الإمارات .. نجاحات رواد الأعمال من الحلم إلى الواقع
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
يوفر التطور السريع لدولة الإمارات، مدفوعاً بطموحات قيادتها الداعمة للنمو، وشعبها ومجتمعها الخلَّاق، أرضاً خصبة للمبدعين من المنطقة والعالم، لصياغة واقع استثنائي، بتحويل أحلامهم، والقصص التي لطالما لم تخرج عن نطاق خيالهم وطموحاتهم، إلى واقع ملموس، وهو ما تعكسه الحملة الإعلامية العالمية التي أطلقتها دولة الإمارات تحت شعار “استثمر في الإمارات”، والتي تجوب مدنًا عالمية مثل كان، وميونيخ، وباريس، ولندن، وزيورخ، وجنيف ونيويورك، وتستهدف رواد الأعمال وأصحاب الأفكار الواعدة حول العالم، للقدوم إلى الإمارات والاستثمار فيها وتحويل أفكارهم إلى واقع.
وتتعدد الحقائق والإحصاءات والقصص التي تسردها الحملة التي جاءت مصحوبة بإطلاق منصة” Invest.ae ” لتقدم أهم المعلومات والحقائق والمقومات الاستثمارية التي توفرها دولة الإمارات لرواد الأعمال، فيما جاءت انطلاقتها عبر رسالة من النجم العالمي إدريس إلبا، يدعو فيها المبتكرين والمبدعين والمستثمرين حول العالم إلى الاستثمار في الإمارات، والاستفادة من البيئة الاقتصادية المتكاملة والإمكانات القوية التي تحظى بها الدولة والتي جعلتها الوجهة الأكثر جذباً للمواهب في العالم.
وعندما جاء بول بيشوب إلى دبي في العام 1996، وجد في هذه المدينة ما يشبه لوحة فنية بكر تنتظر أنامل من يستطيع ترجمة الأفكار الخلاقة إلى لوحات، واليوم، تشير مسيرته بصفته مؤسس “بيشوب ديزاين”، إلى أنه تمكن من القيام بدور محوري في تشكيل مشهد التصميم في الإمارات، وتحويلها إلى مركز للإبداع والابتكار.
الرحلة التي سلكها “بيشوب” منذ أن حطّ رحاله في دولة الإمارات إلى أن أصبح اسماً لامعاً، تؤكد أنه أبدع في تصميم بعض أكثر المساحات شهرة في الإمارات، والتي تلقي الضوء على تطور الدولة لتصبح مركزاً عالمياً للأعمال والإبداع.
يمتد عمل “بيشوب” ليشمل مجموعة من المشاريع المرموقة، بما في ذلك مطعم تورنو سوبيتو النابض بالحياة لصاحبه الشيف الشهير ماسيمو بوتورا، وفندق ومجموعة الشقق السكنية الفاخرة “إس إل إس دبي”.
تعكس هذه المشاريع الطبيعة الديناميكية لدولة الإمارات حيث لا يعرف الإبداع حدوداً وقال بيشوب في هذا الصدد إنه : “في عالم التصميم الداخلي، تنتظم خطواتنا مع إيقاع روح العصر” مشدداً على الفرص اللامتناهية للابتكار في الإمارات.
– أرض خصبة للمبدعين.
ويسلط “بيشوب” الضوء على الكيفية التي يُدخل بها الجيل الشاب أفكاراً وتقنيات جديدة تُحسّن الحياة اليومية، ما يجعل الإمارات مركزاً مزدهراً للصناعات الإبداعية وتفتح هذه البيئة بدورها للمصممين والفنانين المجال لتحويل أحلامهم إلى حقيقة، بما يسهم في تعزيز سمعة الإمارات مركزا عالميا للتصميم.
ولا تقتصر نهضة الإمارات الإبداعية على الهندسة المعمارية والتصميم، فقد ازدهر المشهد الفني في الدولة، بقيادة نخبة من رواد الفن مثل محمد أحمد إبراهيم المولود في خورفكان، والذي يستوحي الإلهام من المناظر الطبيعية في الإمارات ليبتكر منحوتات ولوحات نابضة بالحياة تعكس جمال الدولة الفريد، وقد ساعد عمله، إلى جانب أعمال فنانين إماراتيين آخرين، في ترسيخ مكانة الإمارات لاعبا رئيسيا في المشهد الفني العالمي.
– التزام برعاية الفنون.
ويدعم المشهد الفني في الإمارات أبضا مؤسسات عالمية المستوى مثل متحف “اللوفر” في أبوظبي، ومؤسسة الشارقة للفنون، ومتحف “غوغنهايم” أبوظبي، والذي لا يزال قيد الإنشاء، وتوفر هذه الوجهات، إلى جانب فعاليات مثل “آرت دبي”، منصات تتيح للفنانين الإماراتيين والعالميين عرض أعمالهم والتفاعل مع الجمهور الذي يزورها من شتّى بقاع العالم.
ويتجلى التزام دولة الإمارات برعاية الفنون بشكل أكبر من خلال مبادرات مثل مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، التي تقدم المنح الدراسية وتنظم فعاليات فنية تحظى باهتمام عالمي.
