باحث إسرائيلي: أين إيران من التصعيد الحالي؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
أشار باحث إسرائيلي مختص في الشؤون الإيرانية إلى أن طهران تحاول تحقيق توازن بين دعم حلفائها الإقليميين، مثل حزب الله، وتجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، قال راز تسيمت إن تأخر إيران في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية يثير تساؤلات حول دورها في الصراع الإقليمي، في ضوء تصرفات إسرائيل في عمق لبنان وفهمها أن المعركة تدخل مرحلة جديدة.
واعتبر أن "القيادة الإيرانية تراجعت -على الأقل في الوقت الراهن- عن نيتها تكرار الهجوم الذي نفذته ضد إسرائيل أبريل/نيسان الماضي، وذلك رغم أن كبار المسؤولين الإيرانيين واصلوا التأكيد على التزامهم بالرد على اغتيال هنية".
وخلص الباحث الإسرائيلي إلى أن العوامل التي قد تقف وراء قرار طهران "تعزيز القوات الأميركية في المنطقة، والهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة اليمني، ودخول إدارة جديدة في طهران تسعى إلى استئناف المحادثات النووية وحل الأزمة الاقتصادية".
وفي حين حاول تسيمت إبداء الحذر في تقييم نيات إيران التي قال إنها تخضع للتقييم المستمر، إلا أنه قال "أيا كان سبب التأخير في الوفاء بوعد الانتقام لمقتل هنية، فمن الواضح أن إيران تواجه صعوبة في تحقيق المعادلة الجديدة التي وضعتها بنفسها قبل بضعة أشهر فقط، عندما تعهد قائد الحرس الثوري بالرد بهجوم على إسرائيل من الأراضي الإيرانية على أي ضرر إسرائيلي لمصالح إيران أو كبار مسؤوليها أو مواطنيها".
وأضاف أن "القيود التي تواجه إيران وحزب الله تتطلب في بعض الأحيان الانحراف عن القرارات التي اتخذت بالفعل، نظرا للتغيرات في الوضع".
ويضيف الباحث عاملا آخر قد يكون أثر على تعامل إيران مع الأزمة، وهي أن الضربة التي وجهتها إسرائيل لحليفها حزب الله "كشفت عمق الاختراقات في بنية حزب الله الاستخباراتية والأمنية، وأثارت قلقا كبيرا لدى إيران، التي فوجئت هي نفسها بعمق الاختراق في اغتيال هنية، المنسوب إلى إسرائيل، في مجمع آمن للحرس الثوري الإيراني في قلب طهران".
الموارد القتاليةوقدّر الباحث أنه من غير المتوقع أن تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى في أي وقت قريب، وأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ليس مدرجا في جدول الأعمال في هذه المرحلة، ولن يتم التوصل إليه في أي وقت قريب، وهو ما لن يسمح لحزب الله بوقف القتال في الشمال.
وقال إن طهران وحزب الله أدركا ذلك خلال الأسابيع الأخيرة، بما سيؤدي لحرب استنزاف مطولة لا يمكن التنبؤ متى وكيف ستنتهي، مشيرا بذلك إلى ما أكدته صحيفة الديار اللبنانية مؤخرا من أن "حزب الله انتقل من حرب دعم غزة إلى حرب الوجود ضد إسرائيل، لأنه يدرك جيدا أن إسرائيل انتقلت إلى مرحلة جديدة في حربها في الشمال، تهدف إلى اقتلاع المنظمة والقضاء عليها".
وحسب رأيه، فإن اقتناع إيران بأن الحملة الإقليمية من المحتمل أن تستمر لفترة أطول بكثير مما كان متوقعا، جعلها "تحاول الاستعداد لحملة طويلة تتطلب إدارة مختلفة للموارد القتالية عما كانت عليه في الماضي". ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "استمرار حرب الاستنزاف بين إسرائيل وإيران سيسمح لطهران بمواصلة دعمهما لحماس بمرور الوقت مع تآكل قدرات إسرائيل بشكل أكبر".
وفي ختام مقاله، دعا كلا الجانبين إلى إعادة تقييم الافتراضات الأساسية التي استندت إليها قراراتهما وسياساتهما في المراحل الأولى من الحملة، مشيرا إلى أن الانزلاق إلى حرب شاملة ليس عملية حتمية ويمكن إيقافها أو تأخيرها على الأقل.
وقال "إن الانتقال إلى حملة عسكرية مستمرة، مع عدم وجود نهاية في الأفق، يفرض تحديات كبيرة ليس فقط لإسرائيل، ولكن أيضا لإيران ووكلائها، مما يجبرهم على إعادة النظر في إستراتيجيتهم واعتباراتهم وأساليب عملهم. هذا الفحص للواقع الجديد وتداعياته يجب أن يتم أيضا في القدس، وليس فقط في طهران وبيروت".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اقترح عضو بارز في البرلمان الإيراني (مجلس الشورى) استبدال النظام الانتخابي الرئاسي الحالي في إيران بنظام يتم فيه تعيين الرئيس مباشرة من قبل المرشد الأعلى، في خطوة من شأنها أن تلغي الانتخابات الرئاسية العامة بالكامل.
وفي مقابلة مع موقع "دیدبان ایران" (مراقب إيران)، دافع عثمان سالاري، نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، عن اقتراحه، مؤكدًا أن هذا النظام "لا يتعارض مع الديمقراطية الدينية".
