ما هو خطر العمليات السرية في الحروب؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
شهدَ العالم واحدة من أبرز عمليات الاستخبارات في التاريخ، مع تخريب إسرائيل أجهزة إرسال تستخدمها جماعة حزب الله وفجَّرتها بشكلٍ متزامن، ما أسفر عن قتلى بالعشرات ومصابين بالآلاف.
قد يشعر حزب الله الآن بأنه مجبر على الرد بطريقة تؤدي إلى حرب إقليمية
ووعد الحزب بالانتقام، غير أنّ الطبيعة المعقدة للهجوم وتأثيراته على اتصالاته وقيادته وامعنوياته، زعزعت الجماعة الإرهابية إلى حدٍ كبير.وفي خضم الاتهامات والتهديدات والشك الذي تفشى بعد العملية، يغيب عن الأذهان أن إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن الحادث، لأنه يندرج تحت فئة خاصة وسرية من فنون الحنكة السياسية تُعرف بالعمليات السريّة. العمليات السرية..الراعي الخفي
وفي هذا الإطار، قال جيف روغ، باحث أول في معهد الأمن العالمي والقومي بجامعة جنوب فلوريدا، في تحليله بموقع "ناشونال إنترست" إن العمليات السريَّة يُفترض أن يبقى فيها دور الراعي خفيّاً أو غير معترف به. ويتيح هذا النوع من العمليات "إنكاراً معقولاً"، مما يسمح للحكومات بنفي معرفتها أو مشاركتها في العمليات السرية. وعادةً ما تلجأ الدول للعمليات السريَّة في الحالات التي تعجز فيها عن تحقيق أهدافها بوسائل علنية أو عندما يكون خطر تحمل مسؤولية العملية جسيماً جداً. والعمليات السرية ذات قيمة خاصة عندما تُنفِّذ الدول عمليات قد تُعدُّ في حالات أخرى أعمال حرب، كالهجمات القاتلة داخل حدود دولة ذات سيادة.
In the Shadow of War: The Promise and Peril of Covert Action https://t.co/QUdeaueR7T via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) September 21, 2024وتلي هذه العملية السرية الأخيرة بعد استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو (تموز) الماضي. ووفقاً للتقارير، قُتل هنية وحراسه الشخصيون بجهاز تفجيري مخفي في غرفته بفندق مُؤمَّن تأميناً شديداً تديره قوات الحرس الثوري الإيراني. وسرعان ما وُجِّهَت أصابع الاتهام إلى إسرائيل، التي تتمتع بتاريخ حافل بعمليات الاغتيال. وإذ تعرضت إيران لحرجٍ شديد بسبب فشلها الاستخباراتي الكبير، فقد وعدت بالانتقام. ورغم توقعات الخبراء بأنها ستضرب إسرائيل مباشرةً خلال أيام، يبدو أن إيران تراجعت عن ذلك. وألمحت إلى أن انتقامها سيكون "مختلفاً" وليس بالضرورة عملية عسكرية كبيرة يخشى الجميع أن تفضي إلى حرب إقليمية.
وكل ذلك بعد أن زعمت إسرائيل أنها قتلت كثيراً من ضباط الحرس الثوري الإيراني، الذين تورطوا في عمليات سرية، في ضربة استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل (نيسان) الماضي. وردَّت إيران بإطلاق وابلٍ كبير من الطائرات المُسيرة والصواريخ والقذائف على إسرائيل ألحقت أضراراً طفيفة بفضل جهود الولايات المتحدة وإسرائيل وكثير من الدول العربية. وكان ذلك أول هجوم عسكري مباشِر في ما كان في السابق حرباً خفية تخوضها إيران وإسرائيل منذ عقود.
وأضاف الباحث، وهو عضو في مجلس إدارة المجلة الدولية للاستخبارات والاستخبارات المضادة وجمعية تاريخ الاستخبارات، كان من المثير للسخرية وغير العقلاني أن تستجيب إيران مباشرةً لهجوم إسرائيلي غير معترف به باستخدام قوة عسكرية علنية.
