خطت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بأحرف من نور عهدا من الحرية والانعتاق من الحكم الكهنوتي الإمامي البائد، والذي جثم على صدور اليمنيين رتحا من الزمن.

ورغم محاولات الإماميين إعادة عجلة الزمن إلى الوراء إلا أن اليمنيين قالوا كلمتهم وثاروا ضد الخرافات والجهل والتخلف، ووقفوا حائط صد أمام هذه المساعي البائسة، حيث تجلى صمود اليمنيين في ملحمة السبعين يوما من الحصار الإمامي على العاصمة صنعاء.

سبعون يوماً من الحصار الإمامي على العاصمة صنعاء منذ الـ 28 من نوفمبر 1967 حتى الثامن من فبراير 1968 لوأد ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962 ورموزها، كتب بعدها القدر ميلاداً جديداً للجمهورية الوليدة.

تهيأت الظروف والأسباب من كنف الإصرار والصبر لكسر هذا الحصار الجائر في ملحمة نضالية ثورية شارك فيها أبطال القوات المسلحة والمقاومة الشعبية رافعين شعار الجمهورية لتندحر القوات الإمامية وجر أذيال الهزيمة وتتحطم آمالهم أمام الالتفاف الشعبي والزخم الجماهيري الذي أحاط بالثورة الشعبي ضد سلطة الكهنوت الرجعية.

بعد فشل حصار السبعين يوما أدركت القوى الإمامية استحالة المواجهة العسكرية لإسقاط الثورة والجمهورية ووجدت في المصالحة الوطنية هروباً من الهزيمة والانهيار فأعلنت الاستسلام والولاء للثورة والجمهورية.

وكانت فلول الإمامة تمكنت من لملمة صفوفها والتقدم نحو صنعاء في السنين التي أعقبت ثورة 26 سبتمبر وخصوصاً الأعوام 66 و 67 و 68 لتخمد ملحمة السبعين يوماً منذ الأول من ديسمبر 1967 وحتى الثامن من فبراير 1968 تلك النار التي كانت مختبئة تحت الرماد.

فكان الانتصار في ملحمة السبعين انتصاراً للثورة والجمهورية وسطر الأبطال أروع البطولات في دفاع مستميت وثبات لا يلين في صنعاء ووصول الدعم الشعبي والقبلي لفتح طريق صنعاء الحديدة لتبدأ بشائر النصر تلوح في الأفق وكانت بداية لانتهاء حصار صنعاء وتثبيت الثورة والجمهورية ودحر فلول الإماميين.

تعد ملحمة السبعين واحدة من أكبر الملاحم الأسطورية التي خاضها الثوار الأحرار لإرساء مداميك النظام الجمهورية، وطمر حقبة الكهنوت الإمامي الغاشم الذي أراد بمعركة حصار صنعاء وأد حلم اليمنيين في صناعة جمهوريتهم الفتية، بعد حرب دامت 8 سنوات، لينقلب السحر على الساحر وكانت معركة السبعين يوماً الحاسمة في انتصار الجمهورية وهزيمة ذلك المشروع المتخلف إلى غير رجعة.

كان للمقاومة الشعبية دورا كبيرا بمشاركة أحرار جبهة التحرير من جنوب الوطن الذين ساهموا في الدفاع عن صنعاء وبعض القوى القبلية للدفاع عن صنعاء وأمنها وأهلها.

وها هو التاريخ يعيد نفسه ليفرض اليوم على أحرار وشرفاء اليمن في صنعاء وباقي المحافظات التحرك الجاد لتخليص الوطن من النسخة الأسوأ للإمامة المتمثلة بميليشيا الحوثي التي انقلبت على الدولة ودمرت مؤسساتها وأدخلت الوطن في أتون حرب يدفع فاتورتها الشعب اليمني منذ نحو 10 سنوات وهو ما يفرض توحيد الصف الوطني لاستعادة الدولة وعاصمتها التاريخية صنعاء وإنهاء عبث الميليشيا ووأد أحلامها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

هل تغيّرت نظرة اليمنيين للحوثيين بعد انخراطهم في طوفان الأقصى؟

صنعاء- في منزله بالعاصمة اليمنية صنعاء، يحتد النقاش كالعادة بين جمال وأصدقائه حول جماعة الحوثيين التي احتفلت، أمس السبت، بالذكرى العاشرة لسيطرتها على المدينة؛ فبينما يراها البعض جماعة مسلحة سيطرت على الحكم بالقوة، يعتقد آخرون أنها فرضت نفسها خصوصا بعد انخراطها في معركة "طوفان الأقصى".

