لماذا تعجز يونيفيل عن إحلال السلام في جنوب لبنان؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
وصف الدكتور كينيث هيوستن، المحاضر في كلية ماهيدول الدولية، والعنصر السابق في القوات الآيرلندية ويونيفيل، طغيان خطر التصعيد بين لبنان وإسرائيل في اليوم الدولي للسلام العالمي، في 21 سبتمبر (أيلول) بمفارقة قاتمة. بلغت الحرب بين إسرائيل وحزب الله ذروتها بعد الهجوم على أجهزة النداء البيجر، ثم أجهزة الاتصال اللاسلكية في الأسبوع الماضي ما أدى إلى 37 قتيلاً 3آلاف جريح في لبنان.
يونيفيل لا تستطيع ولم يكن المقصود منها قط إرساء السلام، بل "الحفاظ عليه"
كتب هيوستن في "ذا ديبلومات" أن المدنيين في جنوب لبنان والمستوطنات في شمال إسرائيل عالقون في هذه الأزمة الوشيكة. على الجانب اللبناني، هناك أيضاً قوة يونيفيل التي يبلغ قوامها عشرة آلاف جندي والتي نشرت منذ 1978 في أعقاب غزو القوات الإسرائيلية للجنوب. ورغم انسحابها في 2000، اشتعل الصراع مرة أخرى في 2006 في حرب لبنان الثانية، ما أدى إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701 لتعزيز للقوة العسكرية.UNIFIL, and its many Indo- and Asia-Pacific contingents, once again finds itself in the physical and rhetorical crossfire as tensions escalate between Israel and Hezbollah. https://t.co/ZBzz1zP7jG
— The Diplomat (@Diplomat_APAC) September 21, 2024تعرضت البعثة في مناسبات مختلفة لانتقادات المؤسسة السياسية ووسائل الإعلام الإسرائيلية الساخرة والمشككة. حتى خارج إسرائيل، تطرح التساؤلات بشكل دوري عن فاعلية المهمة، ليس أقله عندما يتأرجح حزب الله وإسرائيل على حافة الصراع الشامل. مع ذلك، من الأهمية بمكان المعرفة الواضحة للغرض من يونيفيل، خشية أن تتحول إلى كبش فداء لمشاكل حقيقية في أماكن أخرى.
المشكلة الأعمق بدأت قوات يونيفيل الأولىالانتشار أوائل صيف 1978 رداً على الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وسرعان ما ظهرت العيوب الخطيرة فيها. باختصار، لم يكن هناك سلام يمكن الحفاظ عليه. حدد تفويض يونيفيل في قرار مجلس الأمن رقم 425، وهو تأكيد انسحاب إسرائيل واستعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على استعادة سلطتها الفعلية في المنطقة. هي مهمة شاقة، ولا تتعامل حقاً مع جذور المشكلة الإسرائيلية اللبنانية.إن استمرار الأعمال العدائية اليوم، ينبع من عجز يونيفيل، رغم صبرها وبذلها قصارى جهدها، عن تحقيق العنصر الثالث من القرار 425، أي استعادة السلطة اللبنانية في الجنوب.
كانت المشكلة الأعمق ولا تزال مزيجاً من الانقسامات العميقة داخل السياسة والمجتمع اللبناني والتي تفاقمت بسبب التدخل السوري، والإسرائيلي، ثم الإيراني في وقت لاحق، والدينامية الانشطارية المتمثلة في أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. أسئلة بلا معنى
لا معنى لأسئلة مثل "لماذا لم تنجح يونيفيل؟" و "ما الفائدة من يونيفيل؟" في سياق المشهد الجيوسياسي المعقد إلى ما لا نهاية في المشرق. لم يكن مقصوداً أن تنجح يونيفيل حقاً. كان المقصود منها كسب الوقت وتوفير مادة مهدئة لأزمات سياسية أكبر.
بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في مايو (أيار) 2000، ورفض إسرائيل الامتثال للقرار 425، لم يرسخ السلام والاستقرار على طول الحدود.كانت مزارع شبعا، المنطقة التي كانت تحت سيطرة سوريا عندما استولى عليها الجيش الإسرائيلي في 1967، ذريعة لحزب الله المدعوم من إيران لمواصلة معاداة الإسرائيليين.
ALERT ⚠️
???????? UNITED NATIONS INTERIM FORCES IN LEBANON ( UNIFIL ) was attacked by Lebanese civilians using rock causing a significant damage to the UN vehicles especially tyres. Upon closer look , the UN vehicles is a ???????? Malaysian made Cendana Auto FFR Vehicles. pic.twitter.com/8KTY9adsIf
من الناحية النفسية، غادر الإسرائيليون ومؤسساتهم الأمنية لبنان في 2000. وخفض عدد قوات يونيفيل إلى نحو ألف جندي،، وقلص وجودها حتى أصبحت تقريباً مدخلاً مؤرشفاً في تاريخ حفظ السلام. عندما نفذ حزب الله هجماته في 2006، فوجئت إسرائيل. وبعد حرب لبنان الثانية، جددت قوة يونيفيل بـ15 ألف جندي أكبر بثلاث مرات من حجمها الأساسي، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701. سعى هذا القرار الثاني مرة أخرى إلى إقناع السلطات اللبنانية بإعادة تأكيد سلطتها في الجنوب. لكن ذلك لم يحدث، ومن غير المرجح أن يحدث أيضاً في المستقبل المنظور.
عوامل خارج إرادتهاعلى غرار وضعه في أواخر السبعينات والثمانينات، فإن لبنان اليوم هش سياسياً. جسمه السياسي ممزق بالتنافس الإثني والديني، والمحسوبية السياسية، التي تفاقمت بسبب التدخل الدولي. وتلوح القضية الفلسطينية في الأفق، وهي محفورة عميقاً في تجربة لبنان ما بعد الاستقلال.
والحكومة اللبنانية التي يخترقها الجناح السياسي لحزب الله منذ أوائل التسعينات لا تريد ولا تستطيع العمل مثل دولة تقليدية وتبسط سلطتها الكاملة على كامل أراضيها. وثمة قوة شبه عسكرية موازية تحجب القوات اللبنانية الرسمية، وتعمل بحرية داخل حدود لبنان بناء على طلب قوة أجنبية. إن الاضطراب يناسب حزب الله. ويتعارض دعم إيران للميليشيا بشكل مباشر مع القرار 1701.
Following new round of escalation in #Lebanon and across the #BlueLine, @UN_Spokesperson @StephDujarric says "the region is on the brink of a catastrophe" and that all efforts should focus urgently on diplomatic activity to avert it. Expresses concern over deadly strike in… pic.twitter.com/J0rMnlpDIJ
— Rami Ayari (@Raminho) September 20, 2024ليس لقوات يونيفيل سيطرة على هذه العوامل. لقد نجحت في الحفاظ على وجودها، قوة حالية تتألف من 10058 جندي حفظ سلام، عبر الاعتراف عملياً بحدودها. ومن المرجح أن يكون استمرارها في المستقبل هشاً إذا اندلع صراع مفتوح. لماذا لم تحاول قوات يونيفيل فرض السلام في منطقة عملياتها؟ ببساطة لأن تفويضها لا يمكن أن يستمر إلا إذا استوفت ثلاثة شروط أساسية، هي الحياد، واستخدام الحد الأدنى من القوة لتحقيق التفويض، وفوق كل ذلك الموافقة. إن تجاوز ذلك هو "إنفاذ" يتطلب تغيير التفويض.
سببانأضاف الكاتب أنه إذا حاولت يونيفيل فرض القيود بالقوة على حزب الله، أو غيره من الفصائل، كما تطالب إسرائيل والمراقبون المتشددون في الخارج، فسيتطلب ذلك موافقة حكومات الدول المساهمة. ومثل هذه الخطوة غير مقبولة، لسببين رئيسيين. أولاً، من خلال العمل ضد قوة لبنانية مدعومة جيداً مثل حزب الله، يعرض للخطر أحد الركائز الأساسية لعمليات السلام، أي الموافقة.