The recent explosions targeting Hezbollah illustrate the growing appeal of covert action in an age of great power competition, writes Jeff Rogg. https://t.co/n5RGQrPpsK
— National Interest (@TheNatlInterest) September 21, 2024وعلى أي حال، حققت إيران إلى حدٍ كبير مكانتها الحالية من القوة في الشرق الأوسط بالعمل السري عبر وكلائها. ورغم أن إيران عانت من خسائر نتيجة لعمليات اغتيال استهدافية وانفجارات غامضة استهدفت منشآتها النووية والعسكرية، ونُسِبَ بعضها إلى إسرائيل، فقد تجنبت الأضرار الفادحة الناتجة عن حرب مع إسرائيل بالضبط لأنها استعانت بالعمليات السريَّة.
مخاوف من اندلاع حرب إقليمية داميةوأشار الباحث إلى أنه بعد العملية السرية الأخيرة ضد حزب الله، ينتظر العالم مرة أخرى بترقبٍ، متخوفاً من اندلاع حرب إقليمية دامية. وسيتعين على حزب الله، شأنه شأن إيران، أن يفكر بعنايةٍ في خياراته إذا أراد تجنب حرب ستفضي لا محالة إلى هلاكه وتدمير لبنان. ولكن، بالإضافة إلى أن هجوماً كبيراً وعلنياً رداً على عمل سري سيكون ضد مصالح إيران وحزب الله، فإنه سيمثل أيضاً انتهاكاً خطيراً لعُرْفٍ مؤرِّق ولكنه عملي في العلاقات الدولية.
In the Shadow of War: The Promise and Peril of Covert Action https://t.co/RvmRIvkGgc
— annelise (@anneliselynn89) September 21, 2024وكانت العمليات السريّة سمة رئيسة من سمات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. فقد امتد نطاق العمليات السرية من الدعاية والترويج الانتخابي إلى العمليات شبه العسكرية والاغتيالات. وأتاح العمل السري للطرفين المتحاربين التنافس دون اللجوء إلى حربٍ كارثية. وهو يكفل مخرجاً آمناً اليوم أيضاً.
خطر العمليات السرية
وأوضح الباحث أن هناك خطر اً دائماً في العمليات السريَّة. فغالباً ما سيرد طرف على عمليات الطرف الآخر السرية بعمليات خاصة به، مما سيؤدي إلى تصاعد حرب ظِل كتلك التي تجري حالياً في الشرق الأوسط.
فضلاً عن ذلك، جعلت التكنولوجيا والتسريبات والمعلومات المتاحة للجمهور من الصعب إخفاء هوية الطرف الفاعل الذي ينفذ عملية سرية، مما يُسهِّل توجيه اللوم إليه. لكن اللوم لا يعادل الدليل أو الاعتراف بالمسؤولية، ورغم أن هذا الدفاع قد يبدو واهياً، وعلى العالم أن يَزِن عواقب التخلي عن قواعد العمل السري.
بدايةً، التخلي عن العمل السري ليس من مصلحة الولايات المتحدة. فالعمل السري يضرب بجذوره في القانون الأمريكي بعد عقود من النقاش، ويُعدُّ أداة لا غنى عنها في سياسة الأمن القومي الأمريكي. ونفذت الحكومة الأمريكية حملتها الخاصة من الاغتيالات الاستهدافية في دول ليست في حالة حرب معها.
والواقع أن إحدى أشهر هذه العمليات - وأقلها سريَّة - كانت عملية قتل أسامة بن لادن. وأدّت الولايات المتحدة دوراً في حروب الظل المستمرة في الشرق الأوسط بالتعاون مع إسرائيل لتنفيذ عمليات سرية تستهدف إيران وحزب الله. وبالنسبة لإدارة بايدن، يُعدُّ العمل السري الإسرائيلي، رغم كونه استفزازيًا، أفضل سياسياً من حرب إقليمية سعت أمريكا بلا كلل إلى الحيلولة دون اندلاعها.
