ينجذب المراهقون في بعض الأحيان إلى الأفكار المتطرفة ويقعوا فريسة لها، غير قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، فيميلون إلى تقليدها بشكل أعمى، ويتطلب محاربتها ومواجهتها تكاتف العديد من المؤسسات للتصدي لتلك الأفكار المتطرفة، الأمر الذي شدد عليه عدد من أساتذة الاجتماع من أجل تنشئة طفل متزن نفسيًا لا يقع في فخ الأطراف المتطرفة.

يحتاج حماية المراهق من الأفكار المتطرفة، تنشئة اجتماعية جيدة منذ الطفولة، تبدأ بمجرد قدرة الطفل على التحدث، ويقع عاتق تعديل سلوكه على الأسرة في المقام الأول، فهو يحاول دومًا تقليدهم في أي شئ يفعلونه، لذا يجب أيضًا على الآباء مراقبة أفعالهم أمام الصغار، بحسب ما نوهت إليه الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذة علم الاجتماع العائلي والمشكلات الاجتماعية بكلية الآداب جامعة المنوفية.

حماية المراهقين مبكرًا

ترى «إنشاد» أنه من الخطأ الانتظار إلى أن يصبح مراهقًا لحمايته فكريا واجتماعيا من الأفكار المتطرفة، وذلك عبر اختيار المحيطين به ومعرفتهم جيدًا، لأنهم يؤثرون عليه بشكل كبير، فيجب على الأسرة انتقاء أصدقاء جيدين لأولادهم: «المفروض الأسرة بتحاول دايمًا أنها تخلي ابنها وسط ناس كويسين، أنا لو مش فاضية هكون متطمنة أنه خارج مع ناس هتنمي أفكاره مش هتهدمها وده هيحميه، بالإضافة إلى توعيته بأهمية النشاط الرياضي، ومحاولة دمجه في عدة ألعاب لكي يكون منشغلًا بها، ولا يجد فرصة للتوجه إلى تلك الأفكار المتطرفة».

كما نوهت «إنشاد» إلى أن دور الأسرة لابد أن يتكاتف معه المؤسسات الأخرى لكي يكون إيجابيًا وفعالًا، ويساعد على تقويم الفرد ومحاولة توعيته بخطورة الأفكار المتطرفة، مثل دور الثقافة أو الكتاب كما كان في السابق.

أما دور المدرسة فيكون عبر الأنشطة التي تقدمها للطفل على مدار اليوم الدراسي مثل الإذاعة المدرسية، بالإضافة إلى أهمية دور الأخصائي الاجتماعي ومحاولة زيادة عدد الإخصائيين داخل المدرسة لحماية الأجيال: «من الأفضل أن يكون الإخصائي الاجتماعي موجودًا في كافة المراحل التعليمية بداية من التمهيدى، بالإضافة إلى ما سبق لازم يكون فيه عدالة اجتماعية ومساواة، ولازم ندعم التعليم بكل قوة لكي يقوم بدوره المهم في توعية النشء الجديد».

الأسرة أول مصدر للأفكار المتطرفة

الفكر المتطرف هو اقتناع الشخص أن أفكاره صحيحة وأن ما يخالفه في ذلك خاطىء، الأمر الذي يؤثر على سلوكياته وتجعله رافضًا أي فكرة لا تتوافق مع معتقداته، بحسب الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا بالإسكندرية، مؤكدًا أن هذه الأفكار تأتي في الغالب من الأسرة والبيئة، فمن نشأ في بيئة بدوية يختلف عن الحضرية والريفية، فكل منهم له معتقداته وأفكاره التي يؤمن بها، وحينما يجد من يخالفها فيشير إليه على كونه متخلف أو منحرف أو ما شابه: «المصدر الأول للحدد من انتشار تلك الأفكار المتطرفة هي الأسرة، ويأتي في المرتبة الثانية البيئة بمختلف أشكالها».

