إعفاء القبيلة من تفويج مساكينها للموت
صلاح شعيب

القبيلة في السودان لا تقوم قائمتها إلا لدى مساحة حيازتها للأرض التاريخية. ولا تتشرعن إلا في نطاق حيزها الوجودي المحصور بالحواكير، والدوامر، والديار. أما خارج هذه الحوزات المتوارثة فلا يوجد لها سلطان شرعي نافذ على أعضائها الموزعين في تخوم البلاد. وما يثبت هذا الزعم كثير.

ومن هنا تُطرح الأسئلة المشروعة حول حدود تأثير قبائلنا على أعضائها المستقرين في كل أراضي السودان، وتوجيههم سياسياً، وما هي حدود التزاماتهم القانونية، والعرفية، تجاهها؟.
وعلى النقيض: إلى أي مدى تستطيع قبيلتي، أو قبيلتك، أن تخضع نظرنا دائماً لرؤاها العامة، وخصوصاً السياسية، وذلك حين يتخذ العمد، والنُظار، والشراتي، والمكوك، قراراً بتأييد فكرة سياسية، أو نظام حكم ما؟، وهل بالضرورة يكون قرار زعامات هذه القواعد القبلية المتعلق بتأييدها الجيش أو الدعم السريع – مثلاً – ملزماً على مجموع الكيان العشائري الذي تتفرق انتماءاته على عموم تياراتنا الحزبية، أو الجماعات المستقلة سياسياً؟
الأسئلة من هذا النوع تترى حتى في حال وجود تكوينات، أو دوائر مستترة داخل الدولة، أو المجتمع، إذ هي تملك هنا تحيزات قبلية لأهلها، أو هم أنفسهم يكونون أجساماً في مجالات السياسة، والاقتصاد، والرياضة، والفن، لتخدم سرياً فرد القبيلة، وبالتالي يكون العرف على مدار قرون، أو سنوات، هو أن هذا الأجسام فاعلة، وتورث تعاونها القبلي هذا لأجيال، وأجيال.
تاريخياً، لاحظنا أن دور القبيلة يتصاعد وينخفت أثناء وجود التوتر الأمني لمركز للبلاد في فترات الحرب، وكذلك حين تحين أوان الانتخابات. ما عدا ذلك فإن القبيلة بوجودها الجغرافي في أزمان الاستقرار السياسي، والأمني الضئيلة يتراجع، خصوصاً في فترة ما بعد الاستقلال. بل ينصرف أعضاء القبيلة في الجغرافية المحددة، وخارجها، إلى المزيد من الانشغال بالعمل القومي المدني، او العسكري، او التجاري، إلخ. وعندئذ تذوب هذه الذرية السودانية في فضاء الانتماء السياسي، والأيديولوجي، والثقافي، والفني، ويعبرون عن روح قومية بدوافع شتى. فأبناء وبنات القبائل المتحدرين من الريف تجدهم يحاولون إثبات وجودهم القومي بالعطاء المهني، والإبداعي. وبعضهم يعضدون الانحياز القبلي، وبعضهم الآخر ينخرط في التحيزات القبلية بمفرده، أو بدعم الجماعات المستترة الضيقة لخدمة كل ما هو قبلي يليهم.
اعتقد أن مشكلتنا ليست في القبلية أصلاً، أو في عطاء فردها جِذراً. إن المشكلة تكمن في قدرة الأوليغارشية السودانية على توظيفها في لحظات السلم والحرب. فمتى ما كفت النخب الفاعلة في الدولة عن توريط القبيلة في صراعاتها بقيت القبيلة آمنة، وضرورية، للحفاظ على وجودها، وثقافاتها، وفنونها. بل هي مصدر التنوع الإثني المفروض في الوجود.
من هنا نطالب بعدم الزج بالقبائل السودانية بلا استثناء في هذا الصراع الذي يبتدر عناصره الأوليغارشيون العمل لصالحهم وحدهم، وقليل من أقرباء الدم، وليس كامل أفراد القبيلة الذين ينتمون للكتلة الحرجة التاريخية.
في هذه الحرب..مهما تمت سرقة لسان حال القبيلة، أو ترميزاتها الثقافية، والاجتماعية، أو قرارها، أو الجمع بينها والقبائل المتجاورة، لتكوين تحالفات جهوية لإنتاج الموت والدمار، فإن الحقيقة البائنة أنه لا يوجد أحد يملك شرعية في القبيلة إلا النظار، والعمد، والشراتي، والمكوك، فقط في حدود سلطاتهم العرفية في الأرض الجغرافية المحددة التي توارثوها أباً عن جد. أوليس لأبناء القبيلة الواحدة مناظير سياسية متعددة، ويناضلون من أجلها حتى التفدية بالروح؟ أوليس داخل الأسرة الواحدة – ناهيك عن القبيلة – البعثي، والشيوعي، والمنتمي للمؤتمر السوداني، والأحزاب الاتحادية، وأحزاب الأمة، والحركة الشعبية، والمستقلين، وهل يملك هؤلاء جميعاً اتفاقاً حول الموقف من الحرب الدائرة؟
يا أيها الذين يسترزقون بدم الإنسان السوداني المغيب عقله: كفوا عن تجييش القبائل لصالح أبنائكم، وأحفادكم. فالله يراقب إثمكم المستتر.

