رام الله- بعد حملة تحريض واسعة، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق مكتب قناة الجزيرة في رام الله، حيث اقتحمته فجر اليوم الأحد وصادرت محتوياته ومنعت موظفيه من العمل، ثم أقفلت مدخله بلحام ألواح من الصاج.

ويضم المقر مكتبي قناتي الجزيرة العربية والإنجليزية الإخباريتين، ويقع في عمارة وسط مدينة رام الله الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية التي منحتها ترخيص العمل.

ويأتي إغلاق مكتب رام الله في وقت يستمر فيه إغلاق مكتب القناة في مدينة القدس، الذي مدد يوم 21 يوليو/تموز الماضي 45 يوما وللمرة الثالثة، وبعد سلسلة عمليات اغتيال بحق مراسليها والعاملين فيها.

دلالات الإغلاق

وفق محللين تحدثوا للجزيرة نت، فإن إغلاق المكتب يؤشر على أمرين: الأول أن نقل الحقيقة يتبعه الملاحقة، والثاني تغييب وسائل الإعلام المؤثرة عن الوضع الميداني وخاصة ما يجري وسيجري في الضفة الغربية وعلى الحدود مع لبنان.

يقول المحلل السياسي عمر عساف إن لاستهدف قناة الجزيرة علاقة بسياسة إسرائيلية لتكميم الأفواه والوضع الميداني على مختلف الجبهات.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن اغتيال مراسلة القناة شيرين أبو عاقلة في مايو/أيار 2022 ليس بعيدا عن التوجه الإسرائيلي الهادف إلى تكميم الأفواه، فـ"أي أحد يمكن أن ينقل الحقيقة يسكتوه، هذا نهج".

لكن لماذا الآن؟ يسأل عساف، ويجيب "أعتقد أننا فعلا ذاهبون إلى تصعيد على كل الجبهات وليس فقط جنوبي لبنان كما يفعلون منذ أسبوع، بل الضفة الغربية".

وتابع "هم لا يريدون تصوير ما يقومون به، ومن خلال استهداف الجزيرة يريدون إرهاب وسائل الإعلام الأخرى، وإيصال رسالة لكل الصحافة ووسائل الإعلام بأن هناك حدودا وضوابط للاحتلال لا يسمح بتجاوزها، ويمكنه أن يقوم بأي إجراءات لملاحقتها، وفي هذا إرهاب لوسائل الإعلام كلها حتى تنضبط وتحسب حسابا له".

وعن الدلالة السياسية لإغلاق مكتب في منطقة مصنفة "أ" التي يفترض أنها خاضعة للسلطة الفلسطينية، قال عساف إنه لم يعد هناك منطقة "أ" أو "ب"، كما أن "كل البلد مستباح على كل الأصعدة، فعمليا يدخلون كل الأماكن كل اليوم وكل الوقت".

ونص اتفاق أوسلو على تقسيم الضفة إلى 3 مناطق إدارية مؤقتة هي: "أ" وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة وتشكل 21% من مساحتها، و"ب" وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية فلسطينية وتشكل 18%، و"ج" وتشكل 61% من مسحى الضفة وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، لكن واقع الحال أن جميع المناطق تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

وأضاف عساف أن الاقتحامات تتم بلا توقف، مشيرا إلى اعتقال الأسيرة عبلة سعدات منذ أيام من منزلها على بعد 150 مترا عن سور المقاطعة ومقر الرئاسة الفلسطينية.

وبما أن الضفة مستباحة، سألنا المحلل الفلسطيني أي شكل من أشكال التصعيد ينتظرها؟ وأجاب "التصعيد طبيعي لأن الناس لا يمكن أن يسكتوا عن ما يجري لهم، ومجموعات المقاومة في كثير من مناطق الضفة تخرج للدفاع عن مقدساتها ووجودها بالضفة".

وأضاف "بالتالي، وردا على إقدام هؤلاء على الدفاع عن أنفسهم، قد يلجأ الاحتلال لوسائل تصعيدية كأن يطلق العنان للمستوطنين والجيش وملاحقة التجمعات البدوية في كل المناطق بما في ذلك المخيمات والأغوار".

حجب بسبب التأثير

وعن تفسيره لإغلاق الجزيرة، يقول أستاذ الإعلام في جامعة الخليل الدكتور سعيد شاهين إن السياسة التحريرية للجزيرة كشفت وبشكل كبير جدا الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأثارت مقاطع الفيديو التي تنشرها الرأي العام بشكل كبير، ولذلك تعتقد إسرائيل أن ذلك كاف لنزع شرعيتها.

يضيف شاهين -في حديثه للجزيرة نت- أن الجزيرة مصنّفة إسرائيليا بأنها قناة معادية، ويزعم أنها تقوم بتحريض كبير على دولة الاحتلال "وبالتالي جاء قرار إغلاق القناة وحجب الحقيقة عن العالم".

وتابع أستاذ الإعلام أن إسرائيل تعتقد بأن الجزيرة من خلال إمكانياتها الكبيرة تستطيع التأثير في الرأي العام العالمي والدولي وحتى قرارات المنظمات الدولية التي تسعى لإحقاق الحق وضبط سلوك إسرائيل الهمجي ضد الفلسطينيين وارتكابها جرائم فظيعة وإبادة جماعية.

ويقول إن "سياسة الجزيرة منحازة إلى الحق بشكل عام، وهذا لا يرضي صناع القرار داخل المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل، التي رأت أنه لا بد من اتخاذ خطوات كإغلاق مكتب الداخل (1948) والآن مكتب الضفة".