ويقول جمال للجزيرة نت، إن الجماعة كانت صادقة فعلا حينما رفعت شعارات "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل"؛ إذ خاضت حربا مفتوحة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في أول فرصة، ويضيف "هذا أعاد الاعتبار لنا كيمنيين".

ورغم أن البلاد شهدت تحولات سياسية واقتصادية عميقة منذ 10 أعوام، إلا أن الأبرز كان تحوّل جماعة الحوثيين من حركة هامشية في شمال اليمن، إلى قوة سياسية وعسكرية ذات تأثير كبير في تشكيل مستقبله.

وفي 21 سبتمبر/أيلول 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء بعد أشهر من المعارك والتوترات ضد القوات الحكومية ومعارضيهم من رجال القبائل الموالين للحكومة في طريق تمددهم من محافظة صعدة، معقلهم الرئيسي.

وبعد أشهر من إحكام سيطرتهم على المدينة، تمددت الجماعة في جنوب البلاد، مجبرة الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي على مغادرتها قبل أن يتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية ويستعيد مع القوات الموالية للحكومة بعض المدن بما فيها، مدينة عدن.

وأسفرت الحرب عن انقسام حاد في اليمن المضطرب، وتسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية، في حين تبدو آمال السلام بعيدة في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهجمات الحوثيين ضد إسرائيل.

يتهم معارضون جماعة الحوثي بأنها تسعى بانخراطها في حرب غزة إلى تحسين سمعتها فقط (رويترز) قوة إقليمية جديدة

وبدأ الحوثيون باستهداف سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحرين الأحمر والعربي، وتطور الأمر إلى إطلاق صواريخ صوب إسرائيل "تضامنا مع غزة". ويقول عبد الحكيم (48 عاما) وهو أحد الموالين للحوثيين "نحن الدولة الوحيدة التي وقفت مع الشعب الفلسطيني الأعزل، حتى وإن لم تكن أسلحتنا قد أثرت في العدو إلا أننا كسبنا شرف المعركة".

وبهجماتها المستمرة، أعادت جماعة الحوثيين اكتشاف الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وأصبحت جماعة إقليمية أكثر من كونها محلية. كما يراها خبراء في ندوة نظمها مؤخرا مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية (يمني غير حكومي).

ويقول حزام الأسد، عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين (أعلى سلطة تنفيذية حاكمة في مناطق سيطرة الجماعة)، إنها بعد 10 سنوات استطاعت الصمود في ظل الحرب ومواجهة 17 دولة، ووظفت كل إمكانياتها نحو الاكتفاء الذاتي وصولا إلى نصرة الشعب الفلسطيني.

ويضيف للجزيرة نت، أن نصرة الشعب اليمني اليوم "لأهلنا في غزة" هي ثمرة من ثمار "ثورة 21 سبتمبر (أيلول) المجيدة التي كانت ثورة شعبية حقيقية، وجاءت كضرورة نتيجة لتدهور الأوضاع في اليمن والانهيار الأمني والاقتصادي".

ووفق الأسد، فإن ما يسميها "الثورة"، وهو المصطلح الذي يستخدمه الحوثيون لوصف تحركهم للسيطرة على الحكم في البلاد قبل 10 سنوات، أعادت الاعتبار لليمن الذي سقط تحت الوصاية الخارجية والبند السابع، وسيطرة النفوذ الخارجي على القرار اليمني، حسب قوله.

للذين سعوا إلى وأد #ثورة_21_سبتمبر المجيدة، نقول: لقد باءت محاولاتكم بالفشل.فثورتنا ليست مجرد لحظة في الزمن،بل إنها تحول عميق في مجتمعنا. إنها ثورة وعي قيم ومبادئ ومثل عليا. إنهاثورة #حرية_واستقلال أيقظت شعبنا، وألهمته للنضال من أجل حقوقه وكرامته وحريته.
ارفعوا ???????? ???????? فالقضيةواحدة pic.twitter.com/r6s5NCahPw

— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) September 20, 2024

تحسين للسمعة

في المقابل، يجد آخرون أن اندفاعة الحوثيين في البحر الأحمر كانت طوق نجاة للجماعة التي وظفت معركة طوفان الأقصى لصالحها، لتعيد الاعتبار لنفسها أمام أنصارها في الداخل اليمني الذي وجد في ذلك شكلا من أشكال المقاومة ضد الهيمنة الإقليمية وإسرائيل المدعومة من الغرب.

ويقول الباحث علي الذهب للجزيرة نت، إن الصورة باتت واضحة بين ما يريده اليمنيون وما حل بهم خلال 10 سنوات بائسة من حكم الحوثيين لأجزاء من البلاد، في إشارة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ويضيف "الجماهير، في أي بلد، تنتظر من يوفر لها أسباب الحياة الكريمة، من سلع وخدمات، وحرية، والتمتع بالأمان والاستقرار، لا الشعارات الزائفة، والغرق في الحروب والصراعات".