UNIFIL, and its many Indo- and Asia-Pacific contingents, once again finds itself in the physical and rhetorical crossfire as tensions escalate between Israel and Hezbollah. https://t.co/ZBzz1zP7jG
— The Diplomat (@Diplomat_APAC) September 21, 2024اعتبر بيان حزب الله الأصلي في 1985 يونيفيل عدواً. لكن الميليشيا لم تطرد البعثة، وهي كانت بلا شك قادرة على ذلك، ما يشير على الأقل إلى موافقة ضمنية. كما وافقت إسرائيل على وجود البعثة بعدما كانت قادرة على طردها في أي وقت. لكنها لم تفعل، رغم الدعاية التي لا تنتهي ضدها في المجتمع الإسرائيلي منذ أن بدأت البعثة في أواخر سبعينات القرن العشرين. كما أن الحصول على إجماع حكومات الدول المساهمة على توسيع نطاق البعثة سيكون مهمة شاقة.
ثانياً، من المؤكد أن المعارضة العلنية والقوية لحزب الله قد تؤدي إلى خسائر بشرية في صفوف يونيفيل. وحصل ذلك في مرحلة سابقة من عمل قواتها. والخسائر مجرد خسائر بشرية في صفوف قوات الأمم المتحدة بل في صفوف الدول التي تساهم طواعية بقوات عسكرية وعناصر ميدانية. وستكون الدول الست الأكثر مساهمة في القوات، إندونيسيا، وإيطاليا، والهند، ونيبال، وغانا، وماليزيا، الأكثر عرضة لخطر الخسائر البشرية، إذا تعرضت قوات يونيفيل لهجوم
إن جميع الأطراف في هذا الصراع، منظمة التحرير الفلسطينية، والجيش الإسرائيلين وحركة أمل، وحزب الله، وجيش لبنان الجنوبي، أظهرت تاريخياً قلة اهتمام بحياة قوات حفظ السلام. ولن يتطلب الأمر الكثير من التوابيت العائدة إلى الوطن لتعيد الدول المساهمة النظر في مشاركتها.
لقد أنهى قطع رؤوس عشرة جنود بلجيكيين في رواندا في 1994 قبل الإبادة الجماعية هناك، مشاركة الكتيبة البلجيكية، ما أدى إلى إفراغ قوة الأمم المتحدة تحت قيادة الجنرال دالير من قوتها.
لا شك في أن يونيفيل ستظل كبش فداء مناسباً لجميع الأطراف، خاصة الإسرائيليين الذين يرون فيها مظهراً من مظاهر ضعف الإرادة الدولية لكبح جماح القوى المسلحة مثل حزب الله. لكن الحقيقة هي أن السياسة اللبنانية، ودور حزب الله فيها، يوفران أرضاً قاحلة لنجاح يونيفيل.
وختم الكاتب بالإشارة إلى أن يونيفيل لا تستطيع ولم يكن المقصود منها قط إرساء السلام، بل "الحفاظ عليه" فقط إن إرساء السلام في لبنان، وبينه وبين إسرائيل، يعتمد على تصرفات الساسة، لا على قوات حفظ السلام. إن عملية الأمم المتحدة هناك ليست فشلاً، بل عدم نجاح حتى الآن. مع تحليق الصواريخ عبر الخط الأزرق مرة أخرى، من الواضح أن انتظار السلام سيكون طويلاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان قوات یونیفیل حزب الله لم یکن
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يندد بهجمات إسرائيل ضد قوات «يونيفيل»
ندد الاتحاد الأوروبي بهجمات إسرائيل ضد قوات «يونيفيل» داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان وحماية المدنيين، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، في نبأ عاجل.