كوريا الشمالية: الوضع الأمني في شبه الجزيرة أكثر خطورة
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
أصدرت كوريا الشمالية، تحذيرا بأن الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية يتجه نحو "عتبة أكثر خطورة"، وفقا لما أوردته وكالة" سبوتنيك".
وقالت وزيرة خارجية كوريا الشمالية، تشوي سون هوي، في خطابها أمام المنتدى النسائي الأوراسي الرابع، الذي عُقد في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية: "في الآونة الأخيرة، كان الوضع الأمني يتجه نحو عتبة أكثر خطورة"، بحسب الصحيفة الرئيسية في بيونغ يانغ "رودونغ سينمون"، اليوم الأحد.
وتابعت مشددة أن بيونغ يانغ "لن تتغاضى عن أي أعمال عدائية في شبه الجزيرة الكورية".
وأكدت تشوي سون هوي أن "سياسة التحالف"، التي تنتهجها أمريكا وبعض الدول التي تتبعها، تسببت في "حلقة مفرغة من التوترات المتصاعدة والمواجهة"، وفقا لوكالة أنباء "يونهاب" الكورية.
وفي 13 سبتمبر الجاري، كشفت كوريا الشمالية علنا عن منشأة تخصيب يورانيوم خاصة بها لأول مرة، وعرضت صورا لزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، وهو يدعو إلى تعزيز الأسلحة النووية للدولة.
وعززت أمريكا تعاونها الأمني مع كوريا الجنوبية واليابان، حليفتيها الآسيويتين الرئيسيتين، لمواجهة التهديدات الصاروخية والنووية، التي تشكلها كوريا الشمالية، بحسب الزعم الأمريكي.
ويوم أمس السبت، أدان زعماء أمريكا والهند واليابان وأستراليا، إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ ولبرنامجها النووي، وأكدوا التزامهم بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بالكامل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كوريا الشمالية شبه الجزيرة الكورية وزيرة خارجية كوريا الشمالية کوریا الشمالیة شبه الجزیرة
إقرأ أيضاً:
بدء انهيار المعمار الأمني الغربي
مما كان يرويه الفيلسوف الفرنسي الراحل ميشال سارّ أنه كان كلما استيقظ صباحا وأخذ في حلق ذقنه، تذكر النبأ السعيد الذي صار نسيا منسيا لدى الجميع من طول التعود. فما هو النبأ الذي يظل منسيا، رغم أنه يتجدد باستمرار، والذي كان الفيلسوف الحر الخارج على جميع المذاهب والتصنيفات (والمتوفَّى قبل عامين من الغزو الروسي لأوكرانيا) يرى من واجبه أن يتذكره كل يوم، وأن يذكّر به الأوروبيين كلما سنحت الفرصة؟ إنه السلام! يا قوم أوروبا الغربية تعيش في سلااااام! أوروبا الغربية التي كان تاريخها كله طوال القرون حروبا في حروب تعيش منذ عام 1945 أطول فترة سلام في تاريخها.
والرأي عندي أنها أطول فترة سلام في تاريخ البشرية بأسرها. ذلك أن «الباكس رومانا» الذي دام 180 عاما، لا يُعتدّ به حقا لأنه كان سلاما إمبراطوريا مسلحا مفروضا على الشعوب بالقهر، ولأنه لم يكن يمنع دوام الغارات والغزوات المحلية بين القبائل والأهالي. وحتى مع أخذ هذا السلام الروماني في الحسبان، فإن المؤرخين يقدرون أن البشرية أمضت 92 في المئة من تاريخها في الحرب والاقتتال.
أما دول أوروبا الغربية فقد تعلمت درس التاريخ وقررت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أن تتحرر من لعنة الحروب. صحيح أن الدول الاستعمارية منها ظلت تخوض حروبا عدوانية على شعوب القارات الأخرى. ولكن منذ أن تدخل الرئيس أيزنهاور لإحباط العدوان الثلاثي على مصر، قررت دول أوروبا الغربية أن تُسخر جهودها للإعمار والتنمية والازدهار.