وشدد «صادق» على أن التعليم يأتي في المرتبة الثالثة، إذ يعمل على غرس أهمية تقبل الرأي الآخر، كما أن الإعلام له دور مهم في ذلك، كما أن الخطاب الديني يشكل عاملًا أساسيًا في تشكيل وعي الفرد، فلابد أن تنبذ الكراهية وحض هذه الأفكار المتطرفة، كما أن العادات والتقاليد ربما تكون سببًا في تبني الأفكار المتطرفة فلا بد من الاقتناع أن العادات والتقاليد تختلف من مكان لآخر، ولا يستلزم تقليدها بشكل أعمى دون فهمها أولًا بشكل جيد: «لازم نكون عارفين أن سلوك الفرد عبارة عن software جاي من كل اللي حواليه الأسرة والمجتمع والبيئة، والاقتناع  بخطورة السوشيال ميديا، دلوقتي بقى  يقدر أي حد يكتب أي فكرة ويلاقيها اتنشرت بسرعة فلازم ناخد بالنا منه ومش أي حاجه نقلدها». 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية الأفکار المتطرفة

إقرأ أيضاً:

كيف يتسبب البحث عن السعادة في شقائك؟

نشرت جمعية علم النفس الأميركية مطلع أغسطس/آب الماضي نتائج دراسة جديدة استهدفت فهم تأثير تقييمنا الشخصي لمستوى سعادتنا ورفاهيتنا مقارنة بالآخرين. شملت الدراسة 3 تجارب وشارك فيها أكثر من 1800 شخص، قاموا بتدوين مذكراتهم اليومية بين عامي 2009 و2020. تضمنت العينة تنوعا كبيرا من حيث النوع والعمر والموقع الجغرافي.

انطلقت الدراسة من الفرضية القائلة بأن الضغوط المجتمعية تدفع الأفراد إلى اعتبار السعادة هدفا رئيسيا ومقارنة نجاحاتهم الاجتماعية والمادية بنجاح الآخرين. وقد أظهرت النتائج أن هذه المقارنات قد تؤدي إلى مشاعر مؤقتة بالراحة أو إحباط مستمر نتيجة عدم تلبية معايير السعادة المجتمعية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2طلاب غزة يتغيبون عن مقاعدهم الدراسية للعام الثاني على التواليlist 2 of 2بعد تعرض مقتنياته للنهب والتدمير.. ماذا بقى من متحف بيت الخليفة بمدينة أم درمان؟end of list

بخلاف بعض الدراسات السابقة، كشفت نتائج هذه الدراسة عن أن السعي وراء السعادة لا يؤثر بالضرورة سلبا على الفرد، شريطة أن يتقبل مشاعره الإيجابية والسلبية على حد سواء، ويتعامل مع الأزمات بمرونة عاطفية وتسامح مع الذات. التقبل والتفهم يمثلان أدوات هامة لتحقيق السعادة والرفاهية.

ومع ذلك، وجد الباحثون أن الحكم المستمر على مدى سعادتنا يمكن أن يكون ضارا إذا كان مرتبطا بمخاوف أو مقارنات بالماضي أو بالآخرين. هذه المشاعر قد تؤدي إلى الإحساس بالدونية، وخيبة الأمل، والقلق، والغضب، والاكتئاب، مما يولد شعورا عاما بالسخط وقد يمنع الفرد من الاستمتاع بنجاحاته.

اللطف الذاتي مفتاح السعادة

كشف تقرير باحثي جامعة كارولينا الشمالية عن أن سعي الشخص نحو السعادة قد يسبب له الشقاء إذا كان يمارس "الحكم الذاتي" بدلا من "اللطف الذاتي". يشير التقرير إلى أن الأفراد غالبا ما يكونون قساة على أنفسهم، يلومون أنفسهم على الإخفاقات ويقارنون أنفسهم بالآخرين، مما يسبب لهم معاناة.

اللطف الذاتي هو شعور بالرحمة والاعتناء بالنفس كما لو كان الشخص يعتني بآخر يعاني (شترستوك)

في المقابل، يعرّف كتاب "علم الأعصاب: التعاطف والرحمة واللطف الذاتي" اللطف الذاتي بأنه شعور بالرحمة والاعتناء بالنفس كما لو كان الشخص يعتني بآخر يعاني. يتضمن ذلك قبول الأخطاء والتسامح مع الذات، دون مقارنة بالأخرين أو الشعور بالظلم.

التحلي باللطف الذاتي يساعد في تقليل مشاعر القلق والاكتئاب الناتجة عن الحكم القاسي على الذات، ويعزز الصحة النفسية عبر تقدير الذات والتعامل معها برحمة وتفهم.