الوسومالقبلية حرب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: القبلية حرب السودان

إقرأ أيضاً:

ثعابين عملاقة تظهر على ضفاف النيل بجزيرة صاي السودانية وتثير خوف السكان

شهدت جزيرة صاي في شمال السودان ظهورا لثعابين "الأصلة الجبلية الأفريقية" العملاقة على ضفاف نهر النيل، مما أثار موجة من القلق والرعب بين سكان قرية "عدو".

وتزامن هذا الظهور المفاجئ مع ارتفاع منسوب مياه النيل وزيادة الفيضانات في المنطقة، وهو ما دفع عديدا من السكان إلى مغادرة المنطقة مؤقتا خوفا على حياتهم.

ظهور ثعابين داخل مياه #النيل بقرية "عدو" بجزيرة صاي في #الشمالية pic.twitter.com/0wB0wv51Jh

— Sudan Plus سودان بلس (@SudanPlusNews) November 4, 2024

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر ثعبانا من نوع الأصلة العملاقة يبلغ طوله نحو 5 أمتار عالقا في إحدى الشباك، مما اضطر مجموعة من الأهالي للتدخل، وسحبه من المياه بعد معركة صعبة، وسط حالة من الترقب والخوف.

مواطنون في منطقة أُوسلي بالولاية الشمالية يتمكنون من الامساك بثعبان كبير ( أَصَلَة) ، تخرج الأفاعي والعقارب في موسم الامطار والفيضانات ومع السيول الحالية يجب توخي الحيطة والحذر . pic.twitter.com/SydyaoYxI7

— ????الملكة???? (@almaleekaah) September 2, 2024

الخبراء يحذرون

الطبيب البيطري المصري سيد سلام أوضح أن ثعابين الأصلة الأفريقية الجبلية تتميز بقدرتها على السباحة، رغم تفضيلها الصيد على اليابسة، مشددا على ضرورة تجنب الاقتراب من مياه النهر ومراقبة الأطفال بعناية في أثناء وجودهم بالقرب من المياه.

كما أوصى الطبيب -خلال لقاء مع موقع "صدى البلد" المصري- بالتواصل مع المختصين عند مصادفة مثل هذه الثعابين لضمان السلامة العامة.

وشهدت مناطق شمال السودان هطول أمطار غزيرة رفعت منسوب مياه النيل، مما زاد من احتمالات ظهور زواحف وثعابين كبيرة وقريبة من المناطق السكنية.

يُذكر أن الأمطار والفيضانات في تلك المناطق غالبا ما تدفع الكائنات البرية، مثل الثعابين والعقارب، إلى الخروج من جحورها، مما يزيد من فرص مواجهتها للسكان المحليين ويضاعف مستوى القلق والخوف بينهم.

الأصلة الجبلية الأفريقية

وتُعدّ الأصلة الجبلية الأفريقية واحدة من أكبر وأخطر أنواع الثعابين في أفريقيا، إذ يمكن أن يتجاوز طولها 6.5 أمتار.

وتعد منطقة حوض النيل موطنا لأنواع سامة أخرى، مثل "الكوبرا الحمراء" و"الكوبرا المصرية"، التي قد تشكل خطرا كبيرا على حياة الإنسان.

جزيرة صاي

وتعد جزيرة صاي واحدة من الجزر الأكثر شهرة في نهر النيل شمال السودان، بفضل ما تحتويه من مواقع أثرية تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، مثل عصر مملكة كوش والنوبة، مرورا بالعصور المصرية القديمة والمروية، وصولا إلى الحقبة المسيحية والحكم العثماني.

وتضم الجزيرة مقابر ومعابد أثرية، وكنائس من العصور المسيحية، بالإضافة إلى حصون عثمانية، مما يجعلها وجهة سياحية تاريخية وثقافية لمن يهتم بآثار السودان.

مقالات مشابهة

  • الخارجية المصرية تجدد رفضها التدخل الخارجي في الأزمة السودانية
  • بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية
  • السودان: إعفاء وحدات الطاقة الشمسية من الجمارك لأغراض الزراعة
  • أطراف الحرب السودانية ترحّب بفوز «ترامب» بالانتخابات الأمريكية
  • بيان مشترك من حركة العدل والمساواة السودانية والحزب الإتحادي الموحد
  • مراسلون بلا حدود: صحفيون في السودان تعرضوا لأعمال انتقامية مقصودة
  • سفارة السودان في سلطنة عمان تعلن بشرى لطلاب الشهادة السودانية
  • مراسلون بلا حدود: صحفيين في السودان تعرضوا لأعمال انتقامية مقصودة
  • ثعابين عملاقة تظهر على ضفاف النيل بجزيرة صاي السودانية وتثير خوف السكان
  • «العدل والمساواة» و«الاتحادي الموحد» يرفضان الحرب ويدعوان لحل شامل للأزمة السودانية