ويقول طبيب يعمل في مستشفى حكومي بالعاصمة صنعاء، رفض الإشارة إلى اسمه خوفا من الانتقام، إن "مشاركة الحوثيين صورية لتسجيل حضور وشرعية، وهذا ما حدث فعلا".

ويضيف "نحن اليمنيون ندافع عن القضية الفلسطينية منذ أول يوم، ولا يمكن أن يكون طرف ما أكثر نصرة وتضامنا مع القضية الفلسطينية، لكن الحوثيين استفادوا وحولوا هذا التضامن إلى انتصار لهم".

ومنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، تُتهم جماعة الحوثيين بممارسة القمع وتقييد الحريات وسجن المعارضين وتعذيبهم حتى الموت، وممارسة الفساد، وإقصاء كل الأطراف غير الموالية لها، ووفق تقارير حقوقية محلية ودولية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري طاهر، إنه من الصعب القول إن اليمنيين بمختلف شرائحهم قد تغيرت رؤيتهم للحوثيين بعد انخراطهم في معركة طوفان الأقصى، ولكن من الواضح أن ذلك أكسبهم تأييدا، وبدّل النظرة الكلية إليهم.

ويضيف طاهر للجزيرة نت، أن انخراط الحوثيين في المعركة "خفف العبء الثقيل عليهم وأكسبهم سمعة طيبة، لأن الشعب اليمني لطالما كان ينظر للقضية الفلسطينية كقضية مصيرية وذلك يعود لعمق الروابط القومية والإسلامية والإنسانية".

سلطة متجذرة

في شوارع العاصمة صنعاء ومدن ومحافظات شمال غربي اليمن حيث يتركز أكثر من 70% من السكان، تفصح اللوحات العملاقة والشعارات المنصوبة على واجهة المحلات وأعمدة الإنارة عن سلطة متجذرة للحوثيين بعد 10 أعوام من سيطرتها على العاصمة.

ومؤخرا، أحكمت الجماعة سطوتها الأمنية في ظل تراجع وتيرة القتال على الخطوط الأمامية مع القوات الحكومية، وشنت حملات اعتقال طالت نشطاء معارضين وصحفيين وموظفين في الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، واتهمتهم بالتجسس، وفق ما قالت الأمم المتحدة.

هاتوا دولة في العالم تلاحق الناشطين الذين يريدون الاحتفال باليوم الوطني لها؟
محمد المياحي خطفوه، وقبله سحر الخولاني، وقبلهما آلاف المختطفين في سجون مليشيات الحوثي الطائفية التي تريد أن تتحول إلى دولة وتفشل.
يرعبهم سبتمبر لأنه يذكرهم بأن الناس سواسية وأن السيادة للشعب لا ل"السيد". pic.twitter.com/nRrdzunYVr

— د. محمد جميح (@MJumeh) September 20, 2024

ورغم أن معظم اليمنيين ينظرون إلى الجماعة على أنها أسرة تسعى بالقوة لإعادة إحياء حكم الإمامة الزيدية الذي كان مهيمنا سياسيا في شمال اليمن قرابة 3 قرون حتى عام 1962، فإن عبد الحكيم يقول "نحن نعيش في حالة حرب، لأننا فقط قلنا للغرب المنافق، الذي انكشفت قيمه وأخلاقه في حرب غزة، لا".

مقالات مشابهة

  • هل تغيّرت نظرة اليمنيين للحوثيين بعد انخراطهم في طوفان الأقصى؟
  • منظمة حقوقية تسجل اختطاف عشرات اليمنيين لدعوتهم للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر
  • استعراض عسكري شعبي ضخم هو الأول في صنعاء احتفالا بذكرى ثورة 21 سبتمبر
  • ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء يشهد مهرجاناً شبابياً كشفياً احتفاءً بالعيد العاشر لثورة 21 سبتمبر
  • ميدان السبعين يشهد مهرجاناً شبابياً كشفياً احتفاءً بالعيد العاشر لثورة 21 سبتمبر
  • المليشيات تعتقل صحفي في صنعاء نشر مقالاً أغضب زعيمها..ماذا شاهد في ميدان السبعين ؟
  • إجراء البروفات النهائية وإنهاء كافة التحضيرات:اليوم.. ميدان السبعين يحتضن العرض الكشفي للعيد العاشر لثورة 21 سبتمبر
  • شاهد | اللجان التنظيمية بساحة الرسول الأعظم في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء
  • حملة اعتقالات في صنعاء على خلفية دعوات لإحياء ذكرى ثورة ال ٢٦ من سبتمبر