وفي عالم تصميم السيارات، لفتت دولة الإمارات انتباه العالم بشركات مثل “دبليو موتورز” التي أسسها رالف دباس، لتصبح أول شركة مصنعة للسيارات في الشرق الأوسط تُنتج سيارات “هايبركار” فاخرة.
وحازت سيارة “لايكان هايبر سبورت”، التي ظهرت لأول مرة بسعر 3.4 مليون دولار اهتماما عالميا لمزجها بين الأناقة والأداء بشكل خيالي وعززت السيارة، التي ظهرت في فيلم التشويق الشهير “فاست أند فيوريوس 7″، مكانة الإمارات على الساحة العالمية لصناعة السيارات.
ولا تقتصر شركة “دبليو موتورز” على الفخامة فقط، بل رسّخت مكانتها أيضاً في طليعة الابتكار كونها تُنتج سيارات ذكية للخدمات العامة، بما في ذلك سيارات دوريات الشرطة المتقدمة، وتستكشف حالياً تقنيات القيادة الذاتية.
دعم الأفكار الخلاقة..
وبالنظر إلى المستقبل، تُخطط شركة “دبليو موتورز” للتحول إلى إنتاج السيارات الكهربائية، بالشراكة مع شركة “إيفرّاتي” البريطانية لتطوير سيارات “هايبركار” كهربائية.
وأرجع دباس هذه الإنجازات الرائدة إلى الفرص الفريدة المتاحة في دولة الإمارات، حيث تحظى الأفكار الخلاقة بالدعم إلى أن تصبح حقيقة.
وتعمل الإمارات على تعزيز المشهد الإبداعي لروّاد الأعمال من خلال مبادرات مثل مركز ياس الإبداعي، الذي يهدف إلى جعل أبوظبي مركزًا لصناعات السينما والإعلام، وقد اجتذب المركز بالفعل إنتاجات سينمائية ضخمة مثل “Dune 2” و “Mission: Impossible” .
وإضافة إلى ذلك، تهدف استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي إلى مضاعفة عدد الوظائف الإبداعية في المدينة بحلول عام 2026، ما يعزز مكانتها عاصمة إبداعية.
وتبرز إمارة رأس الخيمة أيضاً لاعبا رئيسيا في قطاعي الإبداع والسياحة في دولة الإمارات، ففي عام 2023، استقبلت الإمارة رقماً قياسياً بلغ 1.22 مليون زائر، ما يُبرز جاذبيتها وجهة سياحية آخذة بالنمو السريع.
وتدعم وزارة الثقافة هذا النمو من خلال تقديم منح إبداعية، ورعاية مشهد ثقافي نابض بالحياة عبر مختلف التخصصات، من الكتابة وصناعة الأفلام إلى التصوير الفوتوغرافي وفنون الأداء.
ويُعد تحول دولة الإمارات إلى مركز للإبداع والابتكار شهادة على رؤية قيادتها وانفتاح الدولة على الأفكار الجديدة.
ومع استمرار بول بيشوب ومحمد أحمد إبراهيم ورالف دباس وآخرين في تخطّي حدود المألوف، تقف الإمارات منارة للإلهام، ما يثبت أن الطموح والدعم كفيلان بتحويل حتى أكثر الأحلام طموحاً إلى حقيقة واقعة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: دولة الإمارات فی الإمارات
إقرأ أيضاً:
أمريكا من إمبراطورية إلى دولة
علي بن سالم كفيتان
نشأت عقيدة الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح إمبراطورية مهيمنة على العالم عقب الحرب العالمية الثانية والنصر الذي حققه الحلفاء بعد تدخلها الدامي في اليابان واستخدام السلاح النووي للمرة الأولى، وهذا مهَّد لطموح سيادة العالم والتنافس مع الاتحاد السوفييتي- آنذاك- عبر الدخول في صراع تسلُّح وحرب النجوم، ومن ثم الحرب الباردة، حتى انهار الاتحاد السوفييتي في 25 ديسمبر 1991.
وانفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم عبر قوتها العسكرية الضاربة وتسييرها لمنظمة الأمم المتحدة من نيويورك، في ظل انشغال الدول الأوروبية بلملمة شتاتها بعد الحرب، ومن ثم إنشاء الاتحاد الأوروبي والتوجه للتنمية الاقتصادية واعتمادها على حلف "الناتو"، الذي تُهيمن علية الولايات المتحدة الأمريكية من الناحية الأمنية والعسكرية، في الوقت الذي كانت فيه جمهورية الصين الشعبية ترسم خطتها بعيدة المدى للنهوض عبر بناء منظومة إنتاجية وقاعدة صناعية ضخمة، وبقي العالم يدور في فُلك أمريكا الواعدة التي استقبلت كل الشعوب وفتحت أذرعها لهجرة العقول، وبنت سلاسل تبادل تجاري مع مختلف شعوب الدنيا؛ فصارت ذلك الحلم الذي يتمناه الجميع، في ظل اهتمام بالغ بحقوق الإنسان والمجتمعات المُهمَّشة حسب الظاهر، فمارست عبر هذه الملفات ضغوطًا على كل دول العالم.