يُذكر أن النظام السياسي في إيران يعتمد على نموذج من الديمقراطية المقيدة، حيث يقتصر اختيار المرشحين على من توافق عليهم مجلس صيانة الدستور، الذي يهيمن عليه التيار المحافظ.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الأحزاب السياسية قيودًا صارمة، فيما تخضع وسائل الإعلام للرقابة الحكومية المباشرة أو غير المباشرة.
وأضاف سالاري أن المرشد الأعلى هو الرئيس الحقيقي للحكومة، وبالتالي لا يوجد مانع من أن يقوم بتعيين رئيس السلطة التنفيذية بنفسه.
دعوات سابقة لإلغاء الانتخابات الرئاسية
سبق أن طرحت عدة وسائل إعلام إيرانية وشخصيات سياسية مقترحات لاستبدال الانتخابات العامة للرئاسة بنظام برلماني يتم فيه اختيار الرئيس من قبل أعضاء البرلمان، بدلاً من انتخابه من قبل الشعب.
يُذكر أن الثقة العامة في منصب الرئاسة وفي النظام الانتخابي الإيراني شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الـ15 الماضية، حيث أصبح من الواضح أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطات محدودة جدًا فيما يتعلق بالقرارات الكبرى للدولة.
ووفقًا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (ايسنا )، التي تملكها الحكومة، فقد تمت مناقشة إلغاء الانتخابات الرئاسية لصالح نظام برلماني في يناير 2022، حيث نشرت الوكالة تقريرًا حلل فيه إيجابيات وسلبيات كل من النظامين، مستندةً إلى آراء عالم السياسة الإيراني البارز حسین بشیریه.
في تقريرها، أوضحت ايسنا أن "في النظام الرئاسي، يتم انتخاب كل من البرلمان والرئيس من قبل الشعب لفترات محددة، ولا يمكن للبرلمان إقالة الرئيس، لكنه يمتلك صلاحية مساءلته. وعلى الجانب الآخر، لا يمتلك الرئيس سلطة حل البرلمان."
أما فيما يتعلق بالنظام البرلماني، فقد أوضحت الوكالة أن "في هذا النظام، يستطيع البرلمان عزل رئيس الحكومة (عادةً رئيس الوزراء) من خلال سحب الثقة منه، كما يملك رئيس الوزراء سلطة حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة." كما أشار التقرير إلى أن الفصل بين السلطات الثلاث يكون أوضح في النظام البرلماني.
الصراع بين الرئاسة والمرشد الأعلى
تأتي هذه الدعوات لتغيير النظام السياسي في إيران نتيجة للصراع المستمر بين منصب المرشد الأعلى ومنصب رئيس الجمهورية منذ تأسيس الجمهورية عام 1979.
وقد تفاقم هذا الصراع تدريجيًا بعد تولي المرشد الأعلى علي خامنئي المنصب، حيث سعى إلى احتكار السلطة بشكل كامل.
وفي حديثه لموقع "دیدبان ایران"، أشار سالاري إلى أن "جميع الرؤساء الإيرانيين منذ عام 1989 قد وُجهت إليهم اتهامات بـ'الانحراف'، وانتهى الأمر بالمرشد الأعلى إلى النأي بنفسه عن كل منهم قبل نهاية ولايته."
وأضاف أن هؤلاء الرؤساء حصلوا في البداية على موافقة خامنئي، إلا أنهم لاحقًا انتهجوا سياسات سياسية واقتصادية واجتماعية لم تكن تتماشى مع توجهاته، مما أدى إلى تعقيد عملية اتخاذ القرار، لا سيما في القضايا الاقتصادية والسياسات الخارجية.
ووفقًا لسالاري، فإن تعيين الرئيس مباشرةً من قبل خامنئي "لا يزال ديمقراطيًا" لأن المرشد الأعلى نفسه قد تم انتخابه بشكل غير مباشر من قبل الشعب.
ومع ذلك، فإن هذا الادعاء يظل مثيرًا للجدل، حيث إن انتخاب خامنئي من قبل مجلس خبراء القيادة كان محل انتقادات واسعة، خاصةً بسبب التأثير القوي الذي مارسه أكبر هاشمي رفسنجاني، نائب رئيس المجلس آنذاك، لضمان انتخاب خامنئي، كما يظهر في مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت.
هل يتحول الاقتراح إلى واقع؟
في عام 2011، أعرب خامنئي عن دعمه لفكرة انتخاب الرئيس من قبل البرلمان، لكنه لم يتابع تنفيذها، رغم إعادة مناقشة الفكرة عدة مرات منذ ذلك الحين.
إلا أن اقتراح سالاري مختلف تمامًا، حيث ينص على أن اختيار الرئيس سيكون بيد المرشد الأعلى مباشرةً، مما يجعله أكثر شموليةً في تقليص السلطة التنفيذية.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يتم اعتماد هذا النظام رسميًا، حيث يفضل خامنئي على ما يبدو الإبقاء على منصب الرئيس كواجهة يمكن تحميله المسؤولية عن المشكلات السياسية والاقتصادية، بدلاً من أن يتحملها بنفسه.
ويبدو أن النظام الإيراني يتجه تدريجيًا نحو مزيد من المركزية في صنع القرار، حيث تتزايد الدعوات لإلغاء الانتخابات الرئاسية، سواءً عبر الانتقال إلى نظام برلماني، أو عبر تعيين الرئيس مباشرةً من قبل المرشد الأعلى.
ومع ذلك، فإن أي خطوة من هذا القبيل قد تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، خاصةً في ظل تراجع الثقة العامة في النظام السياسي، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية داخل إيران.