مستقبل العمل السري
وبالنظر إلى ما يتجاوز الشرق الأوسط، هناك قضايا أمنية عالمية أكبر على المحك في مستقبل العمل السري. فحتى لو لم يكفل العمل السري سوى ”الإنكار غير المعقول“ اليوم، فالدول في جميع أنحاء العالم ما تزال تتبنى العمل السري والغموض الذي يخلقه لأنه يُعقِّد ردود أفعال الطرف الآخر. إن الرد العسكري الذي يفضي إلى حرب كبيرة سيكون تطوراً خطيراً بشكلٍ خاص في الحقبة الناشئة من التنافس بين الولايات المتحدة والصين.
و”رد الفعل العكسي“ مصطلح قديم لدى المخابرات المركزية الأمريكية يشير إلى العواقب غير المقصودة وغير المرغوب فيها للعمل السري. وأشارت التقارير الأخيرة إلى أن إسرائيل كانت تنتظر تفجير العبوات في حالة نشوب حرب، لكنها قررت شن العملية لأن هناك مؤشرات على أنَّ حزب الله كان على وشك اكتشاف المؤامرة.
وقد يشعر حزب الله الآن بأنه مجبر على الرد بطريقة تؤدي إلى حرب إقليمية تجنبتها جميع الأطراف حتى الآن. ويتكهن بعض المعلقين أيضاً بأن العملية قد تكون مُقدمة لحملة عسكرية إسرائيلية أكبر ضد حزب الله قد تكون حتمية على أي حال.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تفجيرات البيجر في لبنان الولایات المتحدة العملیات السریة الشرق الأوسط حرب إقلیمیة العمل السری حزب الله إلى حرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
خسارة “إسرائيل” في طوفان الأقصى لا تعوَّض مهما حاولت أمريكا
يحيى صالح الحَمامي
خسارة الغدة السرطانية “إسرائيل” في عملية طوفان الأقصى لا تعوض، ولم تستطع أمريكا أن تحافظ على قوة توازن أمن “إسرائيل” من بعد عملية طوفان الأقصى التي قصمت ظهر الكيان الصهيوني، وأصبح يوم 7 أُكتوبر من كُـلّ عام ذكرى مأساوية نسميها يوم نكبة “إسرائيل” في غزة، بل والهزيمة النكراء لقوى الاستكبار العالمية.
المقاومة الفلسطينية حماس دمّـرت ما تم بناؤه لما يقارب 75 عاماً من الاحتلال، حطمت جميع التحصينات وزعزعت أمن وسلام المستوطنين بالمستوطنات، المواقع العسكرية الإسرائيلية كانت محصنة بتحصينات من الصعب اختراقها أَو اقتحامها، وبقوة الله انكسرت عظمة الجيش الذي لا يقهر استخباريًّا وعسكريًّا، ونقول للكيان الموقت إنه مهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تعوض الخسارة أَو ترمم فشلها فهي لا تستطيع أن تجبر الانكسار، فقدت الأمل بالنصر، والخيبة ترافق جيش الكيان.
عملية طوفان الأقصى ضربة على رأس “إسرائيل” أفقدتها صوابها، قدمت الكثير من القتلى من أفراد وصفوف جيشها، بعدد كبير من الضباط القادة لأجل إعادة الأسرى المختطفين، بذلت ما لديها من القوة، حاولت أن تضغط على المقاومة بحصار المواطنين الأبرياء للاستسلام لشروطها المبالغ فيها، ولم تستطع أن تحقّق أي شيء بالرغم من استمرار الحرب لما يقارب 470 يوماً على مدينة غزة، نفدت قدرتها وأنهكت قواها، فشلت جميع أوراقها، وخضعت “إسرائيل” وأمريكا وبريطانيا لشروط المقاومة الفلسطينية، وهذا نصر من الله يرجح قوة جيش “إسرائيل” المدعوم من قوى الاستكبار العالمية.