على الصعيد الميداني لا يستبعد شاهين أن تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدا يتزامن مع التصعيد الحاصل في غزة وجبهة الشمال مع لبنان، "وبالتالي لا يريدون للحقيقة أن تصل إلى العالم".

كتم صوت الضفة

مسألة إغلاق مكتب الجزيرة متجذرة في التفكير الإسرائيلي منذ سنوات طويلة بهدف الاستفراد بالساحة الفلسطينية إعلاميا، وفق الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس.

ويضيف أبو العدس -في حديثه للجزيرة نت- أن قناة الجزيرة، إضافة إلى إعلام المقاومة، قدما شهداء وجرحى بخلاف أي قناة إعلامية عربية أخرى، مما يدل على أنها في صلب الصراع الإعلامي.

وأشار إلى وجود "غضب شديد من تغطية الجزيرة لدى الأجهزة الأمنية التي تعتبرها عامل تحريض وتوعية لما يحدث على مدى التاريخ الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وبالتالي جاء قرار إغلاقها".

بالنسبة لمجريات الحرب، يرى أبو العدس أن إسرائيل تريد أن يبقى ما يحدث في غزة داخل غزة دون أن ينتقل إلى العالم، مشيرا إلى "تصعيد مرتقب في الضفة الغربية، ولا أحد ينكر أن خطط إسرائيل القادمة هي الضفة".

ويشير الباحث الفلسطيني إلى "خطة الحسم" التي وضعها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش منذ سنوات وفي صلبها الضفة، "وبالتالي مسألة كتم صوت الضفة من خلال كتم صوت الجزيرة أمر وارد وواقعي".

وعن شكل التصعيد القادم، يرجح أبو العدس صداما بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين "حيث أصبح في الضفة مجتمعان، أحدهما 800 ألف مستوطن بينهم 150 ألف مسلح تحركهم أيديولوجيا استئصالية ضد المجتمع الآخر وهم الفلسطينيون".

وقال إن الخطط، التي وضعتها الصهيونية الدينية ويشرف على تنفيذها سموتريتش ومجلس المستوطنات في الضفة، تهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني، وفي مرحلة ما ستخرج الضفة عن السيطرة ويحدث صدام بين الناس والمستوطنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضفة الغربیة إغلاق مکتب للجزیرة نت رام الله فی الضفة

إقرأ أيضاً:

جشي: إسرائيل تسعى لزعزعة البيئة المقاومة بمجازرها

شارك النائب حسين جشي، عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"، في جولة إعلامية شملت عدداً من المواقع المستهدفة في مدينة صور، التي تعرضت لعدوان إسرائيلي مستمر. ورافق جشي في جولته عشرات المراسلين والمصورين ضمن الجولات الدورية التي ينظمها حزب الله للإعلاميين والصحافيين العاملين في تغطية الأحداث في جبل عامل. تهدف هذه الجولات إلى كشف الحقيقة وراء الروايات الإسرائيلية الكاذبة، التي تدعي استهداف بنى تحتية للمقاومة.

الجولة، التي شملت زيارة حي الآثار، جادة الرئيس نبيه بري، وشارع قرطاج، ركزت على المباني السكنية والمرافق الاقتصادية التي دمرها العدوان. وفي محطاتها، تحدث النائب جشي عن الطبيعة العدوانية والإرهابية للاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن العدوان يستهدف السكان المدنيين والمنشآت الاقتصادية بهدف الضغط على بيئة المقاومة وتفكيك روابطها. وأضاف أن الاحتلال يسعى لتحويل الاعتداءات إلى "إنجازات" سياسية بعد فشله العسكري الواضح على الأرض.

وأشاد جشي بمواقف حزب الله الثابتة في هذه المواجهة، والتي عبّر عنها سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، والمتمثلة في الحفاظ على سيادة لبنان ووقف إطلاق النار. وأضاف: "حزب الله ملتزم بإعادة الإعمار كما فعلنا في عدوان نيسان 1996 وعدوان تموز 2006"، مشيراً إلى العهد الذي قطعته المقاومة بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني لإعادة بناء المناطق المتضررة، وجعلها أجمل مما كانت.

وفيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على الحاج محمد عفيف، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، اعتبر جشي أن هذا التصعيد يمثل "جريمة" من قبل الاحتلال، مبيّناً أن اغتيال عفيف لا يحقق أي إنجازات للإسرائيليين، بل يعكس عجزهم عن تحقيق أهدافهم في الميدان رغم الإمكانيات العسكرية التي يملكونها، بما في ذلك الطائرات والأسلحة المتطورة الممولة من الولايات المتحدة الأميركية. (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقالات مشابهة

  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: قرار «الجنائية الدولية» خطوة محورية لمحاسبة إسرائيل
  • مفتي عُمان: مغاوير اليمن يتصدرون الإنجازات في خدمة القضية الفلسطينية
  • جشي: إسرائيل تسعى لزعزعة البيئة المقاومة بمجازرها
  • تفاصيل حملة اعتقالات الاحتلال في الضفة اليوم
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم حي سطح مرحبا بالضفة وأم الشرايط برام الله
  • قطر تؤكد أن مفاوضي حماس “ليسوا الآن في الدوحة” وتنفي إغلاق مكتب الحركة
  • وزير الإعلام يزور مكتب حماس ويسلّم شهادات تكريمية للإعلاميين الفلسطينيين
  • وزير الإعلام يزور مكتب حماس
  • قطر تنفي إغلاق مكتب حماس في الدوحة.. تحدثت عن تعليق الوساطة
  • التوقيت الشرعي لترديد أذكار الصباح والمساء