نمو الصين الهائل ومنافستها لبلوغ سقف الاقتصاد العالمي وإعادة تشكيل الاتحاد الروسي على يد الرئيس فلاديمير بوتين وقفزات النمو الاقتصادي والسياسي الكبيرة التي حققها الاتحاد الأوروبي، كل هذه الأسباب مجتمعة أوجدت توجسًا أمريكيًا عميقًا حول سيادتها للعالم، وأفرز ذلك تغيُّرًا في مزاج الرأي العام الأمريكي؛ حيث أصبح بموجبه رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الأولى بتاريخ 20 يناير 2017، دون خلفية سياسية أو عسكرية. الرجل لم يكن عضوًا في مجلس الشيوخ ولا في مجلس النواب، ولم يكن يومًا ما حاكمًا لولايةٍ، ولم يتقلد في حياته منصبًا أمنيًا أو عسكريًا، ولم يستوعب أن الولايات المتحدة الأمريكية إمبراطورية تحكم العالم وتُسيِّر اقتصاده وترسم الخطوط العريضة لسياسته؛ فدخل ترامب في مواجهات غير مدروسة مع حلفاء أمريكا قبل أعدائها، عبر حسبة اقتصادية بحتة، تقوم على الفارق في الميزان التجاري، ومقدار الرسوم على السلع، وأقحم بلاده في ملفات سياسية شائكة، ومنها مشكلة الشرق الأوسط عبر عرض مبادرات مثل صفقة القرن واتفاقيات إبراهام؛ لإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة، وفرض التطبيع، ومنح إسرائيل كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلغاء دور منظمة التحرير الفلسطينية، وإغلاق مكتبها في أمريكا. كل ذلك وَلَّدَ احتقانًا سياسيًا عميقًا في الداخل الفلسطيني؛ حيث انقلبت أمريكا على صنيعتها السلطة الفلسطينية، فبرز تيار المقاومة كخيارٍ قائمٍ بعد فشل الخيار السياسي، وانكشاف عورة اتفاقيات أوسلو، وحسب اعتقادنا هذا هو السبب الرئيسي لما حدث في السابع من أكتوبر 2023.
لم يُوَفَّق ترامب في تجديد انتخابه لدورة ثانية تالية للأولى، وخسر انتخابات 2020 أمام جو بايدن الديمقراطي المخضرم وصاحب التاريخ السياسي الحافل، لكن الأخير لم يستطع إصلاح ما أحدثه ترامب من مغامرات في العالم؛ فمارس سياسة ضعيفة هي أقرب إلى تسيير الأعمال، وكان عامل السن ضاغطًا على ولايته المُتعثرة كتعثُّر خطواته المُتكرِّر على سلالم الطائرة الرئاسية، وسرحانه في المناسبات العامة، وهيامه على وجهه في أحيان كثيرة في الاحتفالات الرسمية، كل ذلك إضافة إلى انحيازه السافر للكيان الصهيوني وازدواجية المعايير في التعامل مع قضيتيْ فلسطين وأوكرانيا؛ مما ولَّد احتجاجات طلابية ضخمة في مختلف الجامعات الأمريكية، عقب السابع من أكتوبر 2023؛ فضعف موقفه؛ لينسحب من السباق الانتخابي في وسط المنافسة، ويخسر الحزب الديمقراطي مرة أخرى، ويعود ترامب في 2025 الى البيت الأبيض، ليُكمل مغامراته التي بدأها في 2017.
قد يتساءل البعض: لماذا انتخب الأمريكيون ترامب؟ والجواب هو أن الرجل عمل على ابتزاز حلفاء وأصدقاء أمريكا وجلب مليارات الدولارات التي حسَّنت الأداء الاقتصادي وخلقت ملايين الفرص الوظيفية، والمعلوم أن الشعب الأمريكي لا يُعير اهتمامًا كبيرًا بسياسة بلاده الخارجية، بقدر نجاح الأداء الاقتصادي في الداخل، وهذا ما حققه ترامب في دورته الأولى.
الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تنكفئ على نفسها منذ اليوم الأول لرئاسة ترامب الثانية، عبر منع الهجرة، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين بل والمعارضين لسياسات أمريكا من الطلبة والناشطين السياسيين، الذين يحظون بحق الإقامة، مع فرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من أكبر الاقتصاديات التي تتعامل مع السوق الأمريكي، مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والصين، علاوة على طرد السفراء الذين تنتهج دولهم سياساتٍ إنسانية تدعم القضايا العادلة مثل جنوب افريقيا، وإحراج الحلفاء التاريخيين لواشنطن عند زياراتهم للبيت الأبيض، كل هذا يقود لأفولٍ تدريجيٍ لنجم الإمبراطورية الأمريكية، وتحولها لمجرد دولة على خارطة العالم، مع صعود الصين لريادة العالم.
رابط مختصر