عدم اليقين وهو علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة، وكيف يمكن أن تؤثر نتائج انتخابات الأسبوع المقبل على الديناميات المعقدة للشرق الأوسط.
تقول أشفورد "في هذه المرحلة، أظن أن التوازن في الشرق الأوسط هو في الواقع في مكان ما في ولاية بنسلفانيا، أو على الأقل في ولاية متأرجحة أخرى..".

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تنفذ عملية أمنية واسعة ضد الجبهة الشعبية بالضفة ولبنان
  • مباشر. الحرب بيومها الـ395: إسرائيل تقطع علاقاتها بالأونروا وحزب الله يقصف ميرون ومستشار نتنياهو يتحسس رأسه
  • تعليق مهمّة هوكشتاين: إسرائيل تنسف الـ1701 وحزب الله يواجه المنطقة العازلة
  • معلومات خطيرة عن "عماد أمهز" الذي نفذت إسرائيل عملية خاصة في لبنان لاعتقاله
  • مباشر. حرب غزة: قصف وقتل بلا هوداة وحصار مميت في شمال القطاع وحزب الله يقصف بالصواريخ وسط وشمال إسرائيل
  • حزب الله يعلن تنفيذ 26 عملية ضد قوات الاحتلال شمالي إسرائيل
  • في عملية خاصة.. إسرائيل تؤكد اعتقال "عنصر رفيع" في حزب الله
  • لبنان .. 2200 قتيل منذ بدء حرب إسرائيل وحزب الله
  • هل اقتربت إسرائيل وإيران من الحرب الشاملة؟
  • «أكسيوس»: إسرائيل اختطفت عضوا بارزا في حزب الله خلال عملية بشمال لبنان