وليس مصادفة أن معاهدة روما، المُنشِئة للمجموعة الأوروبية، قد وُقّعت عام 1957، أي بعد عام فقط من فشل العدوان الثلاثي وتكرّس ميزان القوى العالمي الجديد.
أما الغاية من المجموعة (التي بدأت بستة أعضاء لتصير بعد عقود اتحادا من 27 عضوا) فقد لخصتها، عند إنشائها، قولة صحافية بليغة: أن تكون حصنا ضد كل من الماضي الألماني والحاضر الروسي.
أي أن دول أوروبا الغربية قد تكتلت لمنع تكرار العدوانية الألمانية ولردع احتمال العدوانية الروسية. وقد كان تكتلها في الأساس اقتصاديا تنمويا. ومما يسّر هذا المسعى التكاملي المدروس، الذي لا نظير له في التاريخ، أن ألمانيا الغربية تحولت إلى ديمقراطية ليبرالية وتمكنت في ظرف عشرة أعوام فقط، أي بحلول 1955، من إعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب تدميرا شبه كلي.
مشهد سوريالي ما كان لِيخطر حتى في روايات الخيال العلمي: الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية من جهة، وبقية العالم في الجهة المقابلة! فرنسا وبريطانيا في خندق، والولايات المتحدة والمجر ونيكاراغوا (وإسرائيل طبعا) في الخندق المواجه
ومن أسباب نجاح المجموعة الأوروبية في صيغتها الأولى أنها استوفت أفضل شروط التجانس: فقد كانت كل دولها الأعضاء ديمقراطيات ليبرالية ذات اقتصاد حر مزدهر في كنف دولة الرعاية الاجتماعية الكافلة للعيش الكريم لجميع الفئات، بمن فيهم المرضى والمسنون والمتقاعدون والعاطلون. وقد تطور البناء الاتحادي الأوروبي ليتخذ شكل «ديمقراطية تعاونية» فريدة بين دول كانت متعادية تاريخيا وسياسيا وأمم كانت متباغضة ثقافيا ومذهبيا (بفعل سلسلة الحروب الدينية من القرن 16 إلى القرن 19) فضلا عن اعتداد كل منها بذاتيته القومية. وليس من المستغرب أن تتعثر خطوات البناء وتتعقد بما ينذر بالتهافت أو الانهيار. فهذا البناء الاتحادي مناقض لطبائع الأشياء (!) مثلما كان يقول ميتران. ذلك أنه يروم تحقيق دوام الائتلاف والانسجام بين أمم متباينة العقليات والحساسيات، أي أنه يريد أن يحقق بالإرادة السياسية الواعية أقصى وأعزّ ما تحول دونه، بل وتعمل ضده، الطبائع النفسية الثابتة.
ولكن الحقيقة أن الازدهار الأوروبي ما كان ليتحقق ،والسلام الأوروبي ما كان ليستمر والحصن الاتحادي «ضد الحاضر الروسي» ما كان ليصمد لولا الحماية العسكرية الأمريكية المضمونة بمقتضى معاهدة الناتو. إلا أن هذه الضمانة قد انْتَقضت بمجيء ذلك الرجل الأمريكي الذي لا يعرف الصديق من العدو والذي يظن أن السياسة الدولية برمّتها ما هي إلا حكاية بيع وشراء تتخللهما مساومات بازارية وابتزازات مافيوزية. وقد تجلت خطورة الشرخ الذي أصاب قلب العالم الغربي، بانحياز الولايات المتحدة للعدو الروسي وتألّبها ضد الحليف الأوروبي، في مشهد التصويت على قرار الجمعية العامة المطالب بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا.
مشهد سوريالي ما كان لِيخطر حتى في روايات الخيال العلمي: الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية من جهة، وبقية العالم في الجهة المقابلة! فرنسا وبريطانيا في خندق، والولايات المتحدة والمجر ونيكاراغوا (وإسرائيل طبعا) في الخندق المواجه.
قلائل هم الذين يرون أن هذا الصدع قابل للرأب، بل الرأي الراجح أنه إيذان ببدء انهيار معمار الأمن التضامني الغربي، وربما انفجار النظام الدولي بأسره.