كيف تسلك طريقك نحو الرضا؟ اسع نحو هدفك، وليس نحو السعادة المطلقة، فهناك طريقتان لتقييم حياتك، إما بالسعي أو بالخوف؛ يركز الفرد في الطريقة الأولى على الجهد الذي يبذله لتحقيق هدفه، ويخطط وفق إمكانياته، ليقدر الأحداث الإيجابية في حياته بعقلانية، أما في الطريقة الثانية، فينشغل الفرد بالمستقبل، ويركز على مخاوفه من التعاسة، وخشيته الفشل، ويعد سعادته المستقبلية مشروطة بوقوع حدث، مثل الثراء أو الزواج أو الإنجاب. لا تدع طموحك نحو السعادة يؤثر على سعيك نحو هدفك، فتشكل صورة طموحة في وقت مبكر جدا من عملية التخطيط لأهدافك، وتكون عادة صورة غير واقعية، ثم تضعها نصب عينيك لتكون معيارا لتقييم نتائج سعيك. لا تقاوم شعورك بخيبة الأمل إذا فشلت في تحقيق هدف، بل استغل هذا الشعور للتكيف مع الواقع، فإذا كان هدفك التعلم، وفشلت في اختبار دراسي، تذكر أن ذلك الفشل لا يتعارض مع هدفك العام، بل قد يكون ضيقك من النتيجة حافزا قويا نحو الهدف، بدلا من أن يثنيك عن هدفك. اللطف الذاتي يساعد في تقليل مشاعر القلق والاكتئاب الناتجة عن الحكم القاسي على الذات (بيكسلز) نشرت مجلة "بحوث السعادة" ملخصا لكتاب "صعوبات السعادة"، لدانييل غيلبرت، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد. أوضح غيلبرت أن التفكير في المستقبل قد يكون خلاقا، وقد يدفعنا القلق والتوتر نحو الإنجاز، لكن ترتكب مخيلتنا أخطاء، مثل المبالغة في التوقعات، والرغبة في تجاوز حدود المكان والزمان والظروف، ومحدودية التعاطف الإنساني مع النفس والآخر. لذلك، فإن التعاطف مع الذات يتضمن الاعتراف بأن المعاناة وعدم الكفاءة الشخصية جزء من التجربة الإنسانية المشتركة، وشيء نمر به جميعا بدلا من أن يكون شيئا يحدث "لي" وحدي. لكي تحظى بحياة ذات معنى، لا ينبغي لك الشعور بالسعادة معظم الوقت، بل الشعور بالرضا والقبول والمرونة أمام إمكانياتك الحالية، من خلال مراقبة أفكارك وعواطفك السلبية بانفتاح ووضوح ووعي، دون محاولة قمعها أو إنكارها، فلا يمكننا تجاهل آلامنا ونشعر بالتعاطف معها في نفس الوقت. في الوقت نفسه، تتطلب اليقظة الذهنية ألا نبالغ في تقييم الأفكار والمشاعر، لكي لا تجرفنا السلبية بعيدا عن هدفنا. تمن الخير للآخرين، فقد نردد عبارات مثل "اللهم بارك" أو "ربنا يرزقك من أوسع أبوابه"، لكننا لا نستحضر معنى دعواتنا بالخير للآخر، لذلك اختر دعاء، وتأمل معناه، واستحضر ما يحمله الدعاء من حب للغير، وتمني الخير للناس كافة، وأدرك حكمة الله في أقداره، كلما رددت الدعاء.

مقالات مشابهة

  • فيديو| نصائح مهمة للطلاب وأولياء الأمور لاستقبال العام الدراسي الجديد.. تعرف عليها
  • أستاذ علم نفس يقدم نصائح للأسر مع بداية العام الدراسي الجديد: العقاب يبدأ شفوي
  • 7 نصائح لحماية طفلك من المثلية الجنسية.. تجنب العنف واتبع التوعية
  • حسابات إنستجرام جديدة من ميتا لحماية المراهقين..تفعيل مراقبة الآباء
  • إنستجرام يبحث عن المراهقين المتخفين فى حسابات البالغين..
  • الأسرة أولا.. خطوات علاج انحراف الميول الجنسي لدى المراهقين
  • «الفاو»: 282 مليون شخص في العالم يواجهون «الجوع الحاد»
  • كيف يتسبب البحث عن السعادة في شقائك؟
  • "قادرات نحو المستقبل".. "الشباب والرياضة" بالعريش تناقش دور الأسرة في بناء المجتمع