خسارة “إسرائيل” لا تعوض ولو وقف العالم مع “إسرائيل”، بذلت قوى الاستكبار العالمية ما بوسعها من المال والسلاح والرجال في سبيل الحفاظ على “إسرائيل” ومساعدتها على الاتِّزان والوقوف بكامل القوة، الساق الصهيوني انكسر ولا يجبر عظمها، قوة جيش “إسرائيل” لا تصنع أي شيء، والدعم الأمريكي وعدة دول من خلفها لن يفيد الكيان الصهيوني، فشل كبير وسقوط مدو وهزيمة نكراء، ومن محاولة أمريكا بالضغط على مصر والأردن لاستقبال أبناء غزة كنازحين، لن تقبل الشعوب العربية وأبناء غزة لا يقبلون بالخروج من أرضهم وسيرفضون جميع قرارات الشر والشيطان الأكبر، لا نعلم من أين تأتي قناعة “أمريكا” بنزوح أبناء غزة وكأن أمريكا لا تعلم بشيء عن الحرب في غزة، غباء اللص الأمريكي الجديد مستفحل “أمريكا مشاركة في تلك الجرائم بحق الأطفال والنساء، كما لم يسلم أي بيت من الحرب ولا أسرة في غزة من الفقد، والدم الغزاوي سال من كُـلّ أسرة أَو قريب لها، لا توجد موافقة ولا استعداد على الخروج والنزوح من أرضهم، ومن سابع المستحيلات أن يقبل المواطن الغزاوي بالنزوح القسري.
أبناء غزة أثبتوا للعالم قوة بأسهم بجهادهم المقدس، نقول للعالم لا يوجد مع “إسرائيل” ومستوطنيها قرار في البقاء، لا أمن لهم، ولا سلام، الجيش الإسرائيلي عاجز، والذي يروج له بأنه جيش قوي والحقيقة أنه جيش ضعيف وهزيل لا يصمد أمام فصائل المقاومة التي تسلحت سلاح الإيمان قبل أن تتسلح الحديد والنار معنوية وجهاداً واستعداداً، فصائل المقاومة للمواجهة بقوة بأس إيماني شديد وعزيمة لا تلين في مواجهة أعداء الله.
استعداد التضحية لدى فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني لا يوصف فهم يعرفون أن ثمن تضحيتهم الجنة، تدربوا للقتال الشرس، يتحملون الظروف الصعبة، صبرهم وبأسهم وعزمهم قوي في مواجهة جيوش أتت من سلالة المغضوب عليهم، الضالين من النصارى واليهود الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، ومستوطنو “إسرائيل” يعرفون أنهم ليسوا من أصحاب الأرض، ليس لهم القدرة على بذل المزيد من التضحية ولا يقدمون الأول والثاني من أبنائهم ولا يدفعون أبناءهم لتلتهمهم نيران الحرب التي تنشب لهم، حرب من كُـلّ حدب وصوب.
المقاومة الفلسطينية ليست لوحدها، لا يوجد مع “إسرائيل” أوراق سياسية قوية، فالحصار سيقابل بحصار والمجازر الجماعية سوف تنطلق صواريخ محور المقاومة تدك أهدافهم الحيوية وقواعد جيش “إسرائيل”، لم يتبق للمستوطن الإسرائيلي أمل البقاء في أرض “فلسطين” من الذي سيوفر لهم الأمن، ولكن “إسرائيل” هي ضعيفة لا تتحمل المزيد من الدم، لقد سمعنا عن الانتحار لجنودها وضباطها، كم حالات من الأمراض النفسية التي أُصيب بها بعض الضباط والأفراد، لا يوجد أمن ولا سلام للكيان الصهيوني المؤقت في أرض “فلسطين” عليهم بالرحيل وهو أولى لهم والشتات مصيرهم الحتمي في الأرض، قال تعالى: “وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكتاب لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مرتين وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا” {5}[سورة الإسراء][صدق